أثار النجاح الكبير الذي لقيه برنامج "سوبر ستار" في أرجاء الوطن العربي موجة كبيرة من الاستغراب حيناً، والاستنكار حيناً آخر. ترى ما هو سر الاقبال المنقطع النظير والحماسة الشديدة من المشاهدين على متابعة هذا البرنامج؟ ان اكثر بني البشر حاجة للفرح والاحساس بالسعادة هم اكثر بني البشر معاناة وتعاسة. ولا اظن ان هناك من هو اكثر تعاسة وشقاء من الانسان العربي. ووسط الاحزان رأى المواطن العربي في برنامج تلفزيوني فني، مملوء بالفرح والانبساط والطرب الاصيل، متنفساً اسبوعياً يشتم من نافذته عبق الاصالة والطرب النظيف الذي يفوح من تلك الباقة الجميلة من الاصوات الساحرة، بعيداً من صور القتل والدمار اليومي التي تلاحقنا في القنوات الفضائية. ولكن لا ادري لماذا يصر التعصب القطري على ان يفسد علينا فرحتنا وسعادتنا في كل مرة نحاول فيها الخروج من قمقم الاقليمية والمناطقية، سواء على الصعيد الفني او الصعيد الرياضي؟ ولا ادري سبب ذلك التعصب لجنسية احد المتسابقين في برنامج "سوبر ستار"، بغض النظر عن مستواه الفني مقارنة بزملائه الآخرين؟ ولماذا لا نشجع ما نسمعه من طرب اصيل وصوت شجي ساحر بغض النظر عن الانتماء الجغرافي لذلك الصوت؟ لماذا تدخل علينا السياسة، مرة اخرى، بلا استئذان لتعلن نفسها وصية على اذواقنا، وتحاول اقناعنا بالانضواء تحت عباءتها الاقليمية الضيقة، وتحفزنا على دعم هذا المتسابق او تلك المتسابقة، متذرعة بأن في ذلك مصلحة الوطن؟ والتوجه التعصبي الموروث من زمن الجاهلية الاولى بدأ يطفو على شاشة المستقبل منذ الحلقة الرابعة، او الخامسة من المرحلة النهائية للبرنامج، فلاحظنا ظهور الاعلام العربية تحملها فئة من الجمهور طوال الحلقات. وكانت الاعلام الاردنية هي الوحيدة التي ظهرت بكثرة في البرنامج، على رغم ان المبادرة كانت في الحلقة الثانية من هذه المرحلة، من بعض الحضور من دولة الجزائر. والجمهور الاردني بالغ في حرصه المستمر على اضفاء الصبغة المحلية على البرنامج. فلم نرَ الجمهور اللبناني يحمل اعلاماً لبنانية كلما ظهر ملحم زين. ولم نرَ اعلام دولة الامارات ترفرف كلما غنى سعود أبو سلطان. ولم نشاهد اي علم سوري في سماء ال"بيروت هول" على رغم الصوت الساحر الذي تتحفنا به رويدا عطية. فلا نملك إلا ان نقول ان الجمهور الاردني كان مسؤولاً، بصورة او بأخرى، عن حال الانقسام والتعصب التي اجتاحت المشاهدين العرب. كان التعصب الاردني لديانا كرزون، وللأردن، ايحاء لبقية الجماهير العربية بأن تتخذ موقفاً مماثلاً بصورة لا ارادية. وما رآه او سمع عنه المشاهد العربي من حماسة اردنية مبالغ فيها عزز الشكوك، ودفع الناس الى تصديق ما جرى تداوله من اخبار عن قيام شركات الاتصالات الاردنية، بايعاز من السلطات العليا، بفتح الخطوط مجاناً ليلة التصويت، فتصبح ديانا كرزون اول فنان اردني تتعدى شهرته حدود الاردن، وتحقق حلماً اردنياً طال انتظاره. فلسطين - رائد زيد