ولم أر في عيوب الناس عيباً كنقص القادرين على التمامِ». هذا البيت من الشعر للمتنبي الفيلسوف، ليس مجرد بيت شعري، بل هو فلسفة اجتماعية اقتصادية سياسية تربوية، وأهم مفرداته «القادرين» «التمام» «نقص»، ومحورها القدرة التي تتحقق إما للفرد أو للمؤسسة أو للدولة، وهي إما متوفرة متاحة أو نسعى إليها... وتؤكد فلسفة هذا البيت أنه يعذر غير القادر لكن لا عذر للقادرين!! بل إن الآثار السلبية النفسية والاجتماعية والأمنية أكثر أثراً على القادر من العاجز. والتمام هنا نسبي، ولكن لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، والناس تعذرُ من لا قدرة لديه أو قدرته أدنى من تحقيق أهداف كبرى، وتحديد التمام (النسبي) بحسب الحال هو من ميزات القادر الذي يعرف ماذا يريد وماذا يريد من يتبعه جماعة أو شعباً أو أفراد أسرة واحدة، ويعرف كيف يصل لغاياته وما يتطلبه ذلك من إمكانات ووقت وطاقات. دعونا نسقط هذه النظرية على حالة بلادنا «المملكة العربية السعودية» فنسأل هل نحن قادرون؟! الجواب: نعم ...هل التمام معروف؟! والجواب: حتماً نعم، وليس صعباً من خلال التجارب الدولية ووفرة العقول المبدعة لدينا... وهل نحن ناقصون أو عاجزون؟ والجواب: «نعم» و«لا»! وهذا لعمري مأزقٌ وقعنا فيه وسبب ضغوطاً نفسية وسياسية على المجتمع بأسره، (وبالسبر الاجتماعي) تجد شعوراً بالإحباط لدى الجميع، لقد سمعنا مراراً لوم للقطاعات الحكومية لقصورها وتقصيرها في أن تحقق تطلعات القيادة ورغبات المواطن. ادخل إلى كل وزارة تجد الإنفاق المرتفع مقابل ضعف في الإنجاز. أنا هنا لا أتشاءم ولا أنكر المنجزات التي تحققت ولله الحمد، لكن أنسب الإنجاز إلى القدرة بل القدرات التي مَنّ الله علينا بها وهي كثيرة ولله الحمد ومنها: قيادة سياسية جادة وراغبة في الإصلاح والتطوير، واستقرار سياسي تفتقر إليه كثير من الدول، وشعب مؤمن بالله متلاحم مع قيادته، ووفرة مالية ورخاء، واستقرار اجتماعي، وتماسك أسري، وكفاءات بشرية تعلمت في أرقى الجامعات الدولية، وغير ذلك كثير! بالله عليكم من يُتاح له كل ذلك هل هو غير قادر؟ وهل هو عاجز أو ناقص عن التمام؟ * عضو مجلس الشورى.