في خطوة تسبق صدور تقرير المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي حول البرنامج النووي لايران، كشفت طهران تفاصيل الاتفاق "المبدئي" الذي توصل إليه الطرفان، بعد ثلاث جولات من المحادثات أجريت بينها في الشهرين الماضيين. وجاء في بيان وزّع بطلب إيراني على أعضاء مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا، أن طهران"تعاملت بشفافية تامة"مع الوكالة في ما يتعلق بالتجارب على مادة البلوتونيوم. وبموجب نص الوثيقة، سويت بين الوكالة وإيران إحدى أبرز النقاط الخلافية المرتبطة بمادة البلوتونيوم المزدوجة الاستخدام، مفيداً بأن الوكالة توصلت إلى استنتاج يقر بأن المعلومات"الميدانية"التي حصلت عليها في هذا الشأن تتطابق مع التصريحات الإيرانية. وتناولت وثيقة التفاهم المشتركة الواقعة في خمس صفحات، نقاط التعاون التي تم التوصل إليها وتلك المتعلقة بقضايا أخرى تعهدت إيران بحسمها في إطار جدول زمني حدد بنهاية السنةم الجارية. ويفيد البيان بأن طهران"منحت خمس مفتشين جدد بطاقات اعتماد تخولهم تفقد منشآتها النووية، فضلاًَ عن تزويد 12 محققاً آخر تأشيرات دخول متكررة لإجراء عمليات تفتيش على نطاق أوسع مما كان عليه في السابق". وتتضمن خطوات التعاون أيضاً"فتح أبواب مفاعل آرال الذي يعمل بالماء الثقيلة أمام المفتشين الدوليين وزيارة مواقع إضافية، فضلاً عن صوغ اتفاق ملزم قانوناً ينظم عمليات تفتيش منشأة ناتانز للتخصيب الواقعة تحت الأرض وذلك بحلول نهاية أيلول سبتمبر"الجاري. وقبيل نشر الوثيقة، عقد المندوب الإيراني لدى الوكالة علي أصغر سلطانية اجتماعاً مع مديرها العام محمد البرادعي لبحث بعض التفاصيل المتعلقة بخطة التعاون وكيفية تطبيقها، علماً أن فحواها سيكون محل نقاش في اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي يبدأ أعماله في غضون أسبوعين. ورأى ديبلوماسي متابع لتطوارات الملف النووي الإيراني، أن الصيغة المشتركة لنص التفاهم تشكل خرقاً في مسار الملف، باعتبارها المرة الأولى منذ أربع سنوات التي يعلن فيها عن تحقيق تقدم على صعيد البت في قضايا خلافية، كانت طيلة هذه الفترة محلّ جدال وتكهنات. وفسر الديبلوماسي الليونة الإيرانية"المفاجئة"، وتعاونها المتسارع مع الوكالة بأنها محاولات"لسحب ملفها النووي من التداول في مجلس الأمن ولرغبتها في لجم الدعوات المطالبة بتضييق الخناق عليها، لا سيما مع قرب استنفاذها لمهلة جديدة في مجلس الأمن". واعتبر الديبلوماسي الإعلان هذا"تطوراً لن تتمكن الدول الغربية من تجاهله"، مرجحاً أن تكتفي الدول الغربية بالترحيب به مع إبداء بعض التحفظات. وزاد المصدر أن مصير الملف سيبقى معلقاً في مجلس الأمن الذي يحظى بالدور الأبرز لحسمه، متوقعاً في الوقت ذاته أن تدعم الوثيقة التوجه الصيني - الروسي الذي يفضل التريث قبل صوغ أي عقوبات جديدة ومؤثرة على إيران، مما سيزيد من صعوبة المهمة الغربية في التوصل إلى قرار دولي جديد، يكون أشد وطأة على طهران. في المقابل، قلل ديبلوماسي غربي من أهمية هذا الاتفاق، معتبراً أنها تتضمن"بعض النواقص"التي لا تتناول مدى سلمية نشاط إيران النووي، مشيراً إلى أن الصيغة لا تشير إلى البروتوكول الإضافي الذي يتيح إجراء عمليات تفتيش مفاجئة لمواقع نووية. كما اعتبر فحواها غير كاف للجم الدعوات المطالبة بتضييق الخناق على طهران، وإعادة ملفها إلى الوكالة. وينتظر أن يصدر المدير العام للوكالة تقريره الدوري بشأن نشاطات طهران النووية في الساعات القليلة المقبلة، وستحدد الدول الغربية على أساسه موقفها وطبيعة الخطوات اللاحقة التي ستتخذها تجاه إيران.