أكدت الحكومة الألمانية أخيراً على لسان وزير الاقتصاد والتكنولوجيا ميشائيل غلوز، أنها تنتظر نمواً نسبته 2.4 في المئة، أي أعلى بكثير من المعدل الذي توقعته مطلع الربيع الفائت وهو 1.6 في المئة. وسبق ذلك تقديم معاهد البحوث الاقتصادية الستة الأهم في ألمانيا، تقريرهم الدوري إلى الحكومة المعروف باسم"تقرير الخريف"، رفعوا فيه معدل النمو المتوقع للناتج السنوي القومي للبلاد من 1.8 في المئة، كما لحظوا في "تقرير الربيع" السابق، إلى 2.3 أو 2.4 في المئة. وفي الوقت ذاته أكدت معاهد بحوث ألمانية أخرى، الاتجاه التصاعدي في الاقتصاد الألماني، ورفعت من جديد توقعاتها السابقة لنسبة النمو هذه السنة. وتوقع غلوز"نمواً مستداماً وآفاقاً جيدة للاقتصاد الألماني، وتراجعاً للبطالة إلى ما تحت حد الأربعة ملايين عاطل من العمل"، ما أكدته وكالة العمل الاتحادية في بياناتها الأخيرة، التي سجلت هبوط البطالة إلى 3.995 ملايين شخص ومن نسبة 10.2 إلى 9.8 في المئة. لكنه حذّر في المقابل، من إضاعة الوقت، مشدداً على مواصلة عملية الإصلاحات في البلاد، وجذب مزيد من الاستثمارات. وبدت المفوضية الأوروبية أكثر تفاؤلاً بحيوية الاقتصاد في القارة، فرفعت من جديد توقعاتها للنمو في ألمانيا، حيث أعلن كبير الخبراء الاقتصاديين في الاتحاد الأوروبي كلاوس غريتشمان، أن الاقتصاد الألماني سينمو هذا العام بصورة أقوى مما كان منتظراً. وأضاف غريتشمان، الذي يتبوأ أيضاً منصب المدير العام للسوق الداخلية والسياسة الصناعية والطاقة في المجلس الوزاري الأوروبي، إن المفوضية تتوقع لهذه السنة نسبة نمو في دول الاتحاد الأوروبي وفي ألمانيا من 2.6 في المئة. وسبق للمفوضية أن رفعت في أيلول سبتمبر الماضي توقعها للنمو في ألمانيا من 1.7 إلى 2.2 في المئة. أما بالنسبة إلى العام 2007، فتنتظر المفوضية نمواً وسطياً نسبته 2.4 في أوروبا و 2.2 في المئة في ألمانيا. وبرر غريتشمان تفاؤله بالنسبة الى السنة المقبلة، بالقول إنه لا يعتقد بأن رفع ضريبة القيمة المضافة في ألمانيا من 16 إلى 19 في المئة ابتداء من 2007، سيكبح الانتعاش الاقتصادي، كما يتوقع خبراء كثر، معتبراً أن الزيادة"ستطال المواطنين بصورة طفيفة، مقارنة بالأكلاف المعيشية الأخرى". لكن وزير الاقتصاد غلوز كان أكثر حذراً حين توقع معدل نمو من 1.5 في المئة فقط السنة المقبلة. وأعلن مدير معهد الاقتصاد الألماني IW ميشائيل هوتر، أن معهده رفع توقعه لنسبة النمو في البلاد لهذه السنة من 2 في المئة إلى 2.4 في المئة، بعد البيانات الجيدة داخلياً وخارجياً عن الاقتصاد الألماني. لكنه على عكس المفوضية الأوروبية، توقع بدوره أن يسجل النمو العام المقبل نسبة 1.5 في المئة فقط، بسبب زيادة ضريبة القيمة المضافة على السلع. واتخذ اتحاد غرف التجارة والصناعة الألمانية DIHK واتحاد الصناعة الألمانية BDI والمصرف المركزي الألماني، الموقف نفسه، في ما يخصّ معدلات النمو المنتظرة. لكن اتحاد المصارف الألمانية بدا أكثر تشاؤماً بعدما أعلن أنه يتوقع نمواً في الناتج القومي السنوي مقداره 2.2 في المئة هذا العام و1.1 في المئة عام 2007، مشيراً إلى أن النمو في أوروبا سيتراجع من 2.5 في المئة هذه السنة إلى 1.8 في المئة السنة المقبلة. وبحسب تحليلات معظم الخبراء الألمان، فان محرك الازدهار الاقتصادي في البلاد يستند هذه المرة إلى عامل الصادرات الألمانية من جهة، وعامل السوق الداخلية المنتعش من جهة أخرى. ويعتقد هؤلاء بأن الازدهار الحالي"قوي إلى درجة ستمكّنه من عكس إيجابياته على السنوات المقبلة"، خصوصاً أن الانتعاش الداخلي"يُظهر من جديد، وبعد فترة طويلة دينامية ذاتية الحركة، وإن كانت لا تزال متواضعة في المقارنة الدولية". وتنعكس الإيجابية الحاصلة حالياً على قيمة الأسهم المالية في بورصة فرانكفورت، التي خرق فيها مؤشر"داكس"من جديد حاجز ال 6000 نقطة، ووصل مطلع الشهر الجاري، بعد سنوات عدة، إلى 6300 نقطة تقريباً، مع توقع مواصلة صعوده. ولفت الانتباه، أن كلاً من مدير معهد البحوث الألماني في كولونيا هوتر، ومدير معهد الاقتصاد الدولي في هامبورغ HWWI توماس شتراوبهار، عزيا التطور الاقتصادي الإيجابي الحاصل حالياً في ألمانيا، إلى الإصلاحات التي نفذتها حكومة المستشار السابق غيرهارد شرودر. وقال شتراوبهار في هذا الصدد:"لا يمكن تسجيل هذا الانتعاش باسم المستشارة آنغيلا مركل، إذ أن شيئاً ما جوهرياً لم يحصل على صعيد الإصلاح هذا العام، إلا أن إصلاحات شرودر تتحول إلى نجاحات سياسية لمركل". وذكر هوتر أنه يجد في سياسة شرودر الاقتصادية سبباً للتطور الحاصل، مضيفاً أن"روزنامة 2010"، التي أقرتها حكومة شرودر"أدت إلى جانب الانتعاش الكبير في الاقتصاد العالمي، والاستثمارات العالية للشركات الألمانية، إلى حصول التطور الإيجابي في الاقتصاد الألماني".