في ثالث خميس من آذار (مارس) من كل سنة يحتفل معلمو سورية وتلامذتها بعيد المعلم، فتعطل في هذا المناسبة المدارس الخاصة والعامة. وترافق احتفال المعلمين والتلامذة بهذه المناسبة على مدى السنوات مع مناسبة أخرى هي الأزمة السورية، التي ألقت بظلالها على مفاصل العملية التعليمية التربوية، وأخرجت 2.6 مليون طفل سوري من مقاعدهم الدراسية، علماً أنها دخلت عامها الثامن. ووفقاً لإحصاءات وزارة التربية، فإن 179 مدرساً ومدرسة قتلوا في 2445 مدرسة في محافظات عدة، فضلاً عن جرائم التشويه والخطف لما يزيد عن 300 عامل في مجال التربية، فيما قدّرت «اليونيسيف» في تقرير سابق لها، أن عدد الأطفال الذين أجبروا على النزوح من منازلهم خلال ست سنوات من الحرب في سورية بلغ 3 ملايين، و1.75 مليون منهم لا يرتادون المدرسة في شكل منتظم، إما بسبب النزوح أو العنف وانعدام الأمان، أو لأن مدارسهم تضررت أو تهدمت أو تحولت إلى ملاجئ للعائلات النازحة. وتركت الحرب أثرها على معدلات الالتحاق بالمدارس التي تراجعت في شكل حاد، الأمر الذي دعا وزارة التربية بالتعاون مع «اليونيسيف» إلى إطلاق حملات إعلامية وبرامج تحت عناوين مختلفة بينها «من حقي أتعلم» و «راجعلك مدرستي» و «اشتقتلك مدرستي» لزيادة أعداد الأطفال الذين سيستقطبون إلى المدرسة خلال العام المقبل ليصل إلى 500 ألف. وعملت هذه الحملات والبرامج على مساعدة الأطفال الذين خرجوا من المدرسة وابتعدوا عن مقاعد الدراسة، عن طريق برنامج «ب» الذي يسعى إلى إعادة التلاميذ إلى صفوفهم ويركز على أربع مواد هي الرياضيات والعلوم واللغتان العربية والإنكليزية، كما تسعى إلى دمج السنوات للطلاب الذين أضاعوا سنوات نتيجة التهجير بحيث سيتمكنون من مواصلة تعليمهم مع زملائهم. ورغم النجاحات التي حققتها الحملات والبرامج التعليمية، تحديات كبيرة تواجهها. ففي الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها العائلات النازحة من منازلها والارتفاع الكبير في أسعار العقارات والإيجارات، يصبح تعليم الأطفال لهؤلاء نوعاً من الرفاهية التي لا يقوون عليها. ويبدي أبو أحمد، المهجر من منطقة عربين من غوطة دمشق قبل أربع سنوات، الأسى لعدم قدرته على تعليم أولاده وأولاد شقيقه الذي قتل قبل سنوات، ويقول: «لا استطيع وحدي، وأنا المهدد يومياً بالسحب إلى الجيش، أن اطعم 20 شخصاً في هذه الظروف»، مشيراً إلى أنه كان يملك ورشة نجارة في منطقته بالشراكة مع شقيقه المتوفى، وحالياً هو يعمل مع ولديه أجراء عند أحدهم ودخلهم لا يسد إيجار الشقة التي يستأجرونها في ريف دمشق»، مضيفاً أن لا قدرة للعائلة على إرسال الصغار إلى المدارس على رغم التسهيلات التي تقدمها وزارة التربية، لأنها بعيدة وهو يخاف عليهم «من الخطف الذي أصبح سائداً أخيراً».