محمد.. هل أنت تنام ليلاً ؟    أسواق    غرامة 16 ألف ريال لكل متر.. ضبط مواطن لتخزينه حطبًا محليًا    السعودية وجهة المعارض والمؤتمرات.. أمير الشرقية يفتتح «أرينا الخبر» ويشيد بتجهيزاتها    وجبة مجانية تنهي حياة عصابة بأكملها    الحرب على الفلورايد تحرز تقدما    تصعيد في قصف معسكرات النازحين.. الجيش السوداني يسيطر على منطقة «عطرون»    الأمير سعود بن مشعل يستقبل مجلس إدارة ولاعبي الأهلي    الفيفا يحدد موعد المباراة الفاصلة بين لوس أنجلوس وأمريكا.. من يحجز المقعد الأخير لمونديال الأندية؟    بعد 19 عاماً من النطحة الشهيرة.. بوفون يعترف: أنا السبب في طرد زيدان    آل بابكر وخضر يحتفلون بزواج علي    إعلاميون ومثقفون يعزون أسرة السباعي في فقيدهم أسامة    الهند.. رفض شراء السجائر لرجل غريب فقتله    هيئة الموسيقى توثق الإبداعات السعودية    مبادرات "عام الحرف" ترسو في مشروع سولتير بالرياض    أتعلَم أيُّ فرحٍ أنت؟    عبدالجواد يدشن كتابه "جودة الرعاية الصحية"    صيام الماء .. تجربة مذهلة ولكن ليست للجميع    «آس»: تجديد عقد رونالدو مع النصر أصبح صعباً    نائب أمير عسير يستقبل القنصل الجزائري    فيصل بن مشعل يشيد بمنجزات الهلال الأحمر وأمانة القصيم    تحالف متجدد    أمير الجوف يُعزي أسرة الجلال    نائب أمير الشرقية يطّلع على برامج «المسؤولية الاجتماعية»    جوازات منفذ جديدة عرعر تستقبل حجاج العراق    ترمب يتحدث اليوم مع بوتين ل"وقف حمام الدم"    محافظ الطائف يبحث تطوير الفرص التنافسية في مجال التشجير    «ولاية أموال القاصرين» تستعرض أعمالها أمام سعود بن جلوي    حفل جائزة فهد بن سلطان للتفوق العلمي والتميز.. الأربعاء    سعود بن نايف يهنئ الفائزين في «آيسف 2025»    نائب أمير الرياض.. يرعى انطلاق مؤتمر «الميتاجينوم والميكروبيوم».. اليوم    سفير المملكة في «كوت ديفوار» يتفقد مبادرة «طريق مكة»    الشؤون الإسلامية تختتم الدورة التأصيلية الأولى في سريلانكا    6000 حاج يتلقون الرعاية الصحية بالجوف    «البيضاء».. تنوّع بيولوجي يعزّز السياحة    اختتام بطولة غرب المملكة للملاكمة والركل بمشاركة 197 لاعباً ولاعبة وحضور آسيوي بارز    الحجي متحدثاً رسمياً للنادي الأهلي    النفط يتعافى مع مؤشرات بتراجع التوترات الجيوسياسية    نجوم الرياض وهوكي جدة يتوجان في بطولتي الهوكي للنساء والرجال بالمنطقة الغربية    تتويج الأخدود ببطولة المملكة تحت 15 عاماً "الدرجة الأولى"    قصائد فيصل بن تركي المغناة تتصدر الأكثر مشاهدة    مبابي وبلينجهام يقودان ريال مدريد للفوز 2-0 على إشبيلية    رئيس جمعية «مرفأ» الصفحي يهنئ أمير جازان ونائبه على الثقة الملكية    مشائخ وأعيان وأهالي «الجرابية الكنانية» يهنئون أمير جازان ونائبه بالثقة الملكية    مراقبة التنوع الأحيائي بساحل البحر الأحمر    تعليم الطائف يستعرض خطة التحول في منظومة إدارات التعليم مع أكثر من 1700 مدرسة    مخاوف بولندا تدفعها لاختيار رئيس    تجاوز مستفيدي مبادرة طريق مكة مليون حاج منذ إطلاقها    أمير منطقة تبوك يرعى حفل جائزة سموه للتفوق العلمي والتميز في عامها ال 38 الاربعاء المقبل القادم    برنامج الإقراء لتعليم القرآن    مستشفى أحد رفيدة يُنظّم عدداً من الفعاليات التوعوية    نجاح عملية دقيقة "بمستشفى المانع بالخبر" تُنهي معاناة سيدة من كسر وعدوى مزمنة في عظمة الفخذ    كوكب أورانوس يصل إلى الاقتران الشمسي اليوم    اعتدال: أكثر من 1.2 مليون رابطٍ للتحايل على آليات رصد المحتوى المتطرّف    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في القصف الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 125 شهيدًا    "قمة بغداد" ترفض تهجير سكان غزة.. الجبير: رفع العقوبات عن سوريا فرصة للتعافي والتنمية    "قمة بغداد" ترفض تهجير سكان غزة.. الجبير: رفع العقوبات عن سوريا فرصة للتعافي والتنمية    وصول التوأم الملتصق الفلبيني إلى الرياض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صاحب اغنية "أحب عمرو موسى وباكره اسرائيل" . مشاعر مكبوتة وانفعالات مختصرة
نشر في الحياة يوم 09 - 03 - 2002

بدأت موجة الأغاني التي يطلق عليها "هابطة"، أو "أغاني الميكروباص"، مطلع عقد السبعينات بأحمد عدوية ثم بكتكوت الأمير. وتوالت بعد ذلك سلسلة مؤدي هذا اللون الفني. ومع صعود نجم كل من هؤلاء يتجدد الهجوم عليهم جميعاً، ويستمر بعض الوقت، حتى تعتاد آذان المصريين صوته وأغانيه، ويتحول تدريجاً الى مطرب أو مغنٍ ذي صيت، ومعتمد رسمياً من أجهزة الدولة المعنية، فنياً ورقابياً. ولكن كلاً من هؤلاء "المطربين" يجدد قياساً على سلفه، بدءاً من لحن وكلمات غريبة وغير مفهومة، من شاكلة "السح الدح امبو"، الى كلمات ليست شعراً، ولا هي نثر، ولا تعدو كونها مفردات حوار بين شخصين أو حتى شخص واحد يفكر بصوت عالٍ، مروراً بكلمات شديدة في مباشرتها وغريبة في تركيباتها الدلالية، مثل: "ألو يا مانجو". وبمرور الوقت أصبحت الساحة الغنائية والفنية لوحة فسيفسائية من مفردات ثقافية يجمع بينها اندفاع يوحي بشجاعة خادعة، ورغبة في الانسلاخ من ذات في حقيقتها منكسرة.
بيئة هذه سماتها من الطبيعي ان تفرز شعبان عبدالرحيم ونظراءه. فهذا هو اللون الجديد الذي لم يظهر من قبل. ولم يبق فعلاً سوى لون أو بالأحرى لا لون شعبان عبدالرحيم. إذ يصعب تطبيق أي من معايير الغناء أو الفن عموماً عليه. فليس هو نظماً شعرياً، ولا سمات للشعر الغنائي في كلمات أغانيه. ولو جردت الكلمات المغناة من المصاحبة الموسيقية لكنا أمام حوار تقليدي جداً يتكرر في مقاهي القاهرة، أو جلسات الدردشة المصرية الشعبية. وهو حوار في اتجاه واحد مونولوغ.
وأغاني شعبان لها اللحن نفسه، وطريقة الأداء نفسها. وهو ليس بلحن، وليس بأداء على قدر ما هو طريقة في الإلقاء تقوم على تقطيع الفقرات الى جمل قصيرة يكررها، وجملتين أو ثلاث معاً. ويعطي تكرار الجمل فرصة للمستمع كي يهضم أو يستوعب ما يقوله شعبان على بساطته وسطحيته. ويسعى التقطيع للتماشي مع الايقاع القفّاز. وربما يضيف نوعاً من الفضول الى معرفة بقية القصة أو الموضوع الذي يتحدث فيه. ومن أمثلة هذا النمط البارزة من أول يناير هاكون إنسان جديد، ثم صمت مدته سكتة موسيقية واحدة، وبعدها يأتي التوضيح هابطل سجاير واروح أشيل حديد. وهكذا جميع فقرات أغانيه.
ولا يبقى من مثلث الأغنية سوى الصوت. ولسنا في حاجة الى توضيح أن صوت عبدالرحيم منبتّ الصلة بالأصوات الجميلة، أو حتى نصف الجميلة. فهو ليس صوتاً شجياً، مثل صوت أحمد عدوية. ومساحة صوته أضيق كثيراً مما قد يظن مستمعوه. وربما كان ذلك أحد أسباب تقطيع الفقرات الغنائية الى جمل قصيرة حتى يتمكن من إلقائها من دون لهاث أو انكشاف. وإذا كان هذا هو حال شعبان عبدالرحيم وأغانيه، فما مبرر الشهرة الطاغية التي نالها؟ والرواج المتنامي لأغانيه على رغم نمطيتها؟
قد يبدو للوهلة الأولى ان عزف شعبان على وتر الحس السياسي الشعبي في جملته الشهيرة: "أحب عمرو موسى وباكره اسرائيل" هو السبب في الطفرة الإعلامية والتسويقية التي حققها. وهذا صحيح نسبياً. فما فعله شعبان ببساطة - لا أدري عن عمد أم لا - هو استخدام المشاعر القومية لترويج "لا فن"، من خلال التعبير عن الغضب المكبوت لدى المستمعين وإظهاره بدلاً منهم. فانضم الى مستمعيه الأصليين كثرة لم يسمعوه، ولم يسمعوا به قبلاً.
ولكن التحول في شعبيته كمي وحسب. فالطبقات التي كانت تسمعه لم تتسع لتشمل فئات أخرى من المجتمع، أكثر ثقافة أو معرفة، إلا موقتاً لوقت محدود وذلك رغبة في التعرف الى ما يقوله هذا النجم الجديد. ولكن الزيادة الحقيقية كانت في الفئة الاجتماعية نفسها التي كانت تسمعه من قبل.
وهو لم يكن مغموراً قبل أغنيته الى عمرو موسى. وكان له مستمعوه ومريدوه من الطبقات والشرائح الاجتماعية المختلفة في مصر وخارجها. ولا يفهم انتشار الظواهر، من شاكلة شعبان أو سابقيه، من منظور التعبير عن اتجاهات سياسية، أو التنفيس عن غضب مكبوت، وحده. فنموذج شعبان عبدالرحيم ليس إلا انعكاساً معبراً عن حال الثقافة المصرية راهناً. ويمثل، في صورة ما، مرآة لشخصية الشريحة الأوسع من المجتمع المصري المعاصر.
وظهور شعبان عبدالرحيم لا يدعو الى الغضب والازدراء، على ما حصل حين ظهر شعبان، في رمضان الماضي، على اثنتين من قنوات التلفزيون المصري في وقت واحد. فالخلل ليس في شعبان، وليس في من يستمعون اليه، وانما في البيئة التي أفرزت هذا النمط من المغنين والمستمعين، وفي مؤسسات وأجهزة اعلام تساعد على تعميق هذا الخلل بالترويج لتلك الظواهر، فترحب بها، وتذيعها على الجمهور. فتزيد المجتمع تجهيلاً وتعمية.
* كاتب مصري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.