أقفل مئات المزارعين في شمال لبنان أمس الطرق بين منطقة عكار ومناطق لبنانية اخرى، وكذلك على الطريق الدولية المؤدية الى سورية، في تحرك احتجاجي على اغراق السوق اللبنانية بمنتجات الخضر الخارجية، مطالبين بتعديل الروزنامة الزراعية التي تحدد كمية المنتوجات المستوردة. وأحرق مزارعو منطقة عكار وبعض الشمال منذ الصباح الاطارات المطاط في تظاهرات قاموا بها على ستة مفترقات طرق، بينها الطريق المؤدي الى منطقة العبدة على الحدود اللبنانية السورية. وعمد اصحاب الشاحنات الزراعية الى اغلاق الطريق وسط الأوتوستراد الدولي، ورمى مزارعون في منطقة المنية الساحلية انتاجهم من البندورة والبطاطا والخس والكوسى هناك، اعتراضاً على تواصل تهريب منتجات أردنية وسورية، عبر الحدود السورية الى لبنان ما سبب مزاحمة كبيرة لغلالهم. وأطلق المزارعون الذين قاموا بتحرك أمس على أنفسهم اسم "المزارعين المشردين". وجاءت خطوتهم، بعد تظاهرات في اليومين الماضيين في مدينة جبيل ومنطقة البقاع. وردد مزارعو الشمال هتافات تطالب بحماية انتاجهم. وتدخلت وحدات من الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي لفتح الطريق عبر الجرافات في منطقة العبدة على الحدود مع سورية، فيما رشق متظاهرون العناصر الأمنية عند مفترق بلدة برقايل في عكار بالحجارة والزجاجات الفارغة، ما اضطر قوى الأمن الى اطلاق عيارات نارية عدة في الهواء لتفريق المتظاهرين المحتشدين بعد اصابة احدى آليات الدفاع المدني، على ما أفاد مراسل "الوكالة الوطنية للاعلام"، الرسمية في المنطقة. وقال أحد المزارعين ل"الحياة" ان شاحنات التهريب الوافدة من الأردن وسورية "تمر يومياً الى لبنان، ولكن لا يمكن تحديد الكمية التي يتم تهريبها". وإذ دام تحرك المزارعين حتى ظهر أمس، وزع هؤلاء بيانات طالبت "بتعديل الاتفاقات الزراعية الموقعة مع مصر والأردن لأنها تسببت باغراق اسواقنا ببضاعة مشحونة بالبرادات المقطورة وبكساد البضائع وإتلافها وبزحمة خانقة في سوق طرابلس". وصدر عن نقابات الشمال الزراعية بيان أشار الى "مأسوية الوضع الزراعي بسبب سوء تطبيق الروزنامة الزراعية وعدم وضع تشريعات تحمي المزارع وإنتاجه". لكن النقابات قالت ان لا علاقة لها بالدعوة الى قطع الطرق، منتقدة تسييس مصلحة المزارعين. وطالبت بالتسليفات الزراعية ومساعدة المزارعين في التسويق. واستدعى تحرك المزارعين تدخلاً من جانب وزراء ونواب، فبحث نائب رئيس الحكومة عصام فارس في تحركهم مع رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة رفيق الحريري، وأبلغهما ان المزارعين يعتزمون رمي "منتوجاتهم في نهر البارد"، قرب طرابلس. وإذ نفى النائب وجيه البعريني انباء عن ان المتظاهرين منعوا سيارته من المرور حيث اعتصموا، قال انه أوفد نجله الى العبدة لإبلاغ المعتصمين والمتظاهرين ان لجنة شكلت للنظر في مطالبهم. راجع ص5 وأدلى النواب عبدالرحمن عبدالرحمن وكريم الراسي والبعريني بتصريحات أيدت مطالب المزارعين ودعت الى عدم تسييسها. وشدد وزير الزراعة علي عبدالله بعد لقائه مع وفد من المزارعين في حضور عدد من نواب الشمال على "ضرورة ان تكون مواصفات المنتجات الزراعية التي تدخل الأراضي اللبنانية بحسب القانون، وفي أوقات محددة، ومعاقبة صاحبها في حال لم تتطابق المواصفات المتفق عليها، في اطار الاتفاقات المعقودة". ووعد المزارعين "بتلبية مطالبهم وبدعم الوزارة لهم بعد اقرار الموازنة للعام الجاري". وقال: "إن الاستيراد حصر بنقطة المصنع فقط، لأن بعض التجار يستوردون عبر مراكز اخرى. وهذا الأمر نضع عليه علامات استفهام، لئلا تحصل منافسة مع المنتوجات الأخرى".