بيروت "الحياة" أكد رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري انباء نشرها بعض الصحف عن التوجه نحو انشاء مجلس للشيوخ في لبنان جدي وليس مجرد مناورة. وذكر الحريري لعدد من السياسيين والاعلاميين الذين التقوه ان المرحلة المقبلة ستشهد العمل بصورة عملية وفعلية من اجل انجاز مشروعين: الأول استحداث مجلس الشيوخ عبر قانون الانتخاب الجديد بعد وضع مشروع من اجل تعديل الدستور، والثاني اعادة النظر في وضع الاعلام المرئي والمسموع في لبنان في اتجاه توزيع جديد لملكية المحطات من دون المسّ بوجودها. وأوضح الحريري ان الأشهر الستة المقبلة ستنتهي بإعداد قانون للانتخاب، يرجح ان يعتمد لبنان دائرة انتخابية واحدة، لانتخاب ال128 نائباً في البرلمان، وأن يتضمن انشاء مجلس للشيوخ من 64 عضواً ينتخبون على اساس الدائرة المصغرة، على ان يكون برئاسة درزي. ويتطلب استحداث هذا المجلس تعديلاً للمادة 22 من الدستور اللبناني التي نصت على: "مع انتخاب اول مجلس نواب على اساس وطني لا طائفي يستحدث مجلس للشيوخ تتمثل فيه جميع العائلات الروحية وتنحصر صلاحياته في القضايا المصيرية". ويفترض التعديل، بحسب قول الحريري، ووفق التحضيرات التي تقوم بها وزارة الداخلية لوضع الفكرة موضع التنفيذ القانوني، ازالة شرط قيام مجلس نيابي منتخب على أساس لاطائفي، اذ أن الغاء الطائفية السياسية في التمثيل النيابي متعذر في المدى المنظور. ونقل الذين التقوا الحريري عنه قوله ان اعداد العدة لهذا المشروع قائم كي يتم انتخاب مجلس الشيوخ في ربيع العام 2005 مع انتخاب المجلس النيابي الجديد. وذكر ان تحديد صلاحيات مجلس الشيوخ والقضايا التي سيخوّل النظر فيها سيتم في مشروع التعديل الدستوري الذي يشمل تعديل المادة 22، وفي قوانين خاصة ستصدر. والهدف من هذه الخطوة معالجة مخاوف وهواجس فئات عدة ومنها المسيحيون عبر تمثيل من يعبر عنها في مجلس الشيوخ، وهو ليس فزاعة لأحد أو محاولة للضغط على أي فريق بل مسعى من اجل اراحة الأوضاع السياسية في البلاد. ولمح الحريري الى ان هذا الموضوع جرى بحثه مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، لئلا تفسر الخطوة على انها موجهة ضد المجلس النيابي، خصوصاً ان وضع صلاحيات المجلس الجديد سيتوخى توزيعاً للصلاحيات بين المجلسين في شكل يبقي على دور المجلس النيابي الرئيسي. وذكر بعض المصادر ان بين الافكار المطروحة تولي مجلس الشيوخ التصويت على قوانين معينة بعد ان يصوت عليها المجلس النيابي. وأشار الى ان اخراج هذا التوجه الى حيز الواقع سيتم في وقت سريع ولن يطول ويجب إبلاغ الرأي العام بهذا التوجه، وإنشاء المجلس الجديد سيتيح للذين لهم رأي مخالف عما يقوم به مجلس النواب أو المؤسسات الأخرى ان يعبر عن رأيه في هذا المجلس. وذكرت مصادر سياسية ان هذه الخطوة اذا تحققت ستتيح لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ان يتبوأ رئاسة المجلس بحيث يصبح شريكاً في قرار الدولة الى جانب رؤساء الجمهورية والمجلس والحكومة. وأوضحت ان هذا التوجه يفسر موقف جنبلاط الذي يتسم بالليونة تجاه مواقف السلطة الأخيرة، وتأكيده التعاون والتحالف مع الحكم. على صعيد آخر، اكد الحريري ايضاً انه "يجب عدم الاستخفاف باقتراحي في شأن الوضع الاعلامي، والفكرة التي طرحتها بوجوب اعادة النظر في توزيع الملكية في محطات التلفزة واستعدادي للتخلي عن رجحان ملكيتي لمحطة "المستقبل"، لمصلحة قيام محطات متنوعة". وأوضح الحريري ان اقتراحه جدي لأن هدفه "اخراج الاعلام المرئي والمسموع من دائرة التجاذب، فلا تكون كل محطة لفئة، بل على العكس ان يشعر الناس والمشاهدون ان فيها تعدداً من الانتماءات الطائفية والسياسية مثلما هو معمول به في فرنسا". وأشار الى ان ما قاله على هذا الصعيد "ليس مجرد قنابل دخانية أو محاولة لجس النبض. وسترون ان ما قلته جدي وسنعمل على تطبيقه". وإذ جدد الحريري إحجامه عن كشف الاقتراحات العملية لتنفيذ هذه الافكار أشار الى انه لا يقصد اقفال أي محطة بل اعادة هيكلة ملكية الأسهم ليكون هناك تنوع فعلي وليس إسمياً. وفي وقت أوضح الحريري ان هذا يتطلب تعديلاً في القانون، كان ظهر تباين بينه وبين وزير الاعلام غازي العريضي في هذا الصدد، اذ اعتبر الأخير ان المطلوب تعديل قانون المرئي والمسموع الحالي، اذ حالت الحمايات السياسية لرجال السلطة للتلفزيونات دون تطبيقه في السنوات السابقة، قبل تعديل القانون. ورأى العريضي ان المشروع غير عملي، سائلاً: "من الذي سيملك المحطات التلفزيونية، اذا لم يكن أولئك الذين لديهم امكانات والتيارات السياسية القائمة في البلد". وذكر العريضي ان الحريري لم يتشاور معه قبل طرح الفكرة، لكنه أبلغه عدم حماسته لها، مشيراً الى "ان في القانون الحالي ما يوجب التنوع والتعددية في التلفزيونات على الأصعدة كافة، إلا ان الأخيرة لم تكن تطبقه معتمدة على الحماية السياسية التي حالت دون تنفيذه".