أكد جان ماري لوبن في إطلالته أمس، على أعضاء وأنصار الجبهة الوطنية الفرنسية اليمين المتطرف، في أعقاب اجتماعاتهم التي استمرت ثلاثة أيام في مطار لوبورجيه، أنه يجسد بحيويته وتفاؤله رجل"التغيير الحقيقي"في الانتخابات الرئاسية المقررة في نيسان أبريل 2007، هازئاً بمرشحَيّْ اليمين الحاكم وزير الداخلية نيكولا ساركوزي، واليسار الاشتراكي النائبة سيغولين رويال. وأشاع لوبن 78 سنةً طيلة ساعة ونصف الساعة حماسة بين مؤيديه الذين ضموا أشخاصاً مسنين وشباباً ومراهقين جاؤوا برفقة ذويهم للاستماع إلى برنامجه الذي اختار له عنوان:"حرية ومساواة ومسؤولية وأخوّة". وركز لوبن في خطابه، الذي قاطعه الحضور مرات عدة رافعين شارات النصر وشعارات"يعيش يعيش"و"لوبن رئيس"على انتقاد ساركوزي ورويال اللذين"تشير الاستطلاعات مجدداً إلى امتلاكهما الشعبية الأكبر". ودان لوبن المسؤولين اليمينيين واليساريين الذين يتناوبون على الحكم منذ عقود، واتهمهم بشل سوق العمل وقضم الفورة الشرائية، منتقداً في شكل غير مباشر أوروبا بقوله:"علينا أن نحرر سوق العمل ونسيطر على أدوات سياستنا الاقتصادية والمالية التي تسمح لنا بالتأثير في سوق العمل". وأكد لوبن تمسكه بحقوق الفرنسيين"التي يجب أن تتقدم على حقوق الأجانب مهما كانت درجة ذكائهم أو نباهتهم". ووصف ساركوزي بأنه"عديم الثبات"ورويال بأنها"صاحبة هفوات متكررة"، واعتبر انه يمثل التغيير الحقيقي في الانتخابات، متعهداً بالفوز وعدم الاكتفاء كما حصل عام 2002 ببلوغ الدورة الانتخابية الثانية. كانت استطلاعات للرأي أشارت إلى تنامي شعبية لوبن بعد تطورات أحداث الضواحي واستمرار التوتر فيها، ما جعل الموضوع الأكثر أهمية في الحملة الانتخابية غياب الأمن بسبب وجود المهاجرين. وتراوحت نسبة التأييد الممنوحة للوبن بين 13 و15 في المئة، ما يسمح له بالتأثير على الانتخابات، علماً أن أي خلل أمني قد يطرأ في فرنسا خلال الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية سيصب في مصلحته. وأيضاً، يمكن أن يستفيد لوبن من اتساع نطاق الرفض الشعبي للسياسيين التقليديين ووعودهم، علماً أنه لم يشغل، خلافاً لبقية المرشحين، أي منصب رسمي، وبالتالي لم تتعرض طروحاته إلى التآكل نتيجة احتكاكها بالواقع. في الوقت نفسه، بات اتخاذ السياسيين موقفاً أخلاقياً حيال لوبن بصفته عنصرياً ومن دعاة تفوق العرق الفرنسي، غير مجدٍ من أجل إبعاد الناخبين عنه، خصوصاً أنه نجح أخيراً في إضفاء بعض الليونة على طروحاته، وعمل على تجنب زلات اللسان الاعتيادية التي سببت له متاعب كثيرة. لكن ترشحه للانتخابات الرئاسية لا يزال يصطدم بعقبة أساسية قد لا ينجح في تجاوزها وتتمثل في عدم جمعه حتى الآن لتواقيع خمسة في مئة من الأعضاء المنتخبين، وفقاً لما هو مطلوب دستورياً.