أسواق    غرامة 16 ألف ريال لكل متر.. ضبط مواطن لتخزينه حطبًا محليًا    السعودية وجهة المعارض والمؤتمرات.. أمير الشرقية يفتتح «أرينا الخبر» ويشيد بتجهيزاتها    وجبة مجانية تنهي حياة عصابة بأكملها    محافظ جدة يستقبل مجلس إدارة الأهلي واللاعبين    الفيفا يحدد موعد المباراة الفاصلة بين لوس أنجلوس وأمريكا.. من يحجز المقعد الأخير لمونديال الأندية؟    الهلال أم فريق برازيلي.. رونالدو في مونديال الأندية    آل بابكر وخضر يحتفلون بزواج علي    إعلاميون ومثقفون يعزون أسرة السباعي في فقيدهم أسامة    الهند.. رفض شراء السجائر لرجل غريب فقتله    هيئة الموسيقى توثق الإبداعات السعودية    مبادرات "عام الحرف" ترسو في مشروع سولتير بالرياض    عبدالجواد يدشن كتابه "جودة الرعاية الصحية"    محافظ الطائف يبحث تطوير الفرص التنافسية في مجال التشجير    اختتام بطولة غرب المملكة للملاكمة والركل بمشاركة 197 لاعباً ولاعبة وحضور آسيوي بارز    «ولاية أموال القاصرين» تستعرض أعمالها أمام سعود بن جلوي    «البيضاء».. تنوّع بيولوجي يعزّز السياحة    تحالف متجدد    أمير الجوف يُعزي أسرة الجلال    نائب أمير الشرقية يطّلع على برامج «المسؤولية الاجتماعية»    جوازات منفذ جديدة عرعر تستقبل حجاج العراق    ترمب يتحدث اليوم مع بوتين ل"وقف حمام الدم"    نائب أمير عسير يستقبل القنصل الجزائري    حفل جائزة فهد بن سلطان للتفوق العلمي والتميز.. الأربعاء    سعود بن نايف يهنئ الفائزين في «آيسف 2025»    نائب أمير الرياض.. يرعى انطلاق مؤتمر «الميتاجينوم والميكروبيوم».. اليوم    سفير المملكة في «كوت ديفوار» يتفقد مبادرة «طريق مكة»    الشؤون الإسلامية تختتم الدورة التأصيلية الأولى في سريلانكا    6000 حاج يتلقون الرعاية الصحية بالجوف    فيصل بن مشعل يشيد بمنجزات الهلال الأحمر وأمانة القصيم    1.28 مليار شخص مصابون بارتفاع ضغط الدم    تتويج الأخدود ببطولة المملكة تحت 15 عاماً "الدرجة الأولى"    النفط يتعافى مع مؤشرات بتراجع التوترات الجيوسياسية    الحجي متحدثاً رسمياً للنادي الأهلي    نجوم الرياض وهوكي جدة يتوجان في بطولتي الهوكي للنساء والرجال بالمنطقة الغربية    قصائد فيصل بن تركي المغناة تتصدر الأكثر مشاهدة    مبابي وبلينجهام يقودان ريال مدريد للفوز 2-0 على إشبيلية    مراقبة التنوع الأحيائي بساحل البحر الأحمر    رئيس جمعية «مرفأ» الصفحي يهنئ أمير جازان ونائبه على الثقة الملكية    مشائخ وأعيان وأهالي «الجرابية الكنانية» يهنئون أمير جازان ونائبه بالثقة الملكية    تعليم الطائف يستعرض خطة التحول في منظومة إدارات التعليم مع أكثر من 1700 مدرسة    مخاوف بولندا تدفعها لاختيار رئيس    الشارقة الإماراتي يتوج بطلًا لدوري أبطال آسيا 2 للمرة الأولى    تجاوز مستفيدي مبادرة طريق مكة مليون حاج منذ إطلاقها    أمير منطقة تبوك يرعى حفل جائزة سموه للتفوق العلمي والتميز في عامها ال 38 الاربعاء المقبل القادم    برنامج الإقراء لتعليم القرآن    مستشفى أحد رفيدة يُنظّم عدداً من الفعاليات التوعوية    نجاح عملية دقيقة "بمستشفى المانع بالخبر" تُنهي معاناة سيدة من كسر وعدوى مزمنة في عظمة الفخذ    كوكب أورانوس يصل إلى الاقتران الشمسي اليوم    اعتدال: أكثر من 1.2 مليون رابطٍ للتحايل على آليات رصد المحتوى المتطرّف    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في القصف الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 125 شهيدًا    بحضور ثقافي متميز.. المملكة تختتم مشاركتها في معرض الدوحة الدولي للكتاب 2025    الرئيس العراقي يدعو إلى تغليب الحلول السياسية    "قمة بغداد" ترفض تهجير سكان غزة.. الجبير: رفع العقوبات عن سوريا فرصة للتعافي والتنمية    "قمة بغداد" ترفض تهجير سكان غزة.. الجبير: رفع العقوبات عن سوريا فرصة للتعافي والتنمية    حراك شعبي متصاعد واحتجاجات في عدة مدن.. سحب الثقة من حكومة الوحدة يضع ليبيا في مفترق طرق    وصول التوأم الملتصق الفلبيني إلى الرياض    فهد بن سعد ومسيرة عطاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دمشق تنافس العالم بإيجارات السكن
نشر في الحياة يوم 15 - 02 - 2018

على رغم أن الدستور صان حق السكن للمواطنين، وعلى رغم وجود قوانين تواكب هذا الحق وتحفظه للمالك والمستأجر، إلاّ أن ما وصلت إليه الأمور في ظلّ الحرب السائدة في سورية جعل من مسألة تأمين السكن مسألة بالغة التعقيد، إذا ما أخذنا في الحسبان الوضع المادي السيء الذي فرضته الحرب.
ولا تُعتبر الأزمة السكنية بجديدة على السوريين، لا سيما في العاصمة ومحيطها، فمنذ ثمانينات القرن ال20، أخذت أسعار العقارات بالتحليق لمستويات دفعت عدداً كبيراً من سكان المدن إلى بيع مساكنهم بأسعار خيالية مكّنتهم من شراء أكثر من بيت في الضواحي، ما أدّى إلى اتساع مساحة السكن العشوائي أو الزراعي فيها مع ارتفاع أسعار العقارات وبدلات الإيجار.
وبعد حرب العراق ووصول اللاجئين العراقيين وانتشارهم في عدد من ضواحي دمشق، ارتفعت الأسعار مجدداً إلى مستويات أكثر خيالية، لا سيما أن غالبية هؤلاء تملك المال الكافي لهذا، ما دفع ببعض أصحاب العقارات إلى إخلاء عقاراتهم المؤجّرة من شاغليها السوريين، وكذلك منازلهم الخاصة من أجل تأجيرها للعراقيين بمبالغ فلكية. وقد تكرر فصل المسرحية المُخزي مع بداية الحرب السورية وتدفّق النازحين من المناطق الساخنة إلى أخرى آمنة لا سيما في دمشق وضواحيها القريبة. ولم يقف الأمر عند هذا الحدّ، بل وصل إلى أن يضطر غالبية النازحين استئجار شقق غير جاهزة للسكن (على العظم) وبلا أبواب ونوافذ تفادياً للغلاء من جهة، أو لأنهم لم يعثروا على مكان يؤويهم من جهة ثانية.
وعلى رغم هذا الواقع المرير، فإن استئجار ولو غرفة ليس بالأمر السهل، فهو يحتاج إجراءات أمنية وبلدية معقّدة تتطلّب زمناً ومالاً فرض استشراء الفساد والرشى من قبل موظفين معنيين بهذه الأمور، خصوصاً إذا علمنا أن مدة العقد لا تتجاوز الأشهر الستة فقط ممكن أن تكون قابلة للتجديد مع رفع الأجرة مجدداً. وبالطبع يجب أن يكون دفع بدل الإيجار مقدّماً مع مبلغ تأمين معيّن، وفوقها عمولة للمكتب أو الوسيط العقاري لا تقل عن إيجار شهر. ولهذا، فإن جشع أصحاب العقارات الحديثة دفعهم إلى تأجير الأبنية التي يقومون بتشييدها على الهيكل، حيث يجهّز المستأجر البيت مع خصم قيمة مادية من مبلغ الإيجار الشهري، وبهذه الطريقة يحصل المؤجّر على منزل جاهز وعلى مستأجر سيستمر لمدة أطول في سكنه.
رغدة النازحة من الغوطة مع أسرتها منذ أكثر من أربع أعوام، جالت فيها معظم أحياء البلدة التي تقطنها اليوم بسبب الارتفاع المستمر لإيجار البيت الذي يسكنون، ما يضطرها للبحث مجدداً عن مكان أو مأوى آخر إلى أن استقرت في بيت مفروش اعتبرته مناسباً من مختلف النواحي. لكن ما إن تنتهي مدة عقد الإيجار حتى يبادر المالك إلى رفعه مجدداً ويضعها أمام خيارين أحلاهما مرّ. فقد بلغ إيجار البيت اليوم 80 ألف ليرة سورية ما يُعادل راتب موظفَين حكوميين من فئة أولى، في الوقت الذي يعمل فيه زوجها بالدهان وهي تعمل بتزيين السيدات، ولديهما خمسة أبناء في حاجة إلى مصاريف التعليم وسواه. أبو محمود مريض وعاطل عن العمل، زوجته ممرضة في مستشفى حكومي، كانا قبل الحرب يسكنان بيتاً جميلاً متعدد الغرف لا ينقصه شيء وفق قوله. أما اليوم، وحين نزحا من منطقتهما اضطرا للإقامة في غرفة لا يمكن أن تكون سكناً لبشر، لأنهما لم يجدا ضمن إمكاناتهما المادية أفضل منها، وعلى رغم هذا لا يزال صاحبها يرفع إيجارها بين الحين والآخر، حتى وصل أخيراً إلى 45 ألف ليرة سورية، وإلاّ فليغادرا.
هذه عيّنة بسيطة من المناطق الشعبية، فكيف هي الحال في المناطق الراقية في قلب المدينة؟ يقول صاحب مكتب عقاري أن إيجار البيت في حي أبو رمانة مثلاً قد يصل إلى 500 ألف ليرة شهرياً. وفي أحياء أفضل من الشعبية بقليل من حيث الخدمات مثل الزاهرة أو ركن الدين، فيتراوح بين 100 ألف و150 ألفاً شهرياً.
وليست الحرب وحدها مسؤولة عن هذا الواقع، فكما ذُكر أعلاه كان موجوداً، لكنه جشع التجّار وغياب المحاسبة والمراقبة من الجهات الحكومية المعنية بالأمر، إضافة إلى أن قانون الإيجار المعدّل رقم 20 لعام 2015 لم يأتِ بحل لأزمة السكن وغلائه، وإنما جعل العلاقة بين طرفي هذه المعادلة تعتمد العقد شريعة المتعاقدين، بمعنى أنهم أحرار فيما يتفقون عليه، وهذا ما جاء في المادة الأولى منه الفقرة «أ» والتي تنص على:
‌«يخضع لإرادة المتعاقدين تأجير العقارات المعدّة للسكن أو الاصطياف أو السياحة أو الاستجمام والعقارات المعدة لممارسة أعمال تجارية أو صناعية أو حرفية أو مهنة حرة أو علمية منظمة قانوناً أو المؤجّرة للجهات العامة أو الوحدات الإدارية أو مؤسسات القطاع العام أو المشترك أو المؤسسات التعليمية أو المدارس أو الأحزاب السياسية أو المنظمات الشعبية أو النقابات على مختلف مستوياتها أو الجمعيات».
من خلال ما نعاينه أثناء إجراء عقود الإيجار، لا يمكن أن يضبط القانون وحتى إن كان في مصلحة البسطاء، الحالة المتفشّية والقاضية بوضع بدل إيجار بقيمة مالية متدنّية على العقد كي تقلّ نسبة الرسوم والضرائب المفروضة عليه، وتبقى القيمة الفعلية شرطاً بين الطرفين.
كما أن المعنيين بالأمر في البلديات والحكومة يدركون هذا الواقع، مثلما يدركون أنه يفوّت على الخزينة مبالغ ليست بالقليلة. ولكن لا أحد يحرّك ساكناً في هذا الموضوع ربما لغاية في نفس يعقوب.
إن قانون الإيجار هذا وسواه من تشريعات كان الناس يأملون من خلالها معالجة آلامهم وقهرهم، وبالتالي مساعدتهم في تخطّي الواقع بكثير من الأمل، لكنها للأسف لم تأتِ في مصلحة الفقراء أبداً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.