منح صندوق النقد الدولي الدول العربية فرصة لتعزيز احتياطاتها من العملات الصعبة بما يزيد على 18 بليون دولار من دون تكلفة تذكر، خصوصاً بعدما أكد رئيس مجلس الاحتياط الفيديرالي الأميركي المصرف المركزي بن برنانكي، أن لجنة السياسة النقدية التي يرأسها تتوقع بأن تحتم الأوضاع الاقتصادية الحفاظ على سعر الفائدة الأميركية في انخفاضها الحالي غير العادي لفترة طويلة. وعززت الآفاق المتوقعة لمساري الفائدة والتضخم الأميركيين من إغراءات القرار الذي اتخذه مجلس المديرين التنفيذيين لصندوق النقد الدولي، بتوصية من قمة مجموعة العشرين التي عقدت في لندن مطلع نيسان أبريل الماضي، تقضي باعتماد ما قيمته 250 بليون دولار من"حقوق السحب الخاصة"لمنح الدول الأعضاء سلاحاً جديداً لمقارعة أزمة المال العالمية. وذكر خبير التمويل في الصندوق توماس كروغر في مؤتمر صحافي أن الهدف من القرار يشمل في المدى القصير، توفير سيولة ضخمة سريعة وغير مقيّدة بشروط إلى الدول الأكثر احتياجاً لها في الظروف الاستثنائية التي فرضتها أزمة المال الائتمان وهي الاقتصادات الصاعدة والدول النامية بما فيها الدول المنخفضة الدخل إضافة إلى دعم احتياطاتها في المدى البعيد. وفند خبير المال الدولي الاعتقاد السائد الذي يعتبر حقوق السحب الخاصة"مالاً افتراضياً"، ليوضح بأنها تتمتع بمعظم الميزات المرتبطة بأصول احتياط العملات الصعبة، مثل توفير أداة لتمويل الواردات عند الحاجة وسداد الديون المستحقة وأي غرض آخر يخدم مصالح الدول. ولاحظ أن أهم الفوارق التي تميزها عن أصول الاحتياط التقليدية ينحصر حالياً في امتناع تداولها بين الشركات والأفراد. وقال إن"حقوق السحب الخاصة احتياط حقيقي بمعظم ما في الكلمة من معنى، يمكن تحويلها إلى الدولار أو أي من العملات المتداولة بحرية وإنفاقها أو التصرف بها كأي من العملات الصعبة المستخدمة في بناء الاحتياط، لكنها تختلف في نواح قليلة، فهي ليست وحدة نقد منظورة وغير مسموح بتداولها حالياً من قبل القطاع الخاص والأفراد". وتقوم حقوق السحب بسلة من العملات تشمل الدولار 44 في المئة واليورو 34 في المئة والين الياباني 11 في المئة والجنية الإسترليني 11 في المئة وينشر صندوق النقد يومياً سعر صرفها في مقابل الدولار وينشر أسبوعياً سعري الفائدة المجباة لها وعليها وهو متوسط أسعار الفائدة القصيرة الأجل ثلاثة أشهر للعملات المكونة لسلتها ويبلغ حالياً 0.3 في المئة. وفقاً ل"جون وليامسون"من"معهد بيترسون"ومصادر رسمية أميركية، ظهرت حقوق السحب إلى الوجود في خطة طرحها صندوق النقد عام 1969 كأداة احتياط رديفة هدفها تخفيف أزمة المال والدولار التي فرضتها حرب فيتنام على أميركا والعالم، ثم فقدت بريقها جراء إعلان الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون قرار فك ارتباط الدولار بالذهب أواخر 1971 ولاحقاً تعويم العملات الصعبة، قبل أن تستعيده في الأزمة الراهنة. وقال كروغر إن إصدار حقوق السحب، الأول والأضخم منذ بداية ثمانينات القرن الماضي، سيخصص ما قيمته 100 بليون دولار إلى الاقتصادات الناشئة والدول النامية، وأشار إلى أن الدول المنخفضة الدخل سيكون في مقدورها تلبية احتياجاتها التمويلية وفي بعض الحالات تعزيز الإنفاق الحكومي عندما تحصل على 20 بليوناً من هذه المخصصات أي ما يعادل في المتوسط 20 في المئة من احتياطاتها من العملات الصعبة. وأوضح أن الإصدار الجديد الذي توزع مخصصاته بواقع 74 في المئة من حصص الدول الأعضاء، ويتوقع إقراره من قبل مجلس المحافظين، أعلى سلطة في صندوق النقد، بداية آب أغسطس المقبل والبدء في تطبيقه نهاية الشهر ذاته، يمنح الدول الغنية الخيار في استخدام مخصصاتها أو جزء منها لتقديم منح أو قروض إلى الدول الفقيرة. وتبلغ حصة الدول العربية 17 دولة مجتمعة في الإصدار الجديد ما قيمته 18.7 بليون دولار بحسب سعر الصرف الحالي لحقوق السحب في مقابل العملة الأميركية، وفيما تنفرد السعودية بنحو 50 في المئة منها يتوزع الباقي بواقع 8 في المئة لكل من الجزائر والكويت وليبيا والعراق، تليها بنسب أقل مصر والإمارات والمغرب وقطر ولبنان وسورية وتونس واليمن. نشر في العدد: 16911 ت.م: 23-07-2009 ص: 18 ط: الرياض