كشف مسؤولون في السلطة الفلسطينية ان السبب الحقيقي وراء استقالة وزير المال سلام فياض هو كثرة الضغوط التي يتعرض لها في عمله وليس التفرغ للانتخابات. وقال وزير فلسطيني ل"الحياة"ان فياض شكا في الجلسات الأخيرة للحكومة من كثرة الضغوط عليه للتوقف عن سياسات مالية او لتبني سياسات واتخاذ اجراءات مخالفة لرغبته وأولوياته، مضيفا:"لقد اوضح فياض انه يتعرض الى ضغوط من مسؤولين وجهات في السلطة، وفي"فتح"لاتخاذ قرارات او المصادقة على قرارات اتخذت في وزارات ومؤسسات أخرى من شأنها مضاعفة الأزمة المالية التي تشهدها السلطة، ومنها ضغوط لصرف موازنات لمؤسسات غير ذات اهمية او تخدم اشخاصا ذوا نفوذ، او المصادقة على تعيينات وترقيات جديدة في وقت تتعرض فيه السلطة الى ضغوط من البنك الدولي والمانحين لتقليص عدد الموظفين أو رواتبهم". وتابع:"بلغ العجز في موازنة السلطة العام الماضي 600 مليون دولار، ومن المتوقع ان يصل العام الحالي الى 800 مليون دولار، أي أكثر من 50 في المئة من نسبة الموازنة، وطلبت الدول المانحة منه أي من فياض ان يتدبر أمره مع الموازنة، محذرة من انها لن تستطيع مواصلة دعم الموازنة، وان اولوية الدعم تتركز في دعم مشاريع البنية التحتية". وقال:"المشكلة ان عدد موظفي السلطة بلغ 132 ألفاً، والسلطة لا تقوى على دفع رواتبهم من واردات الخزينة، لذا تلجأ الى المانحين الذين ضاقوا ذرعاً بمطالبها ... إذا حصلنا على دعم مليون دولار فان 800 الف منه تذهب للرواتب". يذكر ان مدخولات السلطة من الضرائب تراجعت بصورة حادة خلال السنوات الخمس الماضية من الانتفاضة التي رافقها حصار شامل على الاراضي الفلسطينية. وكان مدير البنك الدولي اعلن اخيرا ان السلطة بين خيارين احلاهما مر هما:"خفض عدد الموظفين او خفض رواتبهم". ورفعت السلطة اخيرا رواتب موظفيها بنسب بلغ متوسطها 40 في المئة، وذلك بعد ضغوط لرفع رواتب العاملين في الجهاز العسكري كحافز لهم لتطبيق خطة حكومية لاعادة فرض القانون والنظام. وترافقت تلك الضغوط مع ضغوط مماثلة من العاملين في الجهاز المدني الذين طالبوا برفع رواتبهم لمواكبة الارتفاع الحاصل في غلاء المعيشة. ومن غير المستبعد ان يكون فياض لجأ لتكتيك الاستقالة لغرض الضغط على مراكز القوى في السلطة وفي"فتح"التي تطالبه بالمزيد من الموازنات والتعيينات الجديدة. كما انه من غير المستبعد ان يكون قراراه نهائيا، خصوصا انه غير راض عن عمله في أجواء يتعرض فيها الى ضغوط وتهديدات وصلت حد تهديد حياته بسبب رفضه الاذعان لطلبات من مجموعات مسلحة تنتمي الى"فتح". غير ان السلطة التي ترى في فياض الشخصية الاكثر قبولاً من الدول المانحة، خصوصا الولاياتالمتحدة، تمارس الكثير من الضغوط على فياض للعودة الى موقعه. وفي رد على سؤال ل"الحياة"بهذا الشأن، قال رئيس الوزراء احمد قريع أمس خلال لقائه عددا محدودا من الصحافيين في مكتبه:"لقد تحدث معي فياض عن هذا الموضوع، لكن لا شيء نهائيا". وفي اعتراف ضمني ان سبب الاستقالة يعود إلى الضغوط التي يخضع لها فياض، قال قريع:"كان الله في عونه، فمن يعمل معنا يكون حقيقة فدائياً".