الخدمات الطبية بوزارة الداخلية تستعرض مشاريع التحول الرقمي    لندن تحتضن معرضا مصورا للأميرة البريطانية أليس خلال زيارتها للسعودية عام 1938    مؤتمر غرفة جازان لتسويق الفرص الاستثمارية بالصين يشهد توقيع 44 مذكرة تفاهم و3 اتفاقيات نوعية    رئيس جمهورية غينيا الاستوائية يغادر الرياض وفي مقدمة مودعيه نائب أمير المنطقة    الأسهم الاسيوية تتأرجح مع الاتفاقات التجارية وثبات أسعار الفائدة اليابانية    دراسة: نقص الأوكسجين يعطل جهاز المناعة ويزيد مخاطر العدوى    حسين بن عايض آل حمد في ذمة الله    سد وادي بيش.. معلم مائي واستراتيجي في جازان    السعودية للكهرباء تبرم اتفاقيات بقيمة 4 مليارات دولار ضمن أعمال منتدى الاستثمار    وزير "الشؤون الإسلامية" يُدشِّن مشاريع بأكثر من 74 مليون بمنطقة الباحة    الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للمملكة ينمو بمعدل 5.0%    فيرتكس ووزارة الصحة السعودية توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز رعاية مرضى اضطرابات الدم    بحث مستقبل الاستثمار والابتكار بالجامعات    منافسات بطولة العالم للإطفاء والإنقاذ تتواصل في الرياض    في الجولة السابعة من دوري روشن للمحترفين.. ديربي يجمع الهلال والشباب.. والنصر يستضيف الفيحاء    تقنية VAR تتدخل في البطاقات الصفراء الخاطئة    تحت رعاية الأمير عبدالعزيز بن سعود.. انطلاق «أبشر 2025» و«أبشر طويق» في ديسمبر    وسط تصعيد عسكري وتحذيرات من الرد على أي خرق.. إسرائيل تعلن استئناف وقف النار في غزة    أفراح الصعيدي وبالعمش    كسوف كلي يظلم العالم عام 2027    مختص: «السماك» يزين سماء السعودية ل13 يوماً    «شرطي» يقتل زوجته السابقة وينتحر    أمريكا تؤكد تمسكها بوقف النار    تكريم الإعلاميين وطلاب الجامعة ومرشدي السياحة في جدة    الثقافة تقبل 10 باحثين ضمن منحة الحرف    راشد الماجد يطلق أغنيته الجديدة «من عرفتك»    أكد الدور الاقتصادي للشركات العائلية.. وزير الاستثمار: 3 تريليونات دولار قيمة سوق المال السعودي    رعى منتدى القطيف..أمير الشرقية: الحراك التنموي والاستثماري يجسد دعم القيادة وقدرات أبناء الوطن    بعد سحب القرعة.. مواجهات قوية في ربع نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين    المملكة وباكستان.. شراكة وتحالف استراتيجي    "الخدمات الطبية" بوزارة الداخلية تستعرض تجربة صحية متكاملة لخدمة ضيوف الرحمن في موسم الحج    المرافق العامة مرآة الوعي    التعليم بين الاستفادة والنمذجة    مطالبات بتشديد رقابة مقاصف المدارس    عوار: شخصية الاتحاد حسمت الفوز أمام النصر    مختصون يطالبون بتطبيق التجربة الصينية    العطاء فطرة سعودية    مركز التميّز للعيون.. نموذج وطني متكامل    هيئة التراث: أطر قانونية وتعاون دولي لصون الإرث الإنساني    أمير تبوك يستقبل مدير الأحوال المدنية    أمير جازان يطلع على سير العمل في المحاكم والدوائر العدلية    إنزال الناس منازلهم    استعراض منهجية «الإخبارية» أمام فيصل بن بندر    برعاية وزير الثقافة.. "روائع الأوركسترا السعودية" تعود إلى الرياض    تدشين موقع الأمير تركي الفيصل.. منصة توثيق ومساحة تواصل    إسرائيل تعلن استئناف وقف النار وحماس تتهم واشنطن بالانحياز    دارفور تتحول إلى مركز نفوذ جديد وسط تصاعد الانقسامات في السودان    لماذا الشيخ صالح الفوزان    منافسات سباقات الحواجز تواصل تألقها في بطولة العالم للإطفاء والإنقاذ 2025    أمير منطقة جازان يستقبل مواطنًا لتنازله عن قاتل والده لوجه الله تعالى    هيئة الأمر بالمعروف بجازان تفعّل معرض "ولاء" التوعوي بمركز شرطة شمال جازان    السعودية ترحب بإعلان سوريا اعترافها بجمهورية كوسوفا    "رهاني على شعبي" إجابة للشرع يتفاعل معها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالمحمدية في جدة يستأصل بنجاح ورماً ضخماً من البنكرياس ويعيد بناء الوريد البابي    ولادة توأم من بويضات متجمدة    أمير منطقة تبوك يستقبل مدير شرطة المنطقة    أمير جازان يستقبل المستشار الشرعي بفرع الإفتاء في المنطقة    كباشي: شكراً صحيفة «البلاد»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تلفزيون الأحلام بعد همود عاصفة تلفزيون الواقع . ماذا لو حققت لك الشاشة الصغيرة أمنياتك ؟
نشر في الحياة يوم 19 - 11 - 2004

كان يجلس ساعات وساعات أمام شاشة الكومبيوتر... يرصد الأحداث ويراقب ما يجري عن كثب من حوله... جولة على صحافة العالم، الصحافة العربية، فالصحافة المحلية... جلّ ما يهمه ما يجري على أرض الواقع، حتى أن لا مكان للأحلام في قاموسه. "الأحلام غذاء الضعفاء"، لطالما كان يردد على مسمع أصدقائه من دون أن يعطيهم فرصة للنقاش... ينتقل من موقع الكتروني الى موقع آخر، يبحث عن كل معلومة جديدة... ينتهز أيام الفرصة لمزيد من "التثقيف" وحينما يبغي الراحة يشغل جهاز التلفزيون، طبعاً الفضائيات الاخبارية هي وجهته الأكيدة. بيده الريموت كونترول، ينقّل من نشرة أخبار الى أخرى. من "العربية" الى "الجزيرة" قبل أن يحطّ رحاله على نشرة "الحياة-lbc".
في ذلك الصباح، في أول أيام عيد الفطر السعيد، كانت العمليات على الفلوجة أكثر ما يهمه. ظنّ نفسه بداية أمام فيلم "أكشن"، ثم تنبه الى أن الواقع أشد قسوة من كل الأفلام الحربية التي قد تخطر في باله. موت الرئيس الفلسطيني كان لا يزال في ذروة الأخبار. ماذا بعد عرفات؟ سؤال لم يتوقف عن شغل السياسيين والصحافيين والناس العاديين. مرّ شريط متلاحق من الأخبار. سهت عيناه بعض الشيء. استفاق مذعوراً. ظن نفسه في حلم هو الذي يقاوم كل انواع الأحلام - أو يظن نفسه مقاوما لها -. ارتبك بعض الشيء. لم يرد أن يسمع. لكن ماذا لو صارت الأحلام حقيقة؟ من دون أدنى مقاومة تابع الاعلان الذي ظهر أمامه على الشاشة. سمع كلمات لطالما لم ترق له: "هل تحلم بلقاء شخصية معروفة؟ هل تحلم بالسفر الى بلد من اختيارك؟ ماذا لو صار حلمك حقيقة؟ ماذا لو لم تعد أحلامك في مهب الريح؟ "ليلة حلم" على الفضائية اللبنانية lbc تشاهدونه هذا المساء...".
غضب. أخذ الهاتف. طلب المحطة وسأل عن المعدين... انتظر قليلا حتى يتم ايصاله بالمعنيين، وفي تلك الأثناء راح يفكر بما سيقوله: "أتمنى أن تكفوا عن هذه المهزلة... أتمنى أن تكفوا من الحديث عن الأحلام... أتمنى أن تهتموا فقط بالواقع... بالحقيقة... مهما يكن". لكن انتظاره طال وفي الانتظار أفكار "غريبة" راحت تراوده. فكّر وفكّر... لكن كلامه نفسه أليس من باب الأمنيات والأمنيات بذور أحلام، قال هذا في نفسه، ثم عاود طرح السؤال بطريقة علها تنقذه من ورطة انتقاء الكلمات: حبذا لو تهتمون فقط بتغطية.. حبذا أيضاً؟ ضحك. أقفل الهاتف. وانتظر المساء.
قريباً من الاحلام
في تلك الليلة أحلام كثيرة حققتها lbc . ضخامة الانتاج أثارت اعجابه. طوني بارود كان لافتاً كالعادة في تقديمه. خفة دمه، ووقفته الواثقة أكثر ما أعجبه.
عمر، روي، طاهر وجورج لم يعد عندهم السفر حلماً بعيد المنال. السيدة الستينية التي لم تعرف الا الكد والتعب بعد وفاة زوجها كافأتها lbc برحلة استجمام الى أفخم المنتجعات الايطالية مقصد مشاهير العالم. ابن الخامسة والثلاثين حقق حلم ابن الثالثة عشرة بالتحليق عالياً... انتقد صاحبنا فكرة السفر وصرخ قائلاً أما من أحلام أخرى؟ لكن الحقيقة أن الأحلام لم تقف عند هذا الحدّ... يارا الفتاة الجزائرية تحقق حلمها بالانضمام الى صفوف lbc ولو لفترة بسيطة، ومن يعرف ماذا يخبئ المستقبل؟
نالت الصغيرة حصاناً كما تحلم، والأم صاحبة التوائم الأربعة حصلت على غرفة نوم مليئة بالألعاب والثياب والغذاء، و التقى الأب ابنته وأحفاده بعد غياب... أحسّ صاحبنا بفرحة هؤلاء. واعترف أن هذه التجربة من شأنها مدّ التجربة الانسانية بالأمل والقوة والبهجة من خلال تحقيق الأمنيات. لام نفسه على مواقفه المسبقة. ورأى أن أهم ما يميز هذا البرنامج تحقيق الأحلام بلا دموع. البسمة، نعم البسمة كانت سيدة الموقف. شعر بفرحة العيد ولو لم تشمله الأحلام. فكر بمن يحبهم. تحمّس للاتصال. ولأول مرة فعلها. "دائماً في المرة الأولى يحالف المرء الحظ كما في الكازينو" ردد الكلام الذي كان يسمعه دائماً على لسان صديقه واتصل. وبالفعل علّق الخط على رغم الضغط على الخطوط...
لكن سرعان ما كان الفشل من نصيبه، فإن حالفه الحظ في المرة الأولى، فشل في المرة الثانية، اذ لم يختر الكومبيوتر رقمه. لعن حظه. استاء، ثم تابع الحلقة التي انتهت سريعاً كما ظن للوهلة الأولى قبل أن يعي بعد دقائق أن ما يقارب الساعتين ونصف الساعة من الوقت قضاهما برفقة طوني بارود.
من لا يحلم ليس واقعياً!
مرّت الدقائق. عاد واستاء من جديد. هذه المرة لأنه لن يتمكن من المشاركة في البرنامج الأسبوع المقبل فهو برنامج فصلي يبث مرة كل ثلاثة أشهر. تذكر ما قالته مذيعة ربط الفقرات قبل الحلقة، قالت: مامن مستحيل مع lbc! حينها اعتبر كلامها مليئاً بالمبالغة، أما في هذه اللحظة فهو مقتنع بأنه أقل مبالغة.
انتهت الحلقة. حمل "الريموت كونترول" من جديد. وراح يبحث عن برنامج آخر. برنامج.. لا نشرة أخبار. تبدل غريب أصابه في تلك الليلة. لم تعد تستهويه السياسة، أراد الهروب من واقعيته المفرطة. أضحت الاحلام شغله الشاغل، فأراد المزيد منها. من حسن حظه توقف عند شاشة "المستقبل". كانت الحلقة الأخيرة من "ست الحبايب". حلم آخر تحقق ليلتها، هذه المرة مع زاهي وهبي. سيدة بحاجة لعملية جراحية يتكفل البرنامج باجرائها لها؟ "ما كل هذا الخير الذي يفيض في هذه الليلة؟" صاح صاحبنا مندهشاً فرحاً كفرحة طفل بهدية لطالما انتظرها!
"انها ليلة الاحلام". قال هذا وتمنى لو تمتد أطول فأطول. فرح بالاكتشاف. ثم ما لبث أن تذكر ليلة رأس السنة و"ضرب خوات" على lbc ، تساءل أين أراضي بيتر خوري مخرج البرنامج هذه الأيام... هل هو اليوم داخل معمعة مشكلة جديدة يحلها ليقدمها لنا في نهاية السنة كما عودنا؟ ثم ما لبث أن بدأ يتذكر أسماء برامج تساهم في تحقيق الأحلام، سمع عنها من جيرانه، من "عرس اكسبرس" على المستقبل الى "أحلام" على شاشة دبي وبرامج الالعاب، أليس الربح فيها ايضا من باب تحقيق الاحلام؟ قال هذا ثم طلع باستنتاج: اذا انها الموضة اليوم على التلفزيون وأنا من اعتقد أننا لا نزال في همروجة تلفزيون الواقع!
بين تلفزيون الواقع والواقع في التلفزيون من العمليات القتالية والمعارك في الفلوجة والدماء في فلسطين، ترحم صديقنا على تلفزيون الواقع لعله نسي ان Survivor يصنف تحت الخانة نفسها وتذكر أسماء كان يرددها ابن شقيقته الذي لم يبلغ الخمس سنوات. تذكر اسم صوفيا وبشار وبرونو وسينتيا ومحمد عطية وتذكر شوق والدته لمتابعة بنات "سوا ع الهوا" وانتظر بدء "ستار أكاديمي" من جديد ثم انصرف الى الأحلام...
الأحلام أضحت حقيقة ومن لا يؤمن بالاحلام ليس واقعياً. شعر فجأة بالنعاس... أفاق على نشرة الأخبار: هذا هو الواقع قال في نفسه.. "يا له من واقع مثير للاشمئزاز". أطفأ جهاز التلفزيون... والأخبار شغالة... قال: "حسناً هذا واقع معقول... وهذه احلام معقولة وتصبحون على خير"!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.