طوكيو - أ ف ب - نجح اكيو موريتا الذي توفي أمس وكان احد مؤسسين اثنين لشركة الالكترونيات اليابانية "سوني" في تحويل محل صغير لتصليح اجهزة الراديو الى عملاق في صناعة التكنولوجيا، واصبح رمزاً لصعود الاقتصاد الياباني وتقلباته. ووسط انقاض مباني طوكيو بعد الحرب العالمية الثانية، اسس موريتا وهو ابن صانع مشروبات ياباني ولد في 26 كانون الثاني يناير عام 1921، مع مجموعة من اصدقائه من بينهم صديقه المخلص ماسارو ايبوكا شركة في محل تجاري قديم كان مدمراً بفعل حريق. وبدأت الشركة بمبلغ 500 دولار الى جانب مساعدة صغيرة من والد موريتا، وبانتاج اجهزة لطهي الرز بشكل آلي. لكن المشروع باء بالفشل. وأمّن موريتا وايبوكا مصدر رزق محدود لهما بتصليح اجهزة الراديو القديمة. ويقال ان ايبوكا رأى اول آلة للتسجيل في احد مكاتب قوات الاحتلال الاميركية، لينطلق مع صديقه الى انتاج هذا الجهاز، وفي عام 1949 بيعت اول آلة تسجيل يابانية. وبعد ذلك تحولت حياة موريتا وايبوكا الى سلسلة من النجاحات والابتكارات. فبفضل اتفاق في شأن اجازة لانتاج اجهزة الراديو الترانزستور مع شركة "ويسترن اليكتريك" الاميركية، طرحت شركتهما في 1957 اول مذياع للجيب. وفي عام 1958 اقترح موريتا اسم "سوني"، الذي استوحاه من كلمتي "سونوس" التي تعني صوت باللغة اللاتينية و"ساني" التي تعني مشمس باللغة الانكليزية، ليحل محل اسم "طوكيو تيليكوميونيكيشن اينجينيرينغ". وفي عام 1968 طرحت "سوني" التي كانت متأخرة في قطاع التلفزيون، أول الاجهزة الملونة المحمولة. وعلى مر السنين تحولت آلة التسجيل التي كانت تزن في بداياتها 50 كيلوغراماً، الى جهاز خفيف جداً مع انتاج ال "ووكمان" في عام 1978. وقال موريتا في سيرته الذاتية: "في الواقع لم يعجبني اسم ووكمان وكنت في رحلة في الخارج عندما اطلقوا هذا الاسم. لكن يبدو لي انه اصبح مقبولاً في كل مكان". وفي البداية خشِيَت فرق البيع التابعة لمجموعة "سوني" في الخارج من ان يؤدي اسم الجهاز غير الصحيح لغويا الى فرار الزبائن في الاسواق الخارجية. لكن النجاح الذي حققه "الووكمان" بين السياح الذين يزورون اليابان كان هائلا. واليوم هناك اكثر من 240 مليوناً من هذا الجهاز تستخدم في العالم. ولكن جرأة "سوني" لم تكلل بالنجاح دائماً، فأول جهاز للفيديو "بيتاماكس" طرح في عام 1975 لم ينجح في فرض نفسه في الاسواق امام نظام ال "في. اتش. اس"، بينما تشهد اسطوانات الفيديو المدمجة دي. في. دي حالياً بدايات صعبة. وكان موريتا في مواصلته الابتكار يطبق شعار "البحث يولد التميز". وكان يصف اصحاب العمل اليابانيين بأنهم "مسنّون يحبون الثرثرة"، ولكنه كان محامي الصناعات اليابانية في جميع انحاء العالم. وشغل موريتا منصب المدير العام في "سوني" من 1971 ثم اصبح رئيس المجموعة في 1976. وكان يجيد اللغة الانكليزية وهو امر نادر بين ابناء جيله، لأنه امضى عامين في الولاياتالمتحدة 1963-1964 ليتعرف على السوق الاميركية بشكل افضل. ولم يكن موريتا يؤيد الفكرة القائلة بأن اليابان تريد غزو العالم، ويؤكد باستمرار "نحن لن نغزوكم بل سنجلب لكم ما تريدون شراءه". ودعا اليابانيين الى العمل اقل، واكد على ضرورة اصلاح الاقتصاد الياباني برمته. وبعد جلطة في الدماغ اصيب بها في تشرين الثاني نوفمبر عام 1993، غادر ادارة مجموعة "سوني" وانتقل للعيش في هاواي، لكنه عين رئيساً فخرياً للمجموعة. وعاد في آب اغسطس الماضي الى طوكيو لكنه لم يغادر المستشفى حتى وفاته.