اتفاقيات مع الصين لبناء آلاف الوحدات السكنية    بيانات التضخم الأمريكي تصعد ب"الذهب"    مطار الأحساء يطلق رحلة إضافية مباشرة لدبي    الأهلي والترجي إلى نهائي دوري أبطال أفريقيا    عسير تكتسي بالأبيض    فريق طبي سعودي يتأهل لبرنامج "حضانة هارفرد"    بينالي البندقية يزدان بوادي الفنّ السعودي    كبار العلماء: من يحج دون تصريح "آثم"    "طفرة" جديدة للوقاية من "السكري"    إغلاق منشأة تسببت في حالات تسمم غذائي بالرياض    الأحمدي يكتب.. الهلال يجدد عقد السعادة بحضور جماهيره    الصحة: تماثل 6 حالات للتعافي ويتم طبياً متابعة 35 حالة منومة منها 28 حالة في العناية المركزة    اختتام المرحلة الأولى من دورة المدربين النخبة الشباب    الإعلان عن تفعيل الاستثمارات المباشرة وانطلاق العمل الفعلي في صندوق "جَسور" الاستثماري    شركة TCL توحّد على نحو استباقي شركائها العالميين من أجل تحقيق العظمة في مؤتمر الشركاء العالميين لعام 2024    انخفاض معدلات البطالة لمستويات تاريخية    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 686 مليون ريال    وفاة الأمير منصور بن بدر    نائب أمير منطقة جازان يرفع التهنئة للقيادة بما حققته رؤية المملكة 2030 من إنجازات ومستهدفات خلال 8 أعوام    ليستر سيتي يعود إلى الدوري الإنجليزي الممتاز    جيسوس يفسر اشارته وسبب رفض استبدال بونو    الاتحاد يخسر بثلاثية أمام الشباب    «الدفاع الروسية» تعلن القضاء على ألف وخمسة جنود أوكرانيين في يوم واحد    رؤية الأجيال    "الشؤون الإسلامية" ترصد عددًا من الاختلاسات لكهرباء ومياه بعض المساجد في جدة    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: أصبحت مستهدفات الرؤية واقعًا ملموسًا يراه الجميع في شتى المجالات    وزيرة الدفاع الإسبانية: إسبانيا ستزود أوكرانيا بصواريخ باتريوت    الأمر بالمعروف في الباحة تفعِّل حملة "اعتناء" في الشوارع والميادين العامة    منتخب اليد يتوشح ذهب الألعاب الخليجية    ريال مدريد يهزم سوسيداد ويقترب من التتويج بالدوري الإسباني    المخرج العراقي خيون: المملكة تعيش زمناً ثقافياً ناهضاً    "السينما الصناعة" والفرص الضائعة    د. عبدالله العمري يستنطق «ذاكرة النص» وفضاءات نقد النقد    «كبار العلماء» تؤكد ضرورة الإلتزام باستخراج تصاريح الحج    محمد بن عبدالرحمن: طموحات وعزيمة صادقة    وزير الثقافة يرفع التهنئة للقيادة بتحقيق رؤية السعودية 2030 عدة مستهدفات قبل أوانها    إغلاق جميع فروع منشأة تجارية بالرياض بعد رصد عدة حالات تسمم    معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يزور قيادة القوة البحرية بجازان    توافق مصري - إسرائيلي على هدنة لمدة عام بقطاع غزة    ترميم قصر الملك فيصل وتحويله إلى متحف    «مكافحة المخدرات» تقبض على شخصين بالقصيم لترويجهما مادة الإمفيتامين المخدر    "الأرصاد": لا صحة لتعرض المملكة لأمطار غير مسبوقة    السعودية تحصد ميداليتين عالميتين في «أولمبياد مندليف للكيمياء 2024»    الأحوال المدنية: منح الجنسية السعودية ل4 أشخاص    الأرصاد: لا صحة عن تأثر السعودية بكميات أمطار مشابهة لما تعرضت له بعض الدول المجاورة    خطبتا الجمعة من المسجد الحرام و النبوي    خادم الحرمين يوافق على ترميم قصر الملك فيصل وتحويله ل"متحف الفيصل"    "واتساب" يتيح مفاتيح المرور ب "آيفون"    هوس «الترند واللايك» !    مقامة مؤجلة    صعود الدرج.. التدريب الأشمل للجسم    تقنية مبتكرة لعلاج العظام المكسورة بسرعة    التنفس بالفكس    مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الامير خالد الفيصل يهنئ القيادة نظير ماتحقق من مستهدفات رؤية 2030    مقال «مقري عليه» !    تشجيع الصين لتكون الراعي لمفاوضات العرب وإسرائيل    خلط الأوراق.. و«الشرق الأوسط الجديد»    التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن وكالة الأونروا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التقاويم الزمنية تطورت عبر التاريخ والحضارات ... والمسلمون اعتمدوا الهجرة النبوية
نشر في الحياة يوم 10 - 04 - 2001

التقويم في اللغة، مصدر "من قوم الشيء"، أي إذا أزال ما به من اعوجاج، ويقال: تقويم البلدان، اي بيان طولها وعرضها، وتقويم الأزمان وهو مجموعة قواعد للتوفيق بين السنة المدنية - التي تضبط مصالح الدول ونشاطاتها من مالية ودراسة ونحو ذلك - والسنة الاستوائية التي تتفاوت وفقاً لها الفصول السنوية من شتاء وربيع وصيف وخريف.
ويطلق اسم التقويم في علم الفلك على الكراسة التي تحتوي على جداول الأيام والأسابيع والشهور ومواعيد طلوع الشمس والقمر وغروبهما، وأوقات الصلوات وتحديد أيام الأعياد.
ويطلق التقويم على ما يعرف اليوم بالروزنامة، وهي لفظة فارسية تعني جدول الأيام ويقابلها بالافرنجية لفظة Al - Manach، وقد استعمل المسلمون الجداول التقويمية في بادئ الامر بمعنى الازياج اي الحسابات الفلكية.
والتقويم هو الطريقة التي يستخدمها الإنسان لضبط الوقت، ويتكون عادة من ثلاث وحدات رقمية تمثل فترات زمنية هي اليوم والشهر والسنة.
وهناك أنواع عدة للتقاويم منها:
التقويم النجمي: يرتبط التقويم النجمي بطلوع نجم معين مثل التقويم المصري القديم الذي كانت بداية السنة فيه طلوع نجم الشعري اليمانية المرتبط بفيضان نهر النيل، وكانت مدتها 366.25 يوماً اي اطول من السنة الشمسية بيوم واحد، مما سبب خللاً واضحاً في هذا التقويم، وفي عام 284م اعتمد المصريون التقويم القبطي او الاسكندراني الذي يعرف بهذا الاسم حتى الآن، ويوجد في الكثير من التقاويم الجدارية وطول سنته مساو للسنة الشمسية لكن بدايتها في 11 أيلول سبتمبر.
التقويم الشمسي
التقويم الشمسي: هذا التقويم مرتبط بدوران الارض حول الشمس وما ينتج منه من تغير الفصول من دون ان يكون له اي ارتباط بالقمر او اطواره، ويبلغ طول السنة الشمسية 2422،365 يوماً، وقد عرف من هذا النوع تقاويم عدة منها:
التقويم الروماني القديم: وقد اختاره الرومان بديلاً للتقويم القمري في السنة التي اسسوا فيها مدينة روما عام 753 ق.م. ولكنه لم يكن شمسياً ولا قمرياً خالصاً آنذاك، وكان طول السنة فيه 304 أيام موزعة على عشرة أشهر أولها آذار مارس وآخرها كانون الأول ديسمبر، وبعد ذلك بحوالى خمسين عاماً امر حاكم روما الثاني باضافة شهري كانون الثاني يناير وشباط فبراير الى الاشهر العشرة لتصبح شهورها اثني عشر شهراً، وعدد ايامها قريباً جداً من ايام السنة القمرية، ولكن شهر شباط كان موقعه بين كانون الأول والثاني لاكثر من مائتي عام الى ان اعيد ترتيب الشهور مرة اخرى، واصبح شهر كانون الثاني قبل شباط، ولكن اول شهور السنة في التقويم الروماني كان شهر آذار.
التقويم اليولياني: وينسب الى يوليوس قيصر الذي حكم روما عام 53 ق.م. وفيه ابتدأت السنة بشهر كانون الثاني وتحول الى تقويم شمسي خالص، وأعيد التوافق بين السنة المدنية والفصول السنوية بزيادة أيام العام 46 ق.م. من اجل تسوية المتراكم من الايام الزائدة حتى بلغ عدد ايام ذلك العام 445 يوماً، وتكريماً لذلك الامبراطور سمي الشهر السابع كونتيلس باسم تموز يوليو كما سمي - لاحقاً - الشهر الثامن سكستيلس آب أغسطس تكريماً للقيصر اغسطس.
التقويم الغريغوري: وهو التقويم العالمي المعتمد حالياً الميلادي، وقد سمي بهذا الاسم نسبة الى البابا غريغوريوس الثالث عشر، وقد جاء معدلاً للتقويم اليولياني بعد ان لوحظ ان الاعتدال الربيعي الحقيقي يقع في الحادي عشر من شهر آذار بدلاً من الحادي والعشرين منه، وقد بدأ العمل بهذا التقويم عام 1582م. ويسمى احياناً بالتقويم الغربي تمييزاً له عن التقويم اليولياني الشرقي الذي مازال مستعملاً حتى الآن من قبل بعض المذاهب المسيحية الشرقيةالارثوذكسية، وحالياً يسبق التقويم الغريغوري التقويم اليولياني بثلاثة عشر يوماً.
السرياني - السوري
التقويم السرياني - السوري القديم تقويم الاسكندر: وتعود بدايته الى عام 312 ق.م. وتتكون سنته من 365 يوماً، وهو مطابق - الى حد بعيد - للتقويم الغريغوري، الا ان اول أشهر السنة فيه هو تشرين الأولاكتوبر، كما تختلف أسماء الشهور فيه عن الغريغوري: تشرين الأولاكتوبر، تشرين الثاني نوفمبر، كانون الاول ديسمبر، كانون الثانييناير، شباطفبراير، آذارمارس نيسان ابريل، ايارمايو، حزيران يونيو، تموز يوليو، آب اغسطس، ايلول سبتمبر، وقد عدل عن استعمال هذا التقويم حالياً في سوريا الى التقويم الغريغوري، مع الاحتفاظ باسماء الشهور القديمة حيث تبدأ السنة بكانون الثاني الذي يقابل يناير.
التقويم الفارسي: وتعود بدايته الى سنة 632 يوليانية، وتتكون السنة فيه من 12 شهراً طول كل منها 30 يوماً يضاف اليها خمسة ايام في نهاية الشهر الثامن كطريقة للمحافظة على موافقتها لفصول السنة.
التقويم الجلالي: وينسب الى السلطان السلجوقي جلال الدين شاه سلطان خراسان الذي امر باعداده سنة 468ه. وهو تقويم شمسي اسلامي وضعه ثمانية من الفلكيين المسلمين يرأسهم الفلكي الشاعر عمرالخيام، وكان لا يقل عن دقة التقويم الغريغوري مع انه سبقه الى الظهور باكثر من 500 سنة، ومازال مستخدماً حتى اليوم في افغانستان، وكان يستخدم في ايران حتى عام 1979 حيث استبدل بالتقويم الهجري، وقد حدد الاول من برج الميزان بداية لهذا التقويم.
التقويم الصيني: وظهر قبل الميلاد بحوالى اربعمائة سنة، وكان الصينيون اول من اعتبر السنة 365.25 يوماً، وقد استمر العمل بهذا التقويم حتى عام 1872 حيث عدل عنه الى التقويم الغريغوري.
التقويم الفرنسي: اعتمد في فرنسا عام 1783م تقويم يبدأ مع الاعتدال الخريفي في 21 ايلول ويتكون من اثني عشر شهراً طول كل منها ثلاثون يوماً ولكنه الغي بعد اثني عشر عاماً فقط من تطبيقه.
التقويم القمري: يرتبط هذا التقويم بالدورة الاقترانية للقمر حول الارض، وهو ما يسمى بالشهر القمري الذي تبلغ مدته 29.53 يوماً، وعلى هذا الاساس فان عدد ايام السنة القمرية باشهرها الاثني عشر يبلغ 354.36، اي انه اقل من عدد ايام السنة الشمسية ب 10.88 ايام، كما ان هذا التقويم لا يرتبط اطلاقاً بحركة الارض حول الشمس وما ينشأ عنها من تغيرات فصلية ونحو ذلك.
ومن ذلك، التقويم الرسمي للمملكة العربية السعودية ام القرى، وهو تقويم هجري قمري يبدأ بشهر محرم الذي يقال انه سمي بهذا الاسم لانه احد الاشهر الحرم، ثم صفر الذي سمي بهذا الاسم لان الديار تصفر فيه وتخلو من اهلها الذين خرجوا للقتال بعد انقضاء الاشهر الحرم، ثم ربيع الاول وربيع الآخر اللذين صادف وقوعهما في فصل الربيع عند تسمية هذه الشهور، ثم جمادى الأولى وجمادى الآخرة اللذين صادف وقوعهما في فصل الشتاء عند تسمية هذه الشهور حيث تجمد الماء، ثم رجب الذي سمي بهذا الاسم تعظيماً له كأحد الاشهر الحرم، ثم شعبان الذي سمي بهذا الاسم لتشعب القبائل فيه بعد قعودهم عن ذلك في الشهر السابق، ثم رمضان الذي اشتق اسمه من الرمضاء حيث صادف وقوعه في وقت اشتداد الحرارة عند تسميته، ثم شوال الذي صادف وقوعه وقت تشويل النياق اي رفع اذيالها طلباً للتلقيح، ثم ذو القعدة من القعود عن القتال لانه احد الاشهر الحرم، واخيراً ذو الحجة من الحج الى الكعبة المشرفة.
التقاويم التوفيقية: اخذت بعض الامم بتصميم تقاويم خاصة بها تكون مرتبطة بحركة الشمس وحركة القمر في آن واحد، فالسنة شمسية والاشهر قمرية، وذلك بالتوفيق بين السنين الشمسية والسنين القمرية، ومن ذلك :
التقويم الاغريقي: اعتمد الاغريق في بادئ الامر على التقويم القمري، وبعد ان اكتشفوا تغيرات المواعيد عبر السنين بسبب الفارق بين السنتين الشمسية والقمرية، لجأوا الى استخدام نظام كبس خاص بهم، وذلك بتطبيق الدورة التي اقترحها الفلكي الاغريقي ميتون، والمسماة Metonic والتي ما زالت مستعملة في بعض التقاويم الدينية حتى الآن، وتتضمن دورة ميتون هذه -البالغ طولها 19 سنة شمسية - 235 شهراً قمرياً، حيث تحقق هذه الدورة تتابعاً دورياً لظهور الهلال القمري ومراحله الاخرى كل 19 سنة شمسية وقد بدأ العمل بهذا التقويم سنة 432 ق.م.
التقويم البابلي: تعد شعوب ما بين النهرين من الشعوب المتقدمة في المعرفة الفلكية، فقد توصلوا الى معرفة البروج الاثني عشر وقاسوا ساعات النهار بالمزاول وساعات الليل بالساعات المائية، وقسموا السنة الى اثني عشر شهراً قمرياً. اخذ بهذا التقويم السومريون ثم البابليون من بعدهم، ولايجاد علاقة هذه السنة القمرية مع التغيرات الفصلية المناخية على مدار السنة وما يتعلق بهذه التغيرات الفصلية المناخية على مدار السنة وما يتعلق بهذه التغيرات من اعمال، عمد البابليون ايضاً الى الكبس، باضافة تسعين يوماً الى كل ثماني سنوات قمرية، ثم تحولوا عن ذلك الى النظام الاغريقي في الكبس وهو تطبيق دورة ميتون التي سبق ذكرها.
التقويم العبري: اتخذ العبرانيون تقويماً شمسياً قمرياً في آن واحد، ويبدو انه مقتبس من التقويم البابلي الذي عرفوه اثناء فترة السبيسبي اليهود الى بابل، وقد اتى التقويم العبري لاحقاً للتقويم الاغريقي والبابلي، وللتوفيق بين الاشهر القمرية وفصول السنة لجأوا الى نظام الكبس ايضاً، وذلك باضافة شهر كامل الى كل ثلاث سنوات لتصبح السنة الثالثة ذات ثلاثة عشر شهراً بدلاً من اثني عشر شهراً بتكرار الشهر السادس آذار مرتين، ويسمى الشهران بآذار الأول واذار الثاني، وتعود بداية التقويم العبري الى سنة 3761ق.م. التي يعتقد العبرانيون - خطأ - انها تاريخ بدء الخليقة، وبصورة عامة فان السنة العبرية لا يمكن ان تبدأ باي من الايام الثلاثة التالية: الاحد، الاربعاء، الجمعة، فاذا صادفت بداية السنة احد هذه الايام عمدوا الى تأجيل بداية السنة الى اليوم التالي.
ومن أجل اكتمال دور التقويم في حياتنا فإنه يجب أن يتوافر مفهومان وبشكل متوافق أحدهما مدني، الغرض منه تنظيم شؤون حياة الناس ونشاطاتهم، والثاني فلكي، يرتبط بظواهر فلكية بحتة، وعلى رغم المحاولات التاريخية للتوفيق بين المفهومين، مازالت معظم التقاويم تعاني من بعض المشكلات التي ترجع بشكل رئيس إلى الوحدات الطبيعية الرئيسة للتقويم، وهي -اليوم والشهر والسنة - ليست وحدات بسيطة وتامة بل هي أجزاء غير تامة من بعضها، فالسنة ليست اثني عشر شهراً تاماً وثابتاً، والشهر ليس ثلاثون يوماً تاماً وثابتاً، ولهذا فإضافة إلى التقاويم التوفيقية السابقة ظهرت بعض المحاولات الإصلاحية لاعداد بعض التقاويم التي تتفق أيامها وأسابيعها مع شهورها وسنينها توافقاً حسابياً إجرائياً وليس فلكياً بالطبع.
العربي - الاسلامي
وكان العرب في شمال الجزيرة العربية - قبل الإسلام - يستعملون التقويم القمري، أما عرب الجنوب من معينيين وسبئيين فكانوا يستعملون التقويم الشمسي إلا أنهم لم يستعملوا تقويماً خاصاً بهم ذا بداية محدودة يقيسون بها ما مضى من السنين، ولكنهم أرخوا لأحداثهم بحوادث تاريخية بارزة، مثل : بناء الكعبة المشرفة من قبل سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام سنة 1855ق.م. وانهيار سد مأرب في اليمن سنة 120ق.م. و عام الفيل الذي ولد فيه الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، وكان ذلك عام 571 تقريباً، وإعادة بناء الكعبة عام 605م، أي قبل البعثة بخمس سنوات.
ولم تكن لدى العرب أشهر موحدة، فقد استعملوا خمس سلاسل للأشهر القمرية خلال العصور التي سبقت ظهور الأسلام، منها السلسلة المعروفة حالياً محرم، صفر، ربيع الاول... التي أرجع البيروني ظهورها إلى سنة 412م، إلى جانب السلسلة الشمسية التي كانت أشهرها اثني عشر شهراً متطابقة مع الأبراج الفلكية، وليس معروفاً ما إذا كانت هذه السلاسل قد استخدمت في فترات زمنية متلاحقة، أم أنها استخدمت في فترة واحدة من قبل أقوام مختلفة، وقد تعارف العرب على جعل أربعة من شهورهم حرماً، أي يحرمون القتال فيها تماماً، وهي محرم ورجب وذي القعدة وذي الحجة إلا أنهم كانوا يتحايلون على هذه الاشهر إذا أرادوا غارة أو نحوها بالنسيء، وهو تأجيل بعض الأشهر الحرم عن وقتها وإعلان ذلك التأجيل من قبل النسأة أو القلامس - جمع قلمس وهو البحر الزاخر - أثناء اجتماع الناس للحج ليكونوا على علم به.
قال تعالى: إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض وقال جل شأنه: وجعل الليل سكناً والشمس والقمر حسباناً ذلك تقدير العزيز العليم، انطلاقاً من هذا التوجيه الإلهي استمر المسلمون باستخدام الأشهر القمرية الاثني عشر، ولكنهم ظلوا يؤرخون بعام الفيل بداية لتاريخهم إلى أن حدثت الهجرة النبوية إلى المدينة المنورة، فقد ترك المسلمون ذلك يناسب أهم الأحداث التي حدثت خلالها، فسموا السنة الأولى بسنة الإذن أي الإذن بالهجرة والسنة الثانية بسنة الأمر أي الأمر بالقتال والثالثة بسنة التمحيص، والرابعة الترفئة، والخامسة بسنة الزلزال، وهكذا حتى السنة العاشرة التي أسموها بسنة الوداع. وتأسس التقويم الهجري في السنة السابعة عشرة للهجرة حين جمع الخليفة الثاني عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - الصحابة وبين لهم أهمية اتخاذ تاريخ يؤرخون به أمور دولتهم بعدما دون الدواوين، فأجمعوا على البدء بالسنة التي هاجر فيها الرسول عليه الصلاة والسلام لأنها تمثل حدثاً مهماً في تاريخ الدولة الإسلامية، وجعلوا شهر محرم أول شهورها كما كانت عليه الحال عند العرب قبل الاسلام، أما هجرة السلام فقد حدثت في يوم الاثنين الثامن من ربيع الأول، فالتقويم الهجري قمري بحت إلا أن تحديد أوقات الحر والبرد والأمطار والزرع ونحو ذلك، يتم بواسطة معرفة البروج ومنازل القمر التي ترتبط بدورها بحركة الشمس.
وكان تحديد أوائل الشهور القمرية قديماً يتم من طريق الرؤية البصرية للهلال بعد غروب الشمس، وكان هذا الأسلوب هو الوحيد المتبع لتحديد أوائل الشهور القمرية، وقد أكد على هذا الرسول عليه الصلاة والسلام حين قال :"صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته".
وبعد أن أخذت الأمة الإسلامية بأسباب العلم والحضارة مع بداية العصر العباسي، وظهر فيها عدد من العلماء الفلكيين على مر العصور الإسلامية، واهتموا بالهلال وحساب دورته وأوقات رؤيته وألفوا في هذا مؤلفات كثيرة وبعد اطلاع سريع على فهارس الكتب الفلكية في المتاحف والمكتبات العالمية وجد ما يقارب الخمسين مصدراً مختصاً بالتقويم القمري يختلف نوعها بين كتاب ورسالة كتبها علماء عاشوا في ما بين القرنين الثالث والعاشر الهجريين، وقل أن يخلو جزء من أجزاء الوطن الإسلامي من وجود عالم أو علماء اهتموا بهذا الجانب كانت حصيلة أعمالهم وجهودهم الرياضية والحسابية ماوصل إلينا من طرق وأساليب لتحديد مواعيد الاقترانات والاستقبالات لأي شهر من الشهور القمرية، ومعرفة أوائل السنين الهجرية من أيام الأسبوع، وتحديد اليوم الأول من جميع أشهر السنة القمرية بمعرفة اليوم الأول من شهر محرم، بطرق حسابية وباستعمال مايعرف بالحساب الأبجدي حساب الجمل وغيره، وهو أسلوب يتم فيه إعطاء الحروف الأبجدية قيماً عددية تعالج بطريقة خاصة ثم تستنتج منها أوائل الشهور، ونحو ذلك.
ومن ذلك توصلوا إلى قاعدة لتحديد أوائل الشهور من أيام الأسبوع، حيث حدد اليوم الذي يدخل فيه محرم، فشوال يدخل بذلك اليوم، وجمادى الآخرة وذو القعدة باليوم التالي له، وصفر ورجب بثالثه، وربيع الأول وذي الحجة برابعه، وشعبان بخامسه، وربيع الآخرة ورمضان بسادسه، وجمادى الأولى بسابعه، وكانت في وقتها إنجازاً عظيماً.
ومن المؤسف أن الحساب الفلكي لم يكن في أي عصر من عصور النهضة الاسلامية أسوأ حالاً مما هو عليه الآن، ومع أن هناك الكثير من المحاولات للفلكيين المسلمين، ما زال الحساب مرفوضاً من قبل كثير من الجهات التشريعية في بعض البلاد الإسلامية، على رغم تدعيم هذا الحساب بالوسائل الحديثة والدقيقة من حاسبات آلية وبرامج حاسوبية ونحو ذلك، وأصبح الاعتماد بهذا الأمر على ادعاءات باطلة لا تستند إلى أي أساس علمي أو معرفي، ونتجت منها أخطاء واضحة في تحديد بعض أوائل الشهور القمرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.