ضم مول تجاري فريد وفندق عالمي بمواصفات 5 نجوم و276 وحدة سكنية و16 قصر فخم، ومساحات ترفيهية فريدة العثيم للاستثمار تطلق مشروع العثيم كروز في مدينة حائل    يوم عرفة.. 42.2 مليون مكالمة في مكة والمشاعر.. و5.61 ألف تيرابايت استهلاك البيانات    الدفاع المدني يدعو ضيوف الرحمن إلى اتباع تعليمات السلامة في قطار المشاعر    أمير منطقة جازان ونائبه يؤديان صلاة عيد الاضحى    حركة اقتصادية تسجلها أسواق المواشي بحائل خلال عيد الأضحى المبارك    أمانة حائل تنهي استعداداتها خلال عيد الأضحى المبارك.    وكيل محافظة بيش يتقدم المصلين لأداء صلاة عيد الأضحى المبارك ويستقبل المهنئين    محاولة أخيرة من الاتحاد لضم محمد صلاح..وتحديد البديل    السلام في أوكرانيا يستدعي "إشراك جميع الاطراف"    وزير الإعلام يرفع التهنئة لخادم الحرمين وولي العهد بعيد الأضحى المبارك    الملك سلمان: أسأل الله أن يديم الأمن والاستقرار على وطننا وشعبنا    سمو محافظ الخرج يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك مع جموع المصلين    الصحة تحذّر الحجاج من التعرض لأشعة الشمس    أمير منطقة المدينة المنورة ونائبه يستقبلان المهنئين بمناسبة عيد الأضحى    محافظ الطائف يؤدي صلاة عيد الأضحى في مصلى الخالدية    رئيس مجلس الشورى يهنئ القيادة الرشيدة بعيد الأضحى المبارك    الرئيس المصري: لمست في الحج حسن التنظيم والخدمات.. شكرا للملك سلمان وولي العهد    "روبوتات المطاعم " هل تهدد وظائف البشر ؟    أمير الرياض يؤدي صلاة عيد الأضحى مع جموع المصلين    القيادة تهنئ رئيس جمهورية جنوب أفريقيا بمناسبة إعادة انتخابه لمدة رئاسية جديدة    أمطار رعدية المرتفعات الجنوبية    سمو أمير منطقة الباحة يهنئ القيادة الرشيدة بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك    الكشافة تواصل جهودها بإرشاد الحجاج التائهين في مشعر عرفات    "كشافة الزلفي" تواصل تقديم الخدمات لحجاج بيت الله الحرام    عروض مسرحية وفلكلور شعبي في احتفالات الشرقية بعيد الأضحى    الذكاء الاصطناعي يتحكم بالقرارات الشرائية لحوالي 80 %    القبض على بلوغر إماراتية بعد تصويرها مقطعا في مكان محظور    اكتشاف النهر المفقود في القطب الجنوبي منذ 34 مليون سنة    توصية متكررة بتحديث متصفح «غوغل»    بياض الحجيج يكسو جبل الرحمة    الأجهزة اللوحية والبصمات تلاحق غير النظاميين    «الدرون» العين الثاقبة في المناطق الوعرة    الصين تنشئ صناديق مؤشرات للاستثمار في الأسهم السعودية    «الكانفاس» نجمة الموضة النسائية    واجهات جدة البحرية ومرافقها العامة جاهزة لعيد الأضحى المبارك    هل يستحوذ «السيادي السعودي» على 15 % من مطار هيثرو؟    وزير الخارجية يرأس وفد المملكة في قمة (السّلام في أوكرانيا) بمدينة لوتسيرن السويسرية    15 خطيباً اعتلوا منبر عرفة.. أكثرهم «آل الشيخ» وآخرهم «المعيقلي»    الأهلي وصفقات الصيف    أبرز أمراض العيد وكيف يمكن الوقاية منها    5 مخاطر للأشعة فوق البنفسجية    ابتكار علاج جيني يؤخر الشيخوخة    في هذه الحالة.. ممنوع شرب القهوة    المتحدث الأمني ل"الوطن": المملكة مدرسة في إدارة الحشود    ضبط (12950) مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    الشيخ السديس يهنئ القيادة بنجاح نفرة الحجاج من عرفات إلى مزدلفة    الملك وولي العهد يتلقيان تهنئة قادة الدول الإسلامية بعيد الأضحى    وزير الخارجية يستعرض العلاقات التاريخية مع رئيس المجلس الأوروبي    نيمار يُعلق على طموحات الهلال في كأس العالم للأندية    العيد في غزة حزين وبلا أضاحي    رئيس مصر يزور المتحف الدولي للسيرة النبوية    بدء مفاوضات انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي    وزير الخارجية يترأس وفد المملكة بقمة السلام في أوكرانيا    وزير الإعلام يتفقد مقار منظومة الإعلام بالمشاعر المقدسة    السعودية تتسلم علم استضافة أولمبياد الفيزياء الآسيوي 2025    2000 إعلامي من 150 دولة يتنافسون في الأداء    فيلم "نورة" من مهرجان "كان" إلى صالات السينما السعودية في رابع العيد    صحفيو مكة يشيدون بمضامين ملتقى إعلام الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تلفزيون رمضان برائحة مصر الجديدة
نشر في الحياة يوم 06 - 08 - 2011

رب محاكمة خير من ألف مسلسل في نهار رمضان! ورب متابعة جلسات أكثر إثارة من عشرات برامج الحوارات مع الفنانين والقيل والقال! ورب تحليل نفسي وعصبي للمتهمين أعمق أثراً من فوازير انتهى عمرها الافتراضي منذ عشرات السنين.
رمضان التلفزيوني المصري أتى هذه السنة بما لم يتوقعه «أمراء» المسلسلات وجهابذة حوارات الفنانين. صحيح أن القنوات عامرة بالوجبات الرمضانية التقليدية من دراما وفنانين ومسابقات، غير أن الأوضاع الراهنة في مصر والعالم العربي فرضت نفسها بقوة على المشهد.
المشهد الأكثر وضوحاً في تأثره بالثورة يظهر في برامج الحوار، خصوصاً في حوارات الفنانين. إذ جرى العرف الرمضاني أن يكون الغرض الرئيس من استضافة الفنان في هذا الشهر الكريم هو عرض دموعه المنهمرة أمام الكاميرا بعد انتزاع اعتراف فتاك منه.
صحيح أن عملية نزع الاعترافات ما زالت السمة الغالبة في مثل تلك البرامج، لكن الغالبية المطلقة منها تلونت بلون الثورة وقوائمها، الأسود منها والأبيض، والرمادي «الكنبوي» كذلك.
ويبدو أنه سيتحتم على صناع تلك البرامج أن يشكروا الثورة المصرية التي أمدتهم هذا الموسم بنكهة شديدة التفرد لصناعتهم. «هل صحيح أنك خرجت في تظاهرة لتأييد النظام السابق؟»، «ماحصلش!». «هل سبق وجمعتك المصادفة بزوجة الرئيس سوزان مبارك وعبّرت لها عن امتنانك بأنشطتها ودعمها لوضع المرأة؟»، «كان موقفي زي كل من كان موجوداً! يعني هل كان المطلوب أن أخلع حذائي وأدك رأسها؟». «سؤالي هو حصل ولا ماحصلش؟»، «إ إ إ حصل بس ليس كما...»! ويرتفع صوت الصياد بطريقة درامية، «هل بكيت بالدموع في مكالمة هاتفية مع التلفزيون الرسمي وأنت تتهمين الثوار بالبلطجة؟»، «أنا أنا كنت أعتقد كما اعتقد غيري أنهم بلطجية!». ويبدو صوتها يختنق وهي تقاوم البكاء، ما يعني أن المذيع بات قاب قوسين أو أدنى من الهدف! «أنت متهمة بمعاداة الثورة والمشاركة ضمنياً في تشويه سمعة الثوار و...». وهنا تدق موسيقى البرنامج التصويرية العسكرية الداعية إلى التوتر والترقب وتقفز الكاميرا لتكاد تلتصق بوجه الفنانة وهي تبكي بكاء مريراً وتقسم أنها وطنية وتحب هذا البلد، محاولة نفي تهمة معاداة الثورة عن نفسها.
الركوب التلفزيوني لموجة الثورة يعني أن الحلقة التي تحوي ضيفاً فناناً منتمياً إلى القائمة البيضاء تكون بمثابة حفلة تكريم للفنان، في حين تتحول حلقة الضيف الآتي من القائمة السوداء إلى محاكمة علنية لإثبات التهمة!
تهم التآمر ضد الثورات العربية، وإرهاصات الثورات وتوابعها، وردود فعل الحكام، وتصريحاتهم، ورد الشعوب عليهم بالشعارات انعكست كذلك على أسماء البرامج وكثير من المواد الفيلمية والفنية التي جُهزت كفواصل بين البرامج. فهناك، مثلاً، برنامج «الشعب يريد» الذي يقدمه طوني خليفة، و «مطلوب رئيس» الذي يقدمه الممثل هشام إسماعيل، و «أنا الرئيس» ويقدمه محمد عبدالفتاح، و «من أنتم؟» للفنانة بسمة (المصنفة في القوائم البيض المؤيدة للثورة المصرية)، وغيرها.
وعلى رغم مرور أيام قليلة فقط على بدء الشهر الكريم، إلا أن بطلي القائمتين السوداء والبيضاء الفنيتين هما بلا منازع الفنانان طلعت زكريا الذي لم يجد غضاضة كما يبدو في الظهور في عشرات البرامج، تارة محاولاً تبرئة نفسه من تهمة معاداة الثورة، وتارة أخرى – في حال ووجِه بتصريحات سابقة له بالصوت والصورة – بالتأكيد أن «التعبير خانه» أو «أنه كان واقعاً تحت تأثير الإعلام المضلل»، إلا أن ما يحسب له، مجاهرته بحبه للرئيس المخلوع وشعوره بأنه بريء مما ينسب إليه من تهم تماماً، لأنه ببساطة كان مغيّباً عما يحدث في مصر طيلة السنوات العشر الماضية! والثاني هو الفنان عمرو واكد الثائر الذي لم يبرح ميدان التحرير طيلة أيام الثورة، وبات مصنفاً تحت بند الضيوف السياسيين.
ودفع موسم رمضان هذا العام عدداً من الوجوه الجديدة إلى شاشة التلفزيون، وهي الوجوه التي ولدت من رحم الثورة. فهناك مثلاً باسم يوسف المولود من رحمين، أحدهما انتقاد النظام الساقط والثاني رحم الإنترنت، وتحديداً موقع «يوتيوب»، خصوصاً ان يوسف خرج من عتمة ال «يوتيوب» إذ دأب على تقديم «توك شو» ملاكي، أي بوازع شخصي منه للسخرية اللاذعة من تغطية التلفزيون الرسمي للثورة، ومن الفنانين الذين طبّلوا وزمروا للنظام، وغيرها من الأفكار التي حازت إقبالاً منقطع النظير من متصفحي الشبكة العنكبوتية. ويأتي رمضان هذه السنة ليوسع يوسف من قاعدة مشاهديه ويقدم برنامج «البرنامج» عبر شاشة «أون تي في».
وإذا كانت حفنة من المسلسلات المعروضة نجحت في اللحاق بركب الثورة وتضمين الحوار بعض الجمل ذات الطابع المواكب للأجواء الثورية، فإن الفواصل الفيلمية التي يستخدمها بعض القنوات بين البرامج على سبيل الترفيه الثقافي اصطبغت بألوان ميدان التحرير بالكامل. وبدلاً من التأريخ السريع لحرفة يدوية مندثرة، أو مسجد تاريخي شهير، بات التأريخ ثورياً بحتاً لميدان التحرير في القاهرة، والأربعين في السويس، والقائد إبراهيم في الإسكندرية.
حتى إعلانات رمضان المعتادة التي تصيب الجميع بتخمة مشاهدة وعسر هضم متابعة لفرط الدهون والزيوت واللحوم التي تتنافس على الإعلان عليها شركات السلع الغذائية تقلصت إلى حد كبير، وواكب صنّاع الإعلانات والشركات المعلنة الروح الثورية. فهذه شركة اتصالات تشكر الثوار الذين قادوا البلاد إلى مصر جديدة، وتلك شركة مشروبات غازية تؤكد أن مصر الآن بحاجة إلى رجالها، وأن عليهم أن يشربوا منتجها الذي هو عنوان الرجولة، لأن الرجولة ليست سهلة. وتبقى متابعة جلسات المحاكمة العلنية للرئيس المخلوع ونجليه وعدد من رموز نظامه السمة التلفزيونية الأبرز في رمضان 2011. فمن كان يتخيل أن تلتف العائلات وجموع المواطنين في نهار رمضان لمتابعة وقائع المحاكمة التي تستحوذ على اهتمام العالم أجمع؟ ومن كان يصدق أن تنتظر جموع الصائمين مدفع الإفطار لتتابع تحليلات خبراء السياسة وأطباء النفس ومحللي الاقتصاد لما جرى نهاراً في المحكمة؟ إنه حقاً رمضان بنكهة الثورة وطعم التحرير ورائحة مصر الجديدة!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.