الأخضر الأولمبي يخسر بخماسية أمام اليابان في افتتاح مشاركته بالدورة الودية بأوزبكستان    "بيت الشاورما" تعزز دعم المحتوى المحلي من خلال شراكتها مع تلفاز 11    القبض على شخص في تبوك لترويجه الحشيش والإمفيتامين    المملكة تبرز جهودها في اليوم العالمي للوقاية من الغرق    32 لاعباً يتأهلون إلى دور ال16 في بطولة العالم للبلياردو بجدة    ترمب: فرصة التوصل لاتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي 50%    عرض إنجليزي من أجل ميتروفيتش    ترمب: جيروم باول ربما يخفض أسعار الفائدة    الرئيس التنفيذي لليفربول: إنفاقنا مدعوم بلقب الدوري وخطة طويلة الأمد    مركز التنمية الاجتماعية بجازان ينفذ مبادرة"خدمتنا بين يديك"في مجمع الراشد مول بجازان    الخارجية الفلسطينية ترحب بإعلان فرنسا عزمها على الاعتراف الرسمي بالدولة الفلسطينية    رئيس مجلس الأعمال السعودي السوري: نؤسس لشراكة تنموية في مرحلة إعادة إعمار سوريا    وزير الصحة: انخفاض الوفيات بنسبة 17% ثمرة السياسات الوقائية    وزارة الرياضة تعلن تخصيص أول ثلاثة أندية (الأنصار والخلود والزلفي) وفتح المجال للتخصيص في بقية الأندية الرياضية    الجهني: يدعو لتقوى الله وينهى عن التشاؤم بالأيام    الشيخ القاسم: الرسالة النبوية أعظم نعم الله ومصدر النجاة في الدنيا والآخرة    الفتح يواصل الإعداد ويكثّف التدريبات البدنية والفنية    فتح التقديم لجائزة "إثراء للفنون" بقيمة 100 ألف دولار    أتربة ورياح نشطة على عدة مناطق اليوم    القيادة تهنئ رئيس تونس بذكرى إعلان الجمهورية    "آل مداوي" يحتفلون بالدكتور "جبران" بحصوله على درجة الدكتوراه    أمير جازان يطلع على جملة المشروعات المنجزة والجاري تنفيذها بمحافظة الدائر    رئيس الوزراء الإسباني يرحّب بإعلان فرنسا أنها ستعترف بدولة فلسطين    وزير أمريكي: التجارة مع الصين في "وضع جيد"    القيادة تعزي رئيس روسيا في ضحايا حادث تحطم طائرة ركاب    جمعية الإعاقة السمعية في منطقة جازان تزور مسنًا تجاوز التسعين من عمره    أكثر من 40 ميدالية في ختام بطولة المملكة البارالمبية لرفع الأثقال للرجال والسيدات    القمامة الإعلامية وتسميم وعي الجمهور    «بيئة جازان» تنظم ورشة عمل عن طرق الاستفادة من الخدمات الإلكترونية الزراعية    حرس الحدود بجازان ينقذ مواطنَيْن من الغرق أثناء ممارسة السباحة    وفد ثقافي وفني يزور هيئة التراث في جازان لتعزيز التعاون في مجالات الهوية والتراث    المملكة تشارك في مؤتمر الأطراف باتفاقية الأراضي الرطبة "رامسار"    أمير جازان من الدائر: البن ثروة وطنية والدعم مستمر    6300 ساعة تختتم أعمال الموهوبين في أبحاث الأولويات الوطنية بجامعة الإمام عبد الرحمن    هيئة الأدب تستعد لإطلاق النسخة الرابعة من معرض المدينة المنورة للكتاب2025    أمير تبوك يطمئن على صحة الشيخ عبدالعزيز الغريض    أمير منطقة جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة الدائر    الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يلتقي وزيري الخارجية والداخلية الأفغانيين في كابل    الشؤون الإسلامية في جازان تواصل تنفيذ الدورة العلمية الصيفية الثالثة    مستشفى المهد يعتمد تقنية تخدير الأعصاب لتقليل الألم    الإحصاء: ارتفاع الصادرات غير البترولية بنسبة 6.0% في مايو 2025م    تحطم طائرة الركاب الروسية المفقودة    الأمير محمد بن عبدالعزيز يستقبل قائدَي قوة جازان السابق والمعيّن حديثًا    الإحسان الطبية تنفذ مشروع «الإستشاري الزائر» في مستشفى صامطة العام    السعودية تدين مطالبة الكنيست الإسرائيلي بفرض السيطرة على الضفة والأغوار المحتل    منظمة الصحة العالمية تنفي انتهاك السيادة الأمريكية    أكثر من 7 آلاف زيارة منزلية خلال 6 أشهر بمستشفى الظهران    "الداخلية" تعلن فتح تحقيق في انتهاكات السويداء.. لا إعدامات جماعية في سوريا    الوفد السعودي بدأ زيارته لدمشق.. اتفاقيات اقتصادية لدعم التنمية في سوريا    واست رئيس بنغلاديش في ضحايا سقوط الطائرة.. القيادة تهنئ الرئيس المصري بذكرى اليوم الوطني لبلاده    المفتي يطلع على أعمال "حياة"    توجه رئاسي لحصر القوة بيد الدولة.. غضب على «حزب الله» في الداخل اللبناني    وسط تحذيرات دولية وركود في مفاوضات الهدنة.. غزة على شفا مجاعة جماعية    الصنهاج والزهراني يحتفلان بزواج ريان    بالتنسيق مع 5 وزارات تمهيداً لوضع الإجراءات.. "البلديات" تشترط عدم كشف مساكن العمالة للجيران    تعاون سعودي – سريلانكي في مجالات الإعلام    اختيار سلمان: هكذا أطلق صقره ليحلق بالوطن    مفوض إفتاء جازان يستقبل منسوبي إدارة جمعية سقيا الماء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحو كتابة أرشق وأوضح وأدق . نظرة تاريخية إلى مفهوم الترقيم ... وصلته بمصطلحات التنقيط والوقف
نشر في الحياة يوم 02 - 11 - 2000

تشكو الكتابة العربية الراهنة، من انحسار الترقيم فيها انحساراً خطيراً يتناقض مع ما تتجه إليه الكتابة في اللغات الأخرى من الدقة، والموضوعية، والعناية المنطقية بعلامات الترقيم. التي يسهل بها الفهم، والإدراك، وتتضح بها النبرات الصوتية المعبّرة عن المعاني والأساليب التي تقتضيها طبيعة الكتابة، فكانت النتيجة عندنا: عجز القارئ أو اضطرابه لدى الأحوال الصوتية التي يجب أن يدلّ عليها الترقيم في المكتوب: الترقيق، والتفخيم، والوقف، والفصل، والوصل، والتعجب...
وهذا الواقع يشعرنا بأطوار الحاجة إلى تدارك النقص الحاصل في مناهجنا التعليمية، في هذا الجانب المهم الذي أولته الأمم المتقدمة ما يستحقه من رعاية وعناية واهتمام تتجلى في: إن الكاتب يعبّر عن موضوعه المكوّن من عدد من الأفكار، وفكرته المتكونة من عدد من الجمل، بسلسلة من الكلمات التي تؤدي معنى كاملاً مستقلاً. واستخدام علامات الترقيم يكون بمثابة الوسيلة في الدلالة على العلائق التي تربط بين الكلمات من جانب، وبينها وبين الجمل من جانب آخر، مما يضفي على الموضوع السلامة والوضوح، ويقود القارئ في نبراته الصوتية. فالفصل بين فعل الشرط وجوابه مثلاً بالفاصلة، يعطي القارئ شبه استراحة تدل على انتهاء مقدمة الكلام. ووضع النقطة نهاية الجملة يوحي للقارئ بانتهاء فكرة جزئية يستريح عندها قليلاً لينتقل الى فكرة قادمة، فارتباط المعنى بالوقف يكون ارتباطاً مهماً، والجملة العربية ينبغي ان تكون من الوضوح بحيث ان تغييراً بسيطاً لو جرى في جزء منها لأثَّر هذا التغيير في الوضوح نفسه.
واذا كانت أهمية الترقيم تشتد بروزاً في التفريق بين الجملة إعرابياً وبيانياً، فإن الفكرة المتكونة من عدد من الجمل، هي التي ينشدها الكاتب أو القارئ معاً، مما يجعله يُميّز الجمل بعضها من بعض.
وتتجلى أهمية علامات الترقيم في تحديد مواضع الوقف، حيث ينتهي المعنى أو جزء منه، والوقف: قطع الصوت على الكلمة زمناً يتنفس فيه القارئ عادة بغية استئناف القراءة مما يلي الحرف الموقوف عليه أو بما قبله، "ولا يتم الوقف على المضاف دون المضاف إليه، ولا المنعوت دون نعته، ولا الرافع دون رفعه، وعكسه، ولا المنصوب دون ناصبه، وعكسه، ولا المؤكد دون توكيده، ولا المعطوف عليه دون المعطوف، ولا المبدل منه دون البدل، ولا ان أو ظنّ وأخواتها دون اسمها، ولا اسمها دون خبرها". 1 وكذلك تحديد مواقع الفصل بين أجزاء الكلام، وفصل الجمل وتمييزها من بعضها، والإشارة إلى انفعال الكاتب، وتعجبه، ودهشته.
وتترتب على علامات الترقيم أهمية كبيرة في تنويع النبرات الصوتية أثناء القراءة وطريقة الإلقاء" التي تعتمد على اداء صوتي معيّن يبرز معاني الكلمات المنطوقة بما يتناسب وكل موضع من مواضع الاستفهام، أو التعجب...
ويترتب على علامات الترقيم ما يختص بالإعراب وضبط أواخر الكلمات، والحركات" ففي جملة ما أعظم الانجازات العلمية: اذا وضعنا في نهايتها علامة التعجب، كان علينا فتح آخر أعظم، لأنها فعل ماض للتعجب، وآخر كلمة الانجازات لأنها مفعول به. أما إذا وضعنا في نهايتها علامة الاستفهام، فنرفع كلمة أعظم لأنها للتفضيل خبر ما، ونجر كلمة الانجازات لأنها مضاف إليه.
وتعطي علامات الترقيم جمالاً وظيفياً إلى زخرفة الجملة العربية وجمالية الخط العربي، وتتجلى بوضوح في المقارنة بين كتابة مرقمة وأخرى غير مرقمة.
ولقد أدرك العاملون في مجال المعلومات أهمية استخدام تقنين دولي موحد لعلامات الترقيم في مجال الوصف البيلوغرافي للإنتاج الفكري، على تعدد أشكال بروزه، وتمخض التصور الذي وضعه المؤتمر العام للاتحاد الدولي لجمعيات المكتبات في فرنسا عام 1973 عن: "التقنين الدولي للكتب"، و"التقنين الدولي للدوريات"، و"التقنين الدولي للمواد غير الكتب"، مما يمكِّن المعلوماتي العمل في إنجاز الشبكة الدولية للاتصالات وتبادل المعلومات عبر الأقمار الاصطناعية، من فهم الوثائق المنتجة في مختلف الثقافات القومية الكثيرة. وكذلك فعل العاملون في مجال التصنيع والتقييس والاختراعات، فقد وضعت المنظمة الدولية للتقييس الآيزو، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم، "كتب مواصفات الايزو رقم واحد"، ووضعت المنظمة العربية للمواصفات القياسية "تعليمات استخدام الأقواس في اللغات والرياضيات" عام 1985م بهدف توحيد كتابة المواصفات القياسية للصناعات وبراءات الاختراع. إن هذا الإدراك الدولي يؤكد الأهمية القصوى لعلامات الترقيم بوصفها رموزاً دالّة في التراسل الدولي والبث الانتقائي للمعلومات.
ويسأل سائل عن مصطلح "الترقيم" هذا في مصدره، وفيما يمكن أن يعوّض عنه بمصطلحات أخرى نحو: "التنقيط"، و"الوقف"، وما يمكن أن يسببه أي من هذه المصطلحات، ولا سيّما الترقيم، من اختلاط بدلالات سابقة مستقرة في المصطلح العربي. ونجيب على ذلك ان لنا أزاء اختيار مصطلح أو الترجمة لمصطلح "البانكجويشن" عدة اختيارات: الأول: نتبع المنهج الذي اتبعه الانكيز في اختيار مصطلحهم من النقطة فنقول: "التنقيط". لكن هذا يختلط لدينا بالتنقيط الذي هو إعجام الحروف العربية أي: وضع نقاط الحروف المنقوطة تمييزاً لها من المهملة، وقد جاء في مادة نقط في معجم لسان العرب "نقط الحرف ينقطه نقطاً أعجمه"، 2 ولدينا من التراث العربي في ذلك كتاب الخليل بن أحمد الفراهيدي بعنوان "النقط والشكل". الثاني: الوقف والوصل أو القطع والإئتناف، زد على ذلك أنه لا يتكون من كلمة واحدة، وهذا يقلل من الدلالة الاصطلاحية. الثالث: الترقيم: والترقيم في المعجمات العربية بعيد عما نحن فيه ففي "لسان العرب": "الرقم والترقيم تعجيم الكتاب، ورقم الكتاب يرقمه رقماً أعجمه وبيّنه. وكتاب مرقوم بيّنت حروفه بعلاماتها من التنقيط"، 3 وعلى هذا نعود في الترقيم إلى التنقيط على حين أن الترقيم الذي نقصده، هو شيء غير هذا.
وجد في العربية الأرقام التي هي الأعداد، وصرنا نقول الترقيم ونقصد وضع الأرقام، ففي "المعجم الوسيط": "الرقم هو الرمز المستعمل للتعبير عن أحد الأعداد البسيطة، وهي الأعداد التسعة الأولى والصفر، وجمع الرقم أرقام. 4 ولم تذكر المعجمات تاريخ استعمال هذا المصطلح" ولكن الذي لا شك فيه أن مصطلح الترقيم الذي اختاره "أحمد زكي ياشا" ترجمة لمصطلح "بانكجويشن" يختلط بهذه المعاني للترقيم سواء في نقط الكتاب، أو، في الرمز عن الأعداد. وبما أن الكلام على الترقيم بالمعنى الذي اختاره أحمد زكي تكرر حتى أخذ الدلالة الخاصة به، وقد تبعه عليه آخرون، فقد اخترناه عنواناً لموضوعنا، ومعلوم أن الذي يدفع اختلاط مصطلح الترقيم بغيره: كالنقط، أو، الوقف، أو، العدد، هو سياق الاستعمال.
والترقيم أي البانكجويشن Punctuation في اللغة الانكليزية "استعمال الفواصل، والعلامات الاصطلاحية والرموز الارشادية الطباعية، لفرض فهم وتصحيح القراءة والكتابة، 5 وهو لديهم مشتق من النقطة Punctus باللغة اللاتينية منذ عام 1540م، 6 وهذا يعني أن أول علامة للترقيم ظهرت عندهم هي النقطة وحدها Point, Full Stop وهي علامة مستديرة للوقف التام حين يسكت القارئ عندها سكوتاً تاماً ويتنفس معها. وهي قديمة عند العرب، وكانت ترسم دائرة مجوفة يضع قارئ النسخة المخطوطة على الشيخ نقطة داخلها ليدلل على مراجعته لها. وتقع بعد كل جملة تامة المعنى مستقلة عما بعدها في المعنى والإعراب، وبعد نهاية الفقرة، وبعد المختصرات، وهي نقطة أصلها علامة مستديرة سوداء دون بياض.
كوما Comma ، منذ 1589م وترسم عندهم واواً صغيرة قلبناها نحن وسميناها الشولة لأنها تشبه شولة العقرب، والفارزة، والفصلة، والفرزة، والفاصلة التي هي أشيع مصطلحاتنا لها وهي علامة الوقف الناقص وتكون بسكوت المتكلم سكوتاً قصيراً لا يحسن معه التنفس ويقول المرحوم الكرملي ان الافرنج لم يبحثوا في كتبهم عن أصلها وعمن تلقوها، ويرجع أصلها إلى كتب التجويد القديمة حين كانوا يستغنون عن ذكر اللفظة كلها بأول حرف منها أي ف ثم أهملوا تنقيطها وبقي من الكلمة رأس الفاء أي و وبقي اسمها فاصلة 9 سمي كولن Semicolon " منذ عام 1644م 10 وترسم واواً مقلوبة صغيرة تحتها نقطة وهي علامة الوقف الكافي حين يسكت القارئ سكوتاً يحسن معه التنفس، وسميناها الشولة المنقوطة، أو، الفاصلة المنقوطة.
كوسشن مارك Question Mark ؟ وهي علامة توضع بعد نهاية الجملة المستفهم عنها، ويعلل انستاس ماري الكرملي أصلها بقوله "الذي عندنا أنها حرف س العربي منكوس الوضع، وهو مقطوع من كلمة استفهام، كانهم يشيرون إلى أن العبارة هي عبارة سؤال لا عبارة إخبار"، 11 وترسم في العربية عكس رسمها في الانكليزية.
اكسكلامشن مارك Exclamation Mark! وهي عندنا علامة التعجب وتوضع بعد كل كلام يدل على تعجب، أو تحذير، أو حزن، أو فرح، أو استغاثة، أو دعاء، أو إنكار، أو استغراب، وقد تضاف علامة التعجب بعد علامة الاستفهام عندنا لتدل على الاستفهام الاستنكاري، وكل استفهام ليس على حقيقته.
أهلة الاقتباس َQuatation Mark "" منذ 1683م، وترسم عندهم فارزتين مقلوبتين بداية الاقتباس وأخريين عكسهما نهايته، وهي عندنا ضبّتان توضع بينهما الجمل والعبارات المنقولة بالحرف.
النقطتان الرأسيتان Colon :، منذ 1589م 12 وترسمان نقطة فوق الاخرى ليقوم ما بعدهما مقام الشرح لما قبلهما، حيث توضع هذه العلامة قبل الكلام المقول، أو المنقول، أو المقسم، أو المنوّع، أو المجمل بعد تفصيل، أو المفصّل بعد إجمال، وفي بعض مواضع الحال والتمييز.
نقط الحذف والإضمار ...، وهي اثنتان فأكثر من النقط توضع للدلالة على أن في موضعها كلاماً محذوفاً أو مضمراً، وهي حديثة الإستعمال.
الشارحة Hyphen , Dash - وهي علامة لربط الجمل أو الكلمات المركبة منذ 1868م، وقلما تستعمل لهذا الغرض في العربية، وقد استعملت كذلك للاشارة عندهم إلى التوقف القصير بين كلمتين في الجملة، وتسمى عندنا الشرطة.
الأقواس المدورة Round Bracket : ويوضع بينهما الألفاظ التي ليست من أركان الكلام مثل الكلمات المفسرة، وألفاظ الاحتراس، والألفاظ والعبارات التي يراد لفت النظر إليها، وألفاظ الدعاء...
القوسان المضلعتان Square Bracket ] [ يحصران ما يزاد من نصوص وعنوانات جديدة عند التحقيق، أو النقل من مصدر لدى التأليف. وتستعمل لحصر التعابير المعترضة في الانكليزية.
الأبوستروف Apostrophe يستعمل للدلالة على الحرف المحذوف داخل الكلمة وعلى أحرف العلة، وعند الإضافة. ولا نعرف استعمالاً لها في العربية.
الخطان المائلان Pair of slash ويستعملان لحصر التلفظ وكيفية النطق بالصوت، ولا يستعملان في العربية.
ويدخل الاوروبيون الحرف الكبير Capitals ويقصدون به الحرف الأول من الكلمة الأولى في الجملة أو الفقرة، ومن أسماء الأعلام، أو العصور التاريخية، أو لفظها الجلالة أو الألقاب الرسمية، في دراستهم للترقيم وهو عند العرب المعاصرين حرف وليس ترقيماً.
لقد اهتمت الدول الأوروبية بالتراث العربي بعد تطور الطباعة لديها. فظهرت الطباعة بالعربية عندها لأغراض متعددة يقف في طليعتها التبشير ودوافعه فضلاً عن نشر الفكر العلمي العربي والإفادة منه في تطوير الحضارة الأوروبية، فطبعت الكتب الدينية المسيحية والاسلامية، وكتب تعليم اللغة العربية نحوها وصرفها، زيادة على كتب العلوم الصرفة وعلم التاريخ عند المسلمين. وامتدت الطباعة العربية من ايطاليا 1499م الى فرنسا 1538م، وهولندا 1595م وألمانيا 1694م، ثم انكلترا 1650م.
ويبدو أن أول كتاب طبع بأحرف عربية كان "القرآن الكريم" في البندقية في مطبعة باغيني عام 1499م، ولكن نسخة واحدة من تلك الطبعة لم تصل إلينا. أما أول كتاب وصل إلينا بالعربية فهو كتاب "الاورلوجيون" المعروف بكتاب السواعية، والذي يحتوي على صلوات الساعات في الكنائس المسيحية، وقد طبعه غريغوري في مدينة قانو بايطاليا في 12/9/1514م في 211 صفحة 13 ومن بداهة القول، استخدام الاوروبيون علامات الترقيم التي استقرت في لغتهم منذ سنة 1640م، في تحقيق المخطوطات العربية التي أشرف عليها كبار مستشرقيهم مثل تلك التحقيقات الرصينة لكارلوس تورنبرغ لكتاب الكامل في التاريخ لابن الأثير، وقد أدرج قسم من المحققين علامات الترقيم العربية في هوامشه وزياراته وأبقى على النص الأصيل كما هو وارد عن مؤلفه بهدف الحفاظ على الأمانة العلمية بينما استخدم القسم الآخر علامات الترقيم في ضبط النصوص وتحقيقها، كما تعلم استخدامها في الكتابة بلغته الأوروبية، وحصر القسم الأخير من المحققين علامات الترقيم بين قوسين داخل النص المحقق إشارة لزيادته هذه العلامات من عنده ويلاحظ على هذه التحقيقات ترك المستشرقين نهاية الفترات دون نقاط وتركهم فراغاً صغيراً في بدايتها، وتشكيلهم الحروف، وترقيمهم السطور في الهامش الجانبي للصفحات.
وبذلك نعد التحقيقات الاوروبية لتراثنا العربي المخطوط، تلك التحقيقات التي طبعت بالعربية في البلاد الاوروبية، أول خطوة عملية لدخول الترقيم في الكتابة العربية المعاصرة.
أما الخطوة الثانية التي اعقبتها فكانت المطبوعات العربية الأولى في المشرق العربي منذ سنة 1610م، حين كانت مطبعة دير مار قزحيا الواقع في وادي قاديشا في لبنان، أول مطبعة، وقد طبعت كتاب المزامير سنة 1610م، أما في حلب فقد ظهرت بواكير الطباعة فيها منذ 1702م ثم توالت المطابع العربية في بلاد الشام، التي أشرف عليها - تأسيساً ورعاية - المبشرون المسيحيون منذ القرن الثامن عشر. واذا كانت المطابع الحديثة في بلاد الشام قد استوردت الأجهزة والأحرف العربية التي استخدمتها البلاد الاوروبية فقد استوردت كذلك علامات الترقيم الاوروبية معها واستخدمتها في مطبوعاتها اجتهاداً لما تعتقده يلائم الكتابة العربية كما يتجلى في كتاب "مجمع البحرين" للشيخ ناصيف اليازجي الذي طبع سنة 1856م، فقد استخدمت النجمة للفصل بين الجمل والنقطة بمثابة الفاصلة. واستخدمت النقطتين الرأسيتين بين القول ومقوله في طباعة كتاب "النوادر في اللغة" لأبي زيد سعيد بن أوس الانصاري ت 215ه الذي صححه وعلق عليه سعيد الخوري وطبع سنة 1894م، ويبقى هذا الاستخدام لعلامات الترقيم اجتهادياً على رغم جهدهم الكبير في تشكيل الحروف بشكل يجعلنا ننظر اليه في زماننا الحاضر بالاحترام.
ويتجلى تطور استخدام علامات الترقيم في الطباعة العراقية التي تأسست سنة 1861م في بغداد وهي مطبعة الميرزا عباس الحجرية بمقارنة طباعة كتاب "أخبار الدول وآثار الأول في التاريخ للقرماني" تصحيح ونشر محمد أمين بن أحمد، مع كتاب "الفوائد الألوسية على الرسالة الأندلسية" لعبد الباقي محمد افندي الألوسي المطبوع في مطبعة دار السلام ببغداد سنة 1894م فقد استخدمت في الأخير علامات الاقتباس والاقواس المدورة ونقطة نهاية الفقرة.
أما الطباعة في مصر العربية، فقد ظهر أول مطبوع صدر عن مطبعة بولاق سنة 1822م، وهو قاموس للغتين العربية والايطالية من وضع الراهب روفائيل، ولم يستخدم علامات الترقيم في الكتب الأولى التي طبعتها وهي ذات موضوعات حربية ومدرسية وثقافة اسلامية وأدب عربي. وقد استخدمت علامة الاستفهام في كتاب "تربية المرأة والحجاب" لمؤلفه محمد طلعت حرب وصدر عن مطبعة المنار بالقاهرة سنة 1901م ويبقى استخدام علامات الترقيم اجتهادياً حتى جاء شيخ العروبة أحمد زكي باشا 1867 - 1934م فحاول تدارك النقص الحاصل في الكتابة العربية ووضع كتابه "رسالة التقرير في علامات الترقيم" عام 1909م، وكانت هذه الرسالة بمثابة تنظير بحاجة الى تطبيق عملي لها في المطابع الأهلية ذلك ان ما صدر من مطبوعات بعد هذا بقي استخدام علامات الترقيم فيها اجتهادياً مثل كتاب "الأدب الصغير لابن المقفع" الذي نشره الشيخ طاهر الجزائري عام 1914 عن مطبعة البابي الحلبي. وقد جددت وزارة المعارف المصرية تقنين هذه القواعد التي وضع استعمالها بأمر الوزارة عبدالقادر عاشور، وطبعت عام 1923م، ولكن هذه القواعد فشل استعمالها في الكتابة العربية الحديثة. وقد دخلت علامات الترقيم المدارس العراقية بعد ثورة تموز 1958م في مشروع الوحدة الثقافية، لكن تدريس هذه العلامات قد أُبطل بعد تبديل هذه المناهج، والمناهج الدراسية في الجماهيرية العربية الليبية قد تضمنت تدريس هذه العلامات نظرياً من دون محاسبة الطلبة على استخدامها في الكتابة.
وأمة العرب اليوم، أمة الخطابة والبلاغة، أولى من غيرها، تدريس الطلبة من أولادها هذه العلامات، وتمكينهم من استعمالها بمهارة بعد أن وصل الامر بالكبار منا قبل الصغار بالتعلثم في قراءة النصوص نتيجة إغفال هذه العلامات التي تؤكد التجربة الانسانية أهميتها.
المصادر
1 اتجاهات التأليف في القراءات القرآنة /269.
2 لسان العرب / مادة نقط.
3 لسان العرب / مادة رقم.
4 المعجم الوسيط / مادة رقم.
5 The Encyclopedia Britanica / 15:274
6 Webester 3rd English Dictionary / 1842
7 جمهرة اللغة / مادة فوز.
8 تحقيق التراث / 110.
9 أصل علامة الفصل عند الغربيين. مجلة لغة العرب 5:5:276.
10 The short Oxford English Dictionary / 1838
11 أصل علامة الاستفهام عند الافرنج. مجلة العرب / 5:3:143.
12 The Short Oxford English Dictionary / 343
13 تاريخ الطباعة والمطبوعات العراقية /11.
14 تاريخ مطبعة بولاق / 43.
* باحث في اللغة العربية، مقيم في بريطانيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.