"الترفيه" تنظم عروض "سماكداون" و "ملك وملكة الحلبة" في جدة الشهر الجاري    «الأونروا»: الصراع في غزة مستمر ك"حرب على النساء"    محمية عروق بني معارض.. لوحات طبيعية بألوان الحياة الفطرية    اليوم المُنتظر    «النصر والهلال» النهائي الفاخر..    بأمر الملك.. إلغاء لقب «معالي» عن «الخونة» و«الفاسدين»    أبها يتغلب على الاتحاد بثلاثية في دوري روشن وينعش آماله في البقاء    عقد المؤتمر الصحفي لبطولة "سماش السعودية 2024" في جدة    جريمة مروّعة بصعيد مصر.. والسبب «الشبو»    أمانة الطائف تنفذ 136 مبادرة اجتماعية بمشاركة 4951 متطوعًا ومتطوعة    رئيس مجلس القيادة الرئاسي يوجه بسرعة العمل على فتح الطرقات وتقديم المساعدة    المملكة وأذربيجان.. تعاون مشترك لاستدامة أسواق البترول ومعالجة التغير المناخي    صدور بيان مشترك بشأن التعاون في مجال الطاقة بين المملكة وجمهورية أذربيجان    موعد مباراة الاتحاد القادمة بعد الخسارة أمام أبها    ميتروفيتش: لم نحسم لقب الدوري حتى الآن    إدانة المنشأة الغذائية عن حادثة التسمم الغذائي وإغلاق فروعها بالرياض والخرج    "درع الوقاية 4".. مناورات سعودية – أمريكية بالظهران    بعد نحو شهر من حادثة سير.. وفاة نجل البرهان في تركيا    توسيع نطاق الاستثناء الخاص بالتصرف العقاري    31 مايو نهاية المهلة المجانية لترقيم الإبل    نمو الغطاء النباتي 8.5% بمحمية "الإمام تركي"    مدير «الصحة العالمية»: الهجوم الإسرائيلي على رفح قد يؤدي إلى «حمام دم»    غداً.. منع دخول المقيمين لمكة دون تصريح    تركي الفيصل يرعى حفل جائزة عبد الله بن إدريس الثقافية    «الدفاع المدني» محذراً: التزموا البقاء في أماكن آمنة وابتعدوا عن تجمُّعات السيول    موعد مباراة الهلال القادمة بعد الفوز على التعاون    المعرض السعودي للإضاءة والصوت SLS Expo 2024 يقود التحول في مستقبل الضوء الاحترافي والصوت    الشرطة تفرق اعتصاما مؤيدا للفلسطينيين في معهد الدراسات السياسية بباريس    الفوزان: : الحوار الزوجي يعزز التواصل الإيجابي والتقارب الأسري    رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء    جامعة الإمام عبدالرحمن تستضيف المؤتمر الوطني لكليات الحاسب بالجامعات السعودية.. الأربعاء    "ريف السعودية": انخفاض تكاليف حصاد المحاصيل البعلية بنسبة 90%    الجمعية السعودية للإعاقة السمعية تنظم "أسبوع الأصم العربي"    الصحة العالمية: الربو يتسبب في وفاة 455 ألف إنسان    إشعار المراسم الملكية بحالات سحب الأوسمة    سحب لقب "معالي" من "الخونة" و"الفاسدين"    تحويل حليب الإبل إلى لبن وإنتاج زبد يستوقف زوار مهرجان الألبان والأغذية بالخرج    الذهب يتجه للانخفاض للأسبوع الثاني    " عرب نيوز" تحصد 3 جوائز للتميز    "تقويم التعليم"تعتمد 45 مؤسسة وبرنامجًا أكاديمياً    "الفقه الإسلامي" يُثمّن بيان كبار العلماء بشأن "الحج"    المملكة: صعدنا هموم الدول الإسلامية للأمم المتحدة    وزير الدفاع يفتتح مرافق كلية الملك فيصل الجوية    وفيات وجلطات وتلف أدمغة.. لعنة لقاح «أسترازينيكا» تهزّ العالم !    ب 3 خطوات تقضي على النمل في المنزل    انطلاق ميدياثون الحج والعمرة بمكتبة الملك فهد الوطنية    الخريجي يشارك في الاجتماع التحضيري لوزراء الخارجية للدورة 15 لمؤتمر القمة الإسلامي    136 محطة تسجل هطول الأمطار في 11 منطقة بالمملكة    قصة القضاء والقدر    كيفية «حلب» الحبيب !    من المريض إلى المراجع    أمير جازان يطلق إشارة صيد سمك الحريد بجزيرة فرسان    بيان صادر عن هيئة كبار العلماء بشأن عدم جواز الذهاب للحج دون تصريح    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ    مباحثات سعودية فرنسية لتوطين التقنيات الدفاعية    ما أصبر هؤلاء    هكذا تكون التربية    اطلع على المهام الأمنية والإنسانية.. نائب أمير مكة المكرمة يزور مركز العمليات الموحد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فيلم عن المافيا يشغل الناس في مهرجان البندقية . المخرج جوردانا: لا بد من التأثير في الناس وبأي سلاح !
نشر في الحياة يوم 22 - 09 - 2000

في مرحلة من العام 1978، حين كانت ايطاليا هلعة وقلقة بعد أيام من عملية الخطف الصاخبة التي نفذتها منظمة "الألوية الحمر" اليسارية المتطرفة ضد الدو مورو، وبعد عشرة اعوام على احداث أيار مايو الطالبية التي اهتز لها الواقع الايطالي يتم العثور على جثة واحد من الشبان المتقاعدين عن العمل الثوري الذين ظل كثر منهم بوجوه زائغة العينين وسنوات طويلة خلف القضبان، او من طالبي اللجوء السياسي في الكثير من دول اوروبا الغربية. في تلك الايام الباردة تعثر الشرطة الايطالية على جثة جوزيبي رازيزي على السكة الحديد قرب محطة روما، وبعد التحقيق والتشريح والاخذ والرد البيروقراطي الايطالي يعلن القضاء الايطالي، كعادته ان موته انتخار، ليغلق الملف اكثر من عشرين عاماً، يفتح بعدها في ضوء اعترافات احد اعضاء عصابات المافيا التائبين ليكشف عن هذا الحادث الذي كانت عصابة المافيا وراءه،
ويتبين ان الاسباب كثيرة لحمل المافيا على تصفية رجل غير "مريح" في بلد لا امان فيه الا للإرهاب السياسي والمافيوزي. فإيطاليا السبعينات والثمانينات التي كانت في مرحلة مخاض عنيف، يتصارع فيه اقدم ما في اوروبا واحدثه، بلد تشق قوى التقدم طريقاً لنفسها في سباحة شاقة مزدوجة، ضد اليمين والتخلف والمافيا من جهة، وضد مظاهر التطرف اليساري من جهة اخرى. وكان رازيزي يعرف اللعبة تماماً ويعرف تورط كبار الساسة مع المافيا، لذا كان يناضل في بلد عريق في ديموقراطيته، وكان مهداً لحضارة انسانية اعطت العالم الكثير، وهو للآن مقر لراس الكنيسة المسيحية الكاثوليكية، ومقر لأشرس عصابات الإجرام المنظم في العالم. وكان يعي تماماً ان ايطاليا الجميلة تشكل مثلاً حياً على التحلل الذي يمكن ان تصل اليه الامم من خلال الانهيار والتفسخ اللذين يصيبان الطبقة السياسية الحاكمة.
كان يعمل في كل مكان كغيره من المثقفين الايطاليين ليغير خارطة الواقع الايطالي في عقر دار الاخطبوط التي تورمت وبدأت تتفسخ، في مدينة باليرمو. العاصمة الاقليمية لجزيرة صقلية.
مئة خطوة
هنا، وبعد فيلمه الذي حقق نجاحاً كبيراً عن حادث اغتيال الشاعر والفنان والمخرج السينمائي بيار باولو بازوليني، يقدم المخرج الايطالي ماركو توليو جوردانا فيلمه الجديد "مئة خطوة" عن حياة المواطن جوزيبي رازيزي واغتياله، وقد شارك فيه في مهرجان البندقية السينمائي الدولي الاخير.
أمضى المخرج اكثر من سنة في الاحياء الشعبية في جزيرة صقلية ليتعلم لهجتها العامية، ويقترب من طبيعة العلاقات والعادات والمعتقدات الشعبية فيها. وعن تجربته هذه يقول: "كان عليّ العيش في صقلية للاقتراب من واقع الحياة اليومية للناس وطبيعتها، اذ وجدتها تجربة ثرية ساعدتني على انجاز عمل اعتقد جاداً بأهميته فقد ادركت، ومن قرب، أن فهم الكثير من الظواهر والامور والتفاصيل الصغيرة لا يمكن امتلاكه واستيعابه الا من خلال المعايشة اليومية لحياة الناس. ومع ان جدي كان يرأس تحرير صحيفة "الساعة" اليومية في مدينة باليرمو من عام 1908 الى 1912 فأنا لم اولد الا بعد هذا التاريخ الذي كان يحفل هو الآخر بالكثير من الاحداث والمفاجآت والتناقضات.
لماذا اطلقت على الفيلم اسم "مئة خطوة"؟
- انها الخطوات التي تمتد الى عمق الكثير من الحقائق، ونشعر جميعاً اننا شركاء في خلقها.
فيلمك السابق عن بازوليني كان بمثابة سؤال طرحته على الجميع تسأل فيه عن السبب الذي اودى بحياته هل فيلمك الحالي سؤال آخر عن المواطن جوزيبي رازيزي وعشرات من امثاله الذين راحو ضحايا الارهاب المنظم؟
- ليس فيلماً لمحاكمة مصير هذا الرجل، ولا فيلماً مباشراً عن المافيا التي اصبحت افلامها الآن مثل افلام "الوسترن" الايطالية، لكنه يشير الى ضرورة تقويم الامور حيال ظاهرة متشعبة ولها ارتباطاتها ونتائجها، ما زلنا نعيشها في بيوتنا العائلية الايطالية، وهي ظاهرة المتمرد على الاوضاع التقليدية السائدة التي يطالب الجميع بالبقاء تحت مظلتها.
أي عائلة تقصد؟
- بيرو رازيزي كان رجلاً يتمتع بذكاء كبير، وكانت له مكانة اجتماعية باعتباره ابن واحد من المتعاونين مع المافيا. لكن هذا الشاب الذي كان عمره لا يتجاوز العشرين خلال انتفاضة ايار 1968 الطالبية، اكتشف ان الشبيبة يومذاك كانت قادرة على تغيير العالم، فما كان منه، وهو القريب على العائلة الكبيرة المافيا، إلا ان استخدم نفوذه وغضبه الثائر على الأقربين اليه، فتقدم بشكوى الى السلطات القضائية تحمل اسمه الصريح ضدها، وهو امر نادر الحدوث في تاريخ المافيا الذي يمتد عشرات السنين. واسس تجمّعاً ثقافياً موسيقياً للشبيبة المناهضة للعصابات الاجرامية، وقاد تظاهرة لعشرات الفلاحين الذين سرقت المافيا اراضيهم، لمطالبة السلطات باسترجاعها: ولم يكتف بذلك، بل اسس جريدة يومية ضد المافيا، واصدر الكثير من الكتب التي تستعرض تاريخ المافيا، ونظم الكثير من الاحتفالات والنشاطات المسرحية الجماهيرية في الساحات والشوارع من خلال معرفته بمحبة مواطنيه للمسرح. واسس محطة اذاعة اطلق عليها اسم "راديو الخارج" فاصبحت شعبية بكل معنى الكلمة. او في اختصار، فقد وضع عدداً كبيراً من العوائل المافيوزية في حال تنبه الى ما يدور من حولها، بعدما فضح الكثير من الاسماء التي تعمل تحت مظلة المافيا والتي تمارس اعمالاً وظيفة رفيعة في باليرمو. وقامت ثورة الاب على سلوك ابنه متوسلاً اليه ومحذراً اياه من الاخطار التي ستقضي عليه. ولم يكتف الاب بهذا، بل سافر الى الولايات المتحدة لطلب المغفرة لابنه المتحدر من رأس احدى العوائل المافيوزية الشهيرة، الا ان جوزيبي قتل عام 1978. وبعد عام واحد قتل الاب في حادث اصطدام افتعلته المافيا، ثم صفيت العائلة بطرق بربرية.
هل تعتقد ان فيلمك سيحمل مضايقة لعوائل مافيوزية؟
- بالتأكيد.
وهل تعتقد انه سيساعد على بعض التغيرات في الآراء والاقتناعات السارية التي اصبحت مثل برك مستقرة لا يحركها حجر؟
- جوزيبي كان من تجمعات شبيبة ال68 الطالبية المنتفضة التي حركت الكثير من القيم والتقاليد والاعراف الاجتماعية في البلاد عموماً. وكل فعل يتوجه نحو صميم الاشياء، قادر على ترك اثر ما، والسينما، في اعتقادي، ما زالت قادرة على امتلاك سلاح التغيير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.