محافظ الطائف يشهد انطلاق المرحلة الثالثة من برنامج "حكايا الشباب"    محافظ الطائف يستقبل المدير التنفيذي للجنة "تراحم" بمنطقة مكة المكرمة    انطلاق الترشيحات لجائزة مكة للتميز في دورتها ال17 عبر المنصة الرقمية    امطار خفيفة الى متوسطة وغزيرة في عدة مناطق بالمملكة    الاتحاد الأوروبي يؤكد أن الحرب على قطاع غزة تزداد خطورة يومًا بعد آخر    ترمب يوقّع أمرًا تنفيذيًا بتمديد هدنة الرسوم مع الصين 90 يومًا أخرى    المنتخب السعودي الأول لكرة السلة يودّع بطولة كأس آسيا    عشرات القتلى بينهم صحافيون.. مجازر إسرائيلية جديدة في غزة    موجز    تعزيز الأمن الغذائي وسلاسل الإمداد للمملكة.. "سالك".. 13 استثماراً إستراتيجياً في قارات العالم    بحث مع ملك الأردن تطورات الأوضاع في فلسطين.. ولي العهد يجدد إدانة المملكة لممارسات الاحتلال الوحشية    بعد خسارة الدرع الخيرية.. سلوت يعترف بحاجة ليفربول للتحسن    برشلونة يسحق كومو ويحرز كأس غامبر    الشعب السعودي.. تلاحم لا يهزم    السعودية ترحب بالإجماع الدولي على حل الدولتين.. أستراليا تعلن نيتها الاعتراف بدولة فلسطين    ضبط 17 مخالفًا بحوزتهم 416 كلجم من القات    السنة التأهيلية.. فرصة قبول متاحة    وزير لبناني حليف لحزب الله: أولويتنا حصر السلاح بيد الدولة    افتتاح معرض الرياض للكتاب أكتوبر المقبل    «ترحال» يجمع المواهب السعودية والعالمية    «الزرفة» السعودي يتصدر شباك التذاكر    مباهاة    المفتي يستعرض أعمال «الصاعقة» في إدارة الأزمات    حقنة خلايا مناعية تعالج «الأمراض المستعصية»    جني الثمار    الحكومة اليمنية تمنع التعاملات والعقود التجارية والمالية بالعملة الأجنبية    تمويل جديد لدعم موسم صرام التمور    ثقب أسود هائل يدهش العلماء    مخلوق نادر يظهر مجددا    تحديات وإصلاحات GPT-5    232 مليار ريال قيمة صفقات الاندماج والاستحواذ    نائب أمير الرياض يستقبل سفير إندونيسيا    «محمية عبدالعزيز بن محمد».. استعادة المراعي وتعزيز التنوع    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    7.2 مليارات ريال قيمة اكتتابات السعودية خلال 90 يوما    "فهد بن جلوي"يترأس وفد المملكة في عمومية البارالمبي الآسيوي    تخصيص خطبة الجمعة عن بر الوالدين    القيادة تهنئ رئيس تشاد بذكرى بلاده    أخطاء تحول الشاي إلى سم    لجنة التحكيم بمسابقة الملك عبدالعزيز تستمع لتلاوات 18 متسابقًا    كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025| الهولندي ManuBachoore يحرز لقب EA SportFC 25    340 طالبا وطالبة مستفيدون من برنامج الحقيبة المدرسية بالمزاحمية    إنقاذ مقيمة عشرينية باستئصال ورم نادر من فكها بالخرج    فريق طبي سعودي يجري أول زراعة لغرسة قوقعة صناعية ذكية    ملتقى أقرأ الإثرائي يستعرض أدوات الذكاء الاصطناعي وفن المناظرة    أخصائي نفسي: نكد الزوجة يدفع الزوج لزيادة ساعات العمل 15%    أمير تبوك يستقبل المواطن ناصر البلوي الذي تنازل عن قاتل ابنه لوجه الله تعالى    سعود بن بندر يستقبل مدير فرع رئاسة الإفتاء في الشرقية    النيابة العامة: رقابة وتفتيش على السجون ودور التوقيف    إطلاق مبادرة نقل المتوفين من وإلى بريدة مجاناً    طلبة «موهبة» يشاركون في أولمبياد المواصفات الدولي    البدير يشارك في حفل مسابقة ماليزيا للقرآن الكريم    «منارة العلا» ترصد عجائب الفضاء    منى العجمي.. ثاني امرأة في منصب المتحدث باسم التعليم    مجمع الملك عبدالله الطبي ينجح في استئصال ورم نادر عالي الخطورة أسفل قلب مريض بجدة    نائب أمير جازان يزور نادي منسوبي وزارة الداخلية في المنطقة    بمشاركة نخبة الرياضيين وحضور أمير عسير ومساعد وزير الرياضة:"حكايا الشباب"يختتم فعالياته في أبها    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأعيان الدرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أول مسلمة تحوز جائزة نوبل للسلام . شيرين عبادي : متمسكة بالإقامة في وطني إيران ونضالي خيار شخصي والجائزة تسببت لي بمشاكل
نشر في الحياة يوم 24 - 06 - 2013

أُحبُّ هذه المرأة... وإن التقيتَها مرة، ستحبُّها حتماً. فشيرين عبادي، المحامية الإيرانية الحائزة جائزة نوبل للسلام، امرأة استثنائية حقاً. ليست مناضلة سهلة، ولا يمكن أن تكون،"فلو فكّر كلّ منا بنفسه فقط، كي لا يصير العالم مكاناً أسوأ للعيش". تناضل بعزيمة من لم يعرف التخاذل يوماً، ولا تنفكّ تؤكد لك، بثقة كبيرة، ان التغيير آتٍ لا محالة.
فقط عندما تحاورها، تكتشف أيّ كاريزما تجعل من هذه المرأة البسيطة المظهر والبعيدة عن كلّ تكلّف، رمزاً عالمياً للسلام والدفاع عن حقوق الإنسان.
"أعذريني لا أجيدُ الإيرانية"، قلتُ لها بانكليزية متمهّلة،"لكنني أرغبُ حقاً في إجراء هذا الحوار معك".
فأومأت برأسها إيجاباً ان فهمت طلبي ووافقت عليه... ثم قالت بإنكليزية بسيطة: حسناً، نلتقي هنا هذا المساء، ويقوم بالترجمة صديقي الدكتور فرهانغ جهانبور أستاذ محاضر غير متفرّغ في كلية التعليم المستمرّ في جامعة أكسفورد البريطانية، متطوّع لمرافقة شيرين عبادي وزوجها في أسفارهما الخارجية. وهكذا كان.
كيف غيّرت جائزة نوبل للسلام حياتك؟ وهل ساعدتك في عملك الحقوقي الإنساني في بلدك إيران؟
- عندما نلتُ جائزة نوبل للسلام، لم تكن محطات التلفزة والإذاعة الإيرانية، وهي مؤسسات حكومية، مستعدّة لنقل الخبر الذي لم تبثّه سوى محطة واحدة عند الساعة الحادية عشرة ليلاً، بعدما تناقلته وسائل الإعلام الغربية والعالمية قبل 24 ساعة . في الواقع ان الجائزة لم تساعدني في عملي داخل إيران، بل على العكس تسبّبت لي بالكثير من المشاكل. فبعد أن تسلّمت الجائزة، استُدعيت ثلاث مرات الى المحكمة بتهمة معارضة الحكومة. ولكن على الصعيد العالمي، ساهمت الجائزة في أن يصبح صوتي مسموعاً أكثر خارجاً.
هذا يعني ان النساء الإيرانيات لا يمكنهنّ أن يستمعن الى ما تقولينه. وكلّ ما تقولين موجّه إلى الغرب...
- كما سبق أن قلت، إن محطات التلفزة والإذاعة في إيران مؤسسات حكومية، لا تنقل تصريحاتي وأخباري. لحسن الحظ ان بعض الصحف الإيرانية المستقلّة ينقل بعض ما أصرّح به. ويمكن القول انني أكثر شهرة خارج إيران، من داخلها، وذلك نتيجة الرقابة المتشددة. إن كتاب مذكراتي الذي ترجم الى 60 لغة، لم يحصل حتى الساعة على الإذن بنشره في إيران.
بالحديث عن كتابك الذي يحمل عنوان"إيرانية وحرّة، نضالي من أجل العدالة"، لماذا قررتِِ ان تنشري مذكراتك الآن؟
- أنا امرأة تنتمي إلى الطبقة الوسطى. وقد قلتُ لنفسي انه بكتابة مذكراتي، يعرف العالم بأسره كيف تعيش الطبقة الوسطى في إيران. كثيرون في الغرب لا يعرفون إيران إلا من خلال ما يقرأونه عن التمييز في القوانين الإيرانية. ويعتقدون بأن كلّ النساء الإيرانيات مقموعات وغير متعلّمات، مكانهنّ المطبخ. وهذا غير صحيح. أردت ان يقرأ العالم عن واقع النساء الإيرانيات كما هو.
في كتابكِ تلقين الضوء على نساء الطبقة الوسطى في إيران، ولكننا نعلم ان المشكلة تكمن أكثر في الطبقة الدنيا، حيث يتفشّى الجهل والفقر، ويكثر التمييز. وهذا لا ينطبق على إيران فقط، بل على الدول العربية أيضاً. كيف السبيل الى تغيير هذا الواقع؟ ومتى تخطو مجتمعاتنا خطواتها المفصلية نحو المساواة؟
- إنّ تعليم النساء وتثقيفهنّ كفيل بأن يقود المجتمع نحو المساواة الكاملة، وسنّ قوانين لا تميّز بين امرأة ورجل. وهناك رأي للدكتور الترابي يوضح ان الإسلام يساوي بين الرجل والمرأة ويؤكد ان شهادة النساء أهمّ من الرجال. كما ان الكثير من المثقفين في إيران يعتقدون بأن من الممكن الحصول على تفسير أفضل للإسلام.
تحدّثت في مقابلات سابقة عن حالات فتيات زُوّجن في سنّ الثالثة عشرة، هل ما زال هذا الأمر رائجاً حتى الآن؟
- قانونياً ما زال زواج الفتيات في سنّ مبكرة جائزاً، ولكن هكذا زواجات باتت نادرة خصوصاً مع ازدياد الوعي أكثر فأكثر. وهذا لا ينفي وجوب تغيير القانون الذي يسمح بزواج الفتاة في سنّ مبكرة، مثلما يجب تغيير قوانين كثيرة منها عدم المساواة في مسألة الديّة، فديّة امرأة تساوي نصف ديّة الرجل، فإذا حصل حادث اصطدام سيارتين، واحدة لرجل وأخرى لامرأة، تحصل المرأة على نصف حقّها في تعويضات الأضرار.
في ظلّ هذا الواقع القانوني، هل حقاً تريدين لابنتيك نيغار27 ونرجس 24 أن تكبرا في إيران، أم تريدين لهما أن تترعرعا في دولة أجنبية تحترم حقوق المرأة أكثر؟
- ابنتاي إيرانيتان، وعليهما أن تكبرا في وطنهما، وتذهبا الى الجامعة في ايران، وبعد أن تنهيا تحصيلهما الجامعي، يمكنهما أن تسافرا الى كندا للدراسات العليا، شرط أن تعداني بالعودة الى إيران، حالما تنهيان دراستهما، لتعيشا في وطنهما الأمّ.
لكنّ حقوقهما قد تكون محفوظة أكثر في بلد غربي...!
- لو فكّر كلّ منا في نفسه فقط، لصار العالم مكاناً أسوأ للعيش. دعيني أشرح لكِ: أُشبّه إيران بأمي. إذا كانت والدتك عجوزاً ومريضة، هل تتركينها وحدها عند قارعة الطريق، ثم تعودين الى منزلك كي ترتاحي وتتخلّصي من توترك؟ ام انك تبذلين كلّ جهد كي تقدّمي لها الرعاية والشفاء. إيران هي موطني الأم، وعليّ ان أبذل كلّ جهد كي أقدّم لها الرعاية والشفاء.
حتى لو كلّفك ذلك حياتك؟
- كلّنا يموت ذات يوم، ولا أحد يعرف متى تأتي ساعته. وفرح المرء وعزاؤه أن يكون قد عاش الحياة التي أراد واختار. نضالي هو خياري الشخصي، طريق أمشيه حتى النهاية.
ألا تخافين؟ ألم تعرفي الخوف عن كثب؟
- الخوف هو غريزة تماماً كالجوع. تشعرين بالجوع غصباً عن إرادتك، لأنّ الغريزة خارجة عن تحكّم الإرادة. وعندما نواجه مشكلة أو وضعاً معيّناً نخاف غريزياً. سأكون صريحة معكِ: انا مهدّدة، ولكنني تعلّمت خلال عملي في هذا المجال سنوات طويلة، كيف أتغلّب على خوفي، وعرفت كيف أمنع الخوف من ان يتحكّم فيّ أو في نشاطاتي أو قناعاتي، فلا يغيّرني.
هذا يعني انك لا تفكّرين عندما تخرجين كلّ صباح ان قد يكون هذا هو اليوم!
- أحاول ان أبدأ نهاري بتفكير إيجابي، وليس بتفكير سلبي. لو فكّر المرء فقط بالموت لصار عاجزاً عن القيام بأيّ عمل. الخوف شلل كلّي.
أيُعقل انك، وخلال 30 عاماً من العمل النضالي المتواصل، لم تشعري بالتخاذل يوماً؟
- لا يحقّ لي أن أفعل، كما لا يحقّ لي أن أكون متشائمة. إنني كمركب في وسط محيط، إن لم تتحرّك، تغرق. فلنتحرّك في الاتجاه الصحيح، في اتجاه شاطئ الأمان... وهذا ما أفعله: أجذّف بكلّ ما أوتيت من قوّة.
تسود الغرب فكرة خاطئة عن الإسلام، هل يمكنك أن تتفهّمي سوء التفاهم هذا؟
- الحكومات الإسلامية غير الديموقراطية تجد في الإسلام ذريعة كي تبرّر انتهاكها لحقوق الإنسان في شكل عام، والمرأة في شكل خاص، وهم ينسبون إلى الإسلام القوانين القامعة التي يسنّونها. إن للإسلام، شأنه شأن أيّ ديانة أخرى، تفسيرات مختلفة. لنأخذ المسيحية مثالاً: لقد سمح بعض الكنائس المسيحية بزواج المثليين، في حين تحرّمها كنائس مسيحية أخرى. الأمر نفسه ينطبق على الإسلام. إن أوضاع المرأة المتفاوتة في الدول الإسلامية المختلفة، تؤكد على ان للإسلام تفسيرات مختلفة. ففي الوقت الذي تتبوأ المرأة في بنغلادش واندونيسيا وباكستان، منذ سنوات طويلة، مناصب رفيعة كرئاسة الوزراء، تناضل نساء أخريات في دول أخرى من أجل الحصول على حقّهنّ في الحياة، فلا يوأدن لدى الولادة. وفي دول مثل تونس والأردن، تساوى الرجل والمرأة في الديّة. السؤال الذي يطرح اليوم، في بداية القرن الحادي والعشرين، هو: أي تفسير لأيّ إسلام نريد؟ نريد تفسيراً يحترم حقوق المرأة، فنتخلّص من التمييز.
بعد نضال طويل في مجال حقوق الإنسان والمرأة، ماذا تريدين ان يتحقق في ايران كي تشعري بالرضى؟
- آمل ان تصبح إيران وطناً أستطيع فيه أن أتحدّث على الهاتف ولا يتمّ التنصّت الى مكالمتي، حيث يمكنني أن أصوّت فيه لمن أريد، وليس فقط للمرشحين الذين يوافق عليهم مجلس تشخيص مصلحة النظام، وأعبّر عن وجهة نظري بحرية من دون أن أعاقب على رأيي، وحيث توزّع الثروات بعدل أكبر بين مواطنيّ، لأن الفروق الاجتماعية اليوم كبيرة وكبيرة جدّاً.
اعتقدت بأنك ستذكرين أموراً عن حرية المرأة...
- ان حرية المرأة هي من حرية الفرد، وتحقّق حرية الإنسان يعطي المرأة حقوقها بلا شك، لأن حقوق المرأة هي جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان. ما ذكرته عن ايران هو الحدّ الأدنى من حقوق الإنسان.
الممارسة الديموقراطية واحترام حقوق الإنسان درجات، أين تصنّفين إيران على هذا السُلّم؟
مقارنة بالعديد من الدول العربية، الديموقراطية في ايران أفضل بكثير. ولكننا مازلنا دون الديموقراطيات الأوروبية. الأهم في الممارسة الديموقراطية، هو أيّ مساحة من الديموقراطية يريد هذا الشعب أو ذاك، ويطالبون حكوماتهم بتطبيقها. الوعي الاجتماعي والسياسي في إيران عال جداً، والإيرانيون يطالبون حكومتهم بديموقراطية متقدمة أكثر، في حين لا يملك بعض الشعوب العربية التوقعات والمطالب نفسها من حكوماتهم. وعلى رغم ذلك نجد ان الغرب لا يركز سوى على حقوق الإنسان في إيران من دون غيرها من بعض دول المنطقة. ولكن، علينا ألا ننسى ان إيران ليست صديقة لأميركا، وهذا يفسّر الحملة الغربية عليها ومطالبتها بالتخلي عن الطاقة النووية.
ما هو موقفك الصريح من مسألة السلاح النووي في إيران؟
- أنا ضد الأسلحة النووية من حيث المبدأ وأعارض اقتناءها. وأؤمن بأن لا دولة تحتاج الى الأسلحة النووية لتحفظ أمنها، لا إيران ولا إسرائيل ولا باكستان ولا أميركا. ولكن آمل أن يأتي اليوم الذي يتمّ فيه تدمير كلّ الأسلحة النووية في العالم. في ما يتعلّق بالسلاح النووي الإيراني، تقول أميركا إذا حصلت إيران على أسلحة نووية ستكون خطراً على السلام والأمن في الشرق الأوسط، لأن الإيرانيين شعب متطرف وحكومتهم غير ديموقراطية وتساعد المتطرفين. ولكن يبدو ان أميركا نسيت ان الحكم في باكستان غير ديموقراطي، والطالبان والقاعدة يملكان قواعد في باكستان، مع ذلك لم تعترض أميركا على ان تمتلك باكستان أسلحة نووية. والفرق الوحيد بين إيران وباكستان هو ان هذه الأخيرة صديقة لأميركا، في حين ان ايران ليست كذلك. والإيرانيون لا يفهمون ولا يقبلون بهذه المقاييس المزدوجة التي تعتمدها أميركا.
هل تعارضين أيضاً تدخّل منظمات غربية في ملفّ حقوق الإنسان الإيراني؟
- ملفّ حقوق الإنسان مختلف عن الملف النووي: بمعنى ان ملفّ حقوق الإنسان هو عالمي شامل، وأوضاع حقوق الإنسان في أيّ مكان من العالم هي مسألة تهمّ كلّ العالم. أنا في إيران أشعر بأنني معنيّة بالعنف الذي يمارس ضد أطفال فلسطين، كما يشعر الغرب انه معنيّ بحقوق المرأة في إيران. وعندما يتحدّث أحدنا عن حقوق الإنسان في دولة ما، فهو يهدف الى رفع مستوى هذه الحقوق فيها. وهذا ليس تدخّلاً أجنبياً في شؤونها.
الديموقراطيات في المنطقة مرهونة بعصر آخر... هل توافقين البعض هذا الرأي؟
- الأمور بدأت تتحرك في الاتجاه الصحيح، علينا ان نعمل أكثر ولا نفقد إيماننا بإمكان التغيير. أحبّ ان أضيف شيئاً عن الديموقراطية نفسها: إنّ الغالبية التي تصل الحكم عن طريق الانتخابات لا يحقّ لها ان تفعل ما تريده، بل عليها أن تحفظ حقوق الأقلية التي لم تمثّل في الحكم. لنتذكر ان كلّ الديكتاتوريين وصلوا الحكم عبر فوز ساحق في الانتخابات، ومنهم هتلر وموسوليني. عندما تصل غالبية ما الى الحكم، عليها ان تراعي الأطر العامة للديموقراطية وحقوق الإنسان، ولا يحقّ لها قمع النساء ولا سنّ القوانين التمييزية باسم الأكثرية. فالغالبية ليس لها الحقّ في ان تحرم الآخرين من حريتهم كي تفرض ايديولوجيتها الخاصة. الحكومات لا تأخذ شرعيتها فقط من صندوق الانتخابات، بل تستمدّها من الصندوق ومن مدى احترامها لحقوق الإنسان. لذا اذا وصلت مجموعة راديكالية الى الحكم، تفقد شرعيتها إن انتهكت حقوق الإنسان وحريته.
هل تعتقدين بأن النساء في مراكز السلطة عادلات ومنصفات لقضايا المرأة؟
- عندما يكون المرء في السلطة، لا أنظر الى جنسه بل الى طريقة تفكيره. هناك كثيرات في السلطة أكثر عنفاً من الرجال أنفسهم. كما هناك رجال أكثر مطالبة بحقوق المرأة من النساء أنفسهن. لا جنس المرء، ولا لونه، ولا هويته يهمّ... ما يهمّ هو برنامج العمل الذي يعمل به. مع الأسف ان بعض النساء لا يؤمن بالمساواة. ولحسن الحظ ان بعض الرجال يؤمنون بالمرأة ودورها البارز في المجتمع.
كمناضلة كبيرة من أجل حقوق الإنسان، تمدّين نساء كثيرات في العالم بقوة الاستمرار. ما هي صفات المناضلة الجيدة والمؤثّرة في الآخرين؟
- كي تكوني مناضلة صلبة، عليكِ أن تؤمني بالقضية التي تعملين من أجلها، ولا تساورك الشكوك لحظة واحدة، ولا تتخاذلي أمام الصعاب التي ستعترضك، مهما كانت. عليكِ أن تكوني مستعدة لدفع الثمن الضروري لتحقيق أهدافك، عندها لا يعود يخيفكِ شيء.
ومن المهمّ أيضاً ان نختار طريقاً مسالماً لتحقيق أهدافنا، بعيداً عن العنف، وأن يكون خطابنا جاذباً لأكبر عدد ممكن من الناس. خطاب مفعم بالقناعة الشخصية، إذ علينا أن نقتنع شخصياً بأحقيّة قضيتنا، قبل أن نتوجّه الى الآخرين ونقنعهم بها. نقدنا هدفه البناء لا الهدم. في العالم الإسلامي، الكثير من المناضلين والمفكّرين من أصحاب القضايا الإنسانية المحقّة، لا يتحدثون بلغة جاذبة، ويتهجّمون على الإسلام بأسلوب تهديمي، الأمر الذي يسقط قضاياهم، ويبعد الناس عنهم. علينا ان نحترم معتقدات الآخرين الإيمانية، ونظهر للمتديّنين انه يمكنهم، فيما يتمسكون بإيمانهم ومعتقداتهم الدينية، أن يحسّنوا حياتهم اليومية وظروفهم الإنسانية والاجتماعية والمهنية.
لم ترفضي طلب السوبر موديل أدريانا كارمبو عندما طلبت لقاءك خلال زيارة لكِ الى فرنسا، في وقت ترى العديد من المدافعات عن حقوق الإنسان في العارضات نساء يروّجن لسطحية المرأة.
- ان كلّ امرئ في الحياة يختار حياته وطريقه الخاص، وأدريانا وغيرها اخترن ما يردن، كما اخترتُ وغيري ما أردنا. ليس هناك من داعٍ ان يفكّر الجميع بالطريقة نفسها، رجالاً ونساء. العالم جميل نتيجة تعدّد الألوان والأشكال فيه. التنوّع مصدر جمال وغنى.
كلمة أخيرة...
التغيير آتٍ لا محالة، ومثال بسيط على ذلك ان 65 في المئة من التلاميذ في إيران هم من الإناث... فقط علينا أن نؤمن، ونعمل بما يمليه علينا إيماننا.
* تنشر المقابلة أيضاً في العدد الحالي من المجلة الشقيقة "لها"
من هي ؟
محامية إيرانية وناشطة في حقوق الإنسان، أول مسلمة حازت جائزة نوبل للسلام، عام 2003، وكانت حازت أيضاً جائزة"رافتو"لحقوق الإنسان في النروج عام 2001. أطلقت عدداً من الحملات الجريئة من أجل حقوق المرأة والطفل في إيران. تعتبر القوة المحركة وراء تعديل العديد من قوانين الأحوال الشخصية في إيران، خصوصاً تلك المتعلّقة بالطلاق والميراث.
وكانت عبادي درست القانون والمحاماة في جامعة طهران، وباشرت العمل رسمياً كقاضية في آذار مارس 1970، مواصلةً تعليمها إلى ان حصلت على دكتوراه في القانون الخاص من جامعة طهران عام 1971. وهكذا صارت من القاضيات الأوليات في إيران، وشغلت منصب رئيسة المحكمة البدائية في طهران عام 1975. لكنها اضطرّت الى الاستقالة عام 1979 مع منع الحكم الإسلامي الذي نشأ حينها، النساء من اشغال هكذا مناصب.
عام 1992، أسّست مكتباً للمحاماة، وتولّت قضايا حسّاسة جداً ودافعت عن النشطاء في مجال حقوق المرأة في المحاكم. لكن عبادي خضعت هي نفسها للمحاكمة عام 2000، ومنعت من مزاولة مهنة المحاماة. ألّفت العديد من الكتب الداعية الى احترام حقوق الإنسان عموماً والمرأة والطفل خصوصاً، وأحدث مؤلفاتها كتاب مذكراتها"ايرانية وحرّة، نضالي من أجل العدالة"الذي ترجم الى أكثر من 60 لغة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.