خارطة طريق للتعامل مع القضايا الإقليمية والدولية    غزة.. جرح لن يندمل    خادم الحرمين وولي العهد يهنئان رئيس فيتنام بمناسبة انتخابه وأدائه اليمين الدستورية    التصنيف الائتماني للمملكة محفزّ لمزيد من الاستثمارات    «الموارد البشرية» تطلق عدة مبادرات في موسم الحج    وزير البيئة يلتقي الأهالي والمستثمرين في مكة المكرمة    أمير جازان يرعى حفل تخريج أكثر من 2000 خريج وخريجة من كليات التّقنية والمعاهد بالمنطقة    تعيين د. المجفل سفيراً لدى سورية    سعود بن بندر يطلع على خدمات «تنموي سلطان بن عبدالعزيز»    د. الربيعة: مليار و443 مليون دولار حجم المساعدات لقطاع الصحة لشرق المتوسط    أمير القصيم: حفظ القرآن هو رسالة عظيمة تؤكد عليها قيادتنا    خادم الحرمين يتلقى رسالة خطية من رئيس السنغال    إزالة أربع مزارع بمكة تُسقى بمياه الصرف الصحي    «الأحوال المدنية المتنقلة» تقدم خدماتها في 21 موقعاً    «الداخلية» تستعرض مبادرة طريق مكة في معرض «لا حج بلا تصريح» بالمدينة المنورة    أمير القصيم يكرم الفائزين في مسابقة فيصل بن مشعل لحفظ القرآن الكريم    تخفيف مشقة الحج عن كبار السن    مشرفو الحملات الإندونيسيون: طاقات بشرية وفنية سعودية لراحة الحجاج    12066 حاجاً تلقوا الرعاية الصحية بالمدينة    أمير الشرقية يشيد بجهود الدفاع المدني    الجلاجل يرأس وفد المملكة في اجتماعات جمعية الصحة العامة بجنيف    غدًا.. 9 مواجهات في ختام دوري روشن    إسرائيل تضع العقبات أمام مفاوضات تبادل الأسرى    بَدْء التسجيل العقاري ل18 حياً بالرياض ومكة    السعوديات إخلاص وتميُّز بخدمة الحجاج    مشاريع تنموية ب14.7 مليار ريال في مكة    الجمعة نهائي أغلى الكؤوس في جدة    سمو أمير تبوك يرعى حفل تخريج الدفعة الثامنة عشرة لطلاب وطالبات جامعة تبوك    تعليم الطائف يدعو للتسجيل في خدمة النقل المدرسي    مستشفى أبها للولادة والأطفال يُقيم فعالية "اليوم العالمي لارتفاع ضغط الدم"    ووكر : السيتي لم يخسر كأس الاتحاد الإنجليزي بسبب الاحتفالات    غدا.. أول تعامد للشمس على الكعبة خلال العام الجاري    تعاون لإحياء المواقع التراثية بالمملكة    مبابي: سأرحل مرفوع الرأس    إيداع 978 مليوناً دفعة مايو لمستفيدي سكني    إزالة "سن مطمور" اغلق مجرى تنفس لمريضة بعنيزة    اجتماع حكومتي فرنسا وألمانيا.. أرضية مشتركة لحل الخلافات    القبض على 3 وافدين بتأشيرة زيارة لترويجهم حملات حج وهمية    إصدار التقرير الشهري عن أداء المطارات الداخلية والدولية لشهر أبريل 2024    رحيمي يرد على انتقاله إلى دوري روشن السعودي    جمعية البر بالشرقية تتأهب للتميز الأوربي    إصدار كتاب حول الأحداث البارزة لمنتدى التعاون الصيني- العربي على مدى ال20 عاما    إسرائيل.. استعمارية حاقدة    رياح نشطة على أجزاء من الشرقية والرياض    «عيادات دله» تسعى لتقديم خدمات طبية بجودة عالية لأفراد الأسرة وطب الأسرة: رعاية وقائية وعلاجية بالقرب منك    تعاون وتنسيق بين الشورى السعودي والبرلمان الكوسوفي    أمير تبوك يرعى حفل تكريم خريجي مدارس الملك عبد العزيز    زلزال بقوة 6,3 درجات يضرب قبالة أرخبيل فانواتو    مدرب الأهلي المصري: لا نفكر في كأس العالم للأندية    عفوا.. «ميكروفون الحارس يزعجنا» !    يطلق عروسه بسبب لون عينيها    «مجرم» يتقمص شخصية عامل نظافة ل20 عاماً    رمز الضيافة العربية    عرض فيلم " نورة " في مهرجان كان    وزير الحرس الوطني يرعى تخريج دورة الضباط الجامعيين    أكد حرص القيادة على راحة الحجاج.. أمير الشمالية يتفقّد الخدمات في« جديدة عرعر»    ولي العهد يعزي محمد مخبر هاتفياً في وفاة رئيسي وعبداللهيان ومرافقيهما    «سكوبس» العالمية تصنف مجلة «الهندسة» بجامعة الملك خالد ضمن قواعدها العلمية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اسرائيل تتسلل الى أفغانستان ... لضرب ايران وباكستان ؟
نشر في الحياة يوم 28 - 01 - 2002

لم يكن غريباً ان تستغل اسرائيل الحملة العسكرية الأميركية على أفغانستان لتحقيق أهدافها، ليس فقط في منطقة الشرق الأوسط، ولكن أيضاً في منطقتي آسيا وجنوبها، حيث الزخم الإسلامي القوي وموروثات الاتحاد السوفياتي السابق من ترسانات الأسلحة التقليدية وفوق التقليدية الموجودة في بلدان المنطقة والتي تحرص اسرائيل على ألا تتسرب الى أي من الدول العربية. حرصها على ان يكون لها نصيب من ثروات منطقة بحر قزوين التي تتصارع عليها الدول الكبرى وخصوصاً الاحتياطات الضخمة من النفط والغاز.
والى جانب ذلك كله، فإن اسرائيل لا تزال مهجوسة بالسلاح النووي الباكستاني وتتحين الفرص لضرب ما تسميه "القنبلة النووية الإسلامية" بذريعة الخوف من ان تتسرب هذه القنبلة الى أي من الدول العربية.
وليس حرص إسرائيل على التغلغل الى بلدان آسيا الوسطى بالجديد على المتابعين لأنشطتها السياسية والاستخباراتية والاقتصادية في هذه البلدان، وربما كان الجديد هو محاولاتها أن يكون لها موطئ قدم في أفغانستان فهذا البلد ذو الموقع الاستراتيجي المفصلي بين جنوب آسيا ووسطها كان مغلقاً في وجهها لسنوات طويلة، واليوم أصبح بفضل النفوذ الأميركي ملعباً مفتوحاً لها لا سيما على الصعيدين الاستخباراتي والدفاعي. لذلك لم تتوان في اقامة اتصالات مع قوى التحالف الشمالي المناهض ل"طالبان"، على رغم حرص الولايات المتحدة على إبعاد الدولة العبرية والهند علناً عن التحالف المناهض للإرهاب الذي اقامته بعد 11 ايلول سبتمبر حتى لا تثير حفيظة الدول الإسلامية المشاركة فيه، وفي مقدمها باكستان. إلا أن هذا القيد الأميركي على إسرائيل لم يمنعها من لعب دور مهم من وراء الستار في هذا التحالف، تمثل في نقل وحدة قوات إسرائيلية خاصة يطلق عليها اسم "الماتكال" - أو الوحدة 262- الى مسرح العمليات في أفغانستان، وقد أنشئت هذه الوحدة منذ منتصف الستينات من اليهود العرب والآسيويين والأفارقة الذين يجيدون لغات ولهجات شعوب عربية وإسلامية عدة.
وتسلحت هذه الوحدة في بداية انشائها بأسلحة سوفياتية من مخلفات الحرب العربية - الإسرائيلية، كما يرتدي أفرادها الازياء العسكرية للجيوش العربية والاسلامية التي يحتمل ان تتدخل في بلادها. ومهمة وحدة الماتكال هذه أن تتسلل الى عمق المناطق العربية، وبإستغلال أعمال الخداع هذه يمكن لها أن تشن عمليات تخريبية وتجسسية واسعة في مؤخرة الجيوش والدفاعات، وبما يخدم الخطط التعرضية الإسرائيلية. وبعض عناصر هذه الوحدة يتشبهون بالقوات الباكستانية، وقد يكونون من اليهود الهنود الذين لا يختلفون في مظهرهم ولغتهم عن الباكستانيين. ومن أهداف الوحدة التسلل الى مواقع المجمع النووي الباكستاني في كاهوتا وتخريبه من الداخل. وليس من المستبعد أن يكون بعض العناصر تسلل فعلاً الى داخل الاراضي الباكستانية عبر الأراضي الافغانية، أو من خلال العناصر الأميركية التي تستخدم التسهيلات الجوية والبحرية الباكستانية في الحرب الأفغانية متحيناً الفرصة الملائمة لتوجيه ضربة في العمق الباكستاني، ضد مجمع كاهوتا النووي. وكشف تقرير نشرته "نيويورك تايمز" في 5/1/2001 كتبه سيمور هيرش عن نقل وحدة الماتكال الإسرائيلية الى الولايات المتحدة للتدريب هناك مع وحدات أميركية خاصة مماثلة لها، على كيفية السيطرة على المنشآت النووية الباكستانية، خصوصاً في حال حدوث إنقلاب لمصلحة احدى القوى الإسلامية المتشددة هناك.
أكدت هذه المعلومات صحيفة "ريفرسكايا غازيتا" الروسية ذات التوجه اليهودي، وزادت عليها أن عناصر من وحدة الماتكال الإسرائيلية موجودون داخل أفغانستان، وأنهم يتعاونون مع القوات الأميركية والبريطانية في المجالات الاستخباراتية في تتبع فلول "القاعدة" و"طالبان"، خصوصاً بعد أن وقع بعض عناصر القوة الأميركية الخاصة دلتا في كمين أعدته "طالبان" قرب قندهار. كذلك لم تكن زيارة شمعون بيريز وزير خارجية إسرائيل للهند في الاسبوع الثاني من كانون الثاني يناير 2002 بعيدة من هذه التطورات، لا سيما في ضوء توتر الموقف بين الهند وباكستان عقب حادث الهجوم على البرلمان الهندي في كانون الاول ديسمبر الماضي بواسطة احدى فصائل المقاومة الكشميرية، وما ترتب عليه من حشد البلدين قواتهما في منطقة الحدود. ولم تضيع إسرائيل وقتاً في استغلال هذه الفرصة لتنسق مواقفها مع الهند لضرب المنشآت النووية والصاروخية والعسكرية في كل من باكستان وايران، وهو ما لم يخفيه بيريز اذ طرح أثناء وجوده في نيودلهي أنه "يجب أن يقوم تحالف بين الهند وإسرائيل ضد الارهاب وحان الوقت لتشعر ايران بالقلق من التقارب بين الهند وإسرائيل لأنها متورطة في الإرهاب، وتقدم المال والسلاح الى "حزب الله" اللبناني، ومنظمات إرهابية أخرى". كما أكد بيريز "أن إسرائيل والهند تتعاونان في مجال الأمن والاستخبارات لأن عدونا واحد وهو الارهاب" ولا يخفى على المراقبين ان إسرائيل خططت أيام حكومة نتانياهو في عام 1998 لتوجيه ضربة جوية مركزة ضد المجمع النووي الباكستاني في كاهوتا بالتعاون مع الهند، بل ونقلت فعلاً عدداً من مقاتلاتها اف -16 الى إحدى القواعد الجوية الهندية القريبة من باكستان، وان ادارة كلينتون آنذاك هي التي اعترضت على شن هذه الضربة تفادياً لتخريب المصالح الأميركية في منطقة الخليج.
ومن الأنشطة الإسرائيلية في الحملة الأميركية في أفغانستان، ما أشارت اليه صحيفة "صنداي تلغراف" البريطانية في عددها بتاريخ 16/12/2001 عن تزويد إسرائيل القاذفات الأميركية الاستراتيجية ب -52 بصواريخ موجهة KGM-142 المخصصة للتعامل مع التحصينات الدفاعية القوية مثل الكهوف والمغارات التي يتحصن فيها عناصر "القاعدة" و"طالبان"، ويتم توجيهها من نقاط مراقبة أرضية، إضافة الى توريد وحدات مراقبة انذار من انتاج مؤسسة الصناعات العسكرية الإسرائيلية روفائيل الى مناطق الحدود مع باكستان وايران.
أما اتصالات مسؤولي المخابرات الإسرائيلية بمسؤولي التحالف الشمالي في أفغانستان، فهي قديمة، وكشفت عنها صحيفة "يديعوت آحرونوت" في 14/6/1998، حين أفادت عن لقاء تم بين أحد وزراء حكومة الرئيس الأفغاني برهان الدين رباني ومدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية في إحدى العواصم الأوروبية، ولقاءات أخرى بين مسؤولين إسرائيليين وأفغان في إطار الأمم المتحدة، كما تم لقاء شخصي بين الرئيس رباني وسفير إسرائيل في المانيا أثناء وجود رباني للعلاج هناك، إضافة الى لقاءات أخرى تمت بين عناصر من الموساد الإسرائيلي والأوزبكي عبدالرشيد دوستم أحد قادة ميليشيا الشمال نائب وزير الدفاع الأفغاني حالياً، نظراً الى العلاقات القوية التي تربط إسرائيل بأوزبكستان التي تتواجد فيها طائفة يهودية قوية، كما تقوم أربع شركات إسرائيلية بتنفيذ مشاريع للري بالتنقيط وتطوير زراعة القطن فيما زاد انتاجه بنسبة 40 في المئة. ومنذ ما قبل استغلال أوزبكستان كان النشاط التجاري لهذه الدولة مع إسرائيل واسعاً، إذ بلغ حجم الصادرات الإسرائيلية إليها في عام 1988 نحو 22 مليون دولار وزاد حالياً إلى 200 مليون دولار وشمل صناعات بتروكيماوية وغذائية. وذكر ناتان شرانسكي وزير الصناعة والتجارة الإسرائيلي السابق "إن أوزبكستان ستمثل في المستقبل أكبر مركز جذب للسلع والخدمات الإسرائيلية، وسيضع المصدرون الإسرائيليون هذه الدولة هدفاً رئيسياً لهم".
ماذا تريد إسرائيل؟
تتعدد أهداف إسرائيل من وراء أنشطتها السياسية والمخابراتية والعسكرية في أفغانستان التي لم تعد سراً بعد أن كشفت عنها الصحف الإسرائيلية قبل الصحف الغربية. وتعد باكستان وإيران في طليعة الأهداف الاستراتيجية التي تسعى إسرائيل إلى تطويق أنشطتها الدفاعية، لا سيما في المجالات النووية والصاروخية. وسيكون ذلك من خلال إقامة محطات تجسس الكتروني لاستطلاع لاسلكي وراداري من محطات أرضية قريبة من شرق إيران، ومن شمال باكستان، إلى جانب ما يمكن أن يشكله الوجود العسكري الإسرائيلي المتوقع في أفغانستان عقب انتهاء الحرب، وتحت ستار مساعدتها في إعادة بناء جيشها من فرص توجيه عمليات تخريب تحتية وضربات جوية عند اللزوم ضد المنشآت الاستراتيجية الحيوية في كل من إيران وباكستان. إضافة إلى بناء قاعدة أوسع من التعاون الاقتصادي مع الحكومة الأفغانية المقبلة، ليكون لإسرائيل نصيب وافر من كعكة إعادة تعمير أفغانستان التي يقدر حجمها بنحو 45 بليون دولار، خصوصاً أن النظام السياسي الحالي في أفغانستان والمتوقع مستقبلاً لن يكون ودياً ولا متحمساً للتقارب مع الدول العربية بالنظر إلى خلفية العلاقات السيئة بين "الأفغان العرب" والشعب الأفغاني، ناهيك بما سيشكله النفوذ الأميركي من دعم للوجود الإسرائيلي الحالي والمستقبلي في أفغانستان.
* لواء ركن متقاعد وخبير استراتيجي مصري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.