الخرطوم - رويترز - قال مسؤولون أمس الأحد إن مسلحين من البدو العرب قتلوا شخصاً على الأقل في سلسلة من الاشتباكات في منطقة أبيي السودانية المتنازع عليها، مما يؤجج التوتر في بداية الاستفتاء على استقلال الجنوب. وفي ما يأتي بعض الأسئلة والأجوبة عن المنطقة. لماذا أبيي؟ أبيي منطقة تقع في وسط السودان على جانبي الحدود غير الواضحة بين شمال السودان وجنوبه. وهي تعد نموذجاً مصغراً لكل الصراعات التي قسّمت السودان لعشرات السنين فهي مزيج من التوترات العرقية والحدود الغامضة والخلافات في شأن النفط إلى جانب التشكك والاستياء. وخاض الشماليون والجنوبيون قتالاً عنيفاً في شأنها خلال عقود من الحرب الأهلية واستمرت الاشتباكات بينهما هناك حتى بعد إبرام اتفاق السلام عام 2005 الذي أنهى الحرب ونص على اجراء الاستفتاء. وتحتوي أبيي على أراض غنية للرعي وموارد مياه، كما أصبحت تضم بعد إعادة ترسيم حديثة لحدودها حقل دفرة النفطي المهم وهو جزء من قطاع تديره شركة النيل الأعظم للتبرول وهي عبارة عن كونسورتيوم تقوده الشركة الصينية الوطنية للبترول. كما أن لها أهمية عاطفية ورمزية واستراتيجية. إذ تنتمي إليها شخصيات بارزة عدة من «الحركة الشعبية لتحرير السودان» المهيمنة على الجنوب. ويعتبر الكثير من الجنوبيين أن الكفاح من أجل أبيي رمز لكفاحهم الطويل ضد ما يعتبرونه قمعاً. ويستخدم عرب المسيرية أيضاً أبيي لعدة أشهر في العام. وعرب المسيرية جماعة مسلحة جيداً كانت تمد الخرطوم بميليشيات بالوكالة خلال الحرب بين الشمال والجنوب. وتدّعي المسيرية أن لها حقوقاً ترجع إلى قرون مضت في استخدام الأراضي من أجل ماشيتها وستضطر الخرطوم إلى دعمها إلى أقصى حد إذا أرادت الاحتفاظ بها كحليفة. وتزعم قبيلة الدينكا نقوق التي تقطن في أبيي والتي ترتبط بصلات عرقية بالجنوب، أن لها هي أيضاً حقوق ملكية تاريخية. الوضع الحالي:لأبيي الآن وضع إداري خاص، إذ تحكمها إدارة مؤلفة من مسؤولين من «الحركة الشعبية» وحزب «المؤتمر الوطني» الذي يقوده الرئيس عمر حسن البشير. وتشرف عليها وحدات مشتركة متكاملة تتكون من جنود وشرطة من الشمال والجنوب. وفي الواقع هذه القوات أبعد ما تكون عن التكامل وقد حوصر جنود من الجانبين في القتال. جهود التسوية:أثبتت قضية أبيي أنها مستعصية، إذ ظلّت بلا حل في اتفاق السلام الشامل عام 2005 الذي أنهى الحرب بين الشمال والجنوب. وتلقى السكان وعداً بإجراء استفتاء في التاسع من كانون الثاني (يناير) على ما إذا كانوا سينضمون إلى الشمال أم الجنوب. وظلت الخطط لاجراء الاستفتاء متعثرة بعد سلسلة من النزاعات المريرة معظمها بسبب وضع حدود أبيي وفي شأن من يعتبر من سكان أبيي وله الحق في التصويت. واقتربت محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي من حل المشكلة الأولى عام 2009 حين أمرت بإعادة ترسيم حدود أبيي لتعطي عدة حقول نفط رئيسية للشمال. وقبلت «الحركة الشعبية» وحزب «المؤتمر الوطني» بالحكم، لكن عرب المسيرية رفضوه قائلين إنه يضع الكثير من الأراضي التي يستخدمونها في الرعي داخل أبيي. وقاوموا جهوداً رسمية لترسيم الحدود الجديدة. وما زالت قبيلة الدينكا نقوق والمسيرية على خلاف في شأن من يحق له التصويت. وتقول قبيلة الدينكا إن عدداً قليلاً من أصحاب المتاجر المستقرين من المسيرية هم الذين يعتبرون سكاناً. ويطالب المسيرية بحقوق تصويت مساوية للدينكا. وفي غياب استفتاء منفصل لأبيي وعد زعماء الشمال والجنوب بالتوصل إلى تسوية أخرى مدعومة بوساطة الاتحاد الافريقي وواشنطن. ورفض جانب أو آخر عدة اقتراحات من بينها تقسيم أبيي مناصفة. وهدد سكان في أبيي بإجراء استفتاء خاص بهم اذا لم يجر الاستفتاء الرسمي لكن هذا لم يحدث بعد. ما أهمية أبيي؟إذا عاد شمال السودان وجنوبه إلى الحرب فمن السهل أن تشهد أبيي أول الاشتباكات. وسيكون لأي عودة إلى الصراع بين الشمال والجنوب أثر شديد السوء على الدول التسع المحيطة بالسودان. ومن شأن عقد تسوية في شأن أبيي ازالة حجر عثرة ضخم في طريق عملية السلام بالسودان والسماح للجانبين بالتركيز على قضايا أخرى لم تحل وعلى الدرجة نفسها من الأهمية مثل كيف يمكن اقتسام عائدات النفط بعد الانفصال.