لا يختلف اثنان على أن الاميركي مارك سبيتز هو أحسن سباح ظهر في التاريخ، ويستحق مكانة متميزة بين أفضل الرياضيين عالمياً خلال القرن. ويكفي انه صاحب الرقم القياسي العالمي لأكبر عدد من الميداليات الذهبية التي فاز بها رياضي في دورة اولمبية واحدة: سبع ذهبيات في اولمبياد ميونيخ 1972. ما زال الرقم صامداً منذ 29 عاماً، ولا يبدو تحطيمه وشيكاً. واللافت ان الفشل في اولمبياد مكسيكو 1968 كان الدافع الأول لنجاح سبيتز الفائق بعد أربع سنوات في ميونيخ. كان مرشحاً للفوز بست ذهبيات في مكسيكو لكنه أنهاها بذهبيتين فقط في التتابع مع فضية 100 م فراشة، وبرونزية 100 م حرة، وجاء في المركز الأخير في200 م حرة رغم أنه كان صاحب الرقم القياسي العالمي وصاحب أسرع رقم في التصفيات. وشارك سبيتز في سبعة سباقات في ميونيخ: بدأ مع سباق 200 م فراشة وجاء فوزه سهلاً للغاية، ودخله وهو صاحب الرقم العالمي 53،01،2 دقيقة، وسبق أقرب منافسيه بأكثر من ثانيتين مع رقم عالمي جديد مقداره 70،00،2 دقيقة. وبعد 4 ساعات فقط خاض سبيتز مع زملائه التتابع 4 X 100 متر حرة، وكان سبيتز الأخير بين الرباعي، فكانت ذهبية ورقم عالمي جديد هو 42،26،3 دقيقة. واضاف سبيتز ذهبية 200 م حرة، و كان هو صاحب الرقم العالمي 5،53،1 دقيقة، لكنه نسخه بامتياز وسجل 18،52،1 دقيقة وتفوق بنحو ثانية على مواطنه ستيفن غينتز رغم أنه كان متأخراً عنه حتى الأمتار الخمسين الأخيرة. وكاد سبيتز يتعرض لعقوبة من اللجنة الاولمبية الدولية بعد السباق لأنه أشار بحذائه الى الجمهور والمصورين على منصة التتويج، واعتبرتها اللجنة محاولة للدعاية لشركة الأحذية. وتكرر السيناريو في سباق 100 متر فراشة. وقد دخله وهو صاحب الرقم العالمي 56،54 ثانية، وتفوق بفارق ثانية على الكندي بروي روبرتسون مع رقم عالمي جديد هو 27،54 ثانية. وبعد ساعة واحدة شارك في الفوز بسباق التتابع 4x200 م حرة بزمن 78،35،7 دقائق، وهو رقم عالمي جديد وحصل على ذهبيته الخامسة. وفي سرية تامة، طلب سبيتز من مدربه شيرم تشافور الانسحاب من السباق التالي وهو 100 م حرة والتفرغ لسباق التتابع 4x100 م متنوعة، مبرراً طلبه بشعوره بالاجهاد، لكن المدرب رفض وهدده بحرمانه من سباق التتابع اذا لم يشارك في سباق 100 م حرة، وأكد له أن العالم بأسره سيتهمه بالخوف من مواجهة هايدن ريتش في 100 م حرة. وجاء موعد السباق، ودخله سبيتز وفي جعبته الرقم العالمي 47،51 ثانية، لكنه سجل زمناً أقل من مايكل ويندين ومن هايدن ريتش في الأدوار التمهيدية ونصف النهائي. وفي السباق النهائي، فاجأ سبيتز الجميع بتغيير أسلوبه الذي يعتمد على تخزين القوة الى النصف الثاني من المسافة، اذ انطلق من البداية بأقصى سرعة وتفوق بجدارة عند نهاية ال 50 الاولى، ومع انه فقد سرعته في الأمتار الأخيرة فقد حل اول بفارق نصف طول فقط أمام ريتش، وسجل رقماً عالمياً جديداً مقداره 22،1،51 ثانية. الذهبية السابعة والأخيرة والقياسية تحققت في تتابع 4 X 100 متر متنوعة. وخاض سبيتز الجولة الثالثة بين زملائه مايكل ستام وتوماس بروس وجيري هايدن ريتش، لانه يسبح بطريقة الفراشة. وعندما قفز الى الحوض كان منتخبه في المركز الثاني خلف المانيا الغربية، ومع ذلك أنهى جولته والاميركيون في المركز الأول وسجل فريقه 16،84،3 دقائق، وهو رقم عالمي جديد. وعلى منصة التتويج حمله زملاؤه الثلاثة على الأعناق ثم داروا به حول الحوض دورة الشرف. ويضع سبيتز صورته وهو على أكتاف زملائه في مدخل منزله الفاخر، مؤكداً أن تلك الصورة أغلى عنده ألف مرة من الصورة التاريخية له وعلى صدره 7 ميداليات ذهبية. أرقام وأعوام - مارك أندرو سبيتز من مواليد 10 شباط فبراير 1950 في موديشو بولاية كاليفورنيا الاميركية. - سجل 26 رقماً قياسياً فردياً عالمياً في حياته كسبّاح، وجاءت تلك الأرقام بالتوزيع التالي: 3 أرقام في 100 م حرة أفضلها 22،51 ثانية، 4 أرقام في 200 م حرة افضلها 78،52،1 دقيقة، 3 أرقام في 400 م حرة أفضلها 7،07،4 دقائق، 7 أرقام في 100 م فراشة أفضلها 27،54 ثانية، و9 أرقام في سباق 200 م فراشة أفضلها 70،00،2 دقيقة، وهو صاحب أكبر عدد من الأرقام القياسية العالمية لأي سباح في المسابقات الفردية في التاريخ، والطريف أن أفضل أرقامه العالمية في السباقات السبعة تحققت كلها في دورة ميونيخ الاولمبية 1972، باستثناء سباق 400 م حرة. واضاف سبيتز الى رصيده 6 أرقام قياسية عالمية في سباقات التتابع، وأخيراً رقماً قياسياً اضافياً للولايات المتحدة في سباق 100 م ظهراً هو 70،57 ثانية. - بدأ مشواره في دنيا السباحة عام 1964 في نادي سانتا كلارا مع المدرب جورج هاريس وانتقل الى جامعة انديانا مع المدرب دوك كاونسيلمان وحقق 8 ألقاب في بطولة الجامعات بين 1969 و1972، وأحرز 24 لقباً في بطولة جامعته انديانا، وفاز بأربع ذهبيات في بطولة العالم للجامعات عام 1965، وبخمس ذهبيات في سباقات 100 و200 م فراشة و3 سباقات للتتابع في دورة الألعاب الاميركية عام 1967. - نال جائزة سوليفان التذكارية لأحسن رياضي اميركي عام 1971. - حصل عام 1971 أيضاً على شهادة التخرج من جامعة انديانا. - فأجأ العالم في عام 1991 بمحاولة العودة الى السباحة بعد اعتزال دام 19 عاماً بهدف المشاركة في دورة برشلونة الاولمبية، ورغم تألقه وتسجيله أرقاماً ممتازة تواكب أرقامه القياسية السابقة إلا أنه وجد نفسه بعيداً عن التطور الهائل للسباحين الجدد، فاعتزل مجدداً لكن في صمت.