المطر الأخير

الى كبريائنا الشعري المرتحل: نزار قباني
بيْنَ عينيهِ وأطرافِ الحَجَرْ
مطرٌ خائفٌ
ومرايا.. راجفةْ
وبقايا وردةٍ عَلَقتْ على شوكٍ طليقْ
بين عينيهِ.. بداياتُ الحريقْ
واشتعالاتُ الصدى الممهورِ بالموتِ
والسنينِ الواقفةْ..!!
* * *
كانَ يمشي راكضاً
كالوقتِ
ممشوقاً كرمحٍ
ومحتدماً كغابةْ
ظِلُه لا يحتويه
ولا.. تغادرهُ الصبابةْ
كان يركضُ ماشياً
والروحُ
تلمعْ.. مثلَ حدِّ السيفِ
او تخبو
كنجمِ الليلِ في غُرَفِ الفضاءْ
وعلى يديهِ قواقعُ الحُلمِ
التي تنمو
على شجرِ الغناءْ..!!
* * *
كانَ يمشي وَحْدَه
حينَ كانَ الآخرون يفتشون عن الصدى
وعن الهواءْ
ويسألونَ عن الطريقْ...!
وَحْدَهُ كان الصديقْ
لوقتِنا
ولكلّ ما في الليلِ من لُغةٍ
ينادمها الحريقْ..!!
* * *
بينَ عينيهِ
وأسماءِ المطرْ
عيونٌ مُقْفَلَةْ
لا ترى في الصمتِ شكلَ القنبلةْ
او ترى في الناسِ
روحَ السُنبلةْ..!!
* * *
كان شعباً.. وحدهُ
والآخرونَ.. منمنماتٍ
في أراجيف الشحوبْ
وَحْدَهُ كانَ الغضبْ
ووحدَهُ.. كان الشعوبْ..!!
* * *
أيَّ ريحٍ سوفَ تركبُ
أيها المطرُ الأخيرْ
ومَنْ الذي سيعيدُ للشرقِ نِساءَهُ
من الوأدِ
ومن لغةِ القبائلْ
ومن الذي سيطرّز النجوى
لغصونِ الكبرياءْ
ويُثيرُ في دمنا المشاعلْ
ومَنْ الذي سيُعيدُ روحَ الياسمينْ
لبيوتنا الملأى
بأوراقِ اليباسْ..؟!!