يقول الاميركيون إن في مدينة دهب جنوبسيناء "سراً عظيماً". لهذا يأتون إليها لتعلم رياضة الغطس تحت الماء، بينما يرى الاستراليون أن شاطئ شرم الشيخ هو أول شاطئ غطس الإنسان في مياهه منذ بدأت لهذه الرياضة قوانين. أما الغطاسون المصريون الشباب فيعلنون الضجر بعد أن سحب الاجانب بساط هذه الرياضة من تحت أقدامهم. وفي السنوات الأخيرة ظهر ما سموهم ب"الجربانديين" لفظ يطلق على الأجانب المقيمين في دهب وشرم الشيخ، الذين استطاعوا بالفعل السيطرة على معظم مراكز الغطس في مصر وأخذوا وحدهم مكاسب هذه الرياضة بعد أن كانت لقمة سائغة عند المصريين. واعتبر دليل الغطاسين لعام 2001 مدينتي دهب وشرم الشيخ أهم مدينتين على مستوى العالم لممارسة رياضة الغطس، أن شواطئ دهب وحدها تنافس شواطئ جزر المحيط الهادي وأفضل شواطئ اسبانيا وفرنسا. وذكر الدليل أنه في عام 1999 وصل عدد مدربي الغطس الأجانب إلى أكثر من 2000 بين متفرغين ومقيمين وزاد عدد المدربين غير المستقرين على 4000 غطاس دولي، كلهم حاصلون على درجة "خمس نجوم" أعلى درجة يحصل عليها الغطاس. وتتنافس مدرستان للغطس في دهب، المدرسة الأميركية "بادي"، والمدرسة الفرنسية "سيمز" وتحاول كل منهما اجتذاب أكبر عدد من المدربين أو المبتدئين في هذه الرياضة بأساليب دعاية وجذب مختلفة. وفي الآونة الأخيرة ظهر أن تنافس المصريين والأجانب على التدريب لم يكن في مصلحة المصريين لأن الشباب القادمين من كل أنحاء العالم سيطروا على مجال التدريب، ما أرغم اصحاب مدارس الغطس المصرية في دهب على الاستعانة بهم على رغم أجورهم المرتفعة. ويظل السؤال مطروحاً، لماذا أتى كل هؤلاء المدربين الأجانب إلى مصر على رغم أن شواطئ العالم ليست ضيقة؟! رومير اليانورد استرالي من أصل اسباني عمره 29 سنة قال ل"الحياة": عندما تغطس بجوار الشعاب المرجانية هناك يقصد سيناء تشاهد عالماً غريباً لن يشاهده مَن دار حول العالم ولم يأتِ إلى سيناء، ولأن مراكز الغوص هنا كثيرة ومتنوعة جاء الكثير من الشباب من كل أنحاء العالم ليمارسوا عملهم كمدربين في هذه المدينة. لكن الشباب المصريين يعتقدون أننا أغلقنا أمامهم باب التدريب، وأن المنافسة بيننا وبينهم ليست لمصلحتهم لمجرد أننا أجانب. هذا ليس صحيحاً إذ ان المسألة عرض وطلب، ففي رياضة الغطس يقدم المدرب خدمة يطلبها المتدرب، ولو أخطأت في هذه الخدمة أو في طريقة تقديمها سيتركني المتدربون، ولو كان هناك خطأ فيجب أن يبحث عنه المدربون المصريون في انفسهم. وأكد جوناثان كلارك أميركي عمره 30 سنة: "عندما اتيت إلى هنا لم أكن أخطط للعمل في مهنة التدريب، وكنت اعتبر نفسي في اجازة طويلة، وظللت مدة ثلاثة أعوام من دون أي عمل، ولما نفد رصيدي النقدي عدت الى الولاياتالمتحدة ثم رجعت الى شرم الشيخ وقررت احتراف التدريب لتغطية نفقاتي، ثم وجدت أنه شيء جميل ألا تضطر لمغادرة هذه المنطقة. أما مدرب الغطس في مركز دهب شارك أيمن حماد 31 سنة فقد قال ل"الحياة": "لسنا متضررين من وجود أجانب ينافسوننا في تدريب هذه الرياضة، لكننا متضررون من عدم وجود عدل، إذ ان معظم بلدان العالم تضع أولويات للمدربين من ابناء البلاد في مجال تدريب الغوص، واستراليا والولاياتالمتحدةواسبانيا وفرنسا والسويد كلها بلاد وضعت تشريعات عدة أخيراً ترغم أصحاب مدارس الغوص على استيعاب المدربين من ابناء البلد قبل الاستعانة بمدربين أجانب، وهذا لا يحدث في مصر، وهؤلاء الأجانب الذين يختالون تحت مياهنا لا يتمتع الأجنبي في بلادهم بالفرصة نفسها". أما هدى الصافي مديرة مركز "خليج المرجان" للغطس فتقول إن كلفة الغطسة الواحدة تبلغ 80 دولاراً، يحصل منها المدرب الأجنبي على 30 دولاراً بينما يحصل المركز على المبلغ المتبقي، ويرجع سبب حصول المدرب الأجنبي على ذلك الأجر العالي للطلب المتزايد عليه من الأفواج السياحية الأجنبية، ومعظم السياح يشترطون مدرباً أجنبياً للغطس معهم أو تعليمهم، وإلا يرفضون التعامل مع المركز، لذلك ألجأ الى المدرب الأجنبي أحياناً كثيرة، مع أن هناك شباباً مصريين على مستوى عالٍ من الخبرة في التدريب، وأجورهم أقل بكثير من أجور الأجانب". أما نادين رحمي 28 سنة فتقول: "أعتقد أن هناك كثيراً من عدم الوعي بهذه الرياضة، لذلك يعتقد الكثيرون، وحتى المصريون أن المدربين الأجانب هم الأقدر والأكثر تدريباً وخبرة في مجال الغوص، وهذا ليس صحيحاً على الاطلاق، والدليل أن هناك كثيرين من الأجانب في دهب تعلموا على يد مصريين وما زالوا يغطسون تحت اشرافهم حتى هذه اللحظة. وعن حماية الغطاسين المصريين قال أحد مصادر الاتحاد المصري للغوص ل"الحياة": "ليس منتظراً أن يصدر تشريع يحسم حدة المنافسة بين مدرب الغطس المصري ومدرب الغطس الأجنبي، إذ أنه لا يمكن أن يصدر تشريع يرفض ممارسة الأجانب لرياضة ما، وإذا كانت هناك قوانين تسن في المجال الرياضي، فإن هذه القوانين تتعلق بالفرق القومية الخاضعة لوزارة الشباب والرياضة المصرية، وهو ما لا ينطبق على المشاريع الخاصة التي تدخل نوادي الغوص الخاصة في دهب وشرم الشيخ والغردقة تحت عباءتها. وإذا كان هناك تعدٍ من جانب على آخر فالأولى بأصحاب مراكز الغوص المصريين أن ينتبهوا ويحاولوا الحل، لكن على المستوى الرسمي لا يمكن أن نفرض عليهم شيئاً".