بين أميركا السبعينات والصور النمطية التي لاحقت الفلسطينيين "كمجرمين وإرهابيين"، وبين أميركا اليوم التي اعترفت بحق الشعب الفلسطيني في دولة وتعمل باداراتها الجمهورية والديموقراطية على الوصول لهذا الهدف، تتقاطع تجارب المندوب الجديد لبعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن نبيل أبو زنيد الذي يسعى الى ربط سنوات نضاله الأكاديمي والسياسي في الضفة الغربية والاغتراب بتحسين الواقع الحالي للديبلوماسية والجالية الفلسطينية، آملا في الخروج بصيغة توحد طاقات البيت الفلسطيني وتلتقي مع تطلعاته بتأسيس دولة ديموقراطية ذات سيادة. "الحياة"التقت أبو زنيد 54 عاما في مركز البعثة الفلسطينية في واشنطن، والتي تتولى التمثيل الديبلوماسي للفلسطينيين في الولاياتالمتحدة حيث حل ابو زنيد مطلع الصيف خلفاً لسلفه السفير عفيف صافية. يتميّز بالصراحة والهدوء حتى في الحديث عن الأمور المستعصية أمام الديبلوماسية الفلسطينية التي تحاول تحييد العوائق لايصال الرسالة بشكل أوضح للطرف الأميركي. فالمفاوض السابق الذي كان له دور فاعل في كواليس مفاوضات اتفاقية أوسلو 1993 وشارك أخيرا في مؤتمر أنابوليس، يعي تعقيدات قضيته والمشهد السياسي الأميركي بعد أن كان خبره كطالب جامعي وديبلوماسي موفد من الرئيس الراحل ياسر عرفات الى العاصمة الأميركية عام 2004. خلال سنوات الدراسة منتصف السبعينات في جامعة ماديسون فيرجينيا حيث حصل أبو زنيد على بكالوريوس في العلوم السياسية قبل استكمال شهادة الماجيستير في العلاقات الدولية من جامعة هوارد في واشنطن، شهد ابو زنيد مظاهر التمييز والصور النمطية ضد الفلسطينيين في المجتمع الأميركي. فالسفير الحالي، وُصف"ارهابيا"يومها، وكانت الشتائم والسلبية تنتظره في ساحات التظاهر للدفاع عن حقوق الفلسطنيين في واشنطن. التحق أبو زنيد يومها بالحركة الوطنية وعمل على تأسيس الاتحاد العام لطلاب فلسطين والكونغرس الفلسطيني الأميركي. ورغم المشقات الاجتماعية والسياسية، لم يكن الاستسلام والخنوع خيارا أمام المسؤول الفلسطيني، فاستمر في معركته الأكاديمية التي أوصلته الى الدكتوراه في العلاقات الدولية من جامعة وارسو حين كتب أطروحته عن المفاوضات وموقع الفلسطينيين. ومهد اتفاق أوسلو والاعتراف الدولي بحقوق الفلسطنيين الى انتقال أبو زنيد الى الضفة الغربية والتدريس في جامعات فلسطينية، بينها جامعة الخليل والنجاح في نابلس. أبو زنيد، يتوقف عند التناقض بين صورة"الارهابي"التي طبعت حياته الجامعية في أميركا وبين صورة"الديبلوماسي"المتمرس الذي تسعى الطبقة الاجتماعية والسياسية في الولاياتالمتحدة الى التواصل معه اليوم. فاللقاءات التي يعقدها في البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية والكونغرس تطبعها"الودية"و"التفهم"الأميركي لمواقف الفلسطينيين، حتى عندما يكون السؤال عن حركة"حماس"والذي يرد عليه أبو زنيد بأنها"مسألة فلسطينية داخلية". فالصورة كما يلحظ المسؤول الفلسطيني، تتغير في الداخل الأميركي، وحتى في صفوف اللوبي اليهودي مع انطلاق منظمات يهودية أقل تشددا من لجنة العلاقات الاسرائيلية - الأميركية أيباك تسعى الى حل عادل للنزاع. كما يجري المسؤول الفلسطيني اجتماعات مع ممثلين عن الحملات الرئاسية في الحزبين الجمهوري جون ماكين والديموقراطي باراك أوباما ويرى أهمية قصوى في ايصال الرسالة الفلسطينية للحزبين والعمل من داخل النظام الأميركي بدلا من الانقلاب عليه. بين أولويات أبو زنيد اليوم ترتيب أوضاع الجالية الفلسطينية وجمعها تحت مظلة البعثة، وهو يسعى الى عقد لقاء يضم قيادات الجمعيات والأندية الفلسطينية في الساحة الأميركية بهدف توحيد العمل المشترك وتنسيقه وتفعيل دور الجالية. وتضم هذه الأندية مثل رام الله والبيره وبيتونيا وبيت حنينا وبيت لحم وبير زيت الموزعة على الولايات المختلفة، أكثر من مئة ألف عضو، وتقوم بنشاطاتها وتعقد مؤتمراتها السنوية الخاصة بها. واجتمع أبو زنيد مع بعض من قياداتها في ولايات أوهايو وميشيغان وفلوريدا وشيكاغو، وسيسعى الى استضافتها في واشنطن قبل الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني نوفمبر لضمان دور أكثر فاعلية لها في المجتمع والداخل الأميركي.