لم يحسم أعضاء حزب العمل الإسرائيلي في دورة الانتخابات الداخلية الاولى، أول من امس، اسم زعيمهم الجديد. على أن يتم ذلك في الجولة الثانية والحاسمة بعد أسبوعين. لكنهم حسموا حقيقة واحدة يتفق عليها معظم الإسرائيليين، وهي ان منصب وزير الدفاع يجب أن يناط بجنرال من مستوى ايهود باراك أو عامي أيالون اللذين سيخوضان المنافسة في الجولة المقبلة بعد اسبوعين، وليس بمدني من أمثال وزير الدفاع الحالي عمير بيرتس الذي كان خلال 13 شهراً موضع تندر وتهكم وستبقى صورته وهو يمسك بالمنظار مسدود العدستين عالقة في أذهان الإسرائيليين. ولم ينجح أي من المتنافسين الخمسة على زعامة الحزب في الحصول على 40 في المئة من أصوات الناخبين ليحسم الانتخابات في جولتها الأولى. وتقدم زعيم الحزب رئيس الحكومة السابق ايهود باراك، بحصوله على 35.6 من الأصوات على رئيس جهاز"شاباك"سابقاً النائب عامي أيالون 30.6 في المئة. وحل بيرتس ثالثاً ب22.7 في المئة ثم النائبان اوفير بينيس 8 في المئة وداني ياتوم 2.7 في المئة، وذلك على عكس الاستطلاعات التي توقعت تقدم أيالون على باراك. وفاز باراك بالصدارة رغم أنه لم يدل بأي تصريحات خلال المعركة الانتخابية، فيما تصدر خصومه عناوين الإعلام. وبرأي معلقين اعتمد باراك على"سجله العسكري الحافل". وتشير"معاريف"في هذا السياق إلى الجملة الوحيدة التي قالها باراك للصحافيين لدى إدلائه بصوته أول من أمس إنه"الشخص الذي يمكن الاعتماد عليه في الحرب"بتولي وزارة الدفاع. لكن عدم حسم الانتخابات في الجولة الأولى يصب أساساً في مصلحة بيرتس. ورغم ان خسارته أقصته عن حلم الوصول ذات يوم إلى كرسي رئاسة الحكومة، إلا أنها لم تسدل الستار نهائياً على حياته السياسية إذ أنه لا يزال اللاعب الرئيس في الانتخابات فهو الذي"سينصّب الملك"الجديد. لكن ليس قبل أن يجبي ثمناً مناسباً يبقيه على قيد الحياة السياسية مذكّراً الجميع بأنه بارع في المساومة، أو كما قال أحد المعلقين"شاطر في تنغيص حياة خصومه". وإذ أدرك بيرتس ان"المفتاح"بيده سارع عبر مقربيه إلى تخفيف حدة اللهجة العدائية ضد باراك معوّلاً على صفقة مربحة قد تكون أفضل مما سيقدمه أيالون. ورغم الوضع الداخلي المأزوم الذي يعيشه حزب"العمل"منذ سبع سنوات بدا خلالها كمن سلّم بحقيقة انه لن يعود إلى الحكم في المستقبل المنظور، إلا أن انتخاب أحد الجنرالين زعيماً جديداً للحزب قد يغير الخريطة السياسية في إسرائيل. ووفقاً للتقديرات فإن باراك أو أيالون لن يسرع في سحب"العمل"من الائتلاف الحكومي لإدراكه ان مؤسسات الحزب تؤيد مواصلة الشراكة فيما وزراء"العمل"متمسكون بمقاعدهم الوزارية، هذا فضلاً عن حقيقة ان غالبية الأحزاب في الكنيست لا ترغب في تبكير الانتخابات. وعليه، ومن موقع وزير الدفاع الذي سيتبوأه زعيم الحزب الجديد، وإزاء افتقار رئيس الحكومة ايهود اولمرت لخلفية أمنية، سيكون للأول التأثير الكبير على قرارات الحكومة ما سيعزز من شعبيته في أوساط الإسرائيليين ويمنحه نقاطاً مهمة قد تعيد لحزبه مكانته التاريخية فيطرح نفسه بديلاً للحزب الحاكم،"كديما"المتوقع انهياره في الانتخابات العامة المقبلة.