الاختبار الأخير الذي خضع له طلاب "ستار أكاديمي" يصنّف ب"السهل الممتنع" بالنسبة الى الطلاب والأساتذة على السواء. يتميز الطلاب بمشاعر صادقة لم يتمكنوا من إخفائها، ليس فقط بسبب "تلفزيون الواقع" الذي يضعهم طوال الوقت تحت مجهر الكاميرا، وإنما لأنها خصلة رافقتهم بالفطرة. فقلّما نجد بينهم من يصطنع المشاعر تجاه زملائه، أو يضمر غير ما يعلنه للآخرين. وكان اعتراف بعضهم بعدم الارتياح أو كره الآخر، خير دليل على هذه المشاعر التي تعتبر من أنجح ما في البرنامج. اختبار هذا الأسبوع قضى بأن يعبّر كل طالب في الأكاديمية عن "الشوق". وكان الشرط أن يكون الاشتياق إلى الأم أو الأب، لكن حتى القلة التي اختارت الاشتياق إلى حبيب أو حبيبة أو وطن، استطاعت أن تحفر لنفسها مكاناً في نفوس المشاهدين لأنها لم تحمل غير المشاعر الصادقة. اختبار هذا الأسبوع برّر حالات الإحباط التي أصيب بها الطلاب دورياً منذ بدء البرنامج. كما برر البكاء الذي بلل الوسادات، وغفر لوفاء وليوسف فرحتهما بالعودة إلى أهلهما وإن خسرا البقاء في الأكاديمية، وأضاعا فرصة التحول إلى مصاف النجوم العالميين. "الحيادية" انكسرت... الدموع كانت سيدة الاختبار. قلّة فقط لم يستعن بها، بل إن قلة تغلبت عليها! وإذا كان موضوع الاختبار "سهل التحضير" على الطلاب الذين تتوافر لديهم معظم مؤهلات الاشتياق، بسبب انقطاعهم عن محيطهم منذ شهر ونيّف، إضافة إلى شرقية هؤلاء الطلاب، وعروبتهم التي تقدّس العائلة وتمجّد الكنف الأسري، إلا أن الاختبار نفسه جاء "صعب التطبيق" على قدر "صعوبة التقويم" من جانب الأساتذة. "الحيادية" التي تطبع الأساتذة عادة، انكسرت خلال هذا الاختبار، فتحكّمت المشاعر بالجميع. انعكس تأثر الطلاب على الجو العام، ولم يعد الأساتذة أفضل حالاً من طلابهم. والبكاء الذي أوحى مع الطالب الأول أنه ناتج من إخفاق هذا الأخير، ومع الطالب الثاني أنه فشل، توضح مع الباقين على أنه تأثر في المشهد. إذ جاء السؤال "هل تبكي تأثراً أم أنك لم تؤد دورك جيداً؟". ثم درج سؤال آخر "هل بكوا؟" أي الأساتذة، بدلاً من التساؤل عن مدى إعجاب الأساتذة بالمشهد المقدّم. لقد وضع الاختبار الجميع في موقف حرج، فلم تستطع بيتي توتل صفير هذه المرة إعطاء ملاحظات على ضرورة مواجهة الجمهور من خلال النظر إليه. فالحالة تفرض عدم القدرة على المواجهة بتلك النظرات الحزينة والمشتاقة. وسيصعب على ماري محفوض توجيه الملاحظات عن "التنشيز"، فقد غلب الإجهاش بالبكاء على الأصوات حتى اضطر بعضهم لقطع أغنيته والخروج. والألحان التي كانت الصاعق الأساسي في تفجير المشاعر، قد تسلم هذه المرة من الانتقادات. حتى اللغة لم تشكل حاجزاً في وجه توصيل الفكرة، اذ تطوّعت مع المشاعر تلقائياً... والفرنسية التي لكنت بها صوفيا، أو الإنكليزية التي غنّى بها برونو، تُرجمتا فوراً مع الدموع التي سالت تعاطفاً مع ما قالاه. موقف الأساتذة هذا الأسبوع كان صعباً، لم يستطع أحد منهم السيطرة على دموعه، فهم أولاً وأخيراً أباء وأمهات، وفي يوم ما كانوا أطفالاً وما زالوا أبناء. وفي النهاية، لم ينفع أن تخبئ عايدا صبرا أنفها في يدها، فقد بلّلت الدموع وجنتيها... ولم ينجح ميشال فاضل بمسح دموعه قبل أن تسيل على وجهه... ولم ينقذ ماري انسحابها من مكانها... حتى مديرة الأكاديمية رولا سعد، اضطرت الى الكشف عن وجهها الآخر وإن نجحت في كفكفة دموعها فقد فضحها أنفها الأحمر من جراء محاولات كبت هذه الدموع... فاجأ طلاب الأكاديمية أساتذتهم في أكثر من مرة، وذلك بتفاعلهم مع المواضيع والتمارين المطلوبة منهم باعتراف الأساتذة أنفسهم. إلاّ أن العيون والأنوف الحمر التي لوّنت وجوه الأساتذة، من دون استثناء، استبقت هذه المرّة، أي تعليق لهم... وكانت خير دليل على نجاح الطلاب في اختبارهم هذا. وأثبت الطلاب أن قدرتهم على إبكاء أساتذتهم توازي قدرتهم على إضحاكهم و... إثارة حنقهم.