سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
كل طرف يضمر استبعاد الآخر من السلطة في اقتراحاته لتسديد ديون العام المقبل . لبنان : فريق الحريري يعتبر اقتراح "السواب" نقيضاً لخطة خفض خدمة الدين في "باريس - 2"
على رغم ان القاعدة التي تسود الوسط السياسي اللبناني هي تأجيل البحث في الاستحقاق الرئاسي، بنصيحة سورية، الى حينه يصبح ملحاً دستورياً في شهر أيلول/ سبتمبر أي قبل شهرين من انتهاء ولاية الرئاسة الحالية فإن أفرقاء الحكم الذين يفرقهم الموقف منه، بدأوا يفكرون منذ الآن بخططهم لما بعد الانتخابات الرئاسية، كل انطلاقاً من الاحتمال الراجح في نظره. فريق رئيس الجمهورية اميل لحود يسعى الى حلول للاستحقاقات المالية المترتبة على لبنان، في ما تبقى من العام وفي العام 2005 منذ الآن، لضمان تسديدها من دون الحاجة الى خطط رئيس الحكومة رفيق الحريري في هذا الصدد، إذا تم التجديد أو التمديد للحود. ورئيس الحكومة يمهّد لمواجهة ديون العام المقبل، عبر تصريحات أدلى بها أشارت الى تجديد التوافق السياسي على الاصلاحات المالية، في العام المقبل تحضيراً للدعوة الى عقد باريس - 3. لكن العارفين بموقفه يعتبرون ان التوافق السياسي الذي يعنيه لن يحصل إلا إذا صرف النظر عن التجديد أو التمديد وانتخب رئيس جديد للبلاد. تتوقع الأوساط المراقبة في البلاد أن يتواصل السجال بين فريقي رئيسي الجمهورية اميل لحود والحكومة رفيق الحريري حول معالجات الوضع الاقتصادي، وكيفية تسديد الديون المقبلة، مشحوناً بالخلافات السياسية، غير مستبعدة أن يتصاعد. لكن دمشق تراقب هذا السجال وتدعو الى عزله عن الصراع السياسي الدائر في البلاد. ومع نفي الأفرقاء علاقة السجال بالاستحقاق الرئاسي فإن الاقتراح الذي تقدم به الرئيس لحود في جلسة مجلس الوزراء الخميس الماضي والقاضي باستخدام "السواب"، الذي يعني تبديل سندات دين تستحق بعد مدة، بسندات أخرى تستحق بآجال أطول، ومعارضة الحريري وفريقه له قد ضاعف أسباب التجاذب الذي تجدد بقوة على خلفية الأحداث الدامية التي شهدتها الضاحية الجنوبية لبيروت في 27 الشهر الماضي أثناء التظاهرات التي دعا اليها الاتحاد العمالي العام. ويتناول اقتراح لحود جزءاً من الديون المستحقة على لبنان في الأعوام المقبلة، باليورو بوند، ويقضي بالطلب الى المصارف اللبنانية استبدالها بسندات لآجال تمتد بين 6 و7 سنوات بحجة ان القيام بالخطوة في شكل مبكر، يسمح بالتفاوض مع المصارف على فائدة متدنية مخافة أن ترتفع قيمتها لاحقاً وتتحكم المصارف بها، أي قبل حلول آجال هذه الاستحقاقات، بحيث يتم ضمان تأجيل هذه الديون كي لا تقع الدولة اللبنانية في أزمة. ويبلغ اجمالي هذه السندات حتى السنة 2006 نحو 6.9 بليون دولار، وتتوزّع على السنوات 2004 و2005 و2006 كالآتي وعلى التوالي: نحو 1.4 بليون دولار، ونحو 2.9 بليون دولار ونحو 2.6 بليون دولار. ولاحظت مصادر مصرفية ان المبالغ الكبيرة تتركّز في السنتين المقبلتين، مع الإشارة الى أن وزارة المال سددت قيمة سندات استحقت في آذار مارس الماضي بقيمة 550 مليون يورو من ايراداتها الخاصة ومن أموال باريس - 2 -. ويبقى استحقاق كانون الأول ديسمبر المقبل البالغ نحو 850 مليون دولار، وقد ضَمنت هذا المبلغ بعد الاصدار الأخير بالدولار واليورو الذي بلغ بليون دولار و225 مليون يورو بفوائد تفاوتت بين 7.25 و7.875 في المئة وهي أدنى من المعدلات على اصدارات سابقة وكانت تصل الى تسعة وعشرة في المئة. وانضم نائب رئيس الحكومة عصام فارس الى وجهة نظر لحود، في وجوب اجراء "السواب" منذ الآن. ويستند لحود الى استشارة عدد من الخبراء الماليين، منهم حسبما أشار خلال جلسة مجلس الوزراء حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وبعض المصرفيين. وفي المقابل يرى رئيس الحكومة أن تنفيذ هذا الاجراء يناقض البرامج التي اعتمدت حتى الآن ويرفع قيمة الدين بدلاً من أن يخفضها. ويرى الحريري أن المصارف اللبنانية ستتقاضى نسبة فائدة هي الرائجة الآن في السوق أي نحو 9 في المئة، وهي أكثر ارتفاعاً من سندات اليورو بوند، فيما نجحت وزارة المال في الاصدار الأخير بقيمة بليون دولار، بفائدة أقل من تلك الموجودة في السوق اللبنانية. ويرجح الحريري أن تنخفض الفائدة المدينة العام المقبل أكثر نظراً الى أن المصارف اللبنانية تملك كتلة مالية مجمدة ستدفعها الى خفضها من أجل تشغيلها، خصوصاً أن لبنان سيستفيد من ازدياد الودائع الناجمة من أموال ارتفاع سعر النفط والذي لا بد من أن يكون لمصارفه حصة من ودائعه، فضلاً عن حصة واردات موسم الصيف التي يتوقع أن تكون جيدة، وبالتالي قد تؤدي الى خفض الفائدة، بدل ارتفاعها لأن المصارف ستحتاج الى اغراء المدينين، من أجل تشغيلها. كما يدعو الحريري الى رصد آثار أحداث سياسية مهمة مقبلة: الانتخابات الرئاسية الأميركية، واللبنانية، والوضعين في العراق وفلسطين. وهذه كلها عوامل ستؤدي الى خفض الفائدة بهذا القدر أو ذاك. "اليورو بوند" وسندات الخزينة ويقدم فريق رئيس الحكومة مطالعة اقتصادية - مالية تشير الى الآتي: 1 - ان سندات "اليوروبوند" يحملها أفراد ومؤسسات في الخارج اضافة الى الداخل، وليس المصارف، كما هي حال سندات الخزينة، وبالتالي يتطلب استبدالها سواب لآجال طويلة التفاوض مع هؤلاء الأفراد فرداً فرداً ومع المؤسسات، لا مع مصارف تحملها، وهذا في حد ذاته صعب. 2 - ان المشكلة الأساسية التي تواجه لبنان، هي كسر الحلقة المفرغة لتنامي الدين عبر خفض خدمة هذا الدين، لأن فائدة الدين هي سبب العجز في الموازنة، التي تسجل فائضاً في الواردات قياساً الى النفقات، إذا استثنينا خدمة الدين. وتشير أوساط الحريري الى أن خفض العجز من طريق زيادة أكثر للواردات متعذر لأن زيادة الضرائب غير مقبولة وخفض النفقات مهما حصل، سيكون طفيفاً، وبالتالي فإن خفض خدمة الدين يبقى الحل الجوهري الذي بدأنا به. 3 - ان خفض خدمة الدين يتم عبر خفض الفوائد. وقد أطلقنا برنامجاً لهذا الهدف عبر باريس - 2 2.424 بليون دولار بمعدل فائدة 5 في المئة، مما انعكس انخفاضاً في الفائدة في السوق اللبنانية من 15 الى 10 أو 9 في المئة. وهو اتجاه سيستمر قدماً، وأدى الى السيطرة على نمو خدمة الدين في الموازنة وبالتالي خفض العجز الذي كان يمكن أن ينخفض أكثر لو أقدم لبنان على بقية الخطوات المقررة في باريس - 2 وهي الاصلاحات المالية والإدارية والخصخصة. 4 - ان اعتماد "السواب" الآن، بالفائدة الموجودة في السوق، والذي يعني اعادة جدولة ديون العامين المقبلين لست سنوات أخرى، على فائدة مرتفعة قياساً لتوقعات انخفاضها قبيل استحقاق ديون العامين المقبلين، يعني اقفال الباب على العملية المالية التي بدأت مع "باريس - 2" وبالتالي على احتمال مزيد من الخفض في خدمة الدين وبالتالي خفض العجز في الموازنة. وهذا يحقق مصلحة المصارف التي وافق بعض خبرائها استناداً الى رأي الرئيس لحود على "السواب" منذ الآن، لكنه لا يحقق مصلحة الخزينة. 5 - ان الداعين الى "السواب" منذ الآن يطرحون الأمر في شكل يؤذي هدفهم المعلن من وراء ذلك. فنائب رئيس الحكومة حذّر من ألا نتمكن من الاستدانة لاحقاً وبالتالي أن نقع أمام خيار اعلان الإفلاس. وهذا في حد ذاته اغراء للمصارف اللبنانية بأن تتحكم بسعر الفائدة كي تقرض الدولة. هذا فضلاً عن أنه إذا كان الهدف الاستغناء عن الحريري وخطته، عبر "السواب"، فإنه على العكس سيؤدي الى تنامي خدمة الدين وبالتالي الى ارتفاع العجز مجدداً، بدل السيطرة عليه، مما سيعيد طرح الحاجة الى بقاء الحريري أو الى اعادته من أجل العودة الى خطة خفض خدمة الدين وبالتالي خفض العجز في الموازنة.