نجران تسجل أعلى نسبة تضخم بالمناطق    1% التغيير السنوي في تكاليف البناء    القادسية بطلاً للمملكة للسباحة ب 36 ميدالية    الزعيم صدارة بلا خسارة    ترشيح الحكم الدولي د. محمد الحسين لبرنامج التعليم التحكيمي الآسيوي 2025 في سيئول    لجنة التحكيم بمهرجان الملك عبدالعزيز للإبل تعلن الفائز الأول في شوط سيف الملك "شقح"    المتصدّر يتعثر.. والعلا يقفز إلى الوصافة    اتفاق النخبة يواصل صدارته قبل التوقف    النفط يرتفع بفعل مخاوف تعطل بالإمدادات من فنزويلا وروسيا    الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل سوق العمل    طائرات مسيرة واغتيالات نوعية تحولات في أدوات صراع موسكو وكييف    مناورات صاروخية إيرانية    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 76 لإغاثة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة    إسرائيل توسع تحركاتها من جنوب لبنان إلى الجبهة السورية    الارتباك المكاني عند الاستيقاظ صباحا    السكري وتأثيره الخفي على البصر    منصة إلكترونية لتسهيل أعمال مجلس التنسيق السعودي العماني    المنح التعليمية ودورها في التنمية    أمين نجران يتفقد المشروعات البلدية بشرورة والوديعة    خطر الدراما وأثرها في خراب البيوت    لماذا تخاف وقد اختارك الله من بين الملايين    مجموعة stc تعزز خدماتها الرقمية في مدينة القدية بشراكة السرعة لمنتزه Six Flags    أمين الشرقية: المدينة العالمية بالدمام وجهة سياحية وترفيهية فريدة    الأمير سعود بن نهار يطّلع على خطط ومشاريع شركة المياه الوطنية    ورشة عمل تناقش الاستفادة من الدعم الحكومي لرأس المال البشري في قطاع الإعلام    الملحق العسكري في سفارة مصر بالمملكة يزور التحالف الإسلامي    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تطلق مهرجان القراءة ال 25    "الشورى " يقر مشروع تطوير الاطار التشريعي للإجراءات الجمركية    نجاح أول عملية للعمود الفقري بتقنية (OLIF) الحديثة بمستشفى الملك فهد بجازان    فريق طبي بمستشفى الإيمان العام يُجري عملية تلبيس مفصل الركبة بنجاح    أمير جازان يستقبل رئيس جامعة جازان الدكتور محمد بن حسن أبو راسين    جناح إمارة مكة المكرمة يقدم عرضًا تعريفيًا عن محافظات المنطقة ضمن مهرجان الإبل    الإدارة العامة للاتصالات والأنظمة الأمنية تدعم الجاهزية التشغيلية في معرض «واحة الأمن»    بين الملاحظة و«لفت النظر».. لماذا ترتاح المرأة للاهتمام الذي لا يُطلب !!    زراعة النخاع العظمي الذاتية تسجل نجاحها الثالث    مدرب نابولي: بلغنا النهائي بجدارة واستحقاق    انطلاق تصفيات مسابقة الملك سلمان لحفظ القرآن في جازان    شراكة نوعية لتعزيز الخدمات الصحية والمجتمعية في الباحة    سحب 5.5 ملايين متر مكعب من مياه الأمطار في الشرقية    تنوع بيولوجي في محمية الملك سلمان    خطط «الصحة» على طاولة أمير القصيم    «الشؤون الإسلامية» في عسير تنفذ 30 ألف جولة رقابية    من هن النسويات؟    ضبط متفجرات ومسيرات قرب دمشق.. الأمن السوري يفكك خلية تهرب الأسلحة لداعش    إنفاذًا لأمر خادم الحرمين الشريفين.. سمو وزير الدفاع يُقلِّد قائد الجيش الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الممتازة    بناء القدرات وتبني الابتكار وتعزيز الشفافية.. السعودية تتقدم في مؤشر أداء الأجهزة الإحصائية    جهود أمين جدة وسرعة الإنجاز لشبكة تصريف الأمطار    أين يبدأ التنمر الوظيفي وأين ينتهي؟    أكد على تمكين المستثمرين الصناعيين..الخريف: 790 مليار ريال مساهمة «ندلب» في الناتج المحلي    إنفاذاً لأمر خادم الحرمين الشريفين.. وزير الدفاع يقلد قائد الجيش الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز    تقدم في نزع الألغام ببابنوسة.. تحركات دبلوماسية لوقف النار في السودان    معرض جدة للكتاب 2025 يختتم فعالياته    القراءة.. الصديق الذي لا يخذل    طربيات «موسم الخبر» تبرز فن تركي عبدالعزيز    أنغام تودع عاماً وتستقبل عاماً في «ليلة الحب»    ألمانيا: إصدار أكثر من 100 ألف تأشيرة في إطار لم شمل عائلات اللاجئين في 2025    في كل شاب سعودي شيء من محمد بن سلمان    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تعيد توطين طائر الجمل بعد غياب 100 عام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كواليس حقائب اليد النسائية ... مستودع أسرار وحاجات ومخاوف
نشر في الحياة يوم 13 - 04 - 2011

انصرف رجلان أحدهما فنان والآخر عالم اجتماع، الى «استنطاق» حقائب اليد النسائية (أو الجزدان)، وكأنهما يحاولان الطلب من الحقائب الإسرار بما تخفيه وتعرفه. ودعا المصور بيار كلاين النساء الى إفراغ حقائبهن امام العدسة، والإفصاح عن أسرارها العميقة، ورواية قصص الأشياء التي تقطن الحقيبة، في معرض عنوانه «الكشف عن مكنونات الحقيبة». ونشَر عالم الاجتماع جان – كلود كوفمان، مدير الأبحاث في «مركز الأبحاث الوطنية الفرنسية»، كتاباً وسمه ب «الحقيبة عالم صغير من الحب». ويقول الرجلان إن الفضول هو وراء المبادرة الى هذين العملين، الدراسة ومعرض الصور، «فنحن نشبُّ على فكرة أن حقيبة الفتاة لا تُمَسّ، وأن محاولة الاطلاع على ما فيها يخالف الأصول».
ويوم أفرغَتْ صديقةٌ حقيبة يدها على مرأى منه اثناء بحثها عن مفاتيح سيارتها، لاحظ بيار كلاين أن دقائق قليلة من النظر الى ما احتوته حقيبة الصديقة سلّط الضوء على جوانب من شخصيتها خفيت عنه، على رغم معرفته الطويلة بها، «فكل شيء أو غرض في حقيبتها يرتبط بما يؤرقها ويبعث فيها القلق، والحقيبة هي مرآة مخاوفها، وهي تروي قصة صغيرة عنها». ولحظة إفراغ كل الأشياء على الطاولة، لاحظتُ ان المشهد هذا يستحق ان يُلتقط في صورة. فهو مرآة مخاوف وقلق وما هو حميم». وهكذا، أبصرَتِ النورَ فكرةُ المعرض، واختار المصور تصوير 50 امرأة اثناء إماطة اللثام عن خبايا حقائبهن وكواليسها، وطلب منهن التعليق على الاشياء الموضَّبة في الحقيبة قبل التقاط الصور». و «سرعان ما بدأت النسوة إفراغ مكنونات صدورهن وقلوبهن، وهذا ما لم أتوقعْه. وهن لم يدركن أهمية محتوى حقائبهن».
فمحتوى حقيبة يد المرأة يشبه قصائد الشاعر بريفير، فعلى سبيل المثال، بدت حقيبة كريستِل (33 عاماً) - وهي طلبت إغفال اسمها الكامل - وكأنها تشي بأسرار دفينة وحميمة، فهي تحوي دفترَ ملاحظات صغيراً، وسروالاً داخلياً، وحبوب منع الحمل، ومحفظة صور صغيرة، وقلماً، ودولاراً واحداً، وشمعة جالبة للحظ، وأحمر شفاه، وكاميرا تصوير، وفرشاة أسنان، وهاتفاً خليوياً، وجوارب، وغيرها من الأشياء. و «ثمة نوعان من الأشياء، الاول ترى النساء انه ضروي، مثل الهاتف، والمفاتيح، والمناديل، والأسبيرين، وحقيبة مستحضرات التجميل، ومحفظة النقود. وبقية الأشياء هي كنوز لا قيمة لها، وهي أشياء وثيقة الصلة بالذاكرة والانفعالات والتشاؤم، يقول جان – كلود كوفمان.
وبين الأشياء الضرورية ما يبعث على الفضول، ويثير الحشرية. فعلى سبيل المثل، تحتفظ إلهام ببوصلة، لأنها تفضل النوم ورأسها الى الشمال. وثمة أشياء خاصة لها قيمة عظيمة وسحرية، مثل دمية صغيرة، أو لعبة وثيرة القماش تشبه الدمى التي يضمها الاطفال وتبعث على الاطمئنان. وهي لعب تلمسها الواحدة عفوياً من غير قصد ومن غير أن تلاحظ ذلك.
وبعض الأشياء تحمل ذكرى لحظات سعيدة، أو لحظات مؤثرة، ففي بطن الحقائب وباطنها حجار صغيرة، وصدف، أو رسالة حب، وصور المقربين والمحببين الى القلب، ودفتر ملاحظات صغير لكتابة الانطباعات او لتسجيل عبارة قُرئت في مجلة أو عنوان مطعم أو لائحة التبضع المنزلي أو قرارات وكتب...
وجعبة الحقيبة الممتلئة تبعث على الطمأنينة، وتُشعر صاحبتها أنها جاهزة لمواجهة الطوارئ. فإذا اضطرت الواحدة الى ركوب السيارة أو الباص وقتاً طويلاً، استعانت بالكتاب، وإذا شعرت بظمأ استلت قنينة مياه صغيرة. وبعض النساء يخفي في الحقيبة قنبلة مسيلة للدموع تعين على مواجهة الخوف من الاعتداء والاحتراز منه. وثمة سيدة كانت تستسيغ حمل حقائب صغيرة، وبعد وفاة زوجها، اضطرت الى الانتقال من شقتها، وبدأت تحمل حقيبة يد كبيرة تأتمنها على كتب ودفاتر ملاحظات لتملأ فراغ الغياب.
وحقيبة اليد هي امتداد الذات، امتداد خارجي لها ومُرافق، وهي في مثابة شريك متواطئ. وفقدان الحقيبة أو سرقتها هو مأساة كبيرة لا تعوض. «وتشعر صاحبة الحقيبة المفقودة او المسروقة وكأنها أضاعت شيئاً من نفسها»، يلاحظ كوفمان. و «الحقيبة هي أداة ركنية في مصنع أشياء الهوية اليومية». وتصف بعض النساء حقيبة اليد بأنها «منزل صغير»، أو «جزء منها»، أو قطع «بازل» ترسم معالم حياتها، أو ثقب في الذاكرة.
وفي بعض الحالات، يثير هذا المُرافق الحميم الغيظ، حين يبدو أن الأشياء ضاعت في باطنه وكأنه ابتلعها، في وقت يفترض به تيسير الحياة والاستجابة لحاجات صاحبته ولحركة الإصبع أو العين. ولكن الاشياء تختفي في ثنايا الحقيبة أحياناً. وأكثر الأشياء اختفاء هي المفاتيح والهواتف الخليوية. «وبين لحظة وأخرى، ينقلب حب الحقيبة الى غضب ساخط»، يقول عالم الاجتماع، فتشبع الواحدة حقيبتها غضباً، وتشتم عيوبها المفترضة التي تعود الى فوضى الواحد، أو الواحدة، الشخصية. فتفرغ السيدة جعبة الحقيبة من غير ان تخفي حنقها عليها.
والحقيبة مزدوجة الوجه، فهي ليست داخلاً «جوانياً» وسرياً فحسب، وهي تُحمل وتعرض على الأعين وعلى الملأ، وهي «رمز طريقة حياة، ورمز نسائي»، يقول بيار كلاين، «فحقيبة اليد النسائية هي نظير السيارة عند الرجال، وهي تناسب صورة تقدمها المرأة عن نفسها». وحقيبة اليد أداة كمالية وثيقة الصلة بالموضة. وبعض النساء تدين بالوفاء لحقيبتها، فلا تفارقها وتستبدلها الا عند المساء أو عند الذهاب في عطلة. وبعض النساء يجمّع الحقائب على أنواعها، ويغيّرها على ما يمليه هوى المزاج والمناسبة. والحقيبة هي أداة إغواء حسية وشهوانية، فهي تدهش الرجال. «وهي بمثابة مخبأ صغير تبقيه النساء على حدة في معزل عن أعين الرجال، ولا تشارك فيه الرجل، على رغم انفتاحهن على الآخر وميلهن الى المشاركة»، تقول جنفييف جيناتي، معالجة الازواج والاسر.
والعلاقة بالجسد وثيقة بالحقيبة، فهي مستودع ادوات التجميل، وأحمر الشفاه، والفوط الصحية، والواقي. وهي حيز خاص، وهي شيء مزدوج، تُعرض واجهته وينطوي في داخله وثنايا جيوبه أو ثناياه العميقة عالمٌ سري غامض، على قول جان كلود كوفمان.
ومردُّ إيداع النساء حقائب اليد أشياء كثيرة الى تبني الواحدة منهن دور «من يلجأ اليه الاصدقاء او الزملاء او الزوج أو الاطفال» طلباً للمساعدة، يلاحظ كوفمان. فتحمل السيدة «لعبة صغيرة وبسكويت، وفوط، وسكاكر، ومناديل، وأسبرين، وقنينة مياه، وكأنها تستعد لوقوع امر طارئ.
ولكن هل حقيبة اليد هي مرآة اغتراب الذات؟ «فهي رمز استبطان صورة الأنثى والانقياد وراء نموذجها، ففي ألعاب الطفولة، تحسِب الطفلة أنها استوفت شروط التحول امرأة وبلوغ النضج حين تحمل حقيبة. وغلبة الانوثة من طريق الحقيبة لها وجه آخر. فهي في طورٍ أولَ رمزُ الهوى والمتعة والغواية، ولكنها في طور آخر من العمر تزخر بثقل عبء المسؤوليات الأسرية، على ما يخلص جان – كلود كوفمان.
* صحافية، عن «لوموند» الفرنسية، 9/4/2011، إعداد منال نحاس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.