توقّع خبير عالمي أن تشكل منطقة الشرق الأوسط عاملاً إيجابياً يقلص الآثار السلبية لتباطؤ الاقتصاد الأميركي على الاقتصاد العالمي ويمنعه من التحول إلى ركود. وقال رئيس"المجلس العالمي للسياحة والسفر"، جان كلود بومغارتن، في حديث إلى"الحياة"، خلال زيارته الحالية لدبي للإعداد لعقد القمة العالمية للسياحة والسفر في الإمارة، في نيسان ابريل المقبل، ان المجلس قد يخفض توقعاته لمتوسط النمو في صناعة السياحة والسفر العالمية من 6 إلى 4 في المئة هذا العام، في ظل تلك التطورات الدراماتيكية الأخيرة التي يمر بها الاقتصاد الأميركي، بسبب أزمة الائتمان والرهن العقاري وانعكاساتها السلبية على الاقتصاد العالمي. وأكد أن متوسط النمو في قطاع السفر في منطقة الشرق الأوسط سيتخطى 10 في المئة في أسوأ الظروف، نظراً للاستثمارات الضخمة التي تضخها دول المنطقة من جهة وتحولها إلى وجهة سياحية من الدرجة الأولى. وأفاد بأن دراسة للمجلس تشير إلى أن عائدات القطاع بلغت 5.4 تريليون دولار وارتفعت مساهمته في الناتج المحلي العالمي إلى 10 في المئة، ما يجعل منه"صناعة استراتيجية يصعب تجاهلها من قبل أي دولة تريد تعزيز فرص نموها الاقتصادي". وستطلق الدراسة رسمياً في"بورصة السفر العالمية"التي تعقد في برلين في آذار مارس المقبل. وقال ان انتعاش السفر الداخلي في منطقة الخليج خصوصاً والشرق الأوسط عموماً، سيكون أحد أهم العوامل التي ستحافظ على متوسطات النمو القياسية في المنطقة، بمعزل عن التذبذبات المتوقعة على المستوى العالمي، فضلاً عن تحوّلها إلى وجهة سياحية عالمية. وحدد أربع أسواق هي الصين والهند وروسيا والشرق الأوسط تشكل"رافعات"للاقتصاد العالمي خلال العام الجديد وتقلل خطر التباطؤ المتوقع وتحول دون انزلاقه إلى ركود عام. وشدد أن رغم هذا التباطؤ المتوقع، لا مؤشرات على حصول ركود مثلما حدث قبل 20 سنة. وأكد أن الاتجاه العام بالنسبة لقطاع السياحة والسفر هو إيجابي وستحقق فيه الأسواق نمواً، وإن بمتوسطات أقل قليلاً. وأشار إلى ان الاستثمارات الضخمة في القطاعات الفندقية والسياحية لا تقتصر على الشرق الأوسط والأسواق الناشئة الأخرى، فالولايات المتحدة مثلاً أعلنت عن خطة لبناء 62 ألف غرفة فندقية جديدة في السنوات العشر المقبلة، وكذلك أميركا اللاتينية، فضلاً عن 220 ألف غرفة في الصين، ما يعزز فرص النمو. واعتبر ان المخاوف من الانعكاسات السلبية للاضطرابات السياسية في المنطقة على صناعة السياحة والسفر مبالغ فيها مؤكداً، ان"الناس لن يتوقفوا عن السفر حتى في ظل الأزمات، وأن المنطقة اعتادت على العمل والتطور في وجود هذه الاضطرابات". وكان بومغارتن شارك بكلمة في"المؤتمر الأول حول التطوير والاستثمار الفندقي"الذي عقد في دبي، وفي طاولة مستديرة مع المدير العام لدائرة السياحة في دبي، خالد بن سليم، ونائب الرئيس للعمليات التجارية في"طيران الإمارات"، لبحث الاستعدادات لعقد القمة المقبلة للمجلس في دبي، والتي تعقد للمرة الأولى في المنطقة. وأظهرت نتائج الدراسة التي أعدتها"أوكسفورد إيكونوميكس"لصالح"مجلس السياحة العالمي"، أن قطاع السفر والسياحة سيواصل نموه هذا العام مدعوماً بالأداء الممتاز الذي حققه في عام 2007. وقال بومغارتن ان القطاع سجل معدلات نمو سريعة، لا سيما في الدول النامية التي سجلت أسرع معدلات نمو. وعالمياً، ازدادت أعداد السياح بنسبة تقارب 6 في المئة، إلى حوالى 900 مليون سائح، كما أن معدّل إنفاق الفرد على السياحة تجاوز هذه الأرقام، وارتفعت حركة المسافرين جواً من سنة إلى أخرى، وسجلت في تشرين الثاني نوفمبر الماضي زيادة نسبتها 9.3 في المئة. وقال بومغارتن ان ارتفاع عائدات النفط يمنح الدول المنتجة فرصاً أوسع لتعزيز استثماراتها في السياحة. ورأى بن سليم ان وضع سياسة متكاملة ومستمرة لقطاع السياحة في دبي يساهم في تسريع معدلات النمو، وأن هذا النمو سيساعد قطاع السياحة على تخطي أي ركود اقتصادي محتمل. وأكد نائب الرئيس للعمليات التجارية في"طيران الإمارات"، غيث الغيث، أن الناقلة الإماراتية العالمية تنظر بجدية إلى هذه الأرقام وتعتمد عليها في وضع استراتيجياتها وخططها التوسعية في المستقبل، لافتاً إلى تركيز الشركة في الوقت الحالي على السوق الصينية، نظراً لأهميتها، فهي تسجل أعلى حركة نمو سياحي حالياً. واستبعد تعرّض قطاع الطيران لصعوبات مالية. وتشير أرقام الاتحاد الدولي للنقل الجوي"أياتا"إلى أن عدد ركاب الطائرات في نمو مستمر ما يعني نمو هذا القطاع، رغم تحقيقه ربحية أقل بسبب ارتفاع كلفة الوقود، التي أصبحت تشكّل نحو ثلث فاتورة التكاليف التشغيلية لشركات الطيران في المتوسط، لكنها لم تصل إلى مرحلة إلحاق خسائر بها. ولفت المدير التنفيذي لپ"مكتب دبي للمؤتمرات"، عوض صغير الكتبي، ان دبي استفادت بشكل كبير من التغيرات الجذرية التي شهدتها خارطة السياحة العالمية من خلال الترويج لنفسها كوجهة سياحية متكاملة، ما ساعدها على خلق أسواق لها، ما يعكسه النمو الكبير في عدد السياح القادمين إليها في كل عام، والنمو المتواصل في عدد الفنادق ونوعية الخدمات التي تقدمها. وأشار إلى ان أزمة الرهن العقاري في أميركا وما ترتب منها من انخفاض في سعر صرف الدولار، كان لها تأثير إيجابي في الكثير من الأسواق السياحية في المنطقة.