ازداد الحديث في الآونة الأخيرة حول ارتفاع اسعار الاسماك في الاسواق العمانية وندرتها وأسباب ذلك، ووجهت الاتهامات الى جهات معينة يعتقد انها تسببت في الارتفاع الكبير في اسعار الاسماك والذي وصل الى اكثر من 300 في المئة بالنسبة لبعض الأنواع. ومنذ اعوام قليلة كان سعر كيلو الجيذر مثلاً لا يزيد على نصف ريال عماني الريال 2.6 دولار وقد يقل عن ذلك، اما خلال الاشهر الأخيرة فإنه وصل احياناً الى ريالين، الأمر الذي اعتبره البعض مساساً بلقمة المواطن الذي اعتاد طوال حياته على هذا الغذاء ومن الصعب التنازل عنه الى لحوم مستوردة لا طعم لها أو دواجن لا مذاق لها، خصوصاً وان السواحل العمانية تمتد لآلاف الكيلومترات ويقدر الفائض من الثروة السمكية في عمان بنحو 40 ألف طن سنوياً. وتشير آخر الدراسات الحكومية الى ان الاستهلاك المحلي من الاسماك يبلغ 89 ألف طن سنوياً وهناك ايضاً ثلاثة الاف صياد يمارسون هذه المهنة. وتدور شكاوى هؤلاء الصيادين حول سفن الصيد الاجنبية التي تجرف الأخضر واليابس وتستطيع الصيد بجرافات تدخل بها الى نقاط في البحر لا يستطيع الصياد بقاربه الصغير الوصول اليها وبالتالي فإن الأسماك تقل في مناطق صيده تدريجياً ولا يبقى له سوى الأسماك الصغيرة. وينفي المسؤولون العمانيون هذه التهمة عن شركات الصيد التي تخضع لمراقبة، ويلقون باللوم على التجار في مسألة غلاء الأسماك في الاسواق المحلية. وهناك 50 سيارة تقوم يومياً بتحميل الاسماك الى اسواق الدول المجاورة، وهذا يعطي دلالة على ان الاسماك موجودة، الا ان الاستنزاف العشوائي والتصدير الذي يعطي ربحية أكثر يجعل من المستهلك ضحية ولا يكون لديه الخيار سوى شراء ما يتبقى له في الاسواق المحلية وهو القليل كماً ونوعاً. وتشجع الجهات الرسمية عملية التصدير نظراً الى أنها تعود بالفائدة على الاقتصادي المحلي مؤمنة بهموم السوق الحرة في عملية الاستيراد والتصدير. وعلى سبيل المثال فإن طن الاسماك الذي يباع محلياً بمئة ريال يباع في الخارج بمئتين. وبلغت مساهمة قطاع الاسماك في الدخل العماني 55 مليون ريال وبلغت قيمة الصادرات منها أكثر من 28 مليون ريال. ونظمت الحكومة العمانية عملية الاستيراد حفاظاً على الاسواق المحلية من الاغراق بأسماك من الخارج تؤثر على الصياد المحلي. ويسمح باستيراد 18 ألف طن سنوياً بينما يبلغ انتاج عمان من الاسماك سنوياً 107 آلاف طن، علماً ان الحسابات غير دقيقة نظراً الى كثرة المناطق التي يقوم الصيادون فيها بممارسة هذه المهنة، اضافة الى ان شركات الاسماك الكبرى قد لا تعطي ارقاماً واقعية. وحسب الاحصاءات الرسمية فإن استهلاك المواطن العماني من الاسماك مرتفع جداً، اذ يبلغ 39 كيلوغراماً سنوياً مقارنة بالمتوسط العالمي الذي يبلغ 11 كيلوغراماً، ويبلغ في اوروبا 20 كيلوغراماً. والفارق كبير بين استهلاك المواطن العماني حالياً وما كان عليه الأمر قبل عقدين أو أزيد عندما كانت الاسماك الطبق اليومي في ظل شبه الندرة في اللحوم المحلية التي كان سعر الكيلو منها يصل الى خمسة ريالات، ولا يزال هذا السعر على حاله الى اليوم، لكن اللحوم المستوردة متوافرة بسعر ريال واحد للكيلوغرام اضافة الى انشاء مزارع كبرى للدواجن مستفيدة من دخول الكهرباء الى معظم المناطق والقرى العمانية، الأمر الذي هيأ تخزيناً مريحاً للدواجن المجمدة أو اللحوم. وهذا كله قلل اعتماد المواطنين العمانيين على الاسماك وحدها، لكن على رغم ذلك فإن معدل استهلاك الفرد للاسماك لا يزال مرتفعاً جداً. وبدأت شركات كبرى تخزين الاسماك في أوقات الوفرة وطرحها في مواسم تقل فيها بسبب الطقس والرياح وغير ذلك من الظروف، الا ان حرص المستهلك على ان يحصل على أسماك طازجة عقد الأمر بالنسبة لتلك الشركات. ونادراً ما يقبل المستهلك المحلي بأسماك مثلجة، مقتنعاً أنها لا تشبه الطازجة الا في الشكل فقط. وتدرس الحكومة العمانية حالياً انشاء اسواق مركزية لبيع الاسماك ليتم توفيرها بشكل كبير وبأسعار مناسبة اضافة لقيامها منذ سنوات بانشاء عدد من موانئ الصيد واعطاء قروض ميسرة للصيادين ومنحهم قوارب صيد بأسعار مخفضة جداً. ونظمت وزارة الزراعة والثروة السمكية صيد بعض الانواع من الاسماك حفاظاً عليها من الانقراض ومنها الشارخة الاستاكوزا والصفيلح الذين يباعان بأسعار عالية، ويقتصر شراؤهما على فئات معينة وفي مطاعم الدرجة الأولى والفنادق.