رفع كسوة الكعبة المشرفة استعدادًا لموسم حج (1446ه)    النفط يستقر مع تأثر السوق بتطورات التجارة الأميركية الصينية    شراكة من أجل العالم    ولي العهد: المملكة وأميركا تجمعهما علاقات عميقة    «مبادرة طريق مكة».. تأصيل لخدمة ضيوف الرحمن    القمة الخليجية الأميركية.. توحيد الجهود لمواجهة التحديات    رئيس الشورى: المملكة تواصل دعمها لتعزيز وحدة الصف في العالم الإسلامي    شراكة تتجدد    فهد بن سلطان يرعى حفل تخريج طلبة جامعة تبوك.. اليوم    ولي العهد وترمب يرأسان القمة السعودية - الأميركية ويوقعان وثيقة الشراكة الاقتصادية الإستراتيجية    «الشورى» يطالب بمحتوى إعلامي يغرس القيم ويعزز حضور المملكة العالمي    الصندوق الكشفي العالمي يثمّن دعم المملكة    حرس الحدود بمنطقة مكة المكرمة ينقذ (4) أشخاص بعد جنوح واسطتهم البحرية    أمير نجران يستعرض تقرير نتائج دراسة الميز التنافسية    تخريج 3128 خريجاً من الجامعة الإسلامية برعاية أمير المدينة    "واحة الإعلام" تختتم يومها الأول بتفاعل واسع وحضور دولي لافت    أمير الرياض يستقبل سفير موريتانيا ومدير السجون    الرياض وواشنطن.. استثمارات نوعية عالية التأثير    المرأة السعودية.. جهود حثيثة لخدمة ضيوف الرحمن    سعود بن نايف يحتفي ب"أرفى"    مجموعة الدكتور سليمان الحبيب الطبية تُدشّن أول نظام روبوتي مختبري من نوعه «AuxQ»    بندر بن مقرن يشكر القيادة بمناسبة تعيينه مستشارًا بالديوان الملكي بالمرتبة الممتازة    الأمير حسام بن سعود يرعى حفل تخريج 4700 طالب وطالبة من جامعة الباحة    الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بنجران في زيارة لمدير عام التعليم بمنطقة نجران    نجران الولاء.. وقدوات الوفاء    الخارجية الأمريكية: ترمب يرى السعودية شريكا أساسيا بكل المجالات    فنون أبها تحتفي ب "إلى من يهمه الشقر"    شاشة كبيرة لهاتف Galaxy Z Flip 7    العلاقات السعودية الأمريكية.. شراكة راسخة وآفاق واعدة    إنفانتينو: السعودية ستنظم نسخة تاريخية من كأس العالم 2034    فريق صُنّاع التميز التطوعي ٢٠٣٠ يشارك في مهرجان المانجو في صبيا    الاتفاق يُمدد عقد الشهري لمدة موسم    ملك البحرين يصل إلى الرياض وفي مقدمة مستقبليه نائب أمير المنطقة        المعرض الدولي للمعدات والأدوات يستعرض الفرص في السوق البالغة قيمته 10.39 مليار دولار أمريكي    مستشفى الملك عبدالله ببيشة يفعّل اليوم العالمي للصحة والسلامة المهنية ببرنامج توعوي شامل    "لازوردي" تحقق 12% نموا في الإيرادات التشغيلية خلال ربع 2025 الأول بصافي ربح قدره 13.3 مليون ريال سعودي    رئيس جمعية الكشافة يكرِّم شركة دواجن الوطنية لدعمها معسكرات الخدمة العامة    قطاع ومستشفى المجاردة الصحي يُنظّم فعالية "اليوم العالمي لنظافة الأيدي" و "الصحة المهنية"    تيريم يتغنى بسحر حمدالله    النجمة إلى دوري روشن.. والحزم يضمن الملحق    مدير عام فرع هيئة الهلال الأحمر السعودي بجازان يهنئ سمو أمير منطقة جازان وسمو نائبه بمناسبة تعيينهما    انطلاق منافسات "آيسف 2025" في أمريكا بمشاركة 40 طالبًا من السعودية    أطفالنا.. لسان الحال وحال اللسان    الاتفاق الأمريكي الصيني يصعد بالأسواق    مودي يؤكد وقف العمليات العسكرية.. الهند تتقدم نحو حل سياسي شرط المعالجة الأمنية    نصف مليون شخص معرضون للموت جوعاً.. تحذير من كارثة إنسانية وشيكة في غزة    225 مخبأ سلاح جنوب لبنان والجيش يسيطر    100 مبادرة إثرائية توعوية بالمسجد النبوي.. 5 مسارات ذكية لتعزيز التجربة الرقمية لضيوف الرحمن    القبض على 4 أشخاص لترويجهم مواد مخدرة    العدل: إصدار132 ألف وثيقة صلح في عام 2024    إقرار المبادئ التوجيهية للاستثمارات الخضراء.. مجلس الوزراء: الموافقة على تنظيم هيئة الطيران المدني    "الغذاء والدواء": ثلاثة أنواع من البكتيريا تهدد السلامة    70 % من مرضى الربو يعانون من حساسية الأنف    ضمن مبادرة"مباراة النجوم".. القادسية يستضيف 30 شخصاً من ذوي الإعاقة    "الشريك الأدبي" في جازان: حوار مفتوح بين الكلمة والمكان    حماية مسارات الهجرة بمحمية الملك    انطلق بمشاركة 100 كادر عربي وأوربي.. أمين الرياض: «منتدى المدن» يعزز جودة الحياة ويقدم حلولاً مشتركة للتحديات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسلحة الدمار الشامل والشرق الأوسط

في رأينا أن واقع الموقف الدولي الراهن يشير في شكل جلي إلى أن الشرق الأوسط ما زال يشكل مجالاً خصباً لانتشار أسلحة الدمار الشامل. فعلى رغم التقدم الذي أحرز أخيراً بالنسبة إلى تحقيق قدر كبير من الشفافية في شأن البرامج النووية لكل من إيران والعراق وليبيا، لا يزال هناك شعور عميق سائد في المنطقة بعدم الأمن، وأعراضه وأسبابه واضحة وماثلة في كل مكان: فما زال الصراع العربي-الإسرائيلي مُستَعِراً. والحديث عن "تغيير النظم" ما زال يتردد في بعض الدوائر الغربية باعتباره أكثر الطرق فاعلية لتحقيق الديموقراطية .كما أن الوضع في العراق، بانعكاساته الأمنية والإقليمية، ما زال بعيداً من أن يكون مستقراً. وهذا كله إضافة إلى القلق والتوتر مع الغرب، والذي تصاعد بحدة في أعقاب أيلول سبتمبر 2001 و"الحرب على الإرهاب"، والذي باتت أسبابه للأسف مقرونة في ذهن الكثيرين بالحضارة الإسلامية.
وإذا نظرنا إلى المعاهدات الدولية التي تحظر الأسلحة النووية والبيولوجية والكيماوية، نجد أن عدد بلدان الشرق الأوسط التي ترفض الانضمام إليها أكثر من مثيلاتها في أي منطقة أخرى. وإزاء رفض إسرائيل في غياب تسوية سلمية شاملة مناقشة قدراتها النووية العسكرية، وعدم استجابتها للنداءات المتكررة التي تدعوها إلى الانضمام إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية عمد عدد من دول المنطقة إلى محاولة تسليح نفسه بقدرات تدميرية مساوية أو مشابهة من أسلحة الدمار الشامل. ولعل ما كشفت عنه ليبيا أخيراً يؤكد هذا الاتجاه ويذكرنا مجدداً بوجوب التصدي لمشكلة أمن الشرق الأوسط.
وفي استطلاع للرأي أُجري أخيراً على الموقع الإلكتروني لقناة "الجزيرة" الناطقة بالعربية تبين أن أكثر من 80 في المئة من الذين شاركوا يؤيدون حيازة العالم العربي لأسلحة نووية، كرد على البرنامج النووي الإسرائيلي. وإذا أضفنا إلى ذلك ما تبين حديثاًً من انتشار معلومات وتكنولوجيا الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل، إلى جانب السوق السوداء لتلك التكنولوجيا التي تم اكتشافها أخيراً فإن كل ذلك يضاعف من احتمالات اقتناء جماعات متطرفة أسلحة دمار شامل. وإذا أخذنا كل ما تقدم في الاعتبار، يصبح واضحاً، بأن الوضع الراهن في الشرق الأوسط لا يمكن له أن يدوم. وإذا لم نفعل شيئاً ملموساً وجاداً فإن وقوع الكارثة سيكون مسألة وقت.
تراكمت التصريحات والقرارات عبر السنين حول جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل. فعلى سبيل المثال، ومنذ ثلاثة عقود، تصدر الأمم المتحدة قرارات تزكي فيها، وبتأييد جميع الأطراف بما فيها كل الدول العربية وإسرائيل، إنشاء منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط. وفي عام 1991 اعتبر مجلس الأمن أن نزع أسلحة الدمار الشامل في العراق خطوة أولى "نحو تحقيق هدف إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط". وفي القرار الصادر عام 1995 في شأن تمديد معاهدة عدم الانتشار النووي، كان الاتفاق على بذل الجهود نحو إخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية أحد المقومات الرئيسية التي أدت إلى التوصل لاتفاق حول تمديد المعاهدة الى أجل غير مسمى. وفي نهاية العام الماضي كان هناك التزام مماثل حول إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط تضمنه الإعلان الذي سعت من خلاله ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة إلى تحقيق مزيد من الشفافية من جانب إيران في شأن برنامجها النووي.
وعلى رغم كل ما تقدم فإن ما أُنجِز من عمل ملموس ومحدد نحو تحويل الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل ما زال ضئيلاً أو شبه معدوم. ونذكر في هذا الصدد مثلاً أن مسألة إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل لم تُناقَش أصلاً في اتفاق كامب ديفيد، كذلك لم يُشَر إليها في اتفاقي السلام بين إسرائيل وكلٍّ من مصر والأردن. ولعل المرة الوحيدة التي جلست فيها بعض بلدان الشرق الأوسط معاً لمناقشة هذه القضية كانت في إطار اللجنة المعنية بالحد من التسلح والمنبثقة من عملية مدريد للسلام. لكن سرعان ما أدت الاختلافات في المواقف إلى إجهاض تلك الجهود بعد فترة قصيرة. مع ذلك، فإننا نرى أنه على رغم تعقيدات الوضع الحالي، هناك فرصة تلوح في الأفق نتيجة ما يجرى من كشف لبرامج أسلحة الدمار الشامل في عدد من بلدان المنطقة، والتي قد، بل يجب، أن تشكل قوة دفع لدول المنطقة بأسرها، والمجتمع الدولي، لبدء حوار جاد يعالج الإشكالية برمتها ويصب في اتجاه إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط. ولا شك في أن إقامة مثل تلك المنطقة سيحتاج إلى عناصر أساسية عدة منها: تعريف واضح للمنطقة الجغرافية التي ستطبَّق فيها، انضمام جميع دول الشرق الأوسط إلى عضويتها، نظام دولي للتحقق والمراقبة بغية رصد الامتثال، آلية إقليمية للتحقق والتعاون على نحو متبادل، وضمانات أمنية من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بتقديم يد المساعدة لأي بلد في المنطقة يتعرض أمنه للتهديد. ويكاد يكون من المؤكد أن وضع مسودة لمثل هذا البناء الأمني سيدعم عملية السلام المتعثرة. ففي نهاية الأمر، أي سلام دائم في منطقة الشرق الأوسط لن يتحقق إلا من خلال بناء أمني كامل ومتوازن يضمن الأمن لدول المنطقة كلها من دون استثناء، وبما يشمل تحريم أسلحة الدمار الشامل، إضافة إلى فرض قيود على الأسلحة التقليدية واتخاذ تدابير لبناء الأمن والثقة.
ويجدر بنا التنبيه إلى أن أي محاولة لتحقيق الأمن لبلد ما على حساب أمن غيره ستبوء بالفشل في نهاية المطاف، وكذلك فإن أي سباق للتسلح في المنطقة لم ولن يحقق الأمن المطلوب لأي طرف. وإذا لم يكن من الضروري أن يرتبط التقدم في محادثات الحد من التسلح والترتيبات الأمنية في شكل متطابق تماماً مع تطورات عملية السلام، فإن من الضروري أن يسير الاثنان معاً بالتوازي حيثما أمكن وبقدر المستطاع. ولا شك في أن التقدم المحرز على أي من الجبهتين سيعزز من فرص تحقيق تقدم على الجبهة الأخرى.
*الدكتور البرادعي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
** السير روتبلات، فيزيائي نووي حاصل على نوبل للسلام 1995


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.