انتقد الرئيس الايراني سيد محمد خاتمي امس على نحو مباشر الرؤى التي تنظّر لپ"التسلط الاجتماعي" وتتبع نهج "الاكراه والرعب" في ادارة شؤون الحياة العامة، وتحاول ان تفرض قيم الاسلام بپ"ضيق الأفق". وأكد ان الدين لا يمكن ان يقوم الا على مبادئ "احترام" الذات الانسانية و"العدل" وتوفير "العزة والكرامة" لكل انسان يعيش في المجتمع الاسلامي "حتى ولو كان غير مسلم". وبدا واضحاً ان هذا الخطاب ينسجم مع ما يعلنه خاتمي باستمرار من افكار وتوجهات ويدعو اليه من سياسات في النظام والحكومة والمجتمع، لكنه يكتسب اهمية خاصة في هذه المرحلة تحديداً، اذ انه قيل امام كبار ضباط وعناصر قوات الحرس الثوري و"البسيج" التعبئة، ويلي مباشرة نجاح المحافظين في حجب الثقة عن وزير الداخلية عبدالله نوري على خلفية ادارته للوزارة بنهج "كله تساهل سيؤدي بالبلاد، في حال استمراره، الى الفوضى وتحدي قيم النظام". ومعروف ان خاتمي رد على تحدي المحافظين بتحدٍ فوري وعيّن وزيره المعزول نائباً له للتنمية والشؤون السياسية والاجتماعية بعد أقل من ساعة من حجب الثقة عنه في البرلمان، وفهمت الاوساط السياسية قرار خاتمي بأنه رسالة كلها تصميم على خيار "التنمية السياسية" الذي وضعه عنواناً مركزياً في برنامجه للحكم، سيما ان نوري شدد في دفاعه في اثناء جلسة الاستجواب النيابية على ان مستقبل نظام الجمهورية الاسلامية بات رهن الاستراتيجية الاصلاحية التي يتبعها خاتمي، وهي استراتيجية تقوم على مفردات التسامح والانفتاح والاعتدال. ودفع ذلك المحافظين الى الاصرار على اقصاء نوري وإعلان مواجهتهم لأي "سياسة يمكن ان تلحق الاذى بمبادئ الثورة والنظام والقيم الاصيلة للاسلام". ولذلك، بدت كلمة خاتمي وكأنها تحد جديد، خصوصاً انه كان يتحدث امام كبار المسؤولين في الحرس الثوري الذي اعلن قائده العام اللواء رحيم صفوي قبل ايام ان حماية الثورة الاسلامية تقتضي "مواجهة الثقافة الليبرالية والغربية وإشاعة قيم الاسلام والثورة والنظام وتثبيتها"، وحذر من "اخطار محدقة". وقال خاتمي ان "الاسلام يدعو الى مجتمع التوحيد ويأبى تسلط الانسان على الانسان ويرفض التبعية للاجنبي والاستسلام ولا يتهاون في مبادئه". وفي رد ضمني على الدعوات الى التشدد الثقافي والاجتماعي، اكد خاتمي ان "جذب الشباب الى الاسلام وقيم التدين تقتضي التعامل معهم بعفو وعطف ورفق"، وقال: "اننا لا نستطيع ادارة المجتمع بسياسات الاكراه والرعب وضيق الأفق وانغلاق البصيرة"، مستطرداً ان "القانون يجب ان يكون سيداً في المجتمع الاسلامي وهو الفيصل والحكم مع اي جرم او خطأ"، في اشارة تأكيدية الى رفضه عنف المجموعات التي تتدثر بعباءة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، ودعوات شخصيات دينية وسياسية وغير مدنية الى عدم "التساهل" مع مظاهر "التسيب الاخلاقي والانحراف الفكري وعدم الالتزام النظري والعملي بمبادئ الجمهورية الاسلامية"