تكتسب الأزياء في دولة الامارات العربية المتحدة أبعاداً تتجاوز الموضة وستر الجسد والتنافس باللون والمظهر، فالاعلان الأصلي في الأشياء رغبة واصرار على التمسك بالهوية. ولا يستطيع الزائر والمطلّ عرضاً على البلد أن ينشدّ الى مفاصل العلاقة بين الهوية والزي الاّ في صورة تتراءى له فولكلورية في احد جوانبها وسط الطغيان الكاسح للزي الغربي- الأوروبي عموماً. ويعتقد أهل الامارات أن جانباً من المساعي الحثيثة لاستمرار الهوية الاماراتية-الخليجية يتجلى في الزي، ويشددون على المسألة من باب الالتزام الوطني فلا يشيع منظر مواطن بلا غترة وعقال أو مواطنة أسقطت الشيلة والعباءة. بالتأكيد الاستثناء موجود كاثبات للقاعدة لكن قلّما التقيناه". ويعتقد الزائر أن القصة موضة قديمة فصلت لونين متناقضين وحادين تماماً هما الأسود من نصيب المرأة والأبيض من نصيب الرجل. ويخطر لأحدهم أن ينظر الى المسألة من زاوية التمييز في ترك الأسود الملتهب للنساء مع الأبيض الأقل امتصاصاً لحرارة الشمس في منطقة تجاور درجة الحرارة فيها الخمسين في فترة من موسم الصيف. الواقع أن الحال أشبه بمسلّمات والافتخار بالانتماء يبدأ منها. وكم يستثير الاماراتية "تطفل" بقية الجنسيات عربية أو أجنبية على اللباس المحلي كأن ارتداءه من الآخرين تطاول غير مبرر. وتبرر الغيرة على الزي لمّا نلقى مرتدياته الدخيلات من بنات الهوى الراغبات في اصطياد المواطنين بشعر اشقر! الثابت في "التقسيم اللوني" بين ثوب الرجل وثوب المرأة متحرك في ترك خيار الزي "الخفي" أكثر حرية للنساء. فالرجل لديه الكندورة والغترة والعقال، بينما للفتاة عباءة وشيلة وكل ما يحلو لها من الأزياء والماركات العالمية والموضة الحديثة، طبعاً مع مراعاة المناسبة والأمكنة. ويعتقد أن الاماراتيات ينفقن بسخاء كبير على لباسهن ولا يرضين الا بآخر الصرعات. لقد دخل عليهن زخم عالٍ من الثقافات التي ستترك أثراً لا مفر منه، الا أنهن تأثرن أكثر بالزي الهندي والباكستاني والمغربي في بعض الخطوط. ويبدو الجيل الحالي غربياً في اتجاهاته يرتدي الجينز والبلوزات الضيقة وكل الصرعات لكن تحت العباءة. في الجيل الأقدم، ما زال الماضي بادياً ببهتان عبر الكندورة والعباءة . والتعلق بالزي التراثي اعلان اعلامي يقرأ باستمرار عبر الصحافة بالذات,ويتساءل بعض المواطنين أنفسهم ان كان ما يعرض حقاً خالياً من التداخلات الأجنبية. وتقام عروض الأزياء التراثية ليشترك فيها الكبار والصغار كي لا ينسوا ما لم يعتادوا ارتداءه يومياً. ولهذا الغرض خصص مهرجان دبي للتسوق ومفاجآت صيف دبي في احدى الدورات مسابقة للزي القديم تنافس فيه الأطفال وحاز الفائزون جوائز مالية تشجيعية. وتلتقي عروض الأزياء التراثية مع مكملات الزينة القديمة والحنّاء التي يتواصل تأصيل استخدامها بين الفتيات بقوة وتعدّ احدى أكثر وسائل الاغراء الاماراتية للزوج. في امارة الشارقة افتتح اخيراً متحف خاص بالأزياء التراثية ضمن سلسلة متاحف تؤرخ للطب الشعبي والعملات والمدارس وغيرها. في هذا المتحف الذي احتل مساحة صغيرة على طراز البيوت القديمة، قسمان أساسيان لأزياء النساء. فيه يرى الزائر نماذج من الأثواب مثل "وقاية بو قليم ووقاية أم دقة، والسروال بونسيعة ومزراي، والكندورة سلطاني وأبو خوص والبرقع". ويؤكد عبدالعزيز المسلم الباحث التراثي الاماراتي ومدير دائرة التراث في الشارقة في كتابه "الأزياء والزينة في دولة الامارات العربية المتحدة" أن الأزياء الشعبية واشكال التزين من العوامل الأولية والأساسية للهوية الوطنية. وهو بذلك يدلنا الى العلاقة غير الفولكلورية بين الزي الوطني الاماراتي وعادة ارتدائه التي تصبح مناسبتية. وكانت الاماراتيات يخطن ثيابهن بما يعرف ب"التلّي"، وهي حرفة نسائية كسبت تسميتها من الشريط المزركش بخيوط ملونة بين الأبيض والأحمر والفضي تتداخل على"الكجوجة" وهي قاعدة معدنية مثل قمعين ملتصقين من الرأس وبهما حلقتان لتثبيت وسادة دائرية تلف عليها خيوط التطريز. وكان التلّي أنواعاً ما عادت تدرج الا كتراث يمارسه عدد محدود من السيدات في مناطق نائية يشتركن في مراكز التنمية الاجتماعية التي يكثر الطلب عليها أوقات المهرجانات. والتل يستخدم على الأكمام أو عند أطراف الثوب فيسمى البادلة وجميعها معروضة في متحف الأزياء.