سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
نائب رئيس الوزراء العراقي السابق الزعيم الركن رجل الانتفاضات والانقلابات يعترف . عبدالغني الراوي : الاستخبارات الايرانية تختار الحل الأرخص وتتحمل مسؤولية الفشل صدام يخترق المؤامرة والضابط المزدوج يكشف الأسماء ووجبات الاعدام تنطلق 2
في 21 كانون الثاني يناير 1970 قطعت اذاعة بغداد برامجها لتبث بياناً مهماً من مجلس قيادة الثورة. وجاء في البيان: "أيها الشعب العظيم في ليلة الأربعاء 20 21 من الشهر الجاري حاولت فئة حاقدة خائنة بالتواطؤ مع جهات أجنبية وبدفع من شهواتها الدنيئة النيل من ثورة السابع عشر من تموز الخالدة، الثورة التي أقضت بجماهيريتها وتقدميتها وعنفها الثوري مضاجع الاستعمار والصهيونية والرجعية والتبعية، فكانت لها يد الثورة بالمرصاد فخابت آمالها وخارت عزائمها وتشتت فلولها أمام يقظة الشعب وأجهزة الثورة المتمرسة وعزم طلائعها الذي لا يلين، وقد القي القبض على جميع المشتركين في هذه المؤامرة الدنيئة وسيقدمون الى القضاء لينالوا عقابهم العادل جزاء لما اقترفوه من خيانة بحق الشعب والوطن وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون". بعد وقت قصير أعلن مجلس قيادة الثورة تشكيل محكمة خاصة برئاسة أحد أعضائه طه الجزراوي لمحاكمة المتآمرين. وبعد ذلك زفّت الاذاعة الى الشعب نبأ تنفيذ حكم الاعدام ب16 من الضباط والضباط المقاعدين. وقالت محكمة الجزراوي: "وبذلك نالت الوجبة الأولى من هؤلاء المتآمرين الخونة جزاءها العادل...". ولم يكن سراً ان الوجبة الأولى ستتبعها وجبات. فالجزراوي يصدر الأحكام بلذة عازف الكمان وتطربه عبارات "الاعدام رمياً بالرصاص" و"الاعدام شنقاً حتى الموت". في اليوم التالي نشرت صحيفة "الجمهورية" في صفحتها الأولى صورة للقيادة وهي تحيي تظاهرة دعم انطلقت استنكاراً للمؤامرة. وكتبت الصحيفة: "أطل السيد الرئيس أحمد حسن البكر على التظاهرة الجماهيرية الكبرى لدى وصولها الى القصر الجمهوري وحياها ومعه الرفاق صدام حسين نائب رئيس مجلس قيادة الثورة ونائب أمين سر القيادة القطرية للحزب والدكتور الياس فرح ومحمد سليمان عضوا القيادة القومية للحزب والفريق سعدون غيدان عضو مجلس قيادة الثورة وقائد قوات بغداد وعبدالكريم الشيخلي عضو مجلس قيادة الثورة وزير الخارجية وعبدالله سلوم السامرائي عضو مجلس قيادة الثورة ووزير الدولة وصلاح عمر العلي ومرتضى الحديثي عضوا القيادة القطرية للحزب وعضوا مجلس قيادة الثورة". في الماضي تحدث صلاح عمر العلي الى "الحياة"، في اطار سلسلة "يتذكر"، وقال ان شكوكاً راودته بعد تركه القيادة في 1970 في صحة وجود "مؤامرة عبدالغني الراوي" على رغم آلاف البنادق التي دعي العراقيون الى مشاهدتها كدليل على تزويد ايران المتآمرين أسلحة. وأضاف انه التقى الراوي صدفة، خلال تأديتهما مناسك العمرة في التسعينات ودار بينهما حديث حول الماضي أكد فيه الراوي وجود المؤامرة وسلمه نسخة عما كتبه عنها في مفكرته. سألت العلي ان كان في استطاعتي قراءة مفكرة الراوي فرد بلطف معتذراً وقال انها أمانة تركها الرجل، لديه أمانة للتاريخ، وربما لنشرها بعد رحيله أطال الله عمره. وامتنع العلي عن الخوض في مضمون الأوراق. وفي تلك الجلسة قررت القيام بمحاولة لزيارة الراوي وذاكرته وأوراقه وتجاوب الرجل الصعب وسلّمني مفكرته. عندما أعلنت بغداد كشف المؤامرة والتهمت محكمة الجزراوي وجبات متلاحقة من العسكريين والمتقاعدين والمدنيين كان نائب رئيس الوزراء السابق الزعيم الركن عبدالغني الراوي يتجرّع مرارة الفشل في طهران. وسيشعر لاحقاً بالألم لاعتقاده انه كان من شأن نجاح محاولته تجنيب العراق مآس كثيرة قاده اليها صدام حسين خصوصاً الحرب العراقيةالايرانية. تظهر أوراق الراوي، وأوراق آخرين ستنشرها "الحياة" لاحقاً، ان محاولة الانقلاب تحولت سريعاً الى مبارزة صعبة بين الاستخبارات الايرانيةوالعراقية سجلت فيها الأخيرة اختراقاً مما أدى الى اجهاض المحاولة. وتظهر الأوراق أيضاً، وعلى لسان الراوي. ان واشنطنولندن كانتا على علم بما يجري عبر بعض شركائه. "بدر يسلم عليك" أصدرت محكمة الجزراوي أيضاً حكماً غيابياً بالاعدام ضد رئيس الوزراء السابق عبدالرزاق النايف الذي كان شريك "البعث" في الاستيلاء على السلطة في 17 تموز يوليو 1968 وكان مع وزير الدفاع ابراهيم الداود أول الضحايا اذ دفعا سريعاً الى المنفى. لم يكمل النايف رحلته مع الراوي. غادر طهران مبكراً إذ ساعدته تجربته السابقة في الاستخبارات العسكرية العراقية على شم رائحة اختراق. وقبل مقتله في لندن في 1978 على يد أجهزة صدام تحدث النايف بمرارة وقسوة عن الراوي وكشف ان الشخص الذي راهنت عليه الاستخبارات الايرانية وهو العقيد الركن محمد علي سعيد كان الرجل الذي استخدمه صدام للايقاع بالراوي والنايف والمتعاونين معهما فضلاً عن الاستخبارات الايرانية. هكذا تيسر لبغداد أن تذيع تسجيلات للمتآمرين وأن تنشر رسائل بخط الراوي يحدد فيها كلمة السر وهي "بدر يسلّم عليك وابن عمك السيد يسلّم عليك". وبتاريخ 29 كانون الثاني 1970 نشرت صحيفة "الثورة"، كان طارق عزيز رئيساً للتحرير فيها، ما قالت انه رسالة بخط الراوي الى شخص يدعى صفوك يطلب فيها إعداد خطة لخطف صدام حسين من تكريت أو قتله "على رغم اننا نفضل الخطف للاستفادة منه" مقترحاً ايصال المخطوف الى الحدود الايرانية عبر طريق حددها. وعلى مدى أعوام اعتصر الألم قلب النايف. قال لمقربين منه ان الراوي ألح عليه لابلاغه اسماء مجموعة من 43 ضابطاً كانوا على استعداد للمشاركة في المحاولة وقد أعدم 40 منهم. لا أحد يستطيع، حتى الساعة على الأقل، الجزم بطريقة حصول صدام على الاسماء. وهل تتحمل الجهة الايرانية مسؤولية التسرب الذي أدى الى دحرجة الرؤوس فضلاً عن مسؤولية اعتماد خطة بديلة أدت الى الفشل؟ انها قصة استخباراتية شديدة التعقيد في لعبة بين الدول والأجهزة لا رحمة فيها. وهنا عودة الى مفكرة الراوي: د - وتدور الأيام ويعود سعد صالح جبر من أميركا ويحضر السيد مهدي الحكيم والسيد حسين الصدر ويلتحق سعد صالح جبر للسكن معهما. يتركنا وقد نزلنا في القصر المنيف حيث حوض السباحة والحدائق الكبيرة ليسكن معهما في فيلا في طهران بارس. وشيئاً فشئياً أصبحت أجهل ما يجري حولي لعدم اخباري بالأشياء المهمة مع منتهى التقدير والاحترام إلى شخصي الفقير بينما عبدالرزاق النايف يصول ويجول ويذهب يومياً إلى الاجتماع بهم في دوائرهم التي أجهل مكانها ولم أرها في حياتي. كما سافر عبدالرزاق النايف مرتين إلى أوروبا لا أعلم إلى أي البلدان ولا من قابل ولا فحوى ما دار بينهم ولا مدة بقائه في كل سفرة وإن كانت لبضعة أيام حسب تقديري، ولربما لدى إبراهيم عبدالرحمن الداود زميله، علم بها، كما سافر النايف مرتين إلى قرب الحدود العراقية - الإيرانية ولم أعلم بسفراته هذه في حينها ولا أسبابها ولا الغاية منها ولا اسلوب التنقل فيها. النايف يغادر وفي أواخر عام 1969 أخذ عبدالرزاق النايف حاجياته ولوازمه وسافر إلى لندن يرافقه هلال بلاسم الياسين مصطحباً معه أغلى أنواع السجاد الإيراني. وحين طلبت إيران منه العودة رفض وأسمعهم فاحش القول فطلب الملا مصطفى البارزاني أن يسمع من النايف اسباب رفضه العودة والعمل حينما أخبرته إيران بذلك لذلك ارسلوا وفداً يضم ممثلين عن الأكراد والشيعة والمسؤولين الإيرانيين. وفي لندن أبلغهم صراحة رفضه العودة إلى إيران، وأسمع الإيرانيين فاحش القول ثانية. وفي يوم من أيام كانون الأول ديسمبر 1969 وبصورة مفاجئة طلب الجنرال نعمة الله نصيري رئيس السافاك أن يزورني في اليوم التالي بعد انقطاع دام أشهراً عدة. وأبلغوني بانسحاب عبدالرزاق النايف ومغادرته إلى لندن وقصة الوفد الذي ارسلوه اليه من دون علمي. وقالوا ان نتيجة زيارة هذا الوفد إلى جميع الأشخاص الذين ادعى النايف بأنه يمثلهم ويتكلم باسمهم بأنه رئيس لهم وللموجودين في أوروبا وشمال افريقيا والشرق العربي كشفت اكبر كذبة. وعند حضور الجنرال نصيري في اليوم التالي ومعه معتضد وفرازيان والمترجمين وكاتب الاختزال أكدت مجدداً على ما كنت طلبته مراراً بأن أغادر طهران إلى شمال العراق لغرض الشروع بإكمال ما يلزم لتنفيذ الخطة. ه - الأربعاء 31/12/1969 زارنا السيد مهدي الحكيم وسعد صالح جبر وأخبراني بأن غداً الخميس ستكون هناك دعوة غداء وعمل لمناقشة الخطة وسيحضرها المسؤولون الإيرانيون والأكراد أيضاً، والمرجو حضورنا صباحاً في الساعة 0900 ورجياني عدم الصيام لأشاركهم الغداء وان لا أعارض آراءهم بالخطة التي سيشرحونها، لكي لا أسبب بهذه المعارضة بعض المشاكل والتأخير في التنفيذ وان لا أكون عصبياً، فقلت لهما طيب ولكن إذا أردتما أن أكون هادئاً وغير عصبي فاتركوني أصوم غداً… وهكذا كان. و - في التاسعة من صباح يوم الخميس 1/1/1970 كنا في الاجتماع في المنزل المخصص لسكنى السيد مهدي الحكيم رافقني طه جابر وكان حاضراً عن الجانب الإيراني الجنرال معتضد وفرازيان ومنصور بور وكاتب الاختزال برتبة مقدم والمترجمان محسن فارسي وعباس آزرمي وعن الجانب الشيعي سيد مهدي الحكيم وسيد حسين الصدر وسعد صالح جبر، وعن الجانب الكردي بابا علي وآخر لا اتذكر اسمه كان ممثلاً للملا مصطفى البارزاني لدى إيران. محمد علي سعيد بدأت المناقشات بأن عرض الجانب الإيراني الخطة وكانت صيغة اخبارنا بها وتقدمها كأنها شيء مفروغ منه، وموجزها هي شراء ذمة العقيد الركن محمد علي سعيد للقيام بانقلاب ضد البعثيين في بغداد. واعتبر الايرانيون ان الخطة هي اقل الخطط كلفة للجهود وارخصها كلفة مالية وقالوا انهم قرروا دفع 50 ألف دينار له على قسطين مناصفة مع تسجيل صوتي سري عند دفعهم المبلغ إليه أي انهم اعتمدوا الخطة التي كان اقترحها عبدالرزاق النايف وايده سعد صالح جبر بايحاء من أسيادهما، فرفضت هذه الخطة، وشرحت بالتفصيل سبب ذلك، وقلت ان نسبة نجاحها لا تتجاوز 5 في المئة. حدث نقاش طويل وحاد بيني وبين الجنرال معتضد فأيده جميع الحاضرين وكنت المعترض الوحيد أمامهم ولقد قالوها لي صراحة بأن الذي يهمنا هو ان تتكفل ايران بالعمل، أما نحن فنركب الطائرة للعودة إلى بغداد. وأوعز سيد مهدي الحكيم وسعد صالح جبر إلى طه جابر بأن يقنعني بالموافقة، وفعلاً أخلى فرازيان مقعده المجاور لي ليجلس عليه طه جابر وكلمني كثيراً ورفضت مبرراته. ثم واجهني معتضد بأن قال لي: "طيب فما هي خطتك؟"، فأجبته انا ضابط ركن وأنت ضابط وكلانا برتبة قائد ونعلم ان الخطة الصحيحة والمتكاملة تبنى على المعلومات الصحيحة والدقيقة لكل التفاصيل وأنه كلما كانت المعلومات ناقصة، ستكون الخطة ناقصة وربما تكون السبب في فشلها. أما إذا كانت المعلومات خاطئة فستكون الخطة فاشلة حتماً. لذا اذا أردتم مني خطة صحيحة وكاملة التفاصيل فعليكم اعطائي كل المعلومات الموجودة عندكم، وفي هذه الحال ستكون الخطة أمامكم على المنضدة صباح السبت إن شاء الله. فأجابني معتضد طيب ستكون جميع الاضبارات عندكم عصر اليوم ثم حدث كلام بالاشارات ما بين معتضد وفرازيان، ثم قال معتضد بل ستكون الاضبارات عندك ليلاً اذ لا بد من اخذ موافقة الجنرال نصيري، فأجبته وأنا ما زلت عند وعدي بأن تكون الخطة امامكم صباح السبت ان شاء الله. ثم ذهبوا الى غرفة الطعام فقد كان قد مضى علينا اكثر من أربع ساعات، وبقيت لوحدي استمع الى الراديو لأنني كنت صائماً ولله الحمد. معلومات ز- أولاً بعد صلاتي العشاء مساء الخميس 1/1/1970 تلقيت اتصالاً من عباس آزرمي يعتذر فيه ويقول ان الاخبار ستصلني غداً صباحاً لأنهم لم يتمكنوا من رؤية الجنرال نصيري. فقلت له ومع ذلك ستكون الخطة عندكم في موعدها ان شاء الله. ثانياً: بعد صلاتي العشاء الجمعة 2/1/1970 اتصل آزرمي يعتذر بالنيابة عن الجنرال معتضد بأن الاضبارات لا يمكن ان يقدموها لي لاحتوائها على اوراق لأمور اخرى ويصعب عزل الأوراق عن بعضها وبأن معتضد يرجوني ان اكتب الخطة بإمكانياتي الخاصة، فأجبته طيب واشكرك وسلم لي على الجنرال واخبره بأن الخطة ستكون عندكم صباح الغد. ح- أولاً: دخلت غرفتي وجلست اكتب طوال الليل، وقد زارني طه جابر الساعة العاشرة ليلاً واخرى في منتصف الليل فرجوته ان لا يدخل غرفتي لكي لا يلهيني، وبعد صلاة الفجر بقليل كنت قد انتهيت من كتابة المسودة. وبعد صلاتي الفجر السبت 7/1/1970 عدت لكتابة المبيضة، فكانت 36 ورقة فولسكاب من أصل المسودة 43 ورقة. ثانياً: ناقشت جميع العوامل بفوائدها ومحاذيرها ثم الاستنتاجات المستخلصة من هذه العوامل ثم ناقشت جميع السبل المفتوحة امامنا للعمل وفوائد كل سبيل ومحاذيره ثم توصلت الى الخطة التي اعتمدتها. عقدة الاسماء ثالثاً: من جملة الاحتمالات التي ناقشتها احتمال تعهد أحمد حسن البكر وحردان عبدالغفار التكريتي ومحمد علي سعيد مجتمعين أو منفردين أو للقيام بانقلاب ضد حزبهم حزب "البعث"، وبينت فوائد هذا الاحتمال ومحاذيره ومنها احتمال ان يكون تعهدهم كاذباً وهو لغرض كشف اخواننا الذين نعتمد عليهم داخل العراق لغرض ضرب حزب "البعث" والتخلص منه. وبما انهم هم المسيطرون على حزب "البعث" ولمعرفتهم نفسية كل عضو فيه وامكانياته اضافة الى سيطرتهم على القوات العسكرية العراقية لذا فلا حاجة لهم ان يعرفوا اسماء اخواننا المتعاونين معنا بالعراق اضافة الى اننا لسنا بحاجة لمشاركتهم معنا في أعمالنا لذا يجب عدم اخبارهم بأسماء اخواننا هناك. ثم استخلصت الخطة التي ارتأيتها وموجزها اعتمادنا على الله أولاً ومن ثم على انفسنا. وكانت الخطوط العامة تقضي بالسيطرة على القطاعات العسكرية القريبة الى الحدود في شمال العراقوجنوبه بواسطة اخواننا ثم الزحف بهذه القطعات نحو بغداد وفقاً لخطة يجري توقيتها مع زحف فصائل الأنصار للثوار الاكراد والبارزانيين مع تحريك العشائر في جنوبالعراق وشماله منطقة الحويجة والجزيرة وتلك المحيطة ببغداد ايضاً. رابعاً: في الساعة الثامنة من صباح السبت 3/1 قمت بزيارة للمنزل المجاور لمنزلي، يرافقني طه جابر، حيث يسكن بابا علي مع عائلته وطلبنا منه ان يقرأ ما كتبته وان يعطينا رأيه. فرجاني ان اتوسع بالمادة المتعلقة بالأكراد والبارزانيين وضرورة تزويدهم الأسلحة الضرورية لتنفيذ ما يتعلق بواجبهم في الخطة، فقلت له بأن ما كتبته هو الخطوط العامة للخطة وليس فيها أي تفصيلات، ومع ذلك فسأعيد كتابتها هنا في بيتك. وفعلاً اعدت كتابة كل الأوراق المتعلقة بتلك المادة وفقاً لما ارتآه. وعدنا الى المنزل وأجرينا مكالمة هاتفية مع مهدي الحكيم فحضر يرافقه سعد صالح جبر واطلعا على ما كتبته فطلبا مني ان يضعا توقيعهما مع توقيعي فقلت لهما انكما كنتما مؤيدين للخطة الايرانية يوم الخميس أول من أمس وكنت المعارض لكم جميعاً وقد طلبوا مني ان اكتب خطتي التي أراها والمخالفة لهم وهذه هي خطتي وابتدأتها على شكل رسالة مني الى الجنرال نصيري. فذهب الحكيم وجبر الى بابا علي وطلبا منه ان يوافقهما بالضغط علي لكي يضعوا تواقيعهم معي فلم يوافقهم بابا علي قائلاً لهما بأنه هو الذي كتبها وهذا رأيه وان كتابته هي كتابة عسكري الى عسكري زميل له وبما انه لا يقبل منا ان نضع تواقيعنا معه فهذا شيء من حقه. ثم ارسلت ما كتبته الى المسؤولين. خامساً: بعد ظهر السبت 3/1 زارني الجنرال فرازيان يرافقه المترجم وحاملاً معه ما كتبته وارسلته اليهم وجاء معه السيد مهدي الحكيم وسعد صالح جبر وطلب مني فرازيان ان أوافق على ان يضع الباقون تواقيعهم معي فأجبته بأن ما كتبته هو رأي الشخص المعارض لخطتكم وهي رسالة شخصية مني الى الجنرال نصيري فأما ان تقبلوها كما هي واما ان اسحبها فاعتذر فرازيان وانسحب خارجاً. سفر الشاه 5- آ- لم يخبرنا الجانب الايراني عن أعماله منذ يوم 3/1 فأصبحنا وكأننا في حالة ركود وتجمد. وقد عزوت ذلك الى سفر الشاه الى سويسرا وان أي عمل فعال لا بد وان يؤجل الى حين عودته من سويسرا كما اننا كنا ننتظر انتهاء فصل الشتاء وذوبان الثلوج. وكذلك كان من الضروري اخذ تاريخ 8 شباط في الاعتبار لأن حكام بغداد من البعثيين يحتفلون به باعتباره انتصاراً ضد عبدالكريم قاسم وفي هذا التاريخ يدخل الكثير من القطاعات في حال الانذار قبل فترة مناسبة من الموعد والى ما بعده ايضاً. "المأساة الكبرى" ب- في 17/1 باشرت الاذاعات ومن داخل ايران ايضاً تذكير حجاج بيت الله الحرام بالتوافد الى الأراضي المقدسة. وبما اننا في صمت مطبق ومن دون اي حس او خبر لذلك كتبت رسالة في هذا اليوم الى الجنرال نصيري ارجوه فيها ان يتخذوا الترتيبات لسفري لأداء فريضة الحج ويرافقني طه جابر اذا لم يكن هناك عمل وشيك يستدعي بقاءنا في ايران في هذه الفترة. ج- بعد ظهر يوم 19/1 رتب المسؤولون لنا زيارة الى المتحف لرؤية المجوهرات والاحجار الكريمة التي كانت تغطية العملية الايرانية آنذاك. وبعد الانتهاء من زيارتنا هذه ذهبنا الى الخياط لأن طه جابر لديه بروفة على ملابسه التي كان قد أوصى على خياطتها فبقيت في السيارة ومعي السائق والمترجم محسن فارس والحارسان، وكانت الساعة الواحدة ظهراً بالتوقيت المحلي لمدينة لندن ففتحت الراديو على اذاعة لندن واذ بالمذيع يعلن تنفيذ حكم الاعدام في اربعة اشخاص من بغداد وان محاكمة اشخاص آخرين ما زالت جارية. اسرعنا بالعودة الى منزلنا للاستماع الى الراديو الكبير والى اذاعة بغداد مباشرة. واذا بالمأساة الكبرى واضحة للعيان حيث كانت طاحونة المجزرة البشرية تدور وتدور لتبعث بشهدائنا الأبرار وجبة بعد وجبة على ايدي الكفرة الظلام اعداء الله واعداء الاسلام، أعداؤنا حكّام بغداد اليوم من البعثيين. واستمرت طاحونة المجزرة ثلاثة ايام بلياليها وقد اعلنوا اعدام خمسين شخصاً وهناك اكثر من مئة لم يعلنوا اسماءهم. بعد بضعة ايام زارنا المسؤول الايراني الذي كان في بغداد مستشار السفارة الايرانيةببغداد واخبرنا بأنهم في 7/1/1970 سلّموا "الكافر" محمد علي سعيد … الدفعة الاولى من رشوته 25 ألف دينار مع تسجيل صوتي لكيفية تسليمه المبلغ واتفاقهم معه على دفع القسط الثاني بعد قيامه بانقلابه المزعوم. وان الموشار اليه طلب من الايرانيين اسماء اخواننا وبعد مراجعته طهران اعطوه الاسماء بتاريخ 13/1/1970 وذلك بعد ان اعطاهم خطته وموجزها ان يجمع كل ضباط صف الدروع في قاعة بحجة القائه محاضرة عليهم ثم يلقي القبض على الخطرين منهم ويستفيد الآخرون من تحريك القطاعات المدرعة وانه بحاجة الى جماعة مدنيين في الشوارع ليقفوا ضد المظاهرات البعثية التي قد تخرج الى الشوارع وان الخطة كان مؤملاً ان يشرع بتنفيذها يوم 17/1/1970 ثم تأجلت الى يوم 19/1/1970 يا للمهزلة. وانا اطلب الذهاب الى الحج واقدم طلبي بتاريخ 17/1/1970 كما اخبرني عباس آزرمي بأن اسماء اخواننا في العراق كان قد ارسلها عبدالرزاق النايف من لندن برسالة منه الى احمد حسن البكر!! اولاً. لقد عرف البعثيون معظم اسماء اخواننا عن طريق عبدالرزاق النايف وعن طريق المسؤول الايراني ولكن كيف عرفاها؟ لا يعرفها احد غيرى باستثناء طه جابر ولم يسألني احد عن اسمائهم ولا عن اي شيء طيلة مكوثي في ايران. ولو سألوني لم أكن لأخبر احداً بذلك فهل حصلوا عليها عن طريق طه جابر عن حسن نية وسذاجة وجهل ام تزلفاً لهم ومن دون ان يخبرني. ام ان الاسماء حصل عليها الايرانيون عن طريق واحد او اكثر من شهدائنا الأبرار رحمهم الله. الله اعلم. مع مراعاة العلاقة المتينة حالياً وأخذها بالاعتبار. ثانياً. بعد احداث المجزرة عام 1970 كان وضع المسؤولين الايرانيين في طهران كمن ضُرب على رأسه. لا يعلمون الكيفية التي يبررون بها هذه النتيجة المأسوية ليبعثوا بتقريرهم الى الشاه في سويسرا!!؟ قد يرد الى الذهن بأن الشاه كان على علم قبل حدوث المجزرة بشهدائنا ولهذا السبب سافر الى سويسرا. ولكن هناك احتمالاً ان سافر الى سويسرا اسوة بالسنين الماضيات وفي الوقت نفسه ليعطي حكام "البعث" في بغداد نوعاً من الطمأنينة بأن لا عمل قريباً ضدهم وبذلك تنجح المفاجأة. دور اميركا؟ وبالرغم من قناعتي بصدق واخلاص المسؤولين الايرانيين بمن فيهم الشاه للعمل على الاطاحة بحكم البعث في بغداد، فإنني اضع في اعتباري الآن وبعد مضي هذه السنين الطوال بأن ايران الشاه متعاونة مئة في المئة مع اميركا وان جميع الاعمال او مشاريع الاعمال تطبخ في مطبخ واحد يرأسه الاميركيون. وبما ان اميركا والدول الغربية قاطبة لا تريد للاسلام ان يخرج الى العمل ولا حتى ان يذكر اسمه فهذا يعني ان الدول الصليبية والصهيونية العالمية الدول الكافرة الملحدة هم الذين كانوا وراء ابعادي عن العمل لأنهم عرفوا اوراقي كمسلم ومجاهد في سبيله تعالى ان شاء الله وهم الذين كانوا وراء كشف اسماء اخواننا شهداء الاسلام الابرار عن طريق المغفلين او العملاء لهم في ايران او عبدالرزاق النايف او غيرهم مع التظاهر بأنهم ابرياء من دماء شهدائنا. لذلك فإني اعتقد الآن بأن المحرّك لهذه المجزرة البشرية في حق شهدائنا هم اعداء الاسلام من الصليبيين والصهيونيين والكفرة خاصة وهم كانوا وراء وصول حكام البعث الى السلطة في بغداد. وهم البعث كانوا وما زالوا لعبة صغيرة في ايديهم لينفّذوا جميع طلباتهم ومخططاتهم في ديار الاسلام ومن دون اي اعتراض ومهما كانت هذه الطلبات سواء كانت ضد الاخلاق في تحطيمها وتمزيقها بالفساد والافساد او ضد العروبة التي يتشدقون بها باطلاً او ضد الدول الاسلامية المجاورة الى العراق او البعيدة عنه بل وحتى ضد العقيدة الاسلامية كعقيدة للمسلمين وضد الشريعة الاسلامية كشريعة للمسلمين. ولذلك نراهم منذ وصولهم الى الحكم في بغداد وهم يروّجون للافكار الهدّامة والملحدة اللينينية الماركسية مع لبس العباءة العربية مع الفساد والافساد في كل شيء. ثم باسم العروبة المتطرفة ضربوا وبقسوة اخواننا في الله اكراد العراق وكذلك التركمان وكل العناصر غير العربية فطردوا كل من سكن العراق من اصل ايراني ثم توجهوا ضد الشيعة في العراق فهيئوا العراق بذلك لمذابح قومية وطائفية تمهيداً لتجزئته لا سمح الله وهم بذلك انما ينفّذون المخطط الصهيوني والصليبي الذي قاله بن غوريون عام 1964. ثالثاً. لقد برر السيد بابا علي الفشل واستشهاد اخواننا في 1970 بأن ايران ربما كان في تصورها بأن ما قامت به انما هو محاولة رخيصة وسهلة قد تنجح بالاطاحة بالبعثيين في بغداد دعونا نجرّب هذا المسلك فإذا نجحنا فيه امر جيد واذا فشلنا فسنحاول مرة اخرى وباسلوب آخر فأجبته ولكن شهداءنا ليس لهم مثيل في عصرنا هذا الا اذا شاء الله ان يخرج عوضاً عنهم وانا لا اتصور ان بالامكان القيام بأي عمل آخر قبل مضي 3 سنوات على اقل تقدير، وفي هذه المدة سيقضي البعثيون على جميع العناصر بالقتل والسجن والتقاعد. وعند محاولة القيام مستقبلاً فلن يلبي احد نداءنا او اوامرنا او رجاءنا، إلا بعد ان نقترب بقطعاتنا منه ذلك لأن الدرس القاسي الذي تلقاه العراقيون سيجعل الشجاع منهم يراجع نفسه للمرة العاشرة قبل ان يعطينا الجواب. جنرال بجنرال 6 أ - بعد فترة من استشهاد اخواننا في 19-21/1/1970 جرى اغتيال الجنرال بختيار في العراق علمت ذلك اسوة بالآخرين حينما اذيع ذلك من قبل الاذاعات العالمية وقد اخبرني المسؤولون التفاصيل. ب - باشر العراق وبكل ما أوتي من طاقات محاولاته لاغتيالي. فحرّكوا العرب في ايران كما حركوا قبيلة البختيار بادعائهم بأنه لولا الجنرال الراوي في ايران لما قُتل الجنرال بختيار لذا يجب قتل الجنرال الراوي بدلاً منه. وبالنقود يجري اقناع الجهلة او ذوي النفوس الضعيفة حيث حرّك العراق جميع العناصر المناهضة لحكم الشاه آنذاك من القوميات الايرانية المختلفة. والاهم من ذلك هو تمكنه من تحريك الشيوعيين التابعين لموسكو والشيوعيين التابعين لبكين فقد استحصل على موافقة العاصمتين بالملايين التي خصصها لهذا الامر. واضافة الى ذلك فقد فتح مركزين داخل العراق قرب الحدود الايرانية احدهما في البصرة والثاني في حلبجة لغرض ارسال الجواسيس والمخربين والقتلة مع تخصيص مبلغ خمسة ملايين دينار الى كل مركز لادارة اعماله كدفعة اولى. ج تمكنت الاجهزة الايرانية من الضحك على اجهزة البعث العراقي بتمثيلها نجاح عملية احدى المجموعات في اغتيالي ففرحت اجهزة اعلامهم وارسلوا الإكراميات النقدية والساعات اوميغا الذهبية لمن يفترض انه شارك في اغتيالي. وبعد بضعة شهور علم المسؤلوون العراقيون بالحقيقة فجنّ جنونهم وشنوا الهجمات المتتابعة بواسطة الشيوعيين موسكو وبكين ونجحوا في بعض اعمال التخريب وفي قتل بعض الجنود والضباط. وفي المقابل قتل بعض المهاجمين والقي القبض على الجرحي وبعض الاحياء منهم وهرب آخرون. وأظهرت التحقيقات مع من أُلقي القبض عليهم وفي اعترافات صريحة وكاملة ان المطلوب منهم هو معرفة مكان سكن الجنرال الراوي لاختطافه وان لم يتمكنوا فتقوم بقتله. ثم تصاعدت الخطط شيئاً فشيئاً وبينها ان يقوم 20 شخصاً بهجوم على مكان سكني وقتل كل حيّ بالمنزل وعندما عجزوا عن معرفة المكان في هذه الفترة كان يتم تنقلي من مكان الى آخر وفي احدى المرات جرى تبديل المنزل مرتين في اليوم الواحد او مرتين بالاسبوع مع تبديل السيارات وتبقى السيارة القديمة في خدمة منزلي القديم بسائقها القديم ثم وصلوا الى اعداد سيارة لوري معبأة بالمتفجرات لوضعها قرب المنزل الذي اسكنه، وهي قادرة على قتل كل حيّ في دائرة نصف قطرها 150 متراً. 7 مغادرة ايران الى انكلترا أ - كثرت المشاكل في ايران من تخريبات واغتيالات وبعضها بسبب وجودي في ايران كذريعة لذلك ارسلت رسالة ارجو فيها ان اغادر ايران الى العربية السعودية لأكون بالقرب من عائلتي وبأنني مستعد للعمل عندما تتبدل الظروف فجرى الاتصال سرياً مع الرياض وبعد 43 يوماً اخبروني باعتذار السعودية بأن ليس في امكانها المحافظة على حياتي كما هو الحال في ايران الظاهر انهم طلبوا اليهم ان يجري اسكاني بالسعودية من دون ان يبينوا طلبي ذلك وظروف طلبي. لذلك طلبت منهم المغادرة الى بلد آمن يرتأونه فكان جوابهم بأنهم لا يضمنون نجاتي من البعثيين في اي بلد عربي وخيّروني ما بين المانيا الغربية او انكلترا او اميركا ففضّلت انكلترا لعدم معرفتي بالالمانية ولأن اميركا بعيدة نسبياً ومن الصعب عليّ تتبع الموقف العراقي من هناك، وقد اخبرني الجنرال معتضد بحضور المسؤولين قبل سفري بيوم واحد بأن سفري الى انكلترا سيكون لمدة ستة اشهر وقد تطول المدة لمدة سنة. وعند اول تبدّل للموقف سأعود ان شاء الله ولكني بقيت اكثر من اربع سنوات واربعة شهور من 2/8/1972 لغاية 25/12/1976 وقد خُصص لي الف دولار شهرياً تُدفع كل ثلاثة شهور مرة واحدة. بعد التحويل من عملة الى عملة وبعد خصم التحويل يصبح 265 جنيهاً شهرياً وبعد انخفاض الجنيه الاسترليني عام 1975 ارتفع الرقم قليلاً. غداً حلقة ثالثة