بدا معظم المشاركين في الاجتماع الاسبوعي للقيادة الفلسطينية ليل السبت - الاحد مهمومين وغير راضين، فيما امتنع العديد منهم عن التحدث للصحافيين المرابطين امام مقر الرئاسة في رام الله حيث عقد الاجتماع الذي عرضت خلاله نتائج التحرك السياسي والديبلوماسي الذي قام به الرئيس ياسر عرفات في 17 دولة خلال 18 يوماً اعقبت انتهاء قمة كامب ديفيد. ووفق ما رشح من معلومات فان الفلسطينيين لم ينجحوا في حشد تأييد عربي لعقد قمة في شأن القدس ومجمل قضايا الخلاف مع الاسرائيليين، على رغم ان عقدها ضروري لتوفير غطاء للموقف الفلسطيني محلياً ودولياً ولوضع خطوط محددة يلتزمها الوفد الفلسطيني المفاوض بغض النظر عن مستوى اعضائه، امام الاسرائيليين والاميركيين في الجولة المقبلة التي باتت شبه مؤكدة. ووفق ما اعلنه الوزير المفاوض ياسر عبدربه ل"الحياة" فإن القيادة الفلسطينية ستواصل العمل من اجل عقد قمة عربية باتت "في نظرنا اكثر ضرورة والحاحاً، كي يتم صوغ موقف عربي واضح من قضية القدس التي لا تهم الفلسطينيين فقط بل والعرب والمسلمين والمسيحيين". واضاف ان "الاتصالات لا تزال مستمرة في هذا الاتجاه، وليس صحيحاً ما يشاع ان العرب رفضوا عقد القمة وهم وفق ما سمعناه في اللقاءات التي عقدت في عواصم عربية يعتبرون، كما دائماً، ان القضية الفلسطينية هي قضيتهم الاولى وان السيادة على القدس يجب ان تظل فلسطينية تامة". وبقي عبدربه بعيداً عن اعلان الخيبة من الموقف العربي ازاء القمة، ورأى ان الفلسطينيين سيحملون الموقف المعروف عربياً الى أي مفاوضات مقبلة وهو موقف يقوم على رفض التنازل عن ذرة من القدس. وعن امكان عقد قمة مجدداً في كامب ديفيد، اشار عبدربه الى انه يجب التحضير الجيد لهذه القمة فيما الاتصالات الجارية مع الاسرائيليين لا تبشر بأن المواقف في تل ابيب تغيرت بما يضمن نجاح القمة، وعليه فإن من الخطر الدعوة الآن الى قمة لم تنضج شروطها بعد، فالمنطقة لا تتحمل فشلاً جديداً وعملية السلام ستواجه مخاطر لا يعرف مداها ان عقدت القمة من دون الاعداد اللازم. وفي ما يتعلق باعلان الدولة في 13 ايلول المقبل، قال عبدربه ان المجلس المركزي سيجتمع في نهاية آب اغسطس الجاري ليتخذ قراره في هذه القضية. ونفى ان تكون الدول الاوروبية تمارس ضغطاً على الفلسطينيين لتأجيل هذا الاعلان. من جانبه، اشار الامين العام للسلطة أحمد عبدالرحمن الى ان الفلسطينيين اكدوا منذ انتهاء كامب ديفيد استعدادهم العودة الى المفاوضات، لكن شرط ان تلتزم اسرائيل قرارات الشرعية الدولية وتعلن ايمانها بمرجعيتها. وكان مسؤول فلسطيني كبير صرح اول من امس بان الاسرائيليين والفلسطينيين سيستأنفون محادثات السلام الرسمية في نهاية الشهر الجاري. وقال المسؤول وهو قريب من الرئيس الفلسطيني، لوكالة "رويترز" ان "من المتوقع بدء مفاوضات رسمية مكثفة نهاية الشهر الجاري على مستوى المفاوضين وليس على مستوى الزعماء. ما زال المكان غير معروف في هذه المرحلة". واضاف: "نتوقع ان تنتعش المحادثات بعد وصول دنيس روس الى المنطقة". اجتماع السلطة ودام اجتماع السلطة نحو ثلاث ساعات بحثت فيه ايضاً قضية اعلان الدولة المستقلة اذ اثيرت مسألة الاعتراف الدولي المتوقع بهذه الدولة في ظل التحفظ الاوروبي والروسي والرفض الاميركي. واتفق على دعوة المجلس المركزي للانعقاد مجدداً بعد اجتماعه الذي تم في الثاني والثالث من تموز يوليو الماضي وانتهى الى قرار باعلان الدولة المستقلة في 13 ايلول، وسط تحفظ المعارضة الشعبية والديموقراطية لعدم توافر السيادة الكاملة على الارض. وبدا واضحاً ان "المركزي" الذي سيلتئم مجدداً قبل قمة كامب ديفيد، سيقرر تأجيل الاعلان من الثالث عشر من ايلول سبتمبر الى موعد تحدده اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية على الا يتجاوز نهاية السنة الجارية. وتأتي هذه الخطوة بعد وصول الموفد الاميركي دنيس روس في العشرين من الشهر الجاري لقضاء اجازة يلتقي خلالها مع الفلسطينيين والاسرائيليين للبحث في امكان عقد القمة مجدداً، علماً ان العديد من القياديين الفلسطينيين يعترضون على شخص روس لانحيازه للجانب الاسرائيلي، في حين لا يخفي كل من عبدربه واحمد قريع قلقهما من التحركات التي قام بها الاميركيون نيد ووكر المناهضة للتحرك الفلسطيني عربياً ودولياً. وهما يريان ان ووكر في رأيهما هدف الى عزل الفلسطينيين والترويج للاستعداد الاسرائيلي لتنازلات لم تكن متوقعة على رغم ما يعانيه باراك من مصاعب برلمانية وحكومية. كما ان سقوط باراك سيعني عودة اليمين الاسرائيلي الى الحكم وما يعنيه ذلك من تجميد لجهود السلام. الوحدة الداخلية ولعل الخيبة غير المعلنة من المواقف عربياً وعالمياً، دفعت القيادة الفلسطينية الى مزيد من العمل على تمتين الاوضاع الداخلية، اذ توجه رئيس المجلس الوطني سليم الزعنون الى حركتي "حماس" و"الجهاد الاسلامي" واجتمع الى قياداتهما وطلب رسمياً مشاركتهما في اجتماعات المجلس المركزي المقبلة نهاية الشهر الجاري. ونقل الى هذه القيادات تمسك عرفات والقيادة بالحق الكامل في القدس كما اطلعها على الضغوط التي يتعرض لها الفلسطينيون، ما يستلزم العمل على وحدة الصف. غير ان الحركتين اللتين وعدتا بدراسة معمقة لهذه الدعوة، تطالبان بان تعقد الاجتماعات على ارضية مقاومة الاحتلال كما اوردت صحيفة "الاستقلال" الناطقة باسم "الجهاد" وليس على ارضية المفاوضات التي اثبتت انها ليست اكثر من مكمن لاصطياد تنازلات اخرى من القيادة الفلسطينية. كما تطالبان بوقف التعاون الامني مع اسرائيل واطلاق القيادات والكوادر المعتقلين في سجون السلطة. وهي مطالب لا يمكن للسلطة تلبيتها جميعاً باستثناء اطلاق المعتقلين. على كل فإن "الجهاد الاسلامي" تميل الى الرفض فيما لم تتعجل "حماس" في اعطاء رد قريب، ويرجح ان تشارك على مستوى مراقب كما حصل في اجتماعات المجلس الوطني قبل اشهر. عرفات في الصين وقررت القيادة الفلسطينية ايضا "الاستمرار في الحملة الديبلوماسية". وفي هذا الاطار، توجه عرفات امس الى الصين ومن المقرر ان يزور اليابان وباكستان والهند "وباقي الدول الصديقة". وسيلتقي عرفات الرئيس الصيني جيانغ زيمين والمسؤولين الصينيين "لإطلاعهم على الموقف الفلسطيني". كذلك قالت وكالة انباء كيودو اليابانية امس ان الرئيس الفلسطيني سيزور غداً اليابان حيث سيلتقي رئيس الوزراء الياباني يوشيرو موري.