الدور الملهم للأمير محمد بن سلمان في تحقيق السلام في السودان    دوريات الأفواج الأمنية بمنطقة جازان تُحبط تهريب ( 214,650) قرصًا خاضعًا لتتظيم التداول الطبي    الفتح يكثّف تحضيراته قبل موقعة الهلال وسط موجة إصابات تضرب صفوفه    ولي العهد يبعث برقية شكر لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية إثر مغادرته واشنطن    الجمعة.. انطلاق الجولة التاسعة من دوري يلو    هامات للنقليات تعزز حضورها في أكبر منصة لوجستية وطنية وترسم ملامح شراكات المستقبل    نائب أمير حائل يستقبل د.عبدالعزيز الفيصل ود.محمد الفيصل ويتسلم إهدائين من إصداراتهما    التخصصي و"عِلمي" يوقعان مذكرة تعاون لتعزيز التعليم والابتكار العلمي    8 فعاليات تخاطب زوار كأس نادي الصقور السعودي 2025 بالظهران    العوالي توقع اتفاقية مع سدكو لإنشاء صندوق عقاري بمليار ريال    تلال العقارية ومجموعة التميمي و"البلاد المالية" يوقّعون مذكرة تفاهم لتأسيس صندوق استثماري بقيمة 1.2 مليار ريال لتنفيذ المرحلة الأولى من مشروع "قلب الخبر"    هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تنظم لقاء بعنوان (تحديات الأمن الوطني)    أمير تبوك يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة نجاح الزيارة التاريخية لسمو ولي العهد للولايات المتحدة الأمريكية    إثراء الشريك الثقافي في منتدى مسك العالمي 2025    مُحافظ الطائف يلتقي مُديرة التطوير والشراكات بجمعية الثقافة والفنون    أمين الطائف يبحث المشاريع الاستثمارية لشركة (وج) والاحتياجات التوسعية لأعمالها    أمير تبوك يكرم شقيقين لأمانتهم ويقدم لهم مكافأة مجزية    نائب أمير منطقة مكة يستقبل القنصل العام لجمهورية الصومال    الأمير سعود بن نهار يشهد شراكة بين تجمُّع الطائف الصحي وجمعية "روماتيزم"    شراكتنا مع السعودية في أقوى مراحلها.. ترمب: ولي العهد من أعظم القادة في العالم    فلسطين تبلغ الأمم المتحدة باستمرار الانتهاكات الإسرائيلية    وسط غموض ما بعد الحرب.. مشروع قرار يضغط على إيران للامتثال النووي    الجوازات تستقبل المسافرين عبر مطار البحر الأحمر    تعمل عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي.. درون وروبوت لمكافحة الحرائق بالمباني الشاهقة    إبراهيم إلى القفص الذهبي    غارة إسرائيلية تقتل شخصاً وتصيب طلاباً.. استهداف عناصر من حزب الله جنوب لبنان    تامر حسني يكشف تفاصيل أزمته الصحية    مهرجان الديودراما المسرحي يحتفي بالثنائية الفنية    «وسم الثقافي» يكرم المعيبد    ثمن جهودهم خلال فترة عملهم.. وزير الداخلية: المتقاعدون عززوا أمن الوطن وسلامة المواطنين والمقيمين    ترخيص فوري للبيع على الخارطة    محافظ جدة وأمراء يواسون أسرة بن لادن في فقيدتهم    دراسة: دواء السكري يقلل فوائد التمارين    أثر مدهش من بيضة مجهولة    أمير الرياض يستقبل سفير المملكة المتحدة    يايسله: المهمة أمام القادسية صعبة    «جامعة سطام» تطلق «خيمة ثقافات الشعوب»    «فنون العلا 5» ينطلق في تنوع فني وتجارب أدائية غامرة    20 بحثًا يعزّز التعاون الثقافي السعودي - الصيني    "منبهر" يحقق كأس الحفل الثالث    14 ألف جولة رقابية على المساجد بالشمالية    فيصل بن مشعل يتسلّم تقرير لجنة الحج الفرعية    «بيئة مكة».. جولات رقابية على الخضار والأسماك    عطارد يمر بين الأرض والشمس... اليوم    بولندا تنشر جيشها لحماية البنية التحتية الحيوية بعد هجوم على خط للسكك الحديدية    «الجوف الصحي» يقدّم الفحوصات الدورية المتنقلة    لماذا يبدع ضعيف الذاكرة؟!    "سورات وميرونك" يتصدّران افتتاح بطولة السعودية الدولية 2025 للجولف    120 ألف شخص حالة غياب عن الوعي    وزير الرياضة: رؤية 2030 أحدثت تحولًا جذريًا ورفعت عدد الاتحادات إلى 97 اتحادًا    احتكار الجو    عبء العلاقات الاجتماعية ثقل يتزايد بصمت    من تشجع في مباراة الفضاء؟    استثمارات جديدة في27 متنزها ومشتلا وطنيا    نائب أمير الرياض يُشرّف حفل سفارة بريطانيا لدى المملكة بمناسبة اليوم الوطني    5 أهداف للاتفاقية الدفاعية بين السعودية وأمريكا    حسن الظن بالله أساس الطمأنينة    استقبل وزير الحج ونائبه.. المفتي: القيادة حريصة على تيسير النسك لقاصدي الحرمين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«في حضرة الغياب» الطويل للشعب
نشر في الحياة يوم 11 - 06 - 2011

الذين نظّروا وينظّرون لنهوض وطني في الوضع الوطني الفلسطيني، يخطئون مرتين، في الأولى حين لم يستندوا إلاّ لأوهامهم، عن حالة استنهاض وطني، بفعل عدوى الثورات والانتفاضات الشعبية العربية، فلم يجدوا سوى الجمود والتكلس والانتكاس، كأقل ما يمكن أن توصف به الحالة المزرية، التي يعانيها الوضع الوطني الفلسطيني بمجمله، فلا فعاليات ذكرى النكبة أمكنها أن تُحدث نقلة من أي نوع في البناء الوطني الفلسطيني، ولا فعاليات ذكرى النكسة فعلت هذا، بل إن الأخيرة ووفق تداعياتها في اليوم التالي وأثناء تشييع الشهداء، استحدثت وضعاً سلبياً، لن تنجو الساحة الفلسطينية من تداعياته مستقبلا، جراء الاتهامات والاتهامات المضادة.
وفي كل الأحوال ليس الوضع الوطني الفلسطيني موحداً وممسوكاً، من قبل قيادة جبهوية عامة، تسيطر على مفاصله الأساسية المهمة، وباستطاعتها توجيهه نحو خدمة إستراتيجية وتكتيكات الكفاح الوطني، المتروك اليوم للصدفة، وللرياح الإقليمية والدولية تلعب به كيفما شاء هوى المصالح التنافسية مرة، والمصالح النابعة من إستراتيجيات مضادة ومعادية مرات ومرات.
كل نهوض وطني يستدعي وجود تكتيكات وخطط إستراتيجية، توضع موضع التطبيق والتوجيه والإشراف... إلخ، إضافة إلى إفشاء روح المسؤولية الوطنية، وما ترتبه هذه المسؤولية من تشدد مسؤول هو الآخر، عن فرض أنماط معيارية وغير معيارية، لتطبيق السياسة المتفق عليها أو المقرّة في المؤسسات الوطنية. والنهوض الوطني كحالة سياسية، لا يختلف عما هو سياسي في الممارسة والسلوك اليومي، للقوى التي تعتقد أنه يقع على عاتقها إنهاض الحالة الوطنية، وقيادة هذا النهوض في اتجاهات تخدم البرنامج السياسي والأهداف التي يُتّفق على تعريفها، كونها تكتيكية أو إستراتيجية، وأي خروج على تلك المحدّدات والمفاهيم النظرية والعملية، لا يقدم لقضية النهوض الوطني سوى لفظيات تعمل على الضد من أهداف الحركة الشعبية، وما يُراد لها من مآلات استنهاض تلبي الهدف الوطني العام. وفي أجواء انتفاضات الربيع العربي، ورغبة الشعوب في تحقيق تحولات تاريخية مهمة، تقطع مع آليات الاستبداد السلطوي والمجتمعي، لم يكن الواقع الوطني الفلسطيني ليبتعد عن هدف أو أهداف التغيير، وإجراء التحولات الضرورية المهمة في واقع جامد، تكلست فيه القوى وتحولت إلى قوة سلطوية لم تعد قادرة على تحرير ذاتها من مكبلات السلطوية ونزوعها الفئوي، ما جعل من هذه القوى متراساً يحمي مصالح فئوية وطبقية خاصة بأصحابها، ومصالح سلطوية خاصة بتحالفاتها الإقليمية.
وفي الحالين هناك مصالح طبقية وزبائنية، ليس الشعب الفلسطيني أو قضيته الوطنية معنياً بها من قريب أو من بعيد. وما جرى في مخيم اليرموك، لا يختلف في طابعه عما يجري في كل أماكن الحراك الشعبي العربي، الهادف للاحتجاج على واقع سلطوي، تكرّس بالقمع وبالإكراه وبالخوف، وباستمراء الصمت سياسة غير حكيمة، لم تعد تلبي احتياجات الوضع الوطني، ولا احتياجات الوضع الإقليمي وأصحابه.
وعلى الضد من ذلك، وقف النزوع الفئوي والفصائلي الموظف إقليمياً، كحائل يحول دون فهم واستيعاب ضرورات النهوض الوطني، آفاقه وحدوده، ما أحال الهدف الكفاحي من إحياء يوم النكبة، كما وبالنكسة في ما بعد، إلى نوع من فولكلور يجري توظيفه لمصلحة أجندات خارجية إقليمية، لا يصبّ في أي مصلحة فلسطينية، وليس في سياق أي نهوض أو استنهاض، لا يمكن استحضاره بقوى قديمة، شابت وتكلست حتى بات حضورها يقتصر على هذا الشكل الهلامي؛ كفزاعة من فزاعات الحقول، رغم الرهان على دور جوهري لها، في منع والتصدي لاستحضار أدوات وآليات النهوض الوطني في الداخل وفي الشتات.
على ذلك، فما جرى في 15 أيار(مايو) و5 حزيران (يونيو) لم يكن سوى طفرة من طفرات تنتهي في اليوم ذاته، وهي التي أريد استغلالها لمصالح وأهداف وغايات غير فلسطينية. وإذا كان من مستثمر سياسي للحالة التي أريد إيجادها من عراضات اقتحام الحدود، فبالتأكيد ليس النزوع الفئوي الفصائلي فلسطينياً هو هذا المستثمر، فالساحة الفلسطينية لم تعد مغلقة على الهدف الوطني الفلسطيني الأهم، بل هي أضحت ومنذ زمن بعيد مفتوحة على استثمارات إقليمية لا حصر لها، استثمارات بوكالات حصرية وغير حصرية، أصابها الإملال حين رفضها الشعب الفلسطيني، ويرفضها اليوم بكل عزم وقوة الثورات الشعبية الحقيقية، التي ألهمت وتلهم هذا الشعب، بعد أن مارس دوره الإلهامي يوما بانطلاقة ثورته المسلحة، وانتفاضاته الشعبية التي أسست لإلهامات جديدة، لشعوب تعلمت وما تني تتعلم اليوم، كيف تخلق ثوراتها التغييرية من نظريات غير معيارية جاهزة، لتؤكد إيمانها بتحقيق تحوّلاتها التاريخية الأهم، نحو فجر انتصار ناجز على انظمة القمع والاستبداد التي ساهمت في حصار فلسطين الأرض والشعب والوطن والتاريخ والقضية.
وهكذا في حضرة الغياب الطويل للشعب، بتنا أمام معادلة مختلفة، غريبة في طويتها غير السوية، وهي تحوّل سيرة استبداد الأنظمة والمجتمعات إلى سيرة عطرة، كما حوّلت سيرة الشعوب إلى سيرة مطعون فيها الى حد الخيانة، خيانة أنظمتها وقواها الاستبدادية بتنظيماتها الحزبية الدينية والمجتمعية الأكثر استبدادية. حتى باتت «الطليعة» أو «النخبة القائدة» على ما ترى ذاتها، تتماهى تمام التماهي مع نماذج أنظمة مماثلة، وإلا لما حدث ما حدث في ذكرى النكبة، وتكرر بشكل أسوأ في ذكرى النكسة، وكانت له التداعيات التي رأيناها تحدث في مخيم اليرموك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.