الإبراهيم: تشجيع الابتكار وتطوير رأس المال البشري يسرعان النمو الاقتصادي    الإبراهيم: إستراتيجياتنا تحدث نقلة اقتصادية هيكلية    النفط يستقر فوق 88 دولاراً.. وأسهم أمريكا تتراجع    «الرابطة» تُدين استمرار الاحتلال ارتكاب جرائم الحرب في غزة    الراقي في اختبار مدرسة الوسطى.. الوحدة والفيحاء يواجهان الحزم والطائي    ميندي وهندي والنابت مهددون بالغياب عن الأهلي    إنشاء مركز لحماية المبلغين والشهود والخبراء والضحايا    أدوات الفكر في القرآن    4 نصائح طبية عند استعمال كريم الوقاية من الشمس    الملك يغادر المستشفى بعد استكمال فحوصات روتينية    بيع "لوحة الآنسة ليسر" للرسام كليمت بمبلغ 32 مليون يورو    الأوبرا قنطرة إبداع    الأمير عبدالإله بن عبدالعزيز يرعى حفل تخريج طلبة «كلية الأعمال» في جامعة الفيصل    في ذكرى انطلاقة الرؤية.. مسيرة طموحة لوطن عظيم    فرنانديز ينقذ يونايتد من السقوط أمام شيفيلد بدوري إنجلترا    مساعد رئيس مجلس الشورى تلتقي بوفد من كبار مساعدي ومستشاري أعضاء الكونغرس الأمريكي    حزب الله يطلق عشرات الصواريخ على إسرائيل ردّاً على مقتل مدنيين    اللهيبي تُطلق ملتقى «نافس وشركاء النجاح»    اللي فاهمين الشُّهرة غلط !    لا تستعجلوا على الأول الابتدائي    تهدئة التوتر بين القوتين الاقتصاديتين في العالم    "5 ضوابط" جديدة بمحمية "الإمام تركي"    مين السبب في الحب ؟!    مشاهدات مليارية !    أهلاً بالأربعين..    سوناك وشولتس يتعهّدان دعم أوكرانيا "طالما استغرق الأمر" (تحديث)    النفع الصوري    حياكة الذهب    هلاليون هزموا الزعيم    إجراء أول عملية استبدال ركبة عبر «اليوم الواحد»    زراعة 2130 شجرةً في طريق الملك فهد بالخبراء    166 مليار ريال سوق الاتصالات والتقنية بالسعودية    مسبح يبتلع عروساً ليلة زفافها    "إكس" تطلق تطبيقاً للتلفاز الذكي    أسرة البخيتان تحتفل بزواج مهدي    انطلاق "التوجيه المهني" للخريجين والخريجات بالطائف    "أم التنانين" يزور نظامنا الشمسي    اكتشاف بكتيريا قاتلة بمحطة الفضاء الدولية    «سدايا» تطور مهارات قيادات 8 جهات حكومية    961 مليونا ً لمستفيدي «سكني»    أمير الشرقية: القيادة تولي العلم والتنمية البشرية رعاية خاصة    تحت رعاية وزير الداخلية.. "أمن المنشآت" تحتفي بتخريج 1370 مجنداً    دورة تأهيلية ل138 مستفيداً ومستفيدةً من برنامج الإعداد للابتعاث    مقصد للرحالة والمؤرخين على مرِّ العصور.. سدوس.. علامة تاريخية في جزيرة العرب    رسالة فنية    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    الإسباني "خوسيلو" على رادار أندية الدوري السعودي    عيدية كرة القدم    تجهيز السعوديين للجنائز «مجاناً» يعجب معتمري دول العالم    جاسم أحمد الجاسم عضو اتحاد القدم السابق ل"البلاد": الهلال يغرد خارج السرب.. وحديث المجالس وضع" هجر" في مهب الريح    تحت رعاية الأمير عبد العزيز بن سعود.. قوات أمن المنشآت تحتفي بتخريج 1370 مجنداً    بعضها يربك نتائج تحاليل الدم.. مختصون يحذرون من التناول العشوائي للمكملات والفيتامينات    تجاهلت عضة كلب فماتت بعد شهرين    قطاع القحمة الصحي يُنظّم فعالية "الأسبوع العالمي للتحصينات"    أمير عسير يواسي أسرة آل جفشر    أمير حائل يرفع الشكر والامتنان للقيادة على منح متضرري «طابة» تعويضات السكن    المجمع الفقهي الإسلامي يصدر قرارات وبيانات في عددٍ من القضايا والمستجدات في ختام دورته ال 23 clock-icon الثلاثاء 1445/10/14    أمير تبوك: عهد الملك سلمان زاهر بالنهضة الشاملة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ندوة جامعة الملك سعود في الرياض : دراسات تحليلية ووثائقية وشرعية لعمارة المساجد
نشر في الحياة يوم 09 - 02 - 1999

عقدت في جامعة الملك سعود في الرياض قبل أيام ندوة دولية عن عمارة المساجد في العالم الإسلامي، نظمتها كلية العمارة والتخطيط، افتتح الندوة الدكتور خالد العنقري وزير التعليم العالي السعودي، والدكتور عبدالله بن تركي وزير الأوقاف، والدكتور عبدالله الفيصل رئيس جامعة الملك سعود.
وتضمنت فعاليات الندوة عدداً من الأنشطة، في مقدمها معرض عمارة المساجد، والذي تضمن تعريفاً شاملاً للتوسعة الثالثة للحرمين الشريفين، والعديد من مشاريع عمارة المساجد والمراكز الإسلامية في العالم. كما أعلنت اسماء الفائزين بجائزة الندوة، وهم الدكتور عبدالواحد الوكيل الذي فاز بجائزة المعماري المتميز، وذلك عن تصميمه لمسجد قباء، ومسجد الميغات في ذي الحليفة، والكورنيش في جدة، وفاز الدكتور عبدالرحمن الحصين بجائزة التصميم العمراني، وفاز كل من الدكتور سوجانغ يونادي وعبدالرحمن الحصين بجائزة البيئة، كما فاز الدكتور صالح لمعي مصطفى بجائزة توثيق المساجد التراثية. ناقشت الندوة، على مدى أربعة أيام، مئة بحث في عشرة محاور. وكانت بعض الأبحاث جديدة في بابها، وهو ما آثار نقاشاً حاداً خلال جلسات الندوة. ومن أبرز هذه الأبحاث، بحث الدكتور محمد عبدالله بن صالح عميد كلية العمارة والتخطيط في جامعة الملك سعود عن "الحرم المكي الشريف: نشوؤه وتوسعاته".
ويرى الدكتور صالح أن البداية الجلية لمكة المكرمة كانت بعد بناء الكعبة من قبل ابراهيم وابنه اسماعيل، وأن قصي بن كلاب، الجد الرابع للرسول، هو الذي أسس مبادئ الاستقرار في الكعبة المشرفة، وكذلك أسس بدايات النظام الإداري لهذه الحاضرة المقدسة. كما يعتبر إحاطة الحرم المكي بسور أول تحديد للنطاق العمراني، حول المسجد الحرام. والذي توالت بعد ذلك أعمال توسعاته وأصبح يرافق كل عملية توسعة زحف "من العمدان على جنبات الأودية وفوق نسيج الجبال".
وأبرز الدكتور محمد الحصين من جامعة الملك سعود في دراسته "خصائص وسمات العمارة المجيدية للمسجد النبوي الشريف"، تلك العمارة المنسوبة الى السلطان العثماني عبدالمجيد، وخلص في دراسته الى أن التركيب المعماري للمسجد النبوي بنّي على شبكتين معياريتين مختلفتين، إحداهما ترتبط بمواقع الأعمدة الأصلية في الجزء الأمامي من المسجد في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، أما الثانية فتخص الجزء الخلفي من المسجد. ونتيجة لاختلاف هذه الأبعاد، وأبعاد وزوايا المسجد ككل، فقد برع المصمم في التعامل مع محاور الأعمدة، والأقواس، والقباب، حيث كوّن تحفة معمارية رائعة.
واستعرض الدكتور عبدالعزيز الدولاتلي، مدير معهد التراث التونسي، عمارة جامع الزيتونة في تونس عبر عشرة قرون، والبناء الحالي للمسجد يعود الى عهد الخلافة العباسية في القرن الثالث الهجري التاسع الميلادي والمسجد تم وضع أساسه في القرن الأول عندما فتح حسّان بن ثابت مدينة قرطاج عاصمة البلاد آنذاك، ومعها تونس المجاورة، ولم يبق من البناء الأول شيء يذكر. ولا يزال جامع الزيتونة يحتفظ بالاضافات والتحسينات التي طرأت عليه طيلة العشرة قرون الماضية، منذ إعادة بنائه في العهد العباسي، والتي يؤرخها ثلاثون نصاً منقوشة، إما على الرخام أو الجص أو الخشب، بالإضافة إلى ما تذكره المصادر التاريخية.
وأبرز ما تكشف عنه المادة الأثرية الغزيرة لجامع الزيتونة هو التنوع الكبير في الأساليب والطرز والتقنيات.
وفي دراسة جذبت متابعي الندوة، قدّم الدكتور دان هيرا كانساكار، من جامعة بولشوك في نيبال، أول دراسة توثيقية لمساجد نيبال، التي يمثل المسلمون 5 في المئة من سكانها، وأكد في بداية دراسته، أنه رغم تعدد الطوائف الدينية في نيبال، إلا أنه لم تقم خلافات بينها، وأول مسجد بنّي في هذا البلد هو مسجد "بانشا كشمير تاكيا"، ويقع الى الشرق من حي رانين بوخاري، الذي يتوسط كاتمندو، عاصمة نيبال.
وشُيّدَ هذا المسجد منذ خمسة قرون بواسطة تجار مسلمين قدموا الى نيبال، واستطاعوا بحسن سياساتهم أن يكسبوا ملك البلاد، فسمح لهم بالإقامة وتشييد مسجد، وتوالت بعد ذلك المساجد في نيبال مثل، مساجد مدن، جوكال، نيبال دونغ، كاليا. وزادت هذه المساجد بعد هجرة المسلمين من الهند الى نيبال، نتيجة للاحتلال البريطاني للهند.
ودرس سيكيت سايوكيو من اندونيسيا التشكيل العمراني المعاصر للمسجد الكبير ومحيطه العمراني في المدن الاندونيسية التاريخية. وقدم دراسته بمقدمة تاريخية عن انتشار الإسلام في اندونيسيا على يد التجار المسلمين، في أواخر القرن الخامس عشر الميلادي. وبعد اعتناق الحكام الاندونيسيين الدين الإسلامي، بدأ النسيج العمراني للمدينة الجاوية، باحتواء المسجد الكبير وتجمعه العمراني الذي يقطنه المسلمون. وبذلك اضيف عنصر جديد الى النموذج التقليدي للقصر والساحة والسوق. وأصبح المسجد الجامع ومحيطه مركزاً عمرانياً وتاريخياً للمدينة، يؤمّن الحياة الاجتماعية للمجتمع المسلم، وكمكان ترتفع فيه قيمة الاراضي بسبب التأثير الاقتصادي لموقع المسجد.
وحول تجربة باكستان لاختيار طراز معماري للمسجد الكبير في عاصمتها إسلام آباد، دار بحث زهير الدين خواجا، الباحث في "الهيئة العليا لتطوير العاصمة الباكستانية"، فتاريخ تصميم المساجد في شبه القارة الهندية، بما تحتويه من ثراء في طرزها المعمارية المحلية، جعل النقاش حول الطراز المقترح لعمارة المسجد الكبير ثرياً، خصوصاً أن كلا من مساجد بادشاهي ولاهور، وسجد دلهي هي من النماذج العريقة والرائدة في تصميم المساجد في تلك المنطقة.
وانتهى هذا النقاش الى ضرورة استحداث طراز معماري جديد للمسجد الجامع في إسلام اباد الذي عرف في ما بعد بمسجد الملك فيصل.
وروعي في تصميم هذا المسجد أن يؤدي العديد من الوظائف كصلاة العيدين والجنائز، كما أصبح هو نقطة الارتكاز للجامعة الاسلامية.
وناقش الدكتور حسام مهدي، خبير الترميم المصري، الجدل الدائر حول ترميم التراث، من خلال تجربته مع جمعية الأوقاف الكويتية في تنظيم برنامج الترميم والمحافظة على المساجد التاريخية في الكويت. وتأتي أهمية هذا البرنامج من حرصه على جهود المحافظة على العمارة من جانب، والأهمية الدينية لهذه المساجد من الجانب الآخر. ولكن المشكلة في الكويت تنبع من أن هذا التوجه بدأ متأخراً، لأن غالبية المباني التاريخية، ومن ضمنها المساجد، إما أنها أزيلت أو أن كثيراً منها طرأت عليه تغيرات من دون أن يكون هناك توثيق، أصلاً، لهذه المباني.
وكانت دراسة الدكتور محمد عثمان والدكتور عوض الإمام، عن "عمارة المساجد في ضوء الأحكام الفقهية" مثار اهتمام المشاركين في الندوة، إذ تناولت الضوابط الشرعية التي تحكم إنشاء وعمارة المساجد، اعتماداً على المصدرين الأساسيين للتشريع وهما القرآن الكريم والسنة الشريفة.
واعتمد كذلك على الأحكام الفقهية التي صدرت عن فقهاء السُنة في العصور المختلفة والتي تعالج عمارة المسجد وتطورها في هذه العصور. عرض البحث للأحكام والضوابط الشرعية التي تحكم إنشاء المرافق التي تخدم أغراض الصلاة مباشرة كالميضأة والبئر والأفنية، وناقش قضية زخرفة المساجد في إطار ما عرضت له الأحكام الفقهية، وفي إطار دراسة التراث المعماري للمساجد. وبيّن دور الأوقاف في صيانة المساجد.
ومثّلت دراسة الدكتور صالح لمعي مصطفى، خبير الترميم الدولي، عن "مشروع ترميم وصيانة مسجد السلطان فرج بن برقوق"، نموذجاً تطبيقياً لمنهجية ترميم الآثار الإسلامية، علماً أن هذا المسجد يعتبر من أبرز مساجد القاهرة التراثية.
ويوضح البحث كيفية وضع الدراسة التاريخية الأثرية المعمارية لترميم أثر، والتي تشتمل على جمع البيانات وتحليل عناصر المبنى من الناحيتين الوظيفية والهندسية، ودراسة الاتزان والوضع الإنشائي للمبنى، والتي تكشف عن أسباب تدهوره، ثم تحليل مواد البناء المستخدمة فيه وخواصها، واعتبر الحاضرون هذه الطريقة هي المثلى في صيانة وترميم الآثار الإسلامية.
ودرس الدكتور علاء حبشي، من جامعة بنسلفانيا، دور لجنة حفظ الآثار العربية التي تأسست في مصر العام 1882، في الحفاظ على المساجد الأثرية، علماء أن هذه اللجنة ظلت تؤدي عملها الى العام 1954، وبدت رسالتها غريبة ومتعارضة مع الحركة الوطنية المحلية والتي انتشرت في ذلك الوقت. وجاء تعتيم الباحث لأعمال اللجنة جديداً في بابه، إذ يرى، أنه رغم أن المحافظة على التراث الثقافي كانت هدف اللجنة المعلن، فإن ايديولوجيتها الغربية طغت، وأحياناً شوّهت، أسس هذا التراث. لقد أدت تدخلات اللجنة الى إعطاء المساجد صوراًَ صرحية، وعملت في الوقت ذاته على فصل الناس عن تلك المساجد والتي كانت بنيت من أجلهم في المقام الأول.
وتناول الدكتور اسكندر بك عظيموف، من اوزبكستان، في دراسته "تصميم المساجد الأوزبكية" التي يبلغ عددها ألف مسجد، قام بتصميمها المعماريون والبناؤون والحرفيون في وحدة تكاملية يعود تاريخها الى القرون الواقعة بين الثاني عشر والعشرين الميلاديين. في هذه المساجد نجد أعمال المعماريين والفنانين والحرفيين مجتمعة في تداخل متكامل.
وتنقسم تلك المساجد الى نوعين، مساجد الحي ومساجد الجمعة. وتختلف تلك المساجد عن بعضها على أساس الحكم والتكوين الفراغي والحلول الإنشائية والزخارف.
ونبّه الباحث الى انتشار فنون الخطوط العربية التي شكلّت من آيات القرآن والحديث النبوي والأشعار والابتهالات واسماء الكُتاب والبنائين جزءاً رئيسياً من الزخارف في المساجد الاوزبكية، وكان الخطّاطون يكتبونها بأنواع عدة من الخطوط، كالخط الكوفي والثلث والنسخ ونظراً الى تعرض أوزبكستان للزلازل والاضطرابات الأرضية، فقد ترتب على ذلك ابتكار وسائل لمقاومتها تطورت بمرور الوقت، ومنها الأعمدة المتحركة، التي تتحرك مع حركة الزلزال من دون أن يتهدم المبنى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.