منجم لمعدن الغوايات

-1-
قالت صَحْرائي:
تَأَهَّبْ، تَأَهَّبْ
لكي تَسْتَقْبلَ وابلَ المرارات.
أصواتٌ على تُخومها،
ليستِ الرّيحَ
ليستِ الرّعد
وليستِ تَثاؤبَ اللّحظات.
أهي ضَربَاتُ المعنى
تَنهال مطارقهُ
على متاريس اللّغة؟
-2-
سَهْمٌ يُخطِئُ غَزالةً
ويدخلُ في خطواتي:
تلك هي الرّيشَةُ الأولى
التي ترسمُ دروبَ صَحْرائي.
أتأمَّلُها -
فأراها زاويةً،
أتأمّل الزّاوية
فأراها مِرْوحةً،
أتأمّل المروحةَ
فأرَى الأشياءَ كلّها.
أضْطربُ وأتساءَل:
مِن أينَ هذا الشّبَهُ
بينها وبين العالم؟
-3-
رأسُ الشّمس على كتف الغُروب،
كمثل شامَةٍ
تحت نَهْدَيْ صَحْرائي.
ما أَغْربَها،
وكم هي جامحةٌ وَمُتَناقضة:
حيناً،
تبدو جوهراً
لا تُحيط به جميع الأشكال،
وحيناً،
تبدو شَكْلاً
لاَ قِبَلَ له بجميع الجواهر.
-4-
سألَ الغَسَقُ صحرائي:
أَحَقٌّ
أنتِ مِنجَمٌ
لمعدِن الغوايات؟
أَحَقٌّ
لا تحلمينَ، إلاّ لكي تمزجي
أحلامَكِ بنَبوءاتِ الكواكب؟
-5-
فَرِحَتْ صَحرائي
عندما عَرِفَتْ أَنّني أَتخَصَّصُ
في تدبير النّجوم
وَفِقْهِ الأقاليم.
-6-
قالت صحرائي:
النجومُ تفكُّ أزرارها
في سريري،
والليلُ يغطّيها، -
مسرحٌ
داخلَ المسرح، خارجَهُ، قبلَهُ وبعدَهُ
تأخذني إليه كلَّ ليلةٍ.
الممثلُ فيه كمثلِ المشاهد
والغائبُ كمثلِ الحاضر.
-7-
أفكارٌ تتكاثرُ اليوم
على تخوم صحرائي:
مزيجٌ مقطّرٌ
من عَرَقِ المعادن
وحساء الآلة.
-8-
مرةً،
سمعتُ صحرائي تقولُ لمعدة التاريخ:
تلزم لأمراضكِ المزمنة
مطابخُ من نوعٍ آخر.
-9-
قالت صحرائي:
بيني وبين السّماء
جاذبيةُ الوحدة،
وَقد نتبادَلُ اسْمينا،
هكذا، يهمُّ بيَ البَحرُ
وأهمّ بهِ،
وسوف أصالح بين المَوْج وجسدي.
نوافذ على التخوم
أَعيشُ - هَشَّاً كوردةٍ،
وصُلْباً كصوّان.
*
عَطشي يَسنُّ أعضائي.
*
كلّما استيقظتُ من نومي
أجدُ بين ذراعيَّ
بقيةً من اللّيل