سمو أمير منطقة الباحة يرأس الإجتماع الأول للجنة الإشرافية العليا لصيف الباحة    خبير قانون دولي ل«عكاظ»: أدلة قوية لإدانة نتنياهو أمام «الجنايات الدولية»    واشنطن تحذّر من مجزرة في الفاشر    تعليق الدراسة يوم غدٍ الأربعاء في الرياض    مدرب بلجيكا يؤكد غياب تيبو كورتوا عن يورو 2024    فيصل بن فرحان ووزيرة خارجية المكسيك يناقشان آخر التطورات في قطاع غزة ومحيطها    نمر يثير الذعر بمطار هندي    تطوير العمل الإسعافي ب4 مناطق    مهتمون يشيدون ببرنامج الأمير سلطان لدعم اللغة العربية في اليونيسكو    41 مليون عملية إلكترونية لخدمة مستفيدي الجوازات    محافظ الريث يستقبل مفوض الإفتاء الشيخ محمد شامي شيبة    عسيري: مناهضو اللقاحات لن يتوقفوا.. و«أسترازينيكا» غير مخيف    أغلى 6 لاعبين في الكلاسيكو    «جامعة نايف العربية» تفتتح ورشة العمل الإقليمية لبناء القدرات حول مكافحة تمويل الإرهاب.. في الرياض    "موسم الرياض" يطرح تذاكر نزال الملاكمة العالمي "five-versus-five"    دوريات «المجاهدين» بجدة تقبض على شخص لترويجه مادة الحشيش المخدر    بطولة عايض تبرهن «الخوف غير موجود في قاموس السعودي»    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل الرئيس التنفيذي لجودة الحياه    أمير منطقة الباحة يشهد اتفاقية تعاونية بين الباحة الصحي والجمعية السعودية الخيرية لمرضى ( كبدك )    ميتروفيتش ومالكوم يقودان تشكيلة الهلال ضد الاتحاد بنصف نهائي كأس الملك    مساعد وزير الدفاع يلتقي وزير الدولة للشؤون الخارجية والعالمية في إسبانيا    نائب أمير مكة يطلع على الاستعدادات المبكرة لحج 1445    اجتماع الرياض: إنهاء حرب غزة.. والتأكيد على حل الدولتين    مفوض الإفتاء بالمدينة: التعصب القبلي من أسباب اختلال الأمن    مجلس الوزراء يجدد حرص المملكة على نشر الأمن والسلم في الشرق الأوسط والعالم    خبراء دوليون: تقنيات الذكاء الاصطناعي توفر 45% من استهلاك الطاقة في إنتاج المياه    3000 ساعة تطوعية بجمعية الصم وضعاف السمع    الحقيل يجتمع برئيس رابطة المقاولين الدولية الصينية    مدير هيئة الأمر بالمعروف بمنطقة نجران يزور فرع الشؤون الإسلامية بالمنطقة    شؤون الأسرة ونبراس يوقعان مذكرة تفاهم    وزير الطاقة: لا للتضحية بأمن الطاقة لصالح المناخ    الصحة: تعافي معظم مصابي التسمم الغذائي    فيصل السابق يتخرج من جامعة الفيصل بدرجة البكالوريوس بمرتبة الشرف الثانية    مركز الملك سلمان للإغاثة يوقع على ميثاق صندوق العيش والمعيشة التابع للبنك الإسلامي للتنمية    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 34.535 شهيدًا    الشِّعر والنقد يفقدان النموذج الإنساني «عبدالله المعطاني»    محافظ الخرج يكرم الجهات المشاركة في حفل الأهالي لزيارة أمير منطقة الرياض    إطلاق هاتف Infinix GT 20 Pro الرائد    الفرص مهيأة للأمطار    "هورايزن" يحصد جائزة "هيرميز" الدولية    تراجع طفيف بأسعار النفط عالمياً    الخريف: نطور رأس المال البشري ونستفيد من التكنولوجيا في تمكين الشباب    العميد والزعيم.. «انتفاضة أم سابعة؟»    حرب غزة تهيمن على حوارات منتدى الرياض    أمير منطقة المدينة المنورة يستقبل سفير جمهورية إندونيسيا    برؤية 2030 .. الإنجازات متسارعة    العربي يتغلب على أحد بثلاثية في دوري يلو    للمرة الثانية على التوالي.. سيدات النصر يتوجن بلقب الدوري السعودي    لوحة فنية بصرية    وهَم التفرُّد    عصر الحداثة والتغيير    مسابقة لمربى البرتقال في بريطانيا    بقايا بشرية ملفوفة بأوراق تغليف    وسائل التواصل تؤثر على التخلص من الاكتئاب    أعراض التسمم السجقي    ولي العهد ووزير الخارجية البريطاني يبحثان المستجدات الإقليمية والتصعيد العسكري في غزة    زرقاء اليمامة.. مارد المسرح السعودي    أمير تبوك يطلع على نسب الإنجاز في المشاريع التي تنفذها أمانة المنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دورة صحافية في الولايات المتحدة شاركت فيها "الحياة". الصحيفة الاميركية مؤسسة تبغي الربح ... والقارئ يرسم سياستها
نشر في الحياة يوم 19 - 01 - 2001

لم يتوانَ ناشر جريدة "ذي ديترويت فري برس" في ميشيغان هيث ج. ماري ويزر عن التعبير عن سعادته، حين قال مسؤول قسم الاخراج فيها، عشية الانتخابات الاميركية: "ان الإدارة أحضرت عشاء لجميع الصحافيين والموظفين المستنفرين للعمل هذه الليلة". ولم يخفِ، بالتالي، بهجته بالطعام اسوة بجميع الموظفين الذين ضحكوا لانفراج اساريره وأمضى الليل معهم من دون تكلف، علماً ان لا وظيفة صحافية له يؤديها. فحال الاستنفار الاستثنائية هذه استدعت من العاملين في الصحيفة اجتماعاً في قاعة التحرير الكبيرة حيث وقف كل العاملين في الجريدة بمن فيهم الناشر صاحب العينين الزرقاوين الذي اتكأ الى الحائط مكتوف اليدين اللتين لم يفردهما الا ليصفق للعشاء... وبعدها راح مسؤول الاخراج يتحدث عن مشروعي اخراج مفترضين لمرشحي الرئاسة الأميركية آل غور وجورج بوش. لكن اللغط الذي حصل في الفرز "بسبب تقارب عدد اصوات المرشحين"، وعدم فوز أحدهما في تلك الليلة، حدا بقسم الاخراج الى اعداد مشروع ثالث. ولاحقاً ارسلت الجريدة صحافيين ومصوراً الى ولاية فلوريدا لتغطية إعادة عد الاصوات التي أفضت بعد احالة القضية على القضاء الى فوز بوش رئيساً للولايات المتحدة.
وأول فارق ينطبع في ذهن صحافي يزور الولايات المتحدة، حين يطلع على حال المؤسسات الصحافية فيها ولا سيما المطبوعة منها، الهدف التجاري لهذه المؤسسات. فهي تبغي الربح، وهمها تقديم المعلومات والمواضيع بحسب ما يطلبه القراء ونزولاً عند رغباتهم لا عند تصريحات المسؤولين وأحوالهم.
فإرضاء القارئ واسعاده ب"المعلومات" يكاد يكون الهم الوحيد لدى القيمين على المؤسسات الاعلامية والعاملين فيها، ومنها ادارة تحرير صحيفة "ديترويت ذا فري برس" التي انتدبت اليها "الحياة" شهراً في اطار دورة للاطلاع على طريقة عمل وسائل الاعلام الاميركية، نظمها "المركز الدولي للصحافيين" في واشنطن. وهذا ما أكده الناشر الذي لم يجد حديثاً مع صحافيين لبنانيين يحظى باهتمامهم سوى عن الجالية اللبنانية 350 ألفاً منها في ديتروت التي له اصدقاء كثر من ابنائها وايضاً عدد كبير من قراء جريدته. ويقول الناشر انه اضطر الى الاهتمام بأخبار الجالية اللبنانية والأخذ بملاحظاتها بعدما تمنع اصحاب محطات الوقود معظمهم لبنانيون عن بيعها حين وجدوا انحيازاً في تغطية الحرب الاسرائيلية على لبنان في عام 1996 حين ارتكبت مجزرة قانا. وهذا الموقف اثر في الجريدة وناشرها الذي استضاف عدداً من ابناء الجالية في مكتبه معتذراً وواعداً بعدم تكرار ما حصل.
ولا يجول في بال الصحافي بعد هذه المدة الا اجراء مقارنات بين حال صحف بلاده والصحيفة التي انتدب اليها وحضر اجتماعات تحريرها والتقى ناشرها ومديري التحرير فيها. لكن المقارنة هنا لا تصح اذ ان كلا الجريدتين مختلف، وكذلك كلا البلدين... والقراء "الذين لا يمضون أكثر من 15 دقيقة في القراءة، وهم يبادرون بقراءة أخبارالرياضة أولاً فالأسهم ثم المحليات، ولا يهتم أكثر من 5 في المئة منهم بالأمور الخارجية"، بحسب مسؤول تحرير صحيفة "البوابة" الالكترونية صحيفة عربية على الانترنت في واشنطن منير ناصر.
وحال القارئ هذه تدفع صحافيي الجريدة الى العناية بصحيفتهم وأخبارهم حفاظاً على القراء الذين "يؤمن شراؤهم أعداد الجريدة 20 في المئة من دخلها الذي يفوق العشرين مليون دولار سنوياً في حين توفر الاعلانات 80 في المئة من الدخل" بحسب أحد مسؤوليها جو غريم.
ونسبة الدخل من الاعلانات وهي لا تكاد صفحة من صفحات الجريدة التي تتجاوز الثمانين تخلو منها، لا تأتي من فراغ بل من ادراك المعلنين ان لدى الجريدة 450 ألف قارئ في مدينة ديترويت لا يتجاوز عدد سكانها المليون. وتحافظ الجريدة على القراء من خلال استمالتهم للأخذ بأفكارهم وملاحظاتهم في سبل عدة: وجود رقم هاتف الصحافي وعنوانه الالكتروني مع توقيعه الموضوع، ووجود وظيفة يتولاها صحافي قديم يسمى "امبودسمان" أو المحرر العام وهي لتلقي اتصالات القراء الذين يكونون غاضبين معظم الأحيان ولتأكيد حرص الجريدة على عدم الوقوع في الخطأ، ودعوة دائمة منشورة في الجريدة للاتصال به وتلقي المقترحات. وتستدعي الجريدة أكثر من عشرة قراء من خلال اعلانات تنشر في الصحيفة، مرة في الشهر للاجتماع معهم والاستماع الى آرائهم وملاحظاتهم وأفكارهم، إضافة الى استطلاع آراء مئات القراء من خلال أسئلة كثيرة تطرحها عليهم شركة احصاءات مرة كل ستة أشهر، بهدف متابعة ما يريدون قراءته من مواضيع لا بحسب ما يفترضه الصحافيون "مفيداً ومقروءاً".
وعلى رغم ذلك فالمحررون والصحافيون لا ينفكون يجتمعون صباحاً كل في قسمه ويناقشون المواضيع المرتقبة ويتداولون الأفكار ويشورون بعضهم على بعض ويتشاورون في الموضوع المزمع كتابته وجوانبه، والزاوية التي يكتب منها، حتى لو كان في صفحة الرأي وهي صفحة يومية لمواكبة الاحداث والتعليق عليها، ويوزعون المواضيع المقترحة بعضهم على بعض، وهذا "ما يجعل العمل داخل المؤسسة أكثر ليونة ومردوداً ويغنيه، على عكس حالنا في لبنان"، على ما علق الزميل داود ابراهيم الذي شارك في الدورة.
وبعد الاجتماعات الفرعية هذه ينتدب واحد من كل قسم الى اجتماع التحرير العام الذي يتكرر في اليوم ثلاثاً، ويشارك فيه اضافة الى مسؤولي أقسام المحليات والاقتصاد والرياضة والرأي، مندوبون عن قسم الاخراج والتصوير وال"امبودسمان" وأحياناً الناشر، وتترأسه مديرة تحرير توزع الادوار على المتكلمين وتأذن لهم وتسجل ملاحظاتهم ومقترحاتهم. والأول يعقد في العاشرة ويخصص لقراءة نقدية للعدد الصادر صباحاً، فتعلق أجزاؤه على الحائط وتناقش عناوينَ وموادَّ وإخراجاً. والعدد الصادر صباحاً يأتي في نسختين تختلف فيهما الصفحة الأولى اذ تخصص صفحة أولى ثانية لمقاطعة أوكلاند من ضواحي ديترويت. فالمواد المهمة الآتية من مقاطعة أوكلاند تتصدر الصفحة الأولى المخصصة لهذه المقاطعة، وكذلك الأولى المخصصة لمدينة ديترويت حيث مبنى الجريدة الرئيسي. والعاملون في أوكلاند يشاركون في اجتماعات التحرير العامة ألكترونياً ويسألون عن مقترحاتهم ومواضيعهم لليوم التالي حين ينتقل الحديث إلى المواضيع المرتقبة، فيتوالى على الكلام مندوبو الاقسام، كل بدوره، عما سيتابعونه في يومهم. وفي الثانية والنصف يعقد اجتماع آخر يبحث في ما ثبت من مواضيع للمتابعة وما طرأ من جديد الاخبار والاحداث، وفي الرابعة والنصف يعقد اجتماع أخير تثبت فيه المواد التي ستنشر في اليوم التالي.
وفي ال"فري برس" اسوة بباقي الجرائد، اقسام عدة منها: المحليات والتحقيقات الاستقصائية والاقتصاد والرأي والدوليات، اضافة الى قسم الرياضة، وهو أكبرها، وكذلك قسم التصوير الذي يتألف من 15 مصوراً وخمسة محررين وظيفتهم كتابة كلام الصور والتنسيق مع بقية الاقسام. والملاحظ في الجريدة أن لا قسم تنضيد صف على الكومبيوتر، ولا توجد على طاولات المحررين أقلام وأوراق. فكل صحافي منضد يستخدم جهاز الكومبيوتر الذي يمكنه من الاطلاع على كل ما يدور في الجريدة وما يكتبه زملاؤه، إضافة الى جداول العمل وبرامجه. وكذلك يطلع المصححون على كل شيء، وهم الذين يتولون تصحيح الأخطاء المطبعية واللغوية لكنهم يمتازون عن سواهم بأنهم يضعون العناوين وأحياناً يعيدون تحرير الموضوع، وهذا من عمل المحرر في الصحف العربية.
فال"فري برس" يعمل في تحريرها 300 صحافي تتفاوت أعمار غالبيتهم بين الثلاثين والخمسين، وهم من اعراق مختلفة، وفيها كثير من "الأميركيين - الأفريقيين" بحسب ما يقولون في وصف اصحاب البشرة السوداء في كتاباتهم وتعابيرهم ولا يقولون هذا "أسود" لان في ذلك "تمييزاً عنصرياً"، ولا يقولون هذا "عبد" ففي ذلك "اهانة". واحتل كثر من الاميركيين - الافريقيين مراكز مهمة في الجريدة. وما يجمع هؤلاء الناس في مؤسسة واحدة ايمانهم أو اعتقادهم ان مهمة الصحافي "نقل الاخبار من دون التدخل في صنعها"، لذلك هم يسعون الى ايجاد الاخبار ونقلها واستقائها من مصادرها ولا يصغون اليها من أجهزة الراديو والتلفزيون ووكالات الاخبار. فهذه الوسائل لا يستخدمونها الا للحصول على اخبار ولايات أخرى لا مندوبين للصحيفة فيها. اما في مدينتها فإيجاد الخبر ومتابعته هما من مسؤولية الصحافي الذي عليه ان يكتب ثلاثة مواضيع في الاسبوع. ولا تنشر في الصحيفة مادة غير موقعة، لأن كل المواضيع تقوم على مجهود شخصي وبحث واتصالات.
وأحياناً يوقع الموضوع بأسماء عدد من الصحافيين، اذ يستدعي حدثٌ يُعد في بلادنا صغيراً او بسيطاً، عدداً من الصحافيين لتغطيته. واستدعت، على سبيل المثال، تغطية حدث انتحار مغترب لبناني بعدما قتل عائلته خمسة صحافيين: تولى صحافي تغطية الحدث في مكان المغترب المنتحر، وتولى آخر سؤال جيرانه، وثالث بقي لدى الشرطة، ورابع قصد أفراداً من الجالية اللبنانية، وخامس محرر بقي في المكتب يجري اتصالات ويتلقى معلومات المندوبين. وهو تولى كتابة النص الذي وقّع بأسماء الخمسة، ونشر في الصفحة الأولى مع صورة لنسيبة المغترب باكية. ولم تتجاوز مساحة نشر القصة الذي استدعت كل هذا العمل، في الصحيفة أكثر من ألفي كلمة.
أما القسم الذي تعول عليه "فري برس" أهمية كبيرة - وكذلك معظم الصحف الأميركية - فهو قسم التحقيقات الاستقصائية. وهو نوع من الصحافة جديد يقوم على كتابة التحقيقات في مدد قد تستمر ستة أشهر أو أكثر، بهدف كشف حقيقة معينة وكتابتها في شكل متاسك ومفصل ومحقق. ولا يقوم باجراء التحقيق الاستقصائي صحافي واحد، بل فريق يعمل على البحث عن حقائق الموضوع، متابعاً كل ما يحيط به من بحث ومقابلات ومشاهدات. ولا ترى ادارة الصحيفة ضيراً في استضافة الصحافي من "نيويورك تايمز" شارلي لودوف في غرفة اجتماعاتها ليتحدث ساعتين عن تجربته في كتابة موضوع استقصائي اضطر خلاله ان يتخفى والادعاء انه عامل ويعمل في مسلخ للخنازير في جزيرة "فارمنغ فيل" ستة أشهر، في مقابل دولارين في الساعة كبقية العمال، ليكشف وجود مجتمع آخر في أميركا.
ولودوف 34 عاماً شاب طويل اطلق شعره حتى منتصف ظهره وربطه، ووضع في اذنيه أقراطاً، راح يتحدث في الاجتماع الذي عقد في ساعتي الغداء بين الثانية عشرة والثانية بعد الظهر بلهجة عامية "سوقية" على ما وصفها بعض الحاضرين، ويؤدي حركات واحياناً يغني مثلما كان يغني في المسلخ، حيث أظهر تمييزاً عنصرياً تمثل بتركيبة المشرفين عليه والعمال فيه، واكتشف من خلال تحقيقه ان "البيض مسؤولون، والسود يقتلون الخنازير، والهنود في المستودعات، والاسبانيون يقطعون اللحم. وان معظم العمال مسجونون سابقون ويلقون معاملة سيئة". وتناول في تحقيقه قصصاً شخصية للعمال "المستغلين" وأحوالهم وأوضاعهم، اضافة الى طريقة التعاطي مع الخنازير واقسام المسلخ.
واذ صنف لودوف واحداً من أفضل 15 كاتب تحقيق ونال جائزة على عمله وكُتب عنه في صحف مشيرة الى موضوع آخر كتبه قبل سنوات عن "أعمى في مدينة نيويورك" بعدما عاش مطمشاً عينيه اسبوعاً مع اثنين أعميين، لم يكن وقع عمله جيداً على كل الوسط الاعلامي، اذ اعتبر بعضه انه خرق اخلاقيات المهنة بتنكره وعدم افصاحه صراحة عن مهنته، بل دخل المسلخ عاملاً، وعاش مع العمال واستمع الى قصصهم الشخصية ونشرها لاحقاً باعتباره واحداً منهم.
فالإعلام في أميركا صناعة تتطور مع تطور البلد ونظامه السياسي والسوق، وهو محمي من الحكومة وحريته مكفولة في الدستور. اذ نصت المادة الأولى المعدلة في القرن السابع عشر على عدم جواز تشريع أي قانون يحد من حرية الكلام والصحافة. والصحافة الأميركية لا يحدها شيء لأنها غير عقائدية بل تلبي حاجات الجمهور وتحافظ على مبدأين: انفصال تام عن الحكومات واعتماد على القراء في التمويل. وهي تُعدّ نفسها مؤتمنة على المصلحة العامة ولا تنظمها قوانين، ولا يحتاج اصدار صحيفة الى ترخيص. ويبلغ عدد الصحف في اميركا 1700 يومية و12 ألفاً أسبوعية، ونسبة الملكية الخاصة فيها 99 في المئة، في حين تملك الهيئات العامة 1 في المئة فقط. أما وسائل الاعلام المرئية فإن 80 في المئة منها ملكيات خاصة وال20 في المئة الباقية تملكها هيئات عامة مملولكة من الكونغرس الأميركي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.