أمير تبوك يستقبل مدير الأحوال المدنية    أمير جازان يطلع على سير العمل في المحاكم والدوائر العدلية    استعراض منهجية «الإخبارية» أمام فيصل بن بندر    حين تتحول بيئة العمل منجمَ سمومٍ    يوم دامٍ في غزة.. عشرات الشهداء ومجازر ونسف مبانٍ    الفاشر.. انتهاكات وإعدامات ميدانية والأمم المتحدة تشعر بالفزع    روما يتشارك صدارة الدوري الإيطالي مع نابولي بالفوز على بارما    القيادة تهنئ رئيس تركيا بذكرى يوم الجمهورية    «سلمان للإغاثة» يوزّع (1.548) سلة غذائية في محافظة ريف دمشق    برعاية وزير الثقافة.. "روائع الأوركسترا السعودية" تعود إلى الرياض    تدشين موقع الأمير تركي الفيصل.. منصة توثيق ومساحة تواصل    هيئة التراث: أطر قانونية وتعاون دولي لصون الإرث الإنساني    إنزال الناس منازلهم    مجلس الضمان الصحي يُكرّم مستشفى د. سليمان فقيه بجدة    إسرائيل تعلن استئناف وقف النار وحماس تتهم واشنطن بالانحياز    لماذا الشيخ صالح الفوزان    مواجهات قوية في ربع نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين    25 فارس وفارسة في تصنيف (TOP 100) العالمي بالرياض    ولي العهد والرئيس السوري يدعمان الازدهار والمرونة في الرياض    «سلمان للإغاثة» يوزّع مساعدات غذائية متنوعة في بعلبك والكورة بلبنان    إلزام المبتعثين بتدريس الصينية    منافسات سباقات الحواجز تواصل تألقها في بطولة العالم للإطفاء والإنقاذ 2025    أمير منطقة جازان يستقبل مواطنًا لتنازله عن قاتل والده لوجه الله تعالى    300 طالبٍ وطالبة موهوبين يشاركون في معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي في الدمام    الفيدرالي الأمريكي يخفض سعر الفائدة للمرة الثانية    "GFEX 2025" تستعرض أحدث تقنيات الطب الشرعي    هيئة الأمر بالمعروف بجازان تفعّل معرض "ولاء" التوعوي بمركز شرطة شمال جازان    «هيئة الأوقاف» تنظم ندوة فقهية لمناقشة تحديات العمل بشروط الواقفين    سوريا تعلن الاعتراف بكوسوفو بعد اجتماع ثلاثي في الرياض    الفالح ينوه بالخدمات المقدمة للشركات العائلية في المملكة    حضور ولي العهد جلسة الرئيس الشرع امتداد للدعم السعودي لسوريا    "رهاني على شعبي" إجابة للشرع يتفاعل معها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان    الأفواج الأمنية بجازان تقبض على مخالف لنظام أمن الحدود لتهريبه 84 كيلو جرامًا من نبات القات المخدر    عطارد يزين الليلة سماء السعودية    العويران: نصف الرياضيين يعزفون عن الزواج.. "يبحثون عن الحرية بعيدًا عن المسؤوليات"    روائع الأوركسترا السعودية تعود إلى الرياض في نوفمبر    ارتفاع الوفيات المرتبطة بالحرارة عالميا 23٪ منذ التسعينيات    غضب من مقارنته بكونسيساو.. خيسوس: رحلة الهند سبب الخسارة    القيادة تهنئ رئيس التشيك بذكرى «اليوم الوطني»    الناصر: زيادة إنتاج الغاز والكيماويات    أطلقها نائب وزير البيئة لدعم الابتكار.. 10 آلاف مصدر علمي بمنصة «نبراس»    دعا لتشديد الضغط على موسكو.. زيلينسكي: أوكرانيا مستعدة للسلام دون تنازل عن أرض    وسط مخاوف من تصعيد إسرائيلي.. أورتاغوس تبحث جهود إزالة مخابئ سلاح حزب الله    أشادت بدعم السعودية للبرنامج الإصلاحي.. فلسطين تطالب «حماس» بتوضيح موقفها من السلاح    أكد أن الاتفاق مع باكستان امتداد لترسيخ العلاقات الأخوية.. مجلس الوزراء: مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار يدفع نحو التنمية والازدهار    التعلم وأزمة المعايير الجاهزة    الاتحاد يقصي النصر من كأس خادم الحرمين الشريفين    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالمحمدية في جدة يستأصل بنجاح ورماً ضخماً من البنكرياس ويعيد بناء الوريد البابي    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالتخصصي يُجري الفحوصات الطبية للملاكمين المشاركين بنزالات موسم الرياض    منتديات نوعية ترسم ملامح مستقبل الصحة العالمية    قصيدة النثر بين الأمس واليوم    فترة الإنذار يالضمان الاجتماعي    فيصل المحمدي من بيت امتلأ بالصور إلى قلب يسكنه التصوير    ولادة توأم من بويضات متجمدة    العلماء يحذرون من الموز في العصائر    أمير منطقة تبوك يستقبل مدير شرطة المنطقة    أمير جازان يستقبل المستشار الشرعي بفرع الإفتاء في المنطقة    كباشي: شكراً صحيفة «البلاد»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ريدلي سكوت يعيد المصارع الروماني على طريقة هوليوود القديمة
نشر في الحياة يوم 19 - 05 - 2000

ثمة لوحة لرسام القرن التاسع عشر الفرنسي جان-ليون جيروم تصور مصارعاً رومانياً واقفاً وقدمه فوق مصارع آخر سقط أرضاً وسيفه مصلت عليه، ينتظر أمر الامبراطور الروماني بقتله.
المخرج لا يدعي أنه وضع اللوحة المرسومة بدقة أمامه وهو يصور فيلم "المصارع"، لكنه يؤكد أنه تعرف إلى الفيلم الذي يريد أن يحققه بمجرد أن تذكرها.
"لم أقرأ السيناريو قبل أن أقول نعم. سارعت بالموافقة بمجرد أن تذكرت تلك اللوحة الموحية". وهناك مشهد من هذا النوع في "المصارع"، من بطولة راسل كرو الذي يخبرني أنه لم يفهم شيئا من الغناء في المغرب حيث تم تصوير نحو 25 في المئة من الفيلم "لكنني أحببته على آي حال وحاولت أن أدندنه... فالعربية لغة صعبة". "المصارع" Gladiator ربما أصعب منها. فهو أول فيلم من نوع افلام المصارعة الرومانية التي كان بينها، أيام عزها، "كوفاديس" و"بن هور" و"كليوباترة" و"سبارتاكوس"، والتي توقفت قبل 35 سنة عندما أخفق فيلم "سقوط الأمبراطورية الرومانية" من اخراج انطوني مان في إثارة المشاهدين على نحو فاعل وناجح.
في تلك الأفلام كان معتاداً أن نتعرف الى صراعات الحكم في القصور الرومانية المرفهة، مختلطة بصيحات الإثارة التي كان يشعر بها أبناء الشعب المتحلقون حول ميادين المصارعة. في تلك الميادين مبارزون عتاة يدافع كل منهم عن حياته. هذا بسيف حاد، وآخر برمح طويل، وثالث بكرة حديد ثقيلة، وغيرهم بما اختلف وتنوع من أسلحة يدوية أخرى. وكل هؤلاء يتبارزون في ما بينهم حتى الموت. الدماء تسيل والأحياء يرفعون أنظارهم الى الأمبراطور الذي يعطيهم إشارة بإبهامه: الى أعلى تعني منحه الحياة للمصارع المهزوم، والى اسفل وهي الأكثر تكرارا تعني موافقته على الإجهاز عليه. ما على المصارع الا أن يغمد ذلك السيف في الضحية التي كانت ستفعل الشيء نفسه لو أنها هي التي استقوت وغلبت.
واذا لم يكن أي من ذلك كافياً، ووُجه المصارعون بأسود يفتح الباب لها، فتهجم للالتحام بالمصارعين. بعض هؤلاء يقع سريعاً ويلتهمه الأسد، وبعضهم يحسن الدفاع عن نفسه ويكاد يلتهم الأسد.
فكتور ماتيور كان بطلاً مثالياً في مثل هذه الأفلام، وهو قتل أسدين على الأقل.
والراحل حديثاً ستيف ريفز قتل أكثر، وكمثل هرقليس هدم القصور على اباطرتها. اما كيرك دوغلاس فكان همه في "سبارتاكوس" تحرير العبيد.
وستيفن بويد في "سقوط الإمبراطورية الرومانية" لم يتعرف إلى صديقه من عدوه. الحياة تساوت في الحلبة وهو يحاول أن يبقى حيا.
هنا في الفيلم الجديد، نجد الاسترالي راسل كرو، شاهدناه أخيراً في "الداخلي" ومن قبل في "سري لوس أنجليس" مقبولاً كروماني. متوسط الطول وهو ممتلئ الجسم وفي عينيه ذلك الانفعال الصامت، يؤدي دوره جيداً ويمنح الفيلم الثقل الجاد. من دون بطل حقيقي يتمتع بمثل هذه النظرات الصارمة والوجه الذي لا يبتسم، والذي يحمل ذلك الانفعال الغاضب، ربما بدا الفيلم بأسره بعيدا من الجادة التي يجب أن يكون عليها. وراسل كرو يؤمن كل ذلك في سهولة.
تيار العنف الواقعي
يبدأ الفيلم بمشهد قتال عنيف: ماكسيموس راسل كرو يقود الجنود الرومانيين ضد الجحافل الجرمانية الغازية وينتصر عليها في موقعة تبدو متأثرة بالتيار الواقعي للعنف الذي لم يعد من الممكن استبعاده. وسواء أكان الفيلم رعاة بقر "الزمرة المتوحشة" لسام بكنباه ام ساموراي "كاغاموشا" أو "ران" لأكيرا كوروساوا ام حربيا "الخط الأحمر النحيف" لترنس مالك، فإن الواقعية أصبحت لازمة. انها العنف المعالج شعراً، ولو أن ريدلي سكوت يكتفي بالمقدار الواقعي تاركاً الشعرية لغيره. رؤية تلك المواقع في الدقائق الأولى من الفيلم تؤمن مدخلاً متلائماً مع وضعية الفيلم وأسلوب معالجته. لكنها دقائق يسيرة وغير كافية لتجسيد دلالاتها الا بربطها مع ما يتبع.
وإذ يخرج ماكسيموس منتصراً من الموقعة، يقرر الامبراطور الروماني ماركوس ريتشارد هاريس تعيينه خليفة له، مفضلاً اياه على ابنه كومودوس جوكين فينكس. هذا ما يثير غيرة كومودوس فيقتل أباه ويغير في الوصية ويعتقل ماكسيموس ثم يرسل من يقتل زوجته وطفلهما.
لكن ماكسيموس يهرب من الاعتقال ويكتشف ما فعله عدوه بعائلته، ولو أنه لا يمنح الفرصة للانتقام، اذ أنه يقاد أسيراً الى المغرب، حيث يتم تجميع الأسرى وتحويلهم عبيداً وتدريبهم على القتال لإعادة بيعهم الى روما كمصارعين. ماكسيموس يبدي مهارة في التدريبات هو المقاتل المحترف، ما يلفت بروكسيمو اوليفر ريد فينقله على رأس مجموعة الى روما حيث يدخل ماكسيموس سلسلة من الصراعات في الحلبة، وهو كلما انتصر في موقعة، نظر الى كومودوس بعينين شذرتين: دورك آت. انتظر. وينتظر معه المشاهد. فالانتقام هو المحرك الدرامي الأول في هذا الفيلم الذي قد لا يتمتع بهوامش عريضة على صعيد السيناريو، لكن المخرج ريدلي سكوت "بليد رانر" و"غريب" و"ثلما ولويس" بين أخرى عدة عرف كيف يرمم هذه الفجوات بإدارة اسلوبية جامعة للأحداث يساعده في ذلك راسل كرو في اداء متين وجديد عليه.
علامات اجتماعية
هناك بحث في شذوذ كومودوس نحو شقيقته لوسيليا الجديدة كوني نيلسون، لكنه مرصوف من أجل زيادة النقمة عليه وجعل مقتله خلاصاً لشقيقته ولروما وإشباعاً لغليل ماكسيموس بمباركة "المتفرجين الجدد" في الصالة. فالفيلم هو حال أخلاقية قديمة، مثل نوعه، لا مجال فيها للالتباس: البطل بطل كامل، والشرير شرير كامل، وليس الحال كما في الكثير من أفلام اليوم، حيث يمتزج الاثنان صوب الرمادية المشوشة.
و"المصارع" قد يكون عنيفاً، لكن ما يجعله كذلك ليس مشاهد دماء سائلة - وإن موجودة - ، بل معالجة المخرج لما يراه واقعيا في حينه. هذا يتبدى في التفاصيل ثياب، ديكورات الخ.. كما في اقتراب المخرج من علامات اجتماعية يراها كانت موجودة آنذاك كما هي موجودة اليوم نوعية العنف نفسه وهيجان الناس له. "المصارع" يتعامل ايضاً مع المشاعر في الشخصيات نفسها على نحو جيد. وهناك دور كاد أن يكون رئيسياً للممثل أوليفر ريد، لولا أنه مات خلال التصوير. ريد يؤدي دور المصارع القديم الذي تحول تاجراً بشرياً، لكنه لا يزال يحمل قلب محارب، وهو الذي يسدي لماكسيموس النصيحة: اذا أردت الفوز اجتذب حب الناس.
المؤسف في حاله أنه أدمن الشرب حتى مات فجأة خلال التصوير لا، لن تجده مترنحاً في مشاهده لأنه كان لا يشرب خلال العمل، فقط قبله وبعده وعبر الصور التي نراها نتذكره في بعض أفضل اداءاته، وبينها "الفرسان الثلاثة" و"الشياطين" و"عمر المختار".
في نهاية المطاف، كان لا بد من أن يقتل ماكسيموس عدوه كومودوس، لكن المبارزة النهائية بينهما خرجت من أسر المتوقع بنجاح. المشاعر الحادة بين الشخصيتين من ناحية، وتلك التي يرسبها الفيلم في المشاهدين، من ناحية أخرى، تجعل كل شيء ممكناً.
في طيات كل ذلك، هناك شجاعة عتيدة من المخرج سكوت تتبلور على أكثر من نحو، بينها أنه آثر تحقيق فيلم قديم العهد بحلة جديدة من دون تطوير غير ضروري في الشخصيات. ليس هناك مهازل أو شخصيات لكي تلطف الجو، أو أي شيء يبعد الحال المعروضة او يخفف وقعها. والجهد بأسره ليس ناجحاً فنياً فقط، بل ناجح تجارياً ايضاً: 32 مليون دولار في ثلاثة أيام أولى من العرض تؤكد ذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.