"الأونية" تجتاح بريطانيا منذ بداية الموسم 98- 99، وأعين العالم تنصب من جديد على أسخن موهبة عرفها عالم كرة القدم منذ بيليه... مايكل اوين الشاب 18 عاماً تحول من لاعب احتياطي في المنتخب الانكليزي لكرة القدم الذي شارك في مونديال فرنسا الى احد اكتشافات المونديال، ثم تابع صعوده بسرعة مذهلة وبات حالياً بين الافضل في العالم برغم طراوة عوده مع العلم بأنه يلعب الآن موسمه الثاني فقط مع فريق ليفربول الاول. ويعتبر المراقبون اوين افضل موهبة كروية في الجيل الجديد منذ ان ظهر عام 1979 الارجنتيني دييغو مارادونا الذي قاد منتخب بلاده الى الفوز بكأس العالم للشباب في طوكيو، ولم يتأخر كثيرون عن عقد المقارنة بينه وبين البرازيلي الشهير رونالدو. أوجه الشبه موجودة ومتعددة بين اوين ورونالدو 21 عاماً الذي تألق منذ اربع سنوات وصار افضل لاعب في العالم قبل أن يهبط مستواه منذ الصيف الماضي بداعي الارهاق والاصابات ... ومع قاسم الشهرة والمهارة الفطرية هناك القاسم المادي. ذلك ان رونالدو هو اغلى لاعب في العالم مع مواطنه ريفالدو نحو 30 مليون دولار، وفي المقابل لو اراد ليفربول بيع اوين لحطم حاجز الثلاثين مليون دولار بكل تأكيد... ويتميز كل من النجمين بالسرعة الخارقة والقوة خلال الجري بالكرة حيث يصعب على المدافعين محاكاتهما، هذا اذا ما لحقوا بهما. الانكليز يفضلون اوين! لكن من تختار ليكون ضمن فريقك إن سنحت لك فرصة الاختيار؟ يجيب بول ميرسون لاعب فريق استون فيلا وزميل أوين في المنتخب: "أختار أوين لانه الافضل، واعتقد بأن ثمنه لا يقل عن 40 مليون جنيه استرليني 68 مليون دولار، واذا أراد ليفربول بيعه فسيجد اندية عدة مستعدة للتفاوض معه. هل شاهدت كيف كان لاعبو الارجنتين يهابونه كلما وصلت اليه الكرة؟ أتوقع أن يصبح أفضل لاعب عرفه تاريخ كرة القدم العالمية على الاطلاق". ويتفق روي ايفانز المدرب السابق لأوين في نادي ليفربول مع ميرسون، ويضيف: "ستعاد اهداف اوين مراراً على شاشات التلفزيون مثلما نشاهد اهداف مارادونا وحركات رونالدو". ويقول الارجنتيني مارادونا: "ارى أن دينامو خط الوسط الارجنتيني آريل اورتيغا يشارك أوين النجومية في المونديال السابق، وهو يُعرف في الارجنتين بمارادونا الجديد... اعتقد بأنه لا يوجد أي وجه شبه بيني وبين أوين وإن كان هدفه ضد الارجنتين مشابهاً لهدفي الثاني امام انكلترا بالتحديد في مونديال المكسيك عام 86... وأمام أوين مشوار طويل قبل البدء بمقارنته مع نجوم اللعبة". وتختلف الأراء أيضاً عندما يقارن أوين بالنجم البرازيلي بيليه الذي فرض نفسه نجماً في الساحة العالمية وهو في سن السابعة عشرة عندما ساعد منتخب بلاده على الفوز بكأس العالم في السويد عام 58، واضاف اليها كأسين أخريين عندما شارف على سن التاسعة والعشرين... كان يملك قدرة خارقة على تغيير مجرى اللعب بحرفنة وسرعة، والبديهية كانت احدى نقاط بيليه المميزة حيث كان دائماً يفكر خطوتين الى الامام قبل خصمه. قبل مونديال فرنسا كان عشاق الكرة الانكليزية يعلقون آمالهم على كابتن المنتخب ألن شيرر وتيدي شيرينغهام لتسجيل الاهداف، ومع نهاية المرحلة الاولى اصبح الجميع يلقبون أوين ب "المنقذ"، ووضعوا آمالهم في عنق فتى لا تتجاوز خبرته في الحياة خبرة أي مراهق في سن الثامنة عشرة وإن كانت دماثة خلقه تؤكد أنه تخطى مرحلة المراهقة منذ زمن بعيد. ولن يذكر الانكليز بالخير مونديال فرنسا لانهم عادوا منه بخفي حنين لكنهم سيذكرون دائماً ابداعات أوين خصوصاً الهدف الذي سجله في مرمى الارجنتين... تسلم الكرة من نصف الملعب الارجنتيني من تمريرة ديفيد بيكهام وراح يجري بها مثلما يجري الكندي دونوفان بايلي حامل الرقم العالمي في سباق 100 متر، وراوغ مدافعاً وآخر قبل ان يرسل كرة صاروخية داخل المرمى. ويعترف نجم انكلترا السابق الشهير كيفن كيغان "مونديال فرنسا كان خيبة أمل لنا، لكنني خرجت منه مبتسماً بعدما شاهدت ما فعل اوين". ويصف أوين الهدف بقوله: "كانت اجمل لحظة في حياتي، عندما سجلت الهدف شعرت كأن زلزالاً ضرب أرض الملعب... فقدت الوعي للحظات، ارتسمت في ذاكرتي صورتا ابي وامي وتخيلت أنهما جالسان قرب دائرة النصف فركضت نحوهما وأنا لا أدري ماذا افعل". واعتبر اوين بطلاً قومياً على الرغم من الخسارة أمام الارجنتين، وقفزت اسهمه كلاعب صاعد لكن قدميه بقيتا على الارض لانه يدرك أن ما كسبه من شعبية وشهرة في ايام قليلة قد يخسره في ايام أقل اذا ما اجتاحه الغرور. ويعترف اوين: "اعلم أنني املك ميزات جيدة وثقتي في قدراتي عالية جداً، لكن هناك الكثير يجب أن أتعلمه كزيادة التسديد بالقدم اليسرى بضربات الرأس حتى لو كان حجمي صغيراً". وبعد نهاية المونديال اختار الاتحاد الدولي مايكل أوين احتياطياً لهجوم فريق نجوم كأس العالم المكون من رونالدو والهولندي دينيس برغكامب والدنماركي براين لاودروب والكرواتي دافور سوكر... وبعد المونديال فرض نفسه في ليفربول اكثر واكثر وبات متصدراً ترتيب الهدافين في الدوري. وعن شهرته العالمية، حين بدأت رسائل المعجبين تنهال عليه من جميع انحاء العالم، يقول اوين: سكنت احتاج الى اربعة طوابع بريدية فقط لأرد على رسائل المعجبين، لكنني الآن في حاجة الى مكتب بريد بأكمله". ويعرب اوين عن اعجابه بالدوري الايطالي ورغبته في اللعب هناك يوماً ما، لكنه يصر على أن الدوري الانكليزي هو الاشد اثارة ويؤكد انه سيبقى مع ليفربول الى حين نهاية عقده بعد ثلاث سنوات. وتصر ادارة ليفربول على القول ان أوين ليس للبيع بأي ثمن كان، لكن هذا لم يمنع نادي انتر ميلان الايطالي من دفع مبلغ 250 الف جنيه استرليني 400 الف دولار لنادي ليفربول ليكون له الحق الأول في التفاوض مع مايكل ان أراد ليفربول بيعه. هكذا كانت البداية ولد مايكل تيري أوين في 14 كانون الاول ديسمبر 1979 في مدينة مولد بشمال ويلز، وكان يحق له اللعب مع منتخب ويلز، لكن والديه الانكليزيين فضلوا له المنتخب الانكليزي لاكثر من سبب. وبدأت حياة مايكل الكروية عندما لاحظ والده تيري، الذي احترف اللعب ضمن اندية عدة من الدرجات الثانية والثالثة، أن طفله صاحب الخمسة اعوام يملك موهبة تفوق سنه في الطريقة التي يركل بها الكرة. إذ ان معظم الاطفال في هذه السن يركلونها بطريقة عشوائية خلافاً لمايكل الذي كان يستطيع ركلها الى الزوايا الصعبة في المرمى ببطن القدم وظهرها وكأنه خبير في ركلات الجزاء. ومع بلوغه السادسة كان واضحاً ما يريد ان يفعل في المستقبل واعلن عن رغبته في ان يحذو حذو والده. ويعترف مايكل بأنه يعشق منذ الصغر فريق ايفرتون المنافس اللدود لفريقه الحالي ليفربول والناديان من مدينة واحدة، لكنه يؤكد على غرار زميليه في ليفربول والمنتخب ستيف ماكمانمان وروبي فاولر، اللذين كانا من انصار نادي ايفرتون ايضاً، ان ولاءهم الأول يعود الى ليفربول. وفي السابعة من عمره، نجح مايكل في جمع عشرة جنيهات ليشتري اول حذاء كرة قدم، ومنذ ذلك الحين عرف عالم اللعبة ولادة نجم جديد. وفي اول مبارياته للناشئين عام 86 سجل 9 اهداف في غضون 20 دقيقة. وعن تلك المباراة يقول هوارد روبرتس مدرب فريق مايكل حينذاك "لم اصدق ما حدث في اول عشرين دقيقة، وقررت ان اضع مايكل في مركز حراسة المرمى لان الفريق المقابل كان يعاني من هذا المهاجم بوضوح، لقد كان مايكل اكثر من رائع، ولا يصدق". وحين بلغ الثامنة، عام 87 اختير ليمثل مدارس مقاطعة ديسايد الويلزية دون 11 عاماً، وفي التاسعة اصبح قائداً لمدارس المقاطعة، وفي السنة النهائية لتمثيله المقاطعة سجل مايكل 72 هدفاً محطماً الرقم القياسي لعدد الاهداف في موسم واحد المسجل باسم لاعب ليفربول ومنتخب ويلز السابق ايان راش، كما حطم الرقم القياسي لعدد المرات التي مثل فيها مدارس المقاطعة المسجل بإسم لاعب نيوكاسل ومنتخب ويلز الحالي غاري سبيد بظهوره في 100 مباراة. واختير اوين ليكون ضمن فريق اكاديمية صغار اللاعبين الموهوبين عام 94 وهو في سن الرابعة عشرة، وفي العام ذاته كانت له اليد الطولى في فوز ليفربول بكأس الاتحاد الانكليزي للناشئين بعد تسجيله ثلاثية في المباراة النهائية امام ناشئي مانشستر يونايتد. وبدأت اولى خطوات حلمه لتمثيل انكلترا في نهائيات كأس العالم تتحقق عندما اختير ضمن تشكيلة لمنتخب تلاميذ انكلترا وهو في الخامسة عشرة. وفي مباراة للناشئين دون 15 عاماً ضد اسكتلندا احرز اوين هدف الفوز. وهو يصف الهدف بأنه افضل هدف يسجله في حياته الكروية القصيرة وانه افضل من هدفه امام الارجنتين في النهائيات الاخيرة، ويقول عن الهدف: "كان الوقت شارف على النهاية عندما عادلت اسكتلندا، ومن ضربة البداية تسلمت الكرة وحاورت 7 لاعبين لأسجل هدف الفوز، واعتقد بأني لن أحرز افضل منه في حياتي"... وفي 1995، حطم اوين جميع الارقام القياسية لمنتخب تلاميذ انكلترا بتسجيله 11 هدفاً في 6 مباريات. البداية مع ليفربول وفي شباط فبراير 1996 تم قيد مايكل في سجلات ليفربول كلاعب ناشئ مقابل 42 جنيهاً استرلينياً 70 دولاراً اسبوعياً، وبجانب لعبه الكرة كان من واجباته تنظيف احذية لاعبي الفريق الاول وتنظيف حجر تغيير الملابس. وفي اول مقابلة صحافية معه وكانت مع مجلة "ليفربول ايكو" قال مايكل: "انا مستعد للانضمام الى الفريق الاول" في حين قال مدربه في صفوف الناشئين ستيف هايواي: "لا اخشى ان يكون مايكل ضمن الفريق الاساسي وهو لن يخذلني". ومع نهاية الموسم 96- 79 وبالتحديد على ملعب سيلهارست بارك في ايار مايو 97، سجل اوين هدفه الاول في الدوري الممتاز في اول ظهور له عندما نزل احتياطياً في آخر 10 دقائق امام فريق ويمبلدون. وفي صيف 97 سجل ثلاثة اهداف في خمس مباريات لانكلترا ضمن بطولة العالم للناشئين في ماليزيا. وأول ظهور لأوين على الساحة الاوروبية مع ليفربول كان امام سلتيك الاسكتلندي في كأس الاتحاد الاوروبي خلال ايلول سبتمبر 97، وذلك لاصابة المهاجم الاساسي روبي فاولر. وفي تشرين الاول اكتوبر 97 تم اختيار أوين ضمن منتخب انكلترا الاول لاكتساب الخبرة، وكانت مشاركته محدودة على تدريبات المنتخب وتطبيق بعض الخطط التكتيكية. وفي تشرين الثاني نوفمبر 97 سجل اوين اول ثلاثية له امام فريق غريمسبي من الدرجة الثانية في الدور الرابع من كأس رابطة الاندية المحترفة، واسعد اداؤه مدرب ليفربول حينذاك روي ايفانز، الذي قال عنه: "كان افضل لاعب في المباراة، كل ما يريده الفتى هو تسجيل الاهداف بأي طريقة ومن اي مكان". وحث اداؤه الرائع والثابت ناديه على مكافأته بعقد لمدة اربع سنوات وبمبلغ 10 آلاف جنيه استرليني 16 ألف دولار اسبوعياً. البداية مع انكلترا وفي شباط فبراير الماضي حطم مايكل رقماً جديداً عندما صار اصغر دولي يلعب لمنتخب انكلترا هذا القرن، وهو في سن الثامنة عشرة و59 يوماً اي اصغر 124 يوماً من صاحب الرقم القياسي السابق دنكان ادواردز. ولعب مايكل في المباراة التي خسرتها انكلترا امام تشيلي صفر-2، وفشل لأول مرة في تسجيل هدف في مباراته الاولى على جميع المستويات. وفي نيسان ابريل الماضي، اختارت رابطة اللاعبين المحترفين مايكل أفضل أصغر لاعب في الموسم. وقبل بداية مونديال فرنسا بشهر واحد، حقق مايكل حلماً آخر من احلامه بتسجيله اول هدف دولي للمنتخب الاول امام منتخب المغرب ضمن لقاءات كأس الملك الحسن الثاني، وبأدائه المقنع وجد نفسه ضمن قائمة ال 22 لاعباً الذين شاركوا في النهائيات الفرنسية، وأنهى موسمه الاول مع ليفربول بتصدره ترتيب الهدافين في ناديه برصيد 18 هدفاً، واعرب عن سعادته بقوله: "تمنيت أن العب 10 مباريات مع ليفربول في بداية احترافي ولكن لم اتوقع ان ألعب موسماً كاملاً واشارك في مباريات المنتخب، وهذا كله لن يغيرني كإنسان، وسأبقى كما يعرفني الجميع". وحقق مايكل، الذي يعشق الغولف، نجاحاً آخر قبل بداية المونديال بتوقيعه عقداً جديداً مع شركة "امبرو" للادوات والاجهزة الرياضية بقيمة 5 ملايين جنيه استرليني 8 ملايين دولار.