شكل ملف المياه احد مواضيع الخلاف بين تركيا والدول العربية، خصوصاً العراق وسورية، خلال اجتماعات الدورة ال 24 للمؤتمر الاقليمي للشرق الادنى الذي نظمته منظمة الاغذية والزراعة الدولية التابعة للامم المتحدة فاو، وانتهت اعماله في دمشق أول من أمس. ويعود اعتراض الوفد التركي الذي رأسه وزير الزراعة مصطفى يشار على الفقرة 25 في التقرير التي تضمنت مصطلح "الانهار الدولية" والدعوة الى "اقتسام المياه مع الدول المجاورة"، الى الخلاف مع سورية والعراق حول اقتسام مياه نهري الفرات ودجلة. اذ تطالب كل من دمشق وبغداد بقسمة عادلة للنهرين على انهما "نهران دوليان، فيما تصر انقرة على اعتبارهما "عابرين للحدود" وبالتالي لا تلتزم المعايير الدولية لتحديد قسمة عادلة للنهرين بين الدول الثلاث. وقالت مصادر المجتمعين ل "الحياة" ان التقرير النهائي اعتمد حلاً يدعم الموقف السوري، عبر تبني موقف وزير الزراعة السوري اسعد مصطفى الذي دعمه فيه نظيراه اللبناني شوقي فاخوري والعراقي عبدالاله التكريتي، فيما سجل "تحفظ" الوزير يشار عن الفقرة 25. وتضمنت الفقرة "قلق المجتمعين من تأثير مشاكل المياه التي تواجه معظم بلدان الاقليم على القطاع الزراعي نتيجة افتقار الاتفاقات المستقرة لادارة الانهار الدولية واستخدامها وصيانتها"، وتأكيد "أهمية المحافظة على الموارد المائية من طريق اعادة النظر في كيفية تخصيص الموارد وتحسين الكفاءة الفنية لاستغلالها باعتبارها اهم خيار استراتيجي لمواجهة مشكلة قلة المياه في الاقليم". وأبدى الامين العام ل "فاو" الدكتور جاك ضيوف في رده على سؤال ل "الحياة" استعداد المنظمة "للقيام بوساطة بين سورية وتركيا لحل الخلاف والتوصل الى قسمة لمياه الفرات، شرط ان يطلب الطرفان ذلك". الى ذلك، شدد المجتمعون في التقرير الختامي على ضرورة متابعة تنفيذ بيان قمة الغذاء العالمي التي عقدت في روما عام 1996، اذ ان "فاو" وضعت مسودات 150 استراتيجية للأمن الغذائي حتى سنة 2010، وبدأت تنفيذ البرنامج في 30 بلداً منها أربعة من دول الاقليم، كما تعد لتنفيذه في 40 بلداً آخر منها ستة في الاقليم. ودعا التقرير الدول الأعضاء الى الترويج للأمن الغذائي المستدام والمشاركة في "الشبكة الاقليمية في شأن التنمية الريفية والامن الغذائي" وتعزيز التعاون بين دول الاقليم ومع المنظمات الاقليمية وشبه الاقليمية في تنفيذ خطة عمل قمة روما. وأحال مشروع الاقتراحات الخاصة بتنفيذ المرحلة الثانية من "برنامج التعاون بين المنظمة وحكومات دول الشرق الادنى" الى اللجنة العليا المعنية بعدما فشل المجتمعون في التوصل الى اتفاق عام على اعادة تنشيطه. وكان البرنامج انشئ خلال الفورة النفطية في ايلول سبتمبر 1974، وهدف الى تشجيع التنمية الزراعية في الاقليم، عن طريق التبرعات التي تقدمها الدول المانحة للبلدان المحتاجة، على ان تقوم المنظمة بتنفيذه. وتجمعت في حينه مساهمات مالية بلغ مجموعها نحو 22 مليون دولار قدمتها السعودية والبحرين والعراق والكويت وقطر، واستخدمت مع فوائدها المصرفية في تمويل ثمانية مشاريع اقليمية و37 مشروعاً قطرياً. ورافق تنفيذ هذه المشاريع انشاء مؤسسات التمويل العربية مثل الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والهيئة العربية للاستثمار والانماء الزراعي والصندوق السعودي للتنمية والصندوق الكويتي وغيرها. غير ان الانتقال الى تنفيذ المرحلة الثانية من البرنامج واجهتها عقبات عديدة منها تراجع عائدات النفط والعجوزات المالية التي يشهدها عدد من البلدان النفطية ما ادى الى اعتمادها سياسات مالية متقشفة والى تضاؤل حجم الفوائض المالية التي كانت تقدم الى البلدان الاخرى. وقال مؤيدو احياء البرنامج ان الاقليم لا يزال مستورداً صافياً للأغذية و"الفجوة الغذائية" تزداد اتساعاً وبعض بلدانه تندرج ضمن بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض وان هناك حاجة ملحة لمنح الاولوية للتنمية الزراعية وانتاج الاغذية. كما ان الاقليم لا يتلقى المساعدات المالية والفنية التي يستحقها نتيجة الاعتقاد الخاطئ بأنه غني بموارده وان في امكانه الاعتماد على موارده الذاتية.