دعا الدكتور حازم الناصر وزير المياه والري الأردني إلى وضع استراتيجية عربية للتكفل بمشكلة المياه. وكشف في محاضرة ألقاها في مركز زايد للتنسيق والمتابعة في أبو ظبي مساء أول من أمس عن اتصالات بين الدول العربية لتشكيل مجلس وزراء المياه العرب. وقال إن مشكلة المياه في الدول العربية هي مشكلة متفاوتة، فهناك دول فقيرة مائياً مثل السلطة الفلسطينية واليمن والأردن، ودول غنية نسبيا قياساً مع الدول الأوروبية. أكد وزير المياه الأردني في محاضرته التي تناول فيها مشروع الربط بين البحر الأحمر والبحر الميت أن فكرة مشروع قناة البحر الأحمر - البحر الميت مشروع إقليمي بصبغة أردنية بديل لفكرة مشروع إسرائيلي يقضي بربط البحر الميت بالبحر الأبيض المتوسط. وقال ان الأردن تقدم بهذا المشروع في إطار الخطة المتكاملة لتطوير أخدود وادي الأردن مع انطلاق عملية السلام عام 1994 وبعد تأسيس اللجنة الاقتصادية الثلاثية بين الأردن والولايات المتحدة وإسرائيل. وأضاف أن الأردن لن يرضى بأن يتم أخذ نقطة واحدة من مياهه، مشيراً إلى وجود مشاريع لم يستطع الأردن تنفيذها وذلك بسبب كلفتها المرتفعة مثل بناء السدود التي تفوق كلفتها 1.5 بليون دولار، والى أنه تم البدء في تنفيذ خطة بديلة للحصول على مياه الشرب. ولمح إلى أن الكلفة المالية المقدرة للمشروع تصل إلى نحو ثلاثة بلايين دولار منها 800 مليون دولار لإنشاء أنبوب البحر الأحمر - البحر الميت، مبرزاً أن المشروع الحالي لا يتعدى مد الأنبوب لنقل المياه للمحافظة على بيئة البحر الميت وبكلفة 800 مليون دولار. ونبه إلى أن الجانب الإسرائيلي سيستفيد بيئياً من هذا المشروع في حال تنفيذه باعتباره يحمي البحر الميت، موضحاً أن الدول المتشاطئة بما فيها إسرائيل تتحمل دفع أو جلب تكاليف المشروع مثلها مثل الأردن والسلطة الوطنية الفلسطينية. ولفت إلى أن الأردن يتمتع بحقوقه المائية كافة وذلك بموجب الملحق الثاني من اتفاقية السلام مع إسرائيل والمتعلق بقضية المياه. وأكد أن الجانب الإسرائيلي ملتزم تزويد الأردن بهذه الحقوق. وقال إن إسرائيل بموجب اتفاقية السلام التي وقعتها مع الأردن كانت على علم بمشروع حماية البحر الميت ولم تُعد الحديث عن مشروع ربط البحر الميت بالبحر المتوسط، مؤكداً أن اتفاقية السلام مع إسرائيل لم يكن هدفها حل مشكلة المياه في الأردن. وزاد أن تنفيذ المشروع وإدارته أردنية، لافتاً إلى أنه لا يمكن الحصول على أي تمويل من دون معرفة إسرائيل بذلك. وأكد أن مشروع ربط البحر الأحمر بالبحر الميت ليس رفاهاً أردنياً ذلك أن للأردن مشكلة مائية يريد حلها عبر هذا المشروع الذي يعد مشروعاً أردنياً يفرض على إسرائيل المشاركة فيه. واعتبر العمل العربي في مجال المياه بأنه ليس بالقدر المطلوب ولا بالطموح الذي يتمناه الجميع، مؤكدا أن مشكلة المياه في الدول العربية ليست عربية - عربية وإنما مشكلة عربية غير عربية، اذ تنبع 80 في المئة من المياه من خارج الحدود العربية. وقال انه لا توجد أي معارضة عربية رسمية لمشروع البحر الميت لا سيما وأن الأردن بحاجة ماسة للمياه التي لا يمكن الصبر على حلها لعقود أخرى، نافياً أن يكون المشروع سبباً في أي خلاف عربي بل يحل المشكلة المائية في كل من الأردن وفلسطين ومرحباً بأي تمويل عربي للمشروع والذي سبق أن تم طرحه على مستوى الدول العربية. وفي رده على سؤال ل"الحياة" عن العلاقات المائية بين سورية والأردن، أكد الناصر أن العلاقات المائية بين البلدين أفضل علاقات مائية على المستوى العربي، مشيراً إلى أنه تم الانتهاء من وضع تصاميم مشروع سد الوحدة، على أن يتم البدء في تنفيذه. وكشف في هذا الصدد أن الأردن سيوقع في نهاية الشهر الجاري مع المقاول عقد تنفيذ المشروع الذي تبلغ كلفته نحو 65 مليون دينار أردني 91.8 مليون دولار. وأكد أن مشروع أنابيب السلام التركي مكلف جداً وانه أصبح اقل جدوى اقتصادية من أي مشروع تحلية على البحر الأحمر أو البحر المتوسط. وفي مقارنة مقتضبة بين مشروع حماية البحر الميت ومشروع الديسي، أوضح أن المشروع الأول الذي يبدأ تنفيذه سنة 2015 هو مشروع إقليمي دولي يمثل حلاً جزئياً لمشكلة مياه الشرب في الأردن بينما يعتبر الثاني مشروعاً محلياً ينتهي تنفيذه سنة 2007. واعتبر المشكلة التي يعانيها الأردن في المياه مشكلة كبيرة، إذ يعد من الدول العشر الأوائل الفقيرة مائياً في العالم، مؤكداً أن مشروع البحر الميت يأتي من أجل حل هذه المشكلة والخروج بالأردن من دائرة العجز المائي الذي سيصل إلى 400 مليون متر مكعب بحدود سنة 2020، وهو ما يشكل ربع الاحتياج المائي للأردن. وأضاف أن هذا العجز بإمكانه أن يرتفع في حال ما إذا لم يتعامل الأردن مع مشاريع تسد العجز المائي القائم، داعياً إلى ضرورة توفير مساعدة دولية لتنفيذ مشروع البحر الميت. وأكد أن تنفيذ هذا المشروع من شأنه أن ينقذ البحر الميت ويقلل من النزاعات على المياه في المنطقة ويحافظ على الاستثمارات المستقبلية على الشاطئ الشرقي للبحر الميت ويفتح آفاق التعاون الإقليمي وإحلال السلام. ولفت إلى أن من بين أهداف مشروع البحر الميت إقامة تنمية زراعية عبر تربية الأسماك ذات الجودة الاقتصادية على امتداد الخط الناقل للمياه بين البحر الميت والبحر الأحمر، معتبرا أن موضوع الزراعة في المياه المالحة هو مشروع ناجح. وعن مدى تأثير مشروع حماية البحر الميت سلباً، أوضح أن المشروع سينشأ في منطقة وادي عربة وهي منطقة خالية من السكان، مستنداً إلى ما ذهبت إليه بعض الدراسات من أنه لن يكون للمشروع أي أثر سلبي، كون المياه القادمة من البحر الأحمر أقل ملوحة من مياه البحر الميت. ووصف الاعتقاد بأن هذا المشروع سيضارب على بعض المصالح العربية من قبيل عدم الدراية بأبعاد المشروع، كما أكد على أن مياه البحر الأحمر لن تنضب بسبب تنفيذ هذا المشروع كون البحر الأحمر يطل على المحيط ولذلك لا يمكن أن يتأثر. وأكد أهمية المشروع بالنسبة لتزويد الأردن بالطاقة الكهربائية، مشيراً الى انه سيزود الأردن بطاقة مقدراها 550 ميغاواط والى ان اقامة مشروع لإنتاج هذه الطاقة يحتاج ما بين 600 إلى 700 مليون دولار. وزاد ان هناك مشاورات جارية مع الأوربيين بخصوص تحلية المياه دون استخدام الطاقة الكهربائية، والذي من شأنه أن يخفض كلفة عملية التحلية. ولفت إلى أن هناك حاجة متزايدة للطاقة الكهربائية في الأردن، والى انشاء مشروع كهربائي بسعة 600 ميغاواط لمدة ستة سنوات، اضافة الى مشروع الربط الكهربائي بين الأردن ومصر وسورية لتعويض العجز ومشروع غاز بين مصر والأردن سينفذ جزء منه هذه السنة، وسيموّل الأردن بالطاقة الكهربائية. أما على صعيد الأهمية التقنية لمشروع قناة البحر الميت - البحر الأحمر، فقال الوزير إنه يهدف إلى إعادة البحر الميت إلى منسوبه التاريخي وتزويد الدول المشاطئة بالمياه العذبة من خلال استغلال فرق المنسوب بين البحر الأحمر والبحر الميت لتوليد الطاقة وتحلية مياه البحر. واوضح أنه سيتم إنتاج نحو 700 مليون متر مكعب من المياه العذبة سنوياً للأردن وللسلطة الوطنية الفلسطينية، وأن المشروع الذي يقع على الأراضي الأردنية في منطقة أخدود وادي الأردن بين مدينة العقبة والبحر الميت، يتكون من مأخذ للمياه على البحر الميت وأنبوب لنقل مياه البحر الأحمر طوله نحو 180 كيلومتراً ومحطة توليد كهرباء هيدرومائية ومحطة تحلية بطاقة 2.3 مليون متر مكعب من المياه المحلاة يومياً ومن خطوط مياه ناقلة لمواقع الاستهلاك. وأشار إلى أن دراسة ما قبل الجدوى للمشروع بينت أنه مجدٍ بيئياً واقتصادياً، ذلك أن المشروع سيصلح الأضرار البيئية في البحر الميت خلال تنفيذ المرحلة الأولى، كما سيغطي العجز المائي للأردن والدول المشاطئة للبحر الميت حتى سنة 2020 في مراحله اللاحقة، وسيساهم في التخلص من ظاهرة حفر الانهدام في المنطقة ووقف تدفق المياه الجوفية العذبة إلى البحر الميت نتيجة لانخفاض منسوبه، علاوة على الآثار الإيجابية للمشروع على القطاعات الأخرى كالسياحة والصناعة. كما تحدث عن أهمية البحر الميت باعتباره احدى المناطق السياحية والصناعية حيث يتواجد استثمار عربي بقيمة 900 مليون دولار من خلال شركة البوتاس، محذراً من أن هذا المعلم الفريد قد يتعرض للاختفاء خلال خمسين سنة نتيجة لتحويل الجزء الأكبر من موارد المياه الرافدة لهذا البحر. البحر الميت الحياة