ولي عهد مملكة البحرين يستقبل سمو الأمير تركي بن محمد بن فهد    الشورى يقر توصيات لتدريب وتأهيل القاصرين لاستثمار أموالهم بفاعلية    يايسله يختار بديل رياض محرز    نائب أمير الشرقية يطّلع على جهود جمعية "انتماء وطني"    انطلاق أعمال اليوم الثاني من القمة العالمية للبروبتك 2025 بمناقشة التحول العقاري الذكي والابتكار المستدام    أمير الشرقية يرعى انطلاق فعاليات النسخة الثانية من موسم التشجير الوطني    المملكة: تطلق أول منشأة لتصنيع العلاجات الجينية والخلوية    الموارد البشرية والتجارة تعلنان توطين 44 مهنة محاسبية جديدة في القطاع الخاص    أكثر من 11.7 مليون عمرة خلال ربيع الآخر    الاحتلال الاسرائيلي يعتقل 20 فلسطينياً    والدة الإعلامي أحمد الغامدي في ذمة الله    جمعية نماء للخدمات الاجتماعية تطلق دورة "تصميم الجرافيك للمبتدئين" بجازان    رئيس جمهورية غويانا التعاونية يصل إلى الرياض وفي مقدمة مستقبليه نائب أمير المنطقة    تحت رعاية خادم الحرمين.. انطلاق النسخة ال9 من مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار بالرياض    لأن النفس تستحق الحياة".. جمعية "لهم" تُطلق فعالية توعوية مؤثرة في متوسطة 86 عن الصحة النفسية والإدمان    أوكرانيا تستهدف موسكو بعشرات الطائرات المسيرة    لبناء القدرات وتبادل الخبرات وزارة الدفاع توقّع مذكرات تعاون مع 10 جامعات    إنطلاق الملتقى العلمي الخامس تحت عنوان "تهامة عسير في التاريخ والآثار "بمحايل عسير    أمانة نجران 4287 جولة وزيارة خلال أسبوع للصحة العامة    ارتفاع أسعار النفط    ختام بطولة المملكة المفتوحة للكاراتيه في الباحة    جماهير النمور لرئيس ناديها: نريد عملاً.. ومنشورات «X» لن تحل مشاكل الاتحاد    إنستغرام يطلق «سجل المشاهدة» لمقاطع ريلز    إسرائيل تحدد القوات غير المرغوب بها في غزة    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. انطلاق مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار    الدروس الخصوصية.. مهنة بلا نظام    «التعليم»: لا تقليص للإدارات التعليمية    هيئة «الشورى» تحيل تقارير أداء جهات حكومية للمجلس    المعجب: القيادة حريصة على تطوير البيئة التشريعية    تعريف تجربة السفر عبر التركيز على الابتكار.. مطار الملك سلمان الدولي يطلق هويته البصرية    فريق مصري يبدأ عمليات البحث في غزة.. 48 ساعة مهلة لحماس لإعادة جثث الرهائن    قيمة الدعابة في الإدارة    2000 زائر يومياً لمنتدى الأفلام السعودي    الصحن الذي تكثر عليه الملاعق    تمهيداً لانطلاق المنافسات.. اليوم.. سحب قرعة بطولة العالم للإطفاء والإنقاذ في الرياض    أثنى على جهود آل الشيخ.. المفتي: الملك وولي العهد يدعمان جهاز الإفتاء    تركي يدفع 240 دولاراً لإعالة قطتي طليقته    يامال يخطط لشراء قصر بيكيه وشاكيرا    علماء يطورون علاجاً للصلع في 20 يوماً    كلية الدكتور سليمان الحبيب للمعرفة توقع اتفاقيات تعاون مع جامعتىّ Rutgers و Michigan الأمريكيتين في مجال التمريض    480 ألف مستفيد من التطوع الصحي في الشرقية    غوتيريش يرحب بالإعلان المشترك بين كمبوديا وتايلند    رصد سديم "الجبار" في سماء رفحاء بمنظر فلكي بديع    8 حصص للفنون المسرحية    صورة نادرة لقمر Starlink    قافلة إغاثية سعودية جديدة تصل غزة    منتخب إيران يصل السعودية للمشاركة ببطولة العالم للإطفاء والإنقاذ 2025    المعجب يشكر القيادة لتشكيل مجلس النيابة العامة    أمير الرياض يستقبل مدير عام التعليم بالمنطقة    الشؤون الإسلامية بجازان تواصل تنفيذ البرنامج التثقيفي لمنسوبي المساجد في المنطقة ومحافظاتها    الضمان الصحي يصنف مستشفى د. سليمان فقيه بجدة رائدا بنتيجة 110٪    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على هيفاء بنت تركي    الديوان الملكي: وفاة صاحبة السمو الأميرة هيفاء بنت تركي بن محمد بن سعود الكبير آل سعود    116 دقيقة متوسط زمن العمرة في ربيع الآخر    ولي العهد يُعزي هاتفياً رئيس الوزراء الكويتي    النوم مرآة للصحة النفسية    اكتشاف يغير فهمنا للأحلام    نائب أمير نجران يُدشِّن الأسبوع العالمي لمكافحة العدوى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تراث القدس شاهد على هويتها الإسلامية الاصيلة
نشر في الحياة يوم 28 - 08 - 1999

أصدرت الجمعية الجغرافية الإسرائيلية أخيراً عدداً خاصاً من مجلتها العلمية عن الهيكل اليهودي وموقعه بالنسبة إلى الحرم القدسي الشريف، ومراحل بنائه وتاريخه، والإعداد لتشييده مرة أخرى. ومثل هذا النوع من الدراسات يبحث ويرصد بطريقة قد تبدو علمية في ظاهرها، لكنها في باطنها تحمل كماً من التناقضات والحقائق المغلوطة.
فالهيكل في تصور هذا العدد الخاص أخذ شكلاً بيزنطياً، وهو ضريح الشهيد الذي يتكون من مخطط مركزي يتمحور حول بؤرة مهمة كضريح عظيم أو تمثال إله. هكذا اعتاد اليهود على اقتطاف تراث الآخرين لينسبوه الى انفسهم، وهم في الحقيقة لم يكن لديهم في أي يوم تراث خاص بهم، لأنهم في كل عصورهم تأثروا بالمجتمعات التي عاشوا فيها، ولم تكن لهم حضارة لها مميزاتها وخصائصها، بل حتى اسماؤهم اكتسبت طابع الحضارة التي يعيشون في ظلها، مثل اسم موسى وهو اسم فرعوني يتكون من مقطعين هما "مو" ومعناها ماء "وسى" ومعناها ابن. وعندما خرجوا من مصر كانوا متأثرين بعبادة العجل أبيس، فصنع لهم أحد مرافقي رحلة الخروج عجلاً من ذهب أثار غضب موسى عليه السلام وجعله يحنق على صانعه.
إذاً فنحن أمام شتات من البشر موزعين على حضارات عريقة في مواطن عدة من العالم، تأثروا بهذه الحضارات ولم يؤثروا فيها، وفي عصرنا يلفقون من هنا وهناك تراثاً لهم مزعوماً.
وتبقى الكارثة حين يواجه هؤلاء حضارات راسخة في أرض فلسطين، وفي مدينة مقدسة كالقدس عجزت حفائرهم المتتالية فيها عن العثور على شيء ذي قيمة يمت إليهم. فالإسلام رسخ لهذه المدينة هوية إسلامية منذ أن فتحها عمر بن الخطاب، قامت على شقين اساسيين: الأول هو احترام مقدسات الآخرين في المدينة، وكان مستمداً من سياحة عمر حين فتح المدينة وزار كنيسة القيامة ورفض الصلاة فيها وصلى خارجها حتى لا يأتي أحد من المسلمين ويحتج بصلاة عمر ليستولي على الكنيسة، وتكريساً لهذه السياسة شُيد مسجد في الموضع الذي صلى فيه عمر خارج الكنيسة، ما زال باقياً الى اليوم شاهداً على هذا الحدث.
أما الشق الثاني فيرتكز على ضمان حرية العبادة في المدينة المقدسة، وهذا ما نصت عليه العهدة العمرية التي أعطاها عمر لأهل القدس عند زيارته لها بعد فتحها، وهي تنص على عهد أمان منه "هذا ما أعطى عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الامان، أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم، ولكنائسهم وصلبانهم، سقيمها وبريئها، وسائر ملتها، أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم، ولا ينتقص منها ولا من حيزها، ولا من صلبهم ولا شيء من أموالهم. ولا يكرهون على دينهم، ولا يضار أحد منهم".
وظل هذا موقف المسلمين من المقدسات المسيحية في المدينة الى ان اندلعت الحروب الصليبية. لقد كان موقف الصليبيين من المقدسات الإسلامية في المدينة موقفاً مخزياً، إذ نزعوا هلال قبة الصخرة ووضعوا مكانه صليباً إعلاناً لتحول القبة الى كنيسة، كما حوّلوا المسجد الأقصى الى كنيسة أيضاً. وبعد استرداد المدينة في عهد صلاح الدين تسلق بعض المسلمين القبة ونزعوا الصليب وأعادوا الهلال مرة أخرى، كما وضع صلاح الدين في المسجد الأقصى منبر نورالدين محمود الذي صنعه خصيصاً ونذر أن يضعه فيه بعد تحرير المدينة من الصليبيين. هذا المنبر الذي أحرقه اليهود العام 1969 عندما أحرقوا الأقصى، ووضع المهندس رائف يوسف نجم مشروعاً توثيقياً لهذا المنبر لإعادة تصنيعه مرة أخرى، لكي يعود الى موضعه في الأقصى رمزاً لعودة المدينة.
تعد القدس ثالث المدن المقدسة عند المسلمين لكونها أولى القبلتين وثالث الحرمين، وإليها كان إسراء الرسول ومنها كان معراجه الى السماء، وفيها صلى النبي محمد عليه الصلاة والسلام بالانبياء في الحرم القدسي الشريف الذي تضم ساحته العديد من المعالم الآثارية الإسلامية، لعل ابرزها:
قبة الصخرة
شيدها عبدالملك بن مروان لتكون رمزاً للمدينة في مواجهة كنيسة القيامة، وتقع في قلب الحرم الشريف، وهي بناء مثمن الشكل تتوسطه قبة مذهبة ترتكز على ثمانية عقود تعلو الصخرة المشرفة التي كان منها معراج الرسول. كان القسم العلوي من جدران قبة الصخرة الثمانية، وكذلك رقبة القبة منذ بنائها في عهد عبد الملك بن مروان وحتى منتصف القرن السادس عشر الميلادي، مزيناً بالفسيفساء، لكنها تقادمت بفعل الرياح والأمطار فقام الظاهر بيبرس بترميمها. وفي عصر السلطان العثماني سليمان القانوني استبدلت الفسيفساء الخارجية بحوالي 4500 بلاطة قاشاني ما زالت باقية الى اليوم.
المسجد الأقصى
يقع المسجد الأقصى في الجهة الجنوبية من الحرم الشريف، شرع في بنائه عبد الملك بن مروان واتمه ابنه الوليد بن عبد الملك العام 705 ميلادية. يبلغ طوله 80 متراً وعرضه 55 متراً، ويحمل سقفه 53 عموداً من الرخام و49 دُعامة. كانت أبوابه زمن الامويين مصفحة بالذهب والفضة، ولكن أبا جعفر المنصور أمر بخلعها وصرفها دنانير تنفق على المسجد. ولما احتل الصليبيون القدس جعلوا قسماً منه كنيسة، واتخذوا القسم الآخر مسكناً لفرسان الهيكل ومستودعاً لذخائرهم. ولكن صلاح الدين بعد ان استرد المدينة أمر بترميم المسجد وصيانته واقامة الصلاة فيه مرة اخرى. وآخر ترميم شامل خضع له كان في العام 1927 وساهمت فيه الحكومات الاسلامية والافراد والمؤسسات الاهلية في العالم الاسلامي.
قبة السلسلة
تقع في مركز الحرم الشريف تماماً على الجانب الشرقي لقبة الصخرة، وهي مبنى مفتوح الجوانب يرتكز على ثمانية عقود وتعلوه قبة هي صورة مصغرة لقبة الصخرة، بنيت معها في عهد عبدالملك بن مروان لتكون بيتاً للمال، ولذلك تُسمى قبة الخزانة، وجددها الظاهر بيبرس. والى الغرب من قبة الصخرة تقع قبة المعراج، وهي مبنى كبير مثمن الاضلاع تعلوه قبة حجرية مضلعة تقوم على ستة عشر عموداً، كل عمودين متجاوران متلاصقان، ولا يعرف باني هذه القبة، ولكنها شيدت تذكاراً لعروج الرسول من الحرم القدسي الى السماء، وقد جددت في القرن 13 الميلادي.
المدرسة الاشرفية
تقع المدرسة الاشرفية على حافة الحرم القدسي الشريف بين بابي السلسلة والمطهرة. وتعد من اعظم المنشآت المملوكية في المدينة، شيدها السلطان المملوكي جقمق، واعاد بناءها السلطان الاشرف قايتباي وإليه نسبت. وتعرضت الى تصدعات عدة ما دفع منظمة العواصم والمدن الاسلامية الى ترميمها، الذي اكتمل اخيراً. ومن ابرز مدارس القدس ايضاً المدرسة التنكزية التي استولى عليها اليهود، والمدرسة الكريمية. واهم الاثار الايوبية الباقية في المدينة البيمارستان الصلاحي الذي شيده صلاح الدين الايوبي لمعالجة المرضى من سكان القدس والحجاج القادمين اليها سواء كانوا مسيحيين او مسلمين.
وهذه المنشآت الخيرية لها اوقاف في القدس القديمة تتمثل في حوانيت واراض وعقارات، استولى عليها اليهود بطرق غير شرعية. بل وصل الامر الى حد الاستيلاء على بعض وثائقها، وهو استيلاء لا يقره القانون الدولي خصوصاً اذا علمنا ان مساحات من الاراضي حول المدينة شيدت عليها مستوطنات تدخل في هذه الاوقاف.
وتبقى القدس مدينة اسلامية ليس لليهود فيها شيء، واذا امعنا النظر في رسومات الرحالة الاجانب للمدينة تأكدنا من هذه الحقيقة. فهذه الرسومات، التي تعود الى القرن الماضي، تبين ان التراث المعماري الاسلامي هو الذي كان يشكل هوية المدينة. فأين اليهود فيها آنذاك؟ واين هو "تراثهم" الذي يرتكزون عليه؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.