ودع الرئيس جاك شيراك الفرنسيين في خطاب متلفز امس، وذلك في ختام ولايتيه الرئاسيتين اللتين استمرتا 12 سنة. وعرض شيراك باقتضاب للمحطات الرئيسة في إطار المهمات التي تولاها، كما أعاد التذكير بالرهانات التي تعد في نظره أساسية لفرنسا. وتمنى شيراك لخلفه نيكولا ساركوزي الذي يتسلم منه مهمات منصبه اليوم الأربعاء، النجاح التام في عمله على رأس الدولة الفرنسية. ويغادر شيراك، بعد حفلة التسليم والتسلم، قصر الإليزيه، الى خارج البلاد لقضاء إجازة، ولم يكشف عن وجهته لكن وسائل الإعلام الفرنسية أشارت إلى أنها المغرب. واستقبل شيراك في الإليزيه أمس، رئيس الحكومة دومينيك دو فيلبان الذي قدم استقالته من المنصب الذي يتولاه منذ 31 أيار مايو 2005 خلفاً لجان بيار رافاران الذي استقال غداة استفتاء شعبي رفض خلاله الفرنسيون المعاهدة الدستورية الأوروبية. في غضون ذلك، واصل ساركوزي اتصالاته من اجل تشكيل حكومته التي يريدها ان تكون منفتحة على الوسط وعلى اليسار، وأن تلحظ المساواة في توزيع المقاعد بين الرجال والنساء. ويفترض ان يعلن ساركوزي اسم رئيس حكومته الذي بات بحكم المؤكد ان يكون وزير التعليم السابق فرانسوا فييون غداً الخميس وأن يعلن عن تشكيل الحكومة يوم الجمعة. ويتضح من التصريحات والتعليقات التي تواكب المشاورات من اجل تشكيل الحكومة، ان بادرة الانفتاح على القوى الأخرى التي يصر عليها ساركوزي لا تلقى استحسان الجميع لا في صف اليمين ولا في صف اليسار، لأسباب متباينة. فالاستعانة بشخصيات من الوسط واليسار لشغل مقاعد في حكومة يقتصر عدد وزرائها على 15 شخصاً، تثير استياء العديد من المستوزرين في حزب"الاتحاد من اجل الحركة الشعبية"الحاكم. ومن بين الشخصيات التي تراقب بمرارة صدور التشكيلة الحكومية الجديدة النائب بيار لولوش الذي كان يعد نفسه بوزارة الدفاع والنائب باتريك ديفيد جان الذي وعد نفسه بوزارة العدل، مما حمله على القول إن"الوفاء ليس بالضرورة نقيضاً للكفاءة". وفي مسعى الى وضع حد للتململ داخل أسرته السياسية، نقلت الوزيرة السابقة روزلين باشلو عن ساركوزي قوله لأعضاء أسرته"عليكم الاختيار بين الخيبة والفشل أو الخيبة والنجاح". وبدوره صرح الوزير السابق بريس هورتفو، الذي يعد من أكثر المقربين من ساركوزي بأن الوقت ليس وقت"مكافأة"وإنما"جمع الكفاءات"حول الرئيس المنتخب الذي لم"يعد احداً بمنصب وزاري". وتعتبر أوساط اليسار عموماً والحزب الاشتراكي تحديداً ان العروض الوزارية التي قدمها ساركوزي إلى عدد من الشخصيات الاشتراكية من امثال وزير الخارجية السابق هوبير فيدرين ووزير الصحة السابق برنار كوشنير، تهدف الى تضليل الناخبين عشية الانتخابات الاشتراعية المقررة في 10 حزيران يونيو المقبل. وتتخوف هذه الأوساط من ان يؤدي توجه ساركوزي اضافة الى الخلافات العلنية داخل الصف الاشتراكي الى صفعة قد تلحق بهم عبر الانتخابات الاشتراعية، بعد خسارة مرشحتهم سيغولين رويال للمعركة الرئاسية. ودعا رئيس الحكومة الاشتراكي السابق لوران فابيوس، اسرته الى العمل على رص الصفوف والتماسك تجنباً"للمشهد المؤسف"الذي تقدمه عن نفسها قبيل الاستحقاق الاشتراعي.