الأرقام التي قد تكون، في بعض الأحيان، مسيلة للعاب، تصبح من وجهة نظر أخرى، مرعبة. وهذا ينطبق اليوم على أرقام محمد هنيدي. فهذا الممثل الشاب، الذي برز من دون مقدمات قبل ثلاثة أعوام، يمكن اختصار مشواره الفني بالأرقام: 16 مليون جنيه ايرادات لفيلمه الأول "اسماعيلية رايح جاي"، و25 مليوناً ايرادات لفيلمه الثاني "صعيدي في الجامعة الأميركية". وهو حين، لم تكفه أرقام السينما هذه خاض اللعبة المسرحية. وها هي الأرقام تأتي من جديد مرعبة: 118 ألف جنيه ايرادات اليوم الأول لعرض مسرحيته "عفروتو"... وماذا بعد ذلك؟ هذا هو السؤال الذي تطرحه الأوساط الفنية المصرية على نفسها الآن. والحال ان اسم محمد هنيدي كان بدأ يلمع في عالم النجوم، منذ "إسماعيلية..."، لكن أهل المهنة اعتبروا المسألة ظاهرة عارضة. فأتى "صعيدي..." ليقولوا إن سبب نجاحه الضجيج المثار من حوله، وحرق العلم الإسرائيلي... الخ. والآن ماذا؟ هل تحول هنيدي إلى ظاهرة راسخة؟ وهل على الفن أن يقلده، من الآن فصاعداً، إذا كان يريد أن يستمر؟ ولكن يقلده في ماذا؟ محمد هنيدي نفسه لا يعبأ اليوم بكل هذه الأسئلة. أنصاره يقولون إنه اكتشف نفسه وراهن على قبول الجمهور به. من هنا لم يعد يقلقه إلا مسألة الانتقال من نجاح إلى نجاح. وهكذا في الوقت الذي تسحب فيه الأفلام المصرية الجدية والناجحة نقدياً من دور العرض بسبب استنكاف الجمهور، ها هو فيلمه المقبل "همام في امستردام" يستعد للهجوم على دور العرض التي حجزت له والبالغ عددها 54 دار عرض. وهو حدث استثنائي في تاريخ السينما المصرية. مهما يكن من الأمر، من المؤكد أن ثمة امتحاناً حقيقياً ينتظر الآن هنيدي: هل يحقق فيلمه الجديد ايرادات أعلى من فيلمه السابق؟ إن فعل سيكون على السينما المصرية كلها أن تعيد النظر في ما تفعله. أما إن هبطت المداخيل وكانت "خيبة أمل" فسيصح كلام أولئك الذين اعتبروا الأمر، منذ البداية، حالة عارضة.