سمع الجميع بوفاة الشيخ الفاضل عبدالعزيز الوهيبي - رحمه الله - الأيام الماضية هو وزوجته وثلاث من بناته، أسأل الله أن يتقبلهم في الصالحين، الذي استوقفني في وفاة تلك الأسرة سببها، حيث إن السبب يكمن في ارتطام مركبته بسيارة نقل كبيرة قد أهمل سائقها صيانتها ولم يصلح أنوارها، ما نتج منه اصطدام سيارة الشيخ بهذه الناقلة، وكانت النتيجة وفاة خمسة أفراد، وشللاً لإحدى البنات، وغيبوبة للأخرى. ليست هذه هي الحال الوحيدة فحسب، بل كشف تقرير صادر عن الإدارة العامة للمرور عن إجمالي الحوادث المرورية لعام 1427ه، وأن عددها وصل إلى 283684 حادثة مرورية، كما كشف أيضاً عن عدد الوفيات والتي بلغت نحو 5883 حالة وفاة، بواقع 21 حالة وفاة لكل 1000 حادثة. كما كشف التقرير عن وفاة شخصين كل 3 ساعات على مدار العام نتيجة للحوادث المرورية، بواقع 16 شخصاً في اليوم، وكشفت منظمة الصحة العالمية أن الحوادث المرورية تحصد أرواح أكثر من مليون شخص سنوياً، وتصيب 38 مليون شخص (خمسة ملايين منهم إصابات خطرة). وهكذا أضحت الحوادث واحدة من أهم المشكلات التي تستنزف الموارد المادية والطاقات البشرية وتستهدف المجتمعات في أهم مقومات الحياة والذي هو العنصر البشري، إضافة إلى ما تكبده من مشكلات اجتماعية ونفسية وخسائر مادية ضخمة، ما أصبح لزاماً العمل على إيجاد الحلول والاقتراحات ووضعها موضع التنفيذ للحد من هذه الحوادث أو على أقل تقدير معالجة أسبابها والتخفيف من آثارها السلبية. كل هذا يستدعي منا كأفراد ومؤسسات المشاركة في رسم مقترح لحل هذه المشكلة، ومن الحلول الجديرة بالطرح والمدارسة معاقبة المفرط في مثل هذه الحوادث سواء كانت مخالفته ناتجة من مخالفة مرورية أو سوء استعمال المركبة أو سوء التخطيط أثناء القيادة أوعدم التقيد بآدابها السليمة، أو أي سبب آخر. ومن العقوبات التي تتحمل هيئة كبار العلماء درسها من الناحية الشرعية قتل المتسبب في قتل أشخاص آخرين في حوادث السيارات بسبب تفريطه وإهماله، وقد كان للهيئة مشكورة بحث في (حوادث السيارات وبيان ما يترتب عليها بالنسبة لحق الله وحق عباده) وقد جاء فيه: «فيجب على قادة وسائل النقل والمواصلات أن يلتزموا بما وضع لهم؛ محافظة على الأمن والدماء وسائر المصالح، ودفعاً للفوضى والاضطراب وما ينجم عنهما من الحوادث والأخطار وفوات الكثير من المصالح، ومن خالف في ذلك كان من المعتدين، وحق لولي الأمر أو نائبه أن يعزره بما يردعه ويحفظ الأمن والمصلحة والاطمئنان من حبس وسحب بطاقة القيادة وغرامة مالية في قول بعض العلماء». ولو درست عقوبة القتل تعزيراً كفتوى فقهية لنازلة معاصرة من الهيئة لكان حسناً، ولعلم المفرط أن هذا التفريط الذي لا يعبأ فيه بذهاب أرواح كثير من الخلق سيكون سبباً لإزهاق روحه، وإذا تم اعتماد هذه الفتوى كان على الجهات الأمنية تبنيها وتعميمها ونشرها كقانون لردع القتلة الجدد. أضف إلى تساؤل راودني وأنا أستمع إلى حادثة الشيخ وهو دور مراكز التفتيش أو النقاط الأمنية خارج المدن، كيف تسمح لشخص يستقل ناقلة ليس فيها أنوار وهي تعلم جزماً العاقبة في مثل هذه الحال، أو ليس من مسؤولياتها ومهامها معاقبة المخالفين. ختاماً ليتنا ندرس عقوبات رادعة لكثير من النوازل بغرض الحد من المخالفات، وصدق القائل: «من أمن العقوبة أساء الأدب». * داعية، وأكاديمية سعودية. [email protected]