ليلة 1999 - 2000 مفترق تاريخي اعتبرها الكثيرون حظاً لهم اذا لا يتم العبور من قرن الى قرن، فبعض الناس يرحلون من عالمنا من دون ان يشهدوا مثل هذه الليلة. وليلة الاحتفالات المتنوعة في أقطار العالم، لم يعطها بعض الناس أهمية باعتبار ان العالم لن يتغير لأن الساعة تغيرت. ولكن، يلتقي الجميع عند إحساس مشترك بما يشبه بداية جديدة، والبداية تعني دائماً الشوق الى التطور والتجديد واستشراف المستقبل. ليلة أمس التاريخية أحياها الناس كل على طريقته مع الكثير من التطلع والترقب والحيطة... وشيء من الغرائب. بدأ العام 2000 في جزر كيريباتي وتونغا. وقد اعتمدت مملكة تونغا التوقيت الصيفي ليتقدم توقيتها 14 ساعة عن توقيت غرينيتش فيما اعتمدت جزر كيريباتي هذا التوقيت بفضل نقل خط تغيير التواريخ قبل ثلاثة اعوام. وعاشت مصر مناخاً احتفالياً صاخباً وجندت امكانات الدولة لتحقيق أكبر قدر من الابهار للاحتفالات بالالفية الجديدة والتي انتشرت في اكثر من مدينة مصرية لكن اهمها كان العرض الاوبرالي الذي اقيم في هضبة الاهرامات وحضره الرئيس حسني مبارك والسيدة قرينته وكبار رجال الدولة وآلاف من المشاهدين المصريين والاجانب. وشارك التلفزيون المصري تلفزيونات 67 دولة اخرى في عرض الاحتفالات، التي جرت من اجل المناسبة في دول العالم لكن القناة الاولى بثت عبر الهواء مباشرة الاحتفالات التي جرت في الاهرامات والاقصر وتل العمارنة ونهر النيل وصاحبها صخب وابهار غير مسبوقين. وزير الاعلام السيد صفوت الشريف لفت الى ان الاحتفالات المصرية لها طابع خاص وقال: "اذا كان العالم يحتفل بالالفية الثالثة فنحن نحتفل بالالفية الثامنة ولذلك فإن احتفالاتنا تعكس خصائص سبعة آلاف عام" وبدا جيداً حرص الدولة على الا تتسبب الاحتفالات في التأثير على مظاهر شهر رمضان المبارك فالرئيس حسني مبارك ادى صلاة الجمعة في احد مساجد وسط العاصمة وبثها التلفزيون على الهواء. وكانت نيوزيلندا اول دولة صناعية تدخل الالفية الجديدة لكنها الى جانب الالعاب النارية والاحتفالات كانت ايضا اول دولة تختبر مشكلات الالفية المحتملة. وتحدى الاف الاشخاص الامطار الغزيرة في كبرى بلدات ومدن نيوزيلندا لحضور احتفالات منتصف الليل والعد التنازلي لبدء الالفية الجديدة والالعاب النارية والحفلات. وقبل ساعات قليلة من بزوغ فجر الالفية الجديدة على الجانب الغربي من المحيط الهادي جلس خبراء عسكريون اميركيون وروس معا لإبعاد اكبر كابوس لمشكلة الالفية يؤرقهم جميعاً: هجوم نووي من طريق الخطأ. وفي استراليا سادت روح العام الجديد بين جميع المحتفلين لكن في مناطق اخرى اطل شبح القلق الامني والتعصب الديني بوجهه على الاحتفالات. وفي قاعدة بيترسون الجوية في كولورادو سبرينغز حيث توجد قوات عسكرية اميركية وروسية بدأ مركز الاستقرار الاستراتيجي لعام 2000 عملياته. ويراقب المركز انظمة التحذير التي تنطلق لدى اطلاق الصواريخ النووية لتجنب وقوع اي حادث مأسوي تتسبب فيه مشكلة الالفية. وترجع مشكلة الالفية الى اجهزة الكومبيوتر القديمة التي صممت لقراءة الرقمين الاخيرين فقط من العام. وفي حال ترك هذه الاجهزة من دون تعديل فستقرأ الصفرين الاخيرين من عام 2000 على انه عام 1900 مما سيسبب اعطالاً ومشاكل. وفي بريطانيا اتخذ رجال الشرطة مواقع على أسطح البنايات لحماية أماكن الاحتفال من أي هجوم محتمل، خصوصاً قبة الألفية في لندن حيث شهدت الملكة اليزابيث ورئيس الوزراء توني بلير قدوم الألفية الجديدة، وكانت البطاقات الموجهة الى 10 آلاف مدعو لحضور حفلة الافتتاح تأخرت عن الوصول الى أصحابها بسبب اعياد الميلاد ما دفع المنظمين الى انشاء مراكز للحصول على البطاقات في بعض محطات القطار المؤدي الى منطقة غرينيتش حيث القبة. وكان مقرراً ان يبدأ الدولاب الذي يعتبر الأكبر في العالم دورته عند دقات بيغ بن الدقائق الأولى من العام الجديد... ويحمل على متنه المئات الذين كانوا ينتظرون بفارغ الصبر هذه التجربة الفريدة في سماء لندن بين ألوان الألعاب النارية... لكن الدولاب لن يدور، بسبب خطأ فني حدث في بعض العربات المحيطة والمخصصة لنقل الجمهور. ولن يدور الدولاب الا في نهاية هذا الشهر. وفي تطور آخر، لم تكن بقة الألفية هي السبب في تعطيل القطارات في بريطانيا، بل استطاع أحد قراصنة الكومبيوتر ان يتدخل في الشبكة التابعة للخطوط ويعلن من خلالها ان كل القطارات متوقفة. ما دفع المسؤولين الى اغلاق الكومبيوتر الرئيسي وتوقيف القطارات لفترة ظهر امس حتى تمكن المهندسون من اصلاح الخلل. اما في فرنسا فبدأ الكثيرون عامهم الجديد من دون كهرباء بعد ان أصابت البلاد عواصف هوجاء. وقضى حوالى نصف مليون فرنسي الليلة الأولى من العام الجديد من دون نور، كما ألغت الحكومة الاحتفالات التي كانت مقررة للمناسبة. وشن مكتب التحقيقات الفيديرالي الاميركي اف بي اي ليل الخميس - الجمعة حملة اعتقالات في الولاياتالمتحدة شملت مشبوهين بينهم العديد من الجزائريين، وذلك خشية وقوع اعتداءات ارهابية محتملة عشية الاحتفالات بحلول الالفية الجديدة. وافادت محطات التلفزيون المحلية ان الشرطة الفيديرالية اعتقلت حوالى خمسين شخصاً في الساعات ال24 الاخيرة في انحاء البلاد. وفي نيويورك، صرح الامين العام للامم المتحدة كوفي انان في رسالة الى العالم لمناسبة حلول الفية جديدة للميلاد ان الاممالمتحدة ضرورية لشعوب العالم لمواجهة مخاوف القرن الحادي والعشرين الذي "يحمل الامل وربما بعض الاخطار الجديدة". وقال انان في رسالته ان هناك عدداً من العوامل الايجابية. ففي "فجر الألفية الجديدة، كثيرون منا يمكن ان يكونوا سعداء بمصيرهم والجزء الاكبر من العالم يعيش بسلام ومعرفتنا اصبحت تتجاوز بشكل عام تلك التي يملكها آباؤنا واجدادنا". واضاف: "سنعيش على الارجح اكثر منهم ولدينا حرية اكبر وخيارات افضل". وافادت شبكة "تي في 3" النيوزيلاندية امس ان اول طفل في الألفية الثالثة ولد في اوكلاند في الساعة 12.01 11.01 بتوقيت غرينيتش. الصور من استراليا وهونغ كونغ وباريس.