كان أمس يوم التظاهرات الشيعية احتجاجاً على الوجود الأميركي في الأماكن الدينية في النجف وكربلاء. ففي بيروت لبى حوالى ربع مليون شخص دعوة الأمين العام ل"حزب الله" حسن نصرالله إلى "مسيرة الأكفان"، وربط نصرالله "الجهاد" في المدينتين ب"الدفاع عن القدس والمسجد الأقصى". وفي البحرين، اصيب 20 متظاهراً في اشتباكات مع الشرطة، أما في طهران فهاجم المتظاهرون السفارة البريطانية. وخرج آلاف المتظاهرين في كربلاء يتقدمهم ممثلان للمرجع الديني آية الله علي السيستاني، مطالبين بخروج المسلحين من المدينة ومن النجف أيضاً، وأعلن متظاهرون في الناصرية تضامنهم مع المرجعية، في موقف واضح ضد مقتدى الصدر وميليشياته. في الوقت ذاته اعتقلت القوات الأميركية أحد كبار مساعدي الصدر، وعشرات من أنصاره في كركوك. ورد الصدر على هذه الدعوات بمطالبة المرجعيات الدينية في النجف بموقف موحد "يستنكر الاعتداءات الأميركية". ونفى الجيش الأميركي بشدة وثائق عن عمليات التعذيب في سجن "أبو غريب"، نشرتها صحيفة "واشنطن بوست" أمس وتضمنت صوراً جديدة لتعذيب المعتقلين. راجع ص2 و3 و4 في غضون ذلك، أعلن رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال ريتشارد مايزر أن زعيم "المؤتمر الوطني العراقي" أحمد الجلبي "خدع الولاياتالمتحدة لسنوات"، مشدداً على أن وزارة الداخلية العراقية هي التي أمرت بحملة دهم مكاتب الجلبي و"المؤتمر". أما الرئيس جورج بوش فاعترف ضمناً بأن إدارته لم توفق في اختيار "صداقة" الجلبي. وانطلقت بعد صلاة الجمعة في كربلاء تظاهرة للاحتجاج على مظاهر التسلح في المدينة. ورفع المتظاهرون الذين تجمعوا بين ضريحي الإمام الحسين والعباس وسط كربلاء لافتات كتب عليها "نعم نعم للسلام" و"كربلاء حمامة سلام فاتركوا السلاح" وهم يهتفون "كلا كلا لاراقة الدماء ونعم نعم للسلام". وشارك في التظاهرة الشيخان أحمد الصافي وعبدالمهدي الكربلائي ممثلا آية الله علي السيستاني وأنصار المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق الذي يتزعمه عبدالعزيز الحكيم عضو مجلس الحكم الانتقالي. وقام عدد من المسلحين من "منظمة بدر" بحماية المتظاهرين. وفي الناصرية اعتصم آلاف المصلين من مؤيدي آية الله السيستاني أمام جامع الإمام علي الهادي في وسط المدينة تضامناً مع دعوات المرجعيات الدينية في النجف مطالبين قوات "التحالف" والعناصر المسلحة بالانسحاب من المدن المقدسة. وحّمل المصلون ورجال الدين قوات "التحالف" المسؤولية عن انتهاك حرمة المقدسات. وقال نصرالله أمام الحشود: "نلبس الأكفان ليس من اجل الموت بل لنصنع الحياة الكريمة بالشهادة، في عالم لا تصنع فيه الحياة بالخوف والذل". وأكد ان "رسالة الاكفان في بيروت هي رسالة قوية للأميركيين، انكم هنا تسمعون صراخ وغضب الذين قهروا اسرائيل ودحروها وما زالوا يذلونها". ودعا نصرالله الاميركيين الى الانسحاب من الأماكن الدينية في العراق و"عدم تسليم أمنها لقوات الاحتلال الاميركي"، معتبراً ان "على الاميركيين ان يفهموا ان الذين لبسوا الاكفان ليسوا في موقع الاستعراض... وما قمنا به خطوة على طريق الدفاع عن العتبات المقدسة وأي أمر آخر يحدده تكليفنا الشرعي سنقوم به أياً تكن التضحيات والحسابات". وقال ان "الاميركيين لا يعرفون ماذا يعني هتاف لبيك يا حسين "وهو يعني ان تكون حاضراً في المعركة ولو كنت وحدك... وإذا احتاجوا الينا سنكون مع الأكفان والسلاح"، داعياً الاميركيين الى "الخروج من النجف وكربلاء لئلا تتطور الامور الى ما هو أبعد وأخطر". بوش والجلبي في باتون روج لويزيانا، نصح الرئيس جورج بوش خريجي إحدى الجامعات في ولاية لويزيانا التي يزورها ضمن حملته الانتخابية، ب"اختيار أصدقائهم بدقة". وجاءت هذه النصيحة بعد يوم على دهم الشرطة العراقية مكتب الجلبي ومنزله. ونقلت وكالة "فرانس برس" عن الرئيس الأميركي قوله إن أمام الولاياتالمتحدة "فرصة تاريخية كي نقيم عراقاً ديموقراطياً يسوده السلام في قلب الشرق الأوسط ما سيقضي على الخطر، ويوجه ضربة للإرهابيين، ويجعل أميركا والعالم أكثر أمناً". وكرر أن أميركا تخوض "حرباً مع أعداء لديهم أطماع مدمرة، وهدفهم الرئيسي هو نشر ايديولوجيا الكراهية واجبار أميركا على الانسحاب من العالم بضعف وخوف، لكنهم يكتشفون أن الأميركيين لا يهربون. عندما يلتزم هذا البلد شيئاً يفي التزامه". وكرر رئيس الأركان الأميركي الجنرال ريتشارد مايرز أمس أمام الكونغرس أن حملة الدهم التي استهدفت مقار "المؤتمر الوطني العراقي" بزعامة الجلبي، جاءت بأمر من وزارة الداخلية العراقية. وقال أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب الأميركي إن "وزارة الداخلية العراقية هي التي أمرت بهذه الحملة التي نفذتها الشرطة العراقية". وزاد ان "دور القوات الأميركية هو العمل كطوق خارجي وليس جزءاً من العملية في أي من المنشآت" التي دهِمت، مشيراً إلى أن "الأدلة باتت أمام محكمة عراقية". واعتبر أن العملية "جيدة، فهي تمثل العراقيين، وهم يفعلون ما يجب أن يفعلوا، ولا أعلم الحقائق حول قضية الجلبي وما إلى ذلك". وسُئل عن الأسباب التي دفعت الإدارة الأميركية إلى التخلي عن الجلبي الذي كانت له حظوة لدى وزارة الدفاع، فاكتفى بالقول إن المعلومات التي قدمها "المؤتمر الوطني" كانت "مفيدة في العديد من الحالات"، لكنه نبه إلى أن الجلبي "خدع الولاياتالمتحدة لسنوات" في شأن العراق. ورداً على معلومات بثتها أمس شبكة "سي بي اس"، تفيد أن زعيم "المؤتمر" نقل، كما يبدو، معلومات أميركية سرية إلى إيران، أكد مايرز أنه لا يستطيع الإجابة علناً عن هذا السؤال، داعياً النواب إلى عقد جلسة مغلقة لمناقشة الأمر. وفي حديث إلى قناة "العربية" الفضائية، نفى الجلبي أن يكون نقل إلى إيران معلومات أميركية سرية، متهماً الاستخبارات الأميركية سي آي اي بالتلفيق.